دراسة آثار الفكر البشري
دراسة آثار الفكر البشري : - الآثار تدل على الأفكار ، وآثار الفكر البشري هي اللغة والأدب والفنون الجميلة.
فاللغة أحسن آثار الفكر دلالة على أحوال النفس ، لأنها كما قال ليبنتز : ( مرآة النفس ، دع أن تحليل معاني الألفاظ أبين وأفضل من أي شيء آخر في إيضاح أفاعيل العقل . لأن دراسة بناء الكلام ، واشتقاقه ، مع اعراب صوره المختلفة ، وتحليل العبارة، وما تتضمنه من احكام منطقية مع بيان تطور المعاني والألفاط كل ذلك يوصلنا إلى دراسة الأحوال النفسة ، فكأن الألفاظ. نفسية محسومة تدل على تصورات العقل ، و كأن تطور اللغة يسير جنباً إلى جنب مع تطور الفكر. فاللغة اذن مرآة العقل البشري . والمقارنة بين اللغات المختلفة تكشف عما بلغه أصحابها من أنماط التصور وتؤدي بالضرورة إلى تحليل الآداب . والآداب والفنون والعلوم حياة الأفكار والعواطف ، ولذلك كانت
صورها ادل على طبيعة العقل من الآثار الانسانية الأخرى .
ومن الآثار التي تمثل حياة الفكر البشري وفاعليته وقائع الأمم في الماضي وتبدلها و انقلابها في الحاضر. فالحروب والثورات والأوضاع الاجتماعية ترجع صدى الأفكار والعواطف ، ولما كان لكل زمان أوضاع اجتماعية وحالات نفسية خاصة ، كان التاريخ خير مساهد لعلم النفس ، لأنه يوسع مجال البحث بما يجمعه من الوقائع والأحوال الكثيرة فيسهل علينا كشف قوانينها ويعيننا على تحديد الخط البياني الذي رسمته خلال تطورها .
٣ - تعاون الطريقتين الداخلية والخارجية
لنأخذ مربعات من الورق لا تختلف بعضها عن بعض إلا بألوانها . ولنفحص عن كيفية ادراك الأشخاص لها . اننا نستطيع أن نصل إلى معرفة ذلك باتباع الطريقة الذاتية والطريقة الموضوعية .
١ - ففي الطريقة الذاتية نسأل الشخص أولا ما هي الألوان التي يدركها ، وغرضنا من هذا السؤال هو الحصول على مشاهدته الشخصية . ان الاسوياء يجيبون عن هذا السؤال دون خطأ ، فيسمون الألوان باسمائها . أما غير الاسوياء فانهم يستعملون كلمة أحمر مثلاً للدلالة على الأحمر والأخضر ، أو يستعملون كلا من كلمتي أحمر وأخضر دون تفريق الدلالة على أحد هذين اللونين . ثم نتأكد بعد ذلك بتجارب خاصة أن الخطأ في هذه الأجوبة غير ناشيء عن فقر معاجم الأشخاص أو عن ضعف انتباههم . لا شك أنهم يخلطون بين اللون الأحمر واللون الاخضر ، ولكن كيف يرون هذين اللونين . ما هي صفتها المشتركة بالنسبة إلى شعورهم . ان الالفاظ التي يستعملونها لا تطلعنا على شيء من ذلك . دع أن الاجوبة الصحيحة التي اعطانا إياها الاسوياء لا تضمن لنا أنهم يرون الالوان كما نراها نحن ، بـــــل تشعرنا بأنهم يميزون بعضها عن بعض لا غير
٢ - ويمكننا الحصول على النتائج نفسها بالطريقة الموضوعية ، فاذا طلبنا من الاشخاص الاسوياء أن يصنفوا هذه الالوان بدلا من أن : يسموها وجدناهم يصنفونها تصنيفاً صحيحاً، واذا طلبنا من الاشخاص غير الاسوياء أن يصنفوها وجدناهم يخلطون بين الاحمر و الاخضر ويضعون المربعات الخضراء في مجموعة المربعات الحمراء . ينتج من ذلك أن التصنيف الذي قام به الشخص في هذه التجربة يوصلنا إلى النتائج التي يدل عليها سلوكه
والسبب في ذلك ان الانسان قد تعلم اللغة في طفولته ، وسمع الناس يطلقون على ورق الشجر لفظ الاخضر ، وعلى حب الرمان لفظ الاحمر ، فقلدهم في اطلاق هذين اللفظين على هذه الاشياء أو على أشياء أخرى شبيهة بها . وسواء أرأى هذه الالوان كما يراها الناس : أم لم يرها، فان الالفاظ التي يستعملها لا تصلح لنقل الحالة الشعورية الفردية من عقل إلى آخر ، فالالفاظ لا تدل إذن إلا على أشياء خارجية . نعم، انها تصلح كما رأينا للكشف عن الاختلافات النفسية الفردية، إلا أنها لا تكشف عنها إلا من حيث دلالتها على الاعمال والمواقف ، أو أقل إذا شئت من حيث دلالتها على السلوك الخارجي . انني لا أستطيع أقول مثلا ان تجربتك الشخصية هي عين تجربتي . ولكني أشاهد فقط أن سلوكنا نحن
الاثنين يخضع لقانون واحد ، وهذا ينطبق على الالفاظ التي نستعملها، كما ينطبق أيضا على حركات اليد وغيرها .
لنفرض أننا نريد أن نتعلم الأرقام المرتبة في هذه المربعات ( أنظر الشكل (۱۱) حتى نحفظها عن ظهر القلب. إن بعضنا سيجد بعد حفظ هذه الأرقام
انه يقرؤها في لوح خيالي، كأنما هي مكتوبة أمام عينيه ، وبعضنا الآخر يعيدها كأنها أصوات متتابعة حفظتها ذاكرته السمعية . فالبصري يراها كلها معا ، ويرى كل رقم من الأرقام في المحل الذي وضع فيه . والسمعي يسمع في نفسه أصوات ألفاظها المتتابعة وفقاً للترتيب الذي اتبعه في تعلمها . A y
۱۲
۲۱
۱۱
10
شکل - ۱۱ -
إن هذه النتائج التي وصلنا اليها بالطريقة الشخصية لا تختلف عن النتائج التي توصلنا
اليها الطريقة الموضوعية .
لنطلب من الأشخاص الذين حفظوا هذه الأرقام أن يعيدوها على مسامعنا بدلاً من أن يلاحظوا أنفسهم ويصفوا لنا ما يشعرون به. فإذا طلبنا . منهم يعيدوها وفقاً للخطوط الأفقية، أو الخطوط العمودية ، من اليمين إلى اليسار ، أو من اليسار إلى اليمين ، من فوق إلى تحت ، أو من تحت إلى فوق ، وجدنا البصري يعيدها كما نشاء. أما السمعي فلا يستطيع أن يعيدها إلا وفق الترتيب الذي تعلمها به أن .
فأنت ترى أن هذه التجارب تظهر لنا نوع التصور الذي يغلب على الشخص ، وهي تعطينا ذات النتائج التي حصلنا عليها بالطريقة الشخصية
وهذا يدلنا على أن الطريقة الذاتية إذا اقتصرت على التعبير اللفظي ، لم تختلف عن الطريقة الموضوعية اختلافاً أساسياً ، بل إن كلتيها جديرتان بأن تتبعا في علم واحد . وسنرى في بحوثنا القادمة أن هاتين الطريقتين قد عملنا معاً على ارتقاء علم النفس ، وإذا كانت الطريقة الموضوعية تغلب على بعض فروع علم النفس كعلم نفس الحيوان، أو علم نفس الطفل ، أو علم الأمراض العقلية، فإن كلتا الطريقتين تصلحان المعالجة أكثر المسائل في علم النفس السوي. فينبغي لنا إذن في دراسة المسائل النفسية أن نوضح التجارب الموضوعية بالرجوع إلى التأمل الباطني ، لأن التأمل الباطني يعين على تفهم النتائ انج
[ATTACH=JSON]n174527[/ATTACH]
[ATTACH=JSON]n174528[/ATTACH]
[ATTACH=JSON]n174529[/ATTACH]
[ATTACH=JSON]n174530[/ATTACH]
[ATTACH=JSON]n174531[/ATTACH]
دراسة آثار الفكر البشري : - الآثار تدل على الأفكار ، وآثار الفكر البشري هي اللغة والأدب والفنون الجميلة.
فاللغة أحسن آثار الفكر دلالة على أحوال النفس ، لأنها كما قال ليبنتز : ( مرآة النفس ، دع أن تحليل معاني الألفاظ أبين وأفضل من أي شيء آخر في إيضاح أفاعيل العقل . لأن دراسة بناء الكلام ، واشتقاقه ، مع اعراب صوره المختلفة ، وتحليل العبارة، وما تتضمنه من احكام منطقية مع بيان تطور المعاني والألفاط كل ذلك يوصلنا إلى دراسة الأحوال النفسة ، فكأن الألفاظ. نفسية محسومة تدل على تصورات العقل ، و كأن تطور اللغة يسير جنباً إلى جنب مع تطور الفكر. فاللغة اذن مرآة العقل البشري . والمقارنة بين اللغات المختلفة تكشف عما بلغه أصحابها من أنماط التصور وتؤدي بالضرورة إلى تحليل الآداب . والآداب والفنون والعلوم حياة الأفكار والعواطف ، ولذلك كانت
صورها ادل على طبيعة العقل من الآثار الانسانية الأخرى .
ومن الآثار التي تمثل حياة الفكر البشري وفاعليته وقائع الأمم في الماضي وتبدلها و انقلابها في الحاضر. فالحروب والثورات والأوضاع الاجتماعية ترجع صدى الأفكار والعواطف ، ولما كان لكل زمان أوضاع اجتماعية وحالات نفسية خاصة ، كان التاريخ خير مساهد لعلم النفس ، لأنه يوسع مجال البحث بما يجمعه من الوقائع والأحوال الكثيرة فيسهل علينا كشف قوانينها ويعيننا على تحديد الخط البياني الذي رسمته خلال تطورها .
٣ - تعاون الطريقتين الداخلية والخارجية
لنأخذ مربعات من الورق لا تختلف بعضها عن بعض إلا بألوانها . ولنفحص عن كيفية ادراك الأشخاص لها . اننا نستطيع أن نصل إلى معرفة ذلك باتباع الطريقة الذاتية والطريقة الموضوعية .
١ - ففي الطريقة الذاتية نسأل الشخص أولا ما هي الألوان التي يدركها ، وغرضنا من هذا السؤال هو الحصول على مشاهدته الشخصية . ان الاسوياء يجيبون عن هذا السؤال دون خطأ ، فيسمون الألوان باسمائها . أما غير الاسوياء فانهم يستعملون كلمة أحمر مثلاً للدلالة على الأحمر والأخضر ، أو يستعملون كلا من كلمتي أحمر وأخضر دون تفريق الدلالة على أحد هذين اللونين . ثم نتأكد بعد ذلك بتجارب خاصة أن الخطأ في هذه الأجوبة غير ناشيء عن فقر معاجم الأشخاص أو عن ضعف انتباههم . لا شك أنهم يخلطون بين اللون الأحمر واللون الاخضر ، ولكن كيف يرون هذين اللونين . ما هي صفتها المشتركة بالنسبة إلى شعورهم . ان الالفاظ التي يستعملونها لا تطلعنا على شيء من ذلك . دع أن الاجوبة الصحيحة التي اعطانا إياها الاسوياء لا تضمن لنا أنهم يرون الالوان كما نراها نحن ، بـــــل تشعرنا بأنهم يميزون بعضها عن بعض لا غير
٢ - ويمكننا الحصول على النتائج نفسها بالطريقة الموضوعية ، فاذا طلبنا من الاشخاص الاسوياء أن يصنفوا هذه الالوان بدلا من أن : يسموها وجدناهم يصنفونها تصنيفاً صحيحاً، واذا طلبنا من الاشخاص غير الاسوياء أن يصنفوها وجدناهم يخلطون بين الاحمر و الاخضر ويضعون المربعات الخضراء في مجموعة المربعات الحمراء . ينتج من ذلك أن التصنيف الذي قام به الشخص في هذه التجربة يوصلنا إلى النتائج التي يدل عليها سلوكه
والسبب في ذلك ان الانسان قد تعلم اللغة في طفولته ، وسمع الناس يطلقون على ورق الشجر لفظ الاخضر ، وعلى حب الرمان لفظ الاحمر ، فقلدهم في اطلاق هذين اللفظين على هذه الاشياء أو على أشياء أخرى شبيهة بها . وسواء أرأى هذه الالوان كما يراها الناس : أم لم يرها، فان الالفاظ التي يستعملها لا تصلح لنقل الحالة الشعورية الفردية من عقل إلى آخر ، فالالفاظ لا تدل إذن إلا على أشياء خارجية . نعم، انها تصلح كما رأينا للكشف عن الاختلافات النفسية الفردية، إلا أنها لا تكشف عنها إلا من حيث دلالتها على الاعمال والمواقف ، أو أقل إذا شئت من حيث دلالتها على السلوك الخارجي . انني لا أستطيع أقول مثلا ان تجربتك الشخصية هي عين تجربتي . ولكني أشاهد فقط أن سلوكنا نحن
الاثنين يخضع لقانون واحد ، وهذا ينطبق على الالفاظ التي نستعملها، كما ينطبق أيضا على حركات اليد وغيرها .
لنفرض أننا نريد أن نتعلم الأرقام المرتبة في هذه المربعات ( أنظر الشكل (۱۱) حتى نحفظها عن ظهر القلب. إن بعضنا سيجد بعد حفظ هذه الأرقام
انه يقرؤها في لوح خيالي، كأنما هي مكتوبة أمام عينيه ، وبعضنا الآخر يعيدها كأنها أصوات متتابعة حفظتها ذاكرته السمعية . فالبصري يراها كلها معا ، ويرى كل رقم من الأرقام في المحل الذي وضع فيه . والسمعي يسمع في نفسه أصوات ألفاظها المتتابعة وفقاً للترتيب الذي اتبعه في تعلمها . A y
۱۲
۲۱
۱۱
10
شکل - ۱۱ -
إن هذه النتائج التي وصلنا اليها بالطريقة الشخصية لا تختلف عن النتائج التي توصلنا
اليها الطريقة الموضوعية .
لنطلب من الأشخاص الذين حفظوا هذه الأرقام أن يعيدوها على مسامعنا بدلاً من أن يلاحظوا أنفسهم ويصفوا لنا ما يشعرون به. فإذا طلبنا . منهم يعيدوها وفقاً للخطوط الأفقية، أو الخطوط العمودية ، من اليمين إلى اليسار ، أو من اليسار إلى اليمين ، من فوق إلى تحت ، أو من تحت إلى فوق ، وجدنا البصري يعيدها كما نشاء. أما السمعي فلا يستطيع أن يعيدها إلا وفق الترتيب الذي تعلمها به أن .
فأنت ترى أن هذه التجارب تظهر لنا نوع التصور الذي يغلب على الشخص ، وهي تعطينا ذات النتائج التي حصلنا عليها بالطريقة الشخصية
وهذا يدلنا على أن الطريقة الذاتية إذا اقتصرت على التعبير اللفظي ، لم تختلف عن الطريقة الموضوعية اختلافاً أساسياً ، بل إن كلتيها جديرتان بأن تتبعا في علم واحد . وسنرى في بحوثنا القادمة أن هاتين الطريقتين قد عملنا معاً على ارتقاء علم النفس ، وإذا كانت الطريقة الموضوعية تغلب على بعض فروع علم النفس كعلم نفس الحيوان، أو علم نفس الطفل ، أو علم الأمراض العقلية، فإن كلتا الطريقتين تصلحان المعالجة أكثر المسائل في علم النفس السوي. فينبغي لنا إذن في دراسة المسائل النفسية أن نوضح التجارب الموضوعية بالرجوع إلى التأمل الباطني ، لأن التأمل الباطني يعين على تفهم النتائ انج
[ATTACH=JSON]n174527[/ATTACH]
[ATTACH=JSON]n174528[/ATTACH]
[ATTACH=JSON]n174529[/ATTACH]
[ATTACH=JSON]n174530[/ATTACH]
[ATTACH=JSON]n174531[/ATTACH]
تعليق