كيف تبدو الحياة في مكان درجة الحرارة فيه 50 درجة مئوية؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كيف تبدو الحياة في مكان درجة الحرارة فيه 50 درجة مئوية؟

    لم تعد أزمة المناخ هاجسًا مستقبليًا، فقد بدأت هذه الأزمة بالتحقق بالفعل في أجزاء عديدة من العالم. إذ يعيش ملايين الناس في درجات حرارة شديدة، ويواجهون تهديدًا متزايدًا بحدوث الفيضانات أو حرائق الغابات. وفي هذا المقال، سنرى؛ كيف غيرت درجات الحرارة المرتفعة حياة هؤلاء الأشخاص الخمسة؟.
    نقضي ليالٍ عديدة دون نوم:


    غالبًا، تضع شاكيلا بانو أفرشة أسرتها على سطح منزلهم ذي الطابق الواحد في الهند، إذ تبلغ بعض الليالي من السخونة ما يجعل النوم في الداخل عسيرًا. ويمكن أن يكون السطح حارًا جدًا بنحو يجعل المشي عليه صعبًا جدًا، كما ورد على لسان شاكيلا، التي قالت إنها تقضي العديد من الليالي مستيقظة.

    تعيش شاكيلا -مع زوجها وابنتها وثلاثة أحفاد- في أحمد آباد، في غرفة دون نوافذ، وبها مروحة سقف واحدة فقط لتعديل الجو.

    تغير المناخ؛ يعني أن العديد من المدن في الهند الآن تبلغ حرارتها 50 درجة، وتتأثر المناطق المكتظة بالسكان والمباني خصوصًا بما يُعرف بأثر جزيرة الحرارة الحضرية. إذ تزيد المواد -مثل الإسمنت والحرارة المشعة- من درجات الحرارة. ولا ينعم أحد بالراحة ليلًا طالما أن درجة الحرارة متأهبة للارتفاع على الدوام.

    في المنازل المماثلة لمنزل شاكيلا، تبلغ درجات الحرارة الآن 46، ما يصيبها بالدوار، ويعاني أحفادها من الطفح الجلدي والإرهاق والإسهال.

    لم تعد أساليب التبريد التقليدية -مثل: شرب حليب الزبدة، وماء الليمون- تفي بالغرض. وبدلًا من ذلك، اقترضوا المال لطلاء سقف منزلهم باللون الأبيض.

    فالأسطح البيضاء تعكس ضوء الشمس أكثر من غيرها، ويمكن لطبقة واحدة من الطلاء الأبيض في السقف أن تخفض درجات الحرارة في الداخل بمقدار 3 أو 4 درجات.

    وبالنسبة لشاكيلا فإن الفارق كبير؛ إذ تصبح الغرفة أكثر برودة ما يجعل الأطفال ينامون بنحو أفضل. وتقول مشيرة إلى حفيدها النائم: «إنه لا ينام عادةً خلال فترة الظهيرة، أما الآن فيمكنه النوم بسلام».


    حرارة لافحة:


    يقول سيدي فدوا: «لقد قدمت من مكان حار، ولكن الحرارة في شمال موريتانيا غربي أفريقيا أصبحت تفوق قدرة العديد من الناس على العيش والعمل. الحرارة هنا ليست عادية، إنها كالنار».

    يعيش سيدي البالغ من العمر 44 سنة في قرية صغيرة على حافة الصحراء الكبرى، وهو عاملٌ في مناجم الملح في المناطق المجاورة. وقد ازدادت صعوبة العمل مع ارتفاع حرارة المنطقة، نتيجة تغير المناخ. «لا يمكننا تحمل مثل هذه الدرجات من الحرارة، نحن لسنا آلات»، يقول سيدي.

    لتجنب درجات الحرارة التي تزيد عن 45 درجة في الصيف، شرع سيدي في العمل ليلًا.

    احتمالات العمل نادرة، وأولئك الذين يربون الماشية لكسب عيشهم لم يعد بإمكانهم فعل ذلك، فليس هنالك أي نباتات لإطعام الأغنام والماعز.

    ومثل عدد كبير من جيرانه يخطط سيدي للهجرة إلى مدينة نواذيبو الساحلية، حيث يُبقي نسيم المحيط المدينةَ أكثر برودة، ويستطيع السكان المحليون ركوب أحد أطول القطارات في العالم هناك، التي تنقل الحديد الخام من المناجم القريبة إلى الساحل.

    يقول سيدي شارحًا: «الناس يرحلون من هنا؛ لا يمكنهم تحمل الحرارة بعد الآن. تُعد الرحلة التي تدوم 20 ساعة خطيرة، ويمكن للمحليين الجلوس فوق العربات، حيث يتعرضون للحرارة وأشعة الشمس في أثناء النهار، قبل أن تنخفض درجات الحرارة إلى ما يقرب من التجمد ليلًا».

    يأمل سيدي في العثور على عمل في مجال صيد الأسماك في نواذيبو. قد يجلب النسيم الراحة، ولكن مع ازدياد عدد الفارين من حرارة الصحراء يصعب إيجاد فرص العمل، ولكن سيدي لا يزال متفائلًا.
    كيف تخمد نار الجحيم؟


    بدأ باتريك ميشيل -رئيس كاناكا بار- بملاحظة التغيرات المثيرة للقلق في الغابة بالقرب من محميته في كولومبيا البريطانية، في كندا، قبل أكثر من ثلاثة عقود. لقد قلّ منسوب المياه في الأنهار، وتوقف الفطر عن النمو.

    تحقّقت مخاوف باتريك هذا الصيف، إذ اجتاحت موجة حرّ أمريكا الشمالية. وقد حطم مسقط رأسه لايتون في 29 يونيو الرقم القياسي بدرجة حرارة بلغت 49.6، وفي اليوم التالي أرسلت له زوجته صورة مقياس الحرارة؛ الذي سجل 53 درجة، وبعد ساعة، كانت مدينته تحترق.

    كانت ابنته سيرينا الحامل في الشهر الثامن تكافح لوضع أطفالها والحيوانات الأليفة في السيارة، ومضَوا حاملين الملابس على ظهورهم، في حين امتدت النيران بارتفاع ثلاثة طوابق بجانبهم.

    عاد باتريك ليرى إن كان بإمكانه إنقاذ المنزل. لقد اعتاد على مجابهة حرائق الغابات منذ صغره، ولكن الحرائق تغيرت أيضًا، حالها كحال المناخ. «إن حرائق الغابات هذه لم تعد كما ألفناها، إنها تشبه الجحيم فكيف لنا أن نخمده!»، حسب قوله.

    رغم أن «ما حدث فرصة كي نعيد بناء ليتون بما يتناسب مع المئة عام القادمة، فإنه أمر شاق، ولكن يوجد في قلبي هذا التفاؤل»، يقول باتريك.
    لم يكن الوضع هكذا عندما كنت طفلة:


    تقول جوي التي تعيش في دلتا النيجر في نيجيريا: «عندما كنت طفلةً لم يكن الطقس هكذا. تعد هذه المنطقة إحدى أكثر المناطق تلوثًا على الأرض، ولا تزال الأيام والليالي تزداد سخونة».

    تُعيل جوي عائلتها باستخدام الحرارة من مشعل الغاز لتجفيف التابيوكا وبيعها في السوق المحلية، وتشرح قائلة: «لدي شعر قصير لأنني إذا أطلت شعري يمكن أن يحترق رأسي إذا اقترب من مشعل الغاز».

    تُعد مشاعل الغاز -التي تستخدمها شركات النفط في حرق الغاز، الذي يُطلق من الأرض- جزءًا من المشكلة. وتمثل شعلة الغاز -التي ترتفع بمقدار ستة أمتار- مصدرًا هامًا للانبعاثات العالمية لثاني أوكسيد الكربون، التي تساهم في تغير المناخ.

    لقد كان لتغير المناخ تأثير مدمر هنا، إذ تحولت الأراضي الخصبة إلى صحارٍ في الشمال، في حين تضرب الفيضانات العاتية الجنوب. لا يتذكر الناس مثل هذا الطقس المضطرب في أثناء طفولتهم.

    تقول جوي إن معظم الناس هنا ليسوا على دراية كافية لتفسير سبب تغير المناخ بهذه السرعة، ولكننا نشك في الشرارات التي لا تتوقف. تريد جوي من الحكومة حظر إشعال الغاز على الرغم من أنها تعتمد عليه لإطعام عائلتها.

    ولم تُستثمر الثروة النفطية تقريبًا في نيجيريا، حيث يعيش 98 مليون شخص في فقر مدقع، وهذا يشمل جوي وعائلتها، فهم يجنون أربعة جنيهات إسترلينية لقاء خمسة أيام من العمل.

    جوي ليست متفائلة بشأن المستقبل وتعتقد أن الحياة [على الأرض] تقترب الآن من خط النهاية.
    هذه الحرارة ليست طبيعية:


    قبل ستة أعوام، بدأت أم نايف، وهي موظفة كويتية متقاعدة، بزراعة الأشجار على رقعة من الصحراء بجانب الطريق السريع، وقد أطلعتنا أنها تشعر بالقلق إزاء ارتفاع درجات الحرارة في الصيف وتزايد العواصف الترابية.

    وقالت في هذا الصدد: «تحدثت مع بعض المسؤولين فأخبرني جميعهم أنه من المستحيل زرع أي شيء في الرمال، وقالوا إن الأرض رملية ودرجة الحرارة مرتفعة جدًا، فأردت أن أفعل شيئًا من شأنه أن يبهر الجميع».

    تعيش أم نايف في الشرق الأوسط، الذي يشهد احتباسًا حراريًا أسرع من معظم أنحاء العالم. درجات الحرارة في الكويت لا تطاق؛ عادةً تفوق 50 درجة، وتشير بعض التوقعات إلى أن متوسط درجات الحرارة سيرتفع بنسبة 4 درجات بحلول عام 2050، في حين يُسيطر الوقود الأحفوري على اقتصاد الكويت.

    تعتبر الرقعتان المزروعتان متواضعتين، ولكنهما أفضل من لا شيء. تقول أم نايف: «الأشجار تخمد الغبار، وتزيل التلوث، وتنظف الهواء، وتخفض درجات الحرارة. تزور الموقع -الآن- القنافذ، والسحالي ذات الذيل الشوكي. ويوجد هناك ماء عذب وظلال. إنه شيء جميل».

    ويطالب بعض الكويتيين الآن الحكومة بزرع حزام أخضر واسع النطاق، آملين أن تكون الكويت مستعدة لاتخاذ موقف ضد أزمة المناخ. وترى أم نايف أنهم يجب أن يحموا الأرض، ويمنعوا جفافها.

    تستخلص أم نايف قائلة: «هذه الحرارة ليست طبيعية، وهذه أرض آبائنا. وعلينا أن نرد لها الجميل لأنها أعطتنا الكثير».
يعمل...
X