التجريب في علم النفس
التجريب يكمل الملاحظة ، ونعم العون هو لها في الفحص من الفرضيات العلمية وتحقيقها ، وقلبها إلى قوانين طبيعية
فالملاحظة توحي بالفكرة ، والفكرة تهيء التجربة ، والتجريب يحقق الفكرة ، لأنه يبدل الظواهر الطبيعية ، فيكررها ، أو يغير شروطها ، أو يحللها ، أو يقيسها . فلولا تجارب برج ) بيزا ) وتجربة السطح المائل التي قام بها ) غاليله ) ، وتجربة آلة ( اتود ) ، أو آلة ( مورن ( لكانت معرفتنا بقانون سقوط الأجسام محدودة جداً . ولما كان علماء النفس يرغبون في الوصول إلى قوانين نفسية شبيهة بقوانين الطبيعة كان التجريب النفسي خير طريقة يمكن ضمها إلى الملاحظة النفسية
ولكن كيف يمكن التجريب في علم النفس ، والأحوال النفسية لا ترجع بذاتها ، ولا تتكرر ، ولا تنحل إلى عناصر بسيطة ، ولا تقاس ؟ لقد اعترض التوفيقيون ( Ecole Electique على امكان التجريب في علم النفس، ولكن اعترضاتهم النظرية لم تبطل امكانه فما بالك إذا كان أكثر الحقائق التي اهتدى اليها علم النفس في الآونة الأخيرة نتيجة من نتائج التجريب.
وفي الحق ان للتجريب في علم النفس شروطاً خاصة ، فاما أن يجري العالم تجاربه على
حالاته النفسية ، وإما أن يجريها على نفوس الآخرين .
فان اجرى تجاربه على احواله النفسية كان تجريبه على طريقتين : فاما أن يحيي بالذاكرة والمخيلة حالة نفسية مضت ؛ واما أن يحدث من جديد حالة نفسية ثانية . ولكن
التجريب في كلتا الحالتين لا يأتي بنتيجة صحيحة ، ولا يوصل إلى يقين تام ، لأن الذاكرة كاذبة ، والخيال خداع ، ولا يخلو احداث الحالة الجديدة من الخطأ والضلال .
Il ne s'agit que d'experimenter et d'olaron, pune à trouve la você formele de l'esperence,
A Binel
شکل - ۱۲ التجريب في علم النفس
و أن أجرى تجاربه على نفوس الآخرين كان تجريبه موضوعياً ، ويمكن البحث في التجريب الموضوعي من الوجوه الآتية
ا - طريقة الاختبار العقلي : التجريب الخارجي أسهل من التجريب الداخلي ، وهو طبيعي مألوف، فالأم تكشف به عن عواطف أولادها ، وتطلع به على أفكارهم ورغائبهم،
و المعلم يلجأ اليه إذا أراد معرفة ما يفكر فيه تلاميذه . وكثيراً ما يدرك به الخطيب روح الجمهور ، ويعلم به المستنطق ما في نفس المجرم . ويلمس به الرجل عواطف زوجته . ومن ذا الذي لم يلجأ إلى هذا التجريب ليعلم ما تكنه نفس صديقه من صدق وإخلاص وصبر ومروءة . لقد استخدم علماء التربية هذه الطريقة لقياس إدراك الاطفال ومعرفة مميزاتهم النفسية وسموها بطريقة الاختبار العقلي ، واستطاعوا بوساطتها أن يقيسوا سرعة الذهن والذاكرة ، وتداعي الافكار ، والانتباه ، والتخيل ، وغير ذلك من الوظائف والاستعدادات والطبائع التي عادت على علم النفس بنفع عظيم
ب ـ التجريب الفيسيولوجي: لا يقتصر التجريب في علم النفس على البحث في صفات الأحوال النفسية ، بل يتعدى ذلك إلى ربط هذه الأحوال بما يقابلها من الظواهر الفيسيولوجية . وقد بينا سابقاً عند بحثنا في علاقة علم النفس بعلم منافع الأعضاء ما هي
قيمة هذا الربط.
غاية التجريب الفيسيولوجي بيان العلاقة بين النفس والجسد ، وتعيين الظواهر الفيسيولوجية التي تصحب الظواهر النفسية ، فالغضب مثلا مصحوب بتبدلات في التنفس والافراز و دوران الدم. وقد بحث العلماء كما رأيت سابقاً في احلال الظواهر النفسية بخلايا المخ ، فلم يتوصلوا في ذلك إلى يقين ، حق لقد قال شارل ریشه : « ان شكنا في هذه
المسائل لا يزال عظيما .
لم ولنذكر مثالاً من التجريب الفيسيولوجي ؛ إذا أطعمت كلباً قليلا من الستريكنيز فصلت بين حاسة اللمس وحاسة الحرارة . لانك إذا قربت من جسده جسما ساخناً يشعر بحرارته ، وإذا لمسته يجسم دقيق ناعم انتفض وتشنج ، لان الستريكنين أفقده حاسة الحرارة وأبقى على حاسة اللمس . ولم يقف العلماء عند هذا الحد ، بل ضموا إلى علم النفس ما توصلوا اليه من معرفة وظائف الجملة العصبية ، و أعضاء الحس، وما قرروه من احلال الظواهر النفسية بالخلايا الدماغية ، وما ظفروا به من معرفة الأمراض العصبية وغيرها .
ج - التجريب الفيزيائي : لم يقتصر طموح العلماء على ربط الظواهر النفسية بشرائطها الفيسيولوجية فحسب، بل جربوا أيضاً ربطها بالمؤثرات الخارجية، فقاسوا شدتها وتبدلها
بالنسبة إلى تلك المؤثرات ، وعينوا المحسوس الأكبر والمحسوس الأصفر في كل حاسة ، وحددوا أصغر مدة لازمة لأبسط فعل نفسي ، ثم قاسوا مدة الحكم ، وزمان الانعكاس (1) وأوضحوا تبدلات الاحساس بالنسبة إلى تبدلات المؤثر . لأن المؤثر مقدار طبيعي يمكن قياسه ، فاذا عرفت نسبته إلى الاحساس سهل عليك قياس الاحساس أيضاً . وقد عمد ) فیشنر ( إلى تحديد هذه النسبة بالاستناد إلى قوانين ) فيبر ) (٢) فأسس علم النفس الفيزيائي ( Psychophysique ) وهو علم ينهج في علم النفس منهج علم الفيزياء ، فيقيس الظواهر النفسية بعد نسبتها إلى المؤثرات الخارجية ، وقد أسسوا لهذه الغاية مخابر نفسية، تعين فيها مقادير الاحساس بالأستزيو متر ، والأكوزيمتر ، والأولفاكتومتر وغيرها . ولم يطمح العلماء ببصرهم إلى ذلك إلا لاعتقادهم أن طريقة العلوم الرياضية خير ما يمكن سلوكه في علم النفس ، فلا علم إلا إذا وضعت القوانين في معادلات رياضية ، وأمكن ربطها بعضها ببعض ، كسلاسل الحجج الهندسية التي ذكرها ديكارت . ولكن (فيشنر ) لم يتوصل إلى تحقيق هذه السلاسل العقلية ، فأخفق في محاولته كما سترى ذلك في بحث الاحساس ، لأن قياس المؤثر لا يوصلنا إلى معرفة حقيقة الاحساس إلا إذا رجعنا إلى الطريقة الذاتية .
د - التجريب المرضي: المرض وسيلة طبيعية للتجريب لا تقل فائدته في علم النفس
عنها في العلوم الأخرى . لانه يطلعنا على ضعف القوى النفسية وإختلالها ، فيتضح لنا بذلك نظامها الطبيعي وحقيقتها ، والأشياء تتميز بأضدادها – فالذاكرة ، والعقل ، والشخصية، والمخيلة كلها تمرض ، فكيف نهمل دراسة هذه الامراض وهي أحسن وسيلة لبيان حقيقة الصحة ؟ لقد كان أوغست كونت) يعيب على علم النفس اقتصاره على البحث في الانسان الطبيعي، وإهماله الانسان المريض - أما اليوم فلم يبق مجال لهذا الاعتراض ؛ لان العلماء قد عمموا هذه الطريقة وتوصلوا بها إلى معرفة درجات الحياة النفسية وطبقاتها المختلفة ، مع بيان تأثير الصور والأفكار والانفعالات والميول في تكون الشخصية وغيرها.
التجريب يكمل الملاحظة ، ونعم العون هو لها في الفحص من الفرضيات العلمية وتحقيقها ، وقلبها إلى قوانين طبيعية
فالملاحظة توحي بالفكرة ، والفكرة تهيء التجربة ، والتجريب يحقق الفكرة ، لأنه يبدل الظواهر الطبيعية ، فيكررها ، أو يغير شروطها ، أو يحللها ، أو يقيسها . فلولا تجارب برج ) بيزا ) وتجربة السطح المائل التي قام بها ) غاليله ) ، وتجربة آلة ( اتود ) ، أو آلة ( مورن ( لكانت معرفتنا بقانون سقوط الأجسام محدودة جداً . ولما كان علماء النفس يرغبون في الوصول إلى قوانين نفسية شبيهة بقوانين الطبيعة كان التجريب النفسي خير طريقة يمكن ضمها إلى الملاحظة النفسية
ولكن كيف يمكن التجريب في علم النفس ، والأحوال النفسية لا ترجع بذاتها ، ولا تتكرر ، ولا تنحل إلى عناصر بسيطة ، ولا تقاس ؟ لقد اعترض التوفيقيون ( Ecole Electique على امكان التجريب في علم النفس، ولكن اعترضاتهم النظرية لم تبطل امكانه فما بالك إذا كان أكثر الحقائق التي اهتدى اليها علم النفس في الآونة الأخيرة نتيجة من نتائج التجريب.
وفي الحق ان للتجريب في علم النفس شروطاً خاصة ، فاما أن يجري العالم تجاربه على
حالاته النفسية ، وإما أن يجريها على نفوس الآخرين .
فان اجرى تجاربه على احواله النفسية كان تجريبه على طريقتين : فاما أن يحيي بالذاكرة والمخيلة حالة نفسية مضت ؛ واما أن يحدث من جديد حالة نفسية ثانية . ولكن
التجريب في كلتا الحالتين لا يأتي بنتيجة صحيحة ، ولا يوصل إلى يقين تام ، لأن الذاكرة كاذبة ، والخيال خداع ، ولا يخلو احداث الحالة الجديدة من الخطأ والضلال .
Il ne s'agit que d'experimenter et d'olaron, pune à trouve la você formele de l'esperence,
A Binel
شکل - ۱۲ التجريب في علم النفس
و أن أجرى تجاربه على نفوس الآخرين كان تجريبه موضوعياً ، ويمكن البحث في التجريب الموضوعي من الوجوه الآتية
ا - طريقة الاختبار العقلي : التجريب الخارجي أسهل من التجريب الداخلي ، وهو طبيعي مألوف، فالأم تكشف به عن عواطف أولادها ، وتطلع به على أفكارهم ورغائبهم،
و المعلم يلجأ اليه إذا أراد معرفة ما يفكر فيه تلاميذه . وكثيراً ما يدرك به الخطيب روح الجمهور ، ويعلم به المستنطق ما في نفس المجرم . ويلمس به الرجل عواطف زوجته . ومن ذا الذي لم يلجأ إلى هذا التجريب ليعلم ما تكنه نفس صديقه من صدق وإخلاص وصبر ومروءة . لقد استخدم علماء التربية هذه الطريقة لقياس إدراك الاطفال ومعرفة مميزاتهم النفسية وسموها بطريقة الاختبار العقلي ، واستطاعوا بوساطتها أن يقيسوا سرعة الذهن والذاكرة ، وتداعي الافكار ، والانتباه ، والتخيل ، وغير ذلك من الوظائف والاستعدادات والطبائع التي عادت على علم النفس بنفع عظيم
ب ـ التجريب الفيسيولوجي: لا يقتصر التجريب في علم النفس على البحث في صفات الأحوال النفسية ، بل يتعدى ذلك إلى ربط هذه الأحوال بما يقابلها من الظواهر الفيسيولوجية . وقد بينا سابقاً عند بحثنا في علاقة علم النفس بعلم منافع الأعضاء ما هي
قيمة هذا الربط.
غاية التجريب الفيسيولوجي بيان العلاقة بين النفس والجسد ، وتعيين الظواهر الفيسيولوجية التي تصحب الظواهر النفسية ، فالغضب مثلا مصحوب بتبدلات في التنفس والافراز و دوران الدم. وقد بحث العلماء كما رأيت سابقاً في احلال الظواهر النفسية بخلايا المخ ، فلم يتوصلوا في ذلك إلى يقين ، حق لقد قال شارل ریشه : « ان شكنا في هذه
المسائل لا يزال عظيما .
لم ولنذكر مثالاً من التجريب الفيسيولوجي ؛ إذا أطعمت كلباً قليلا من الستريكنيز فصلت بين حاسة اللمس وحاسة الحرارة . لانك إذا قربت من جسده جسما ساخناً يشعر بحرارته ، وإذا لمسته يجسم دقيق ناعم انتفض وتشنج ، لان الستريكنين أفقده حاسة الحرارة وأبقى على حاسة اللمس . ولم يقف العلماء عند هذا الحد ، بل ضموا إلى علم النفس ما توصلوا اليه من معرفة وظائف الجملة العصبية ، و أعضاء الحس، وما قرروه من احلال الظواهر النفسية بالخلايا الدماغية ، وما ظفروا به من معرفة الأمراض العصبية وغيرها .
ج - التجريب الفيزيائي : لم يقتصر طموح العلماء على ربط الظواهر النفسية بشرائطها الفيسيولوجية فحسب، بل جربوا أيضاً ربطها بالمؤثرات الخارجية، فقاسوا شدتها وتبدلها
بالنسبة إلى تلك المؤثرات ، وعينوا المحسوس الأكبر والمحسوس الأصفر في كل حاسة ، وحددوا أصغر مدة لازمة لأبسط فعل نفسي ، ثم قاسوا مدة الحكم ، وزمان الانعكاس (1) وأوضحوا تبدلات الاحساس بالنسبة إلى تبدلات المؤثر . لأن المؤثر مقدار طبيعي يمكن قياسه ، فاذا عرفت نسبته إلى الاحساس سهل عليك قياس الاحساس أيضاً . وقد عمد ) فیشنر ( إلى تحديد هذه النسبة بالاستناد إلى قوانين ) فيبر ) (٢) فأسس علم النفس الفيزيائي ( Psychophysique ) وهو علم ينهج في علم النفس منهج علم الفيزياء ، فيقيس الظواهر النفسية بعد نسبتها إلى المؤثرات الخارجية ، وقد أسسوا لهذه الغاية مخابر نفسية، تعين فيها مقادير الاحساس بالأستزيو متر ، والأكوزيمتر ، والأولفاكتومتر وغيرها . ولم يطمح العلماء ببصرهم إلى ذلك إلا لاعتقادهم أن طريقة العلوم الرياضية خير ما يمكن سلوكه في علم النفس ، فلا علم إلا إذا وضعت القوانين في معادلات رياضية ، وأمكن ربطها بعضها ببعض ، كسلاسل الحجج الهندسية التي ذكرها ديكارت . ولكن (فيشنر ) لم يتوصل إلى تحقيق هذه السلاسل العقلية ، فأخفق في محاولته كما سترى ذلك في بحث الاحساس ، لأن قياس المؤثر لا يوصلنا إلى معرفة حقيقة الاحساس إلا إذا رجعنا إلى الطريقة الذاتية .
د - التجريب المرضي: المرض وسيلة طبيعية للتجريب لا تقل فائدته في علم النفس
عنها في العلوم الأخرى . لانه يطلعنا على ضعف القوى النفسية وإختلالها ، فيتضح لنا بذلك نظامها الطبيعي وحقيقتها ، والأشياء تتميز بأضدادها – فالذاكرة ، والعقل ، والشخصية، والمخيلة كلها تمرض ، فكيف نهمل دراسة هذه الامراض وهي أحسن وسيلة لبيان حقيقة الصحة ؟ لقد كان أوغست كونت) يعيب على علم النفس اقتصاره على البحث في الانسان الطبيعي، وإهماله الانسان المريض - أما اليوم فلم يبق مجال لهذا الاعتراض ؛ لان العلماء قد عمموا هذه الطريقة وتوصلوا بها إلى معرفة درجات الحياة النفسية وطبقاتها المختلفة ، مع بيان تأثير الصور والأفكار والانفعالات والميول في تكون الشخصية وغيرها.
تعليق