هل للبرق أثر منظف للغلاف الجوي؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هل للبرق أثر منظف للغلاف الجوي؟

    يفصل البرق جزيئات الماء الموجودة في السحب لإنتاج الجذور الحرة التي تتفاعل مع غاز الميثان -أحد الغازات الدفيئة- وتفككه، وعلى هذا فهو ينظف الغلاف الجوي.

    البرق هو مشهد بديع يضيء السماء، تصطدم غيوم العواصف ببعضها، ما ينتج صواعق تبلغ نحو مليار فولت، هذه الكمية من الطاقة كافية لتغذية نحو 60 منزلًا ليوم كامل بالكهرباء.

    عدا عن إضاءة السماء لبضع ثوانٍ، فإن البرق يقدم لنا أيضًا خدمةً كبيرةً وهي تنظيف الهواء، إذن فالبرق مفيد للبيئة!
    ما البرق؟


    عندما نفرك أقدامنا على سجادة ثم نلمس شخصًا آخر، يحصل شعور لاسع يشبه صدمةً كهربائيةً، ما سبب ذلك؟ إنها الكهرباء الساكنة، والبرق هو الكهرباء الساكنة واسعة النطاق التي تحدث عندما تصطدم غيوم العاصفة أو تحتك ببعضها.

    البرق هو تفريغ كهربائي طبيعي يحدث بين السحب أو بين السحب والأرض

    لا تسبب السحب البيضاء العادية برقًا، على عكس غيوم العاصفة التي تمتلئ بهواء عاصف جدًا، يلتقي الماء الموجود في النصف السفلي من هذه السحب مع ذلك الهواء العاصف ويُحمل لأعلى حيث يكون الغلاف الجوي أبرد، ما يسبب تجمد الماء، وفي الوقت ذاته، يدفع الهواء الجليد من النصف العلوي للسحب نحو الأسفل.

    عندما يلتقي هذا الجليد والماء في أثناء تحركهما لأعلى السحابة وأسفلها، تُجرَد السحابة من الإلكترونات ما يؤدي إلى اختلال التوازن الكهربائي، والبرق هو طريقة الطبيعة لإدارة هذا الخلل في التوازن الكهربائي.

    تحوم سحابة العاصفة سالبة الشحنة فوق الأرض موجبة الشحنة، وفور حصول تلامس بين هاتين الشحنتين يحصل البرق.
    إذن كيف يساعد البرق على تنظيف غلافنا الجوي ؟

    ينتج البرق الجذور الحرة:


    البرق أسخن بخمسة أضعاف من سطح الشمس! وتنزع هذه الحرارة والطاقة الشديدتان جدًا نحو تفكيك جزيئات الهواء المحيطة مباشرةً بشرارة البرق، ويشمل ذلك النيتروجين والأكسجين وهما الغازان الأعلى تركيزًا في غلافنا الجوي.

    يفكك البرق جزيئات الماء في السحب لتكوين جذور الهيدروكسيل

    عندما تتراكم الشحنات الساكنة بين السحب ويحصل البرق في الجو، ينتج عن ذلك تكوين أكاسيد النيتروجين (-NO) وجذور الهيدروكسيل (-OH) وجذور الهيدروبيروكسيل (-OH2).

    جذور الهيدروكسيل هي جزيئات الهيدروجين والأكسجين منقوصةً إلكترون.

    لنراجع الكيمياء البسيطة لفهم ذلك: تتحرك الإلكترونات في مدارات حول الذرة في أزواج، وعلى هذا إذا ترك أحد الإلكترونين الآخر، ينتج إلكترون غير مزدوج، أو إلكترون حر.

    تركيب الجذور الحرة

    الجزيئات التي تحتوي على هذه الإلكترونات الحرة هي جزيئات مشحونة، ويبحث الإلكترون الحر عن إلكترون آخر، أي إنه يبحث عن جزيئات جديدة يمكنه الارتباط بها. العديد من جذور الهيدروكسيل المشحونة تتشكل عندما يفكك البرق جزيئات الماء الموجودة في السحب الرقيقة.

    معظم الصواعق لا تلمس الأرض بالفعل، بل تنتشر بشكل متعرج في الهواء مفككةً بذلك كميات كبيرة من مياه السحب، فتتكون كميات هائلة من تلك الجذور خاصةً في أثناء العواصف الشديدة، تلك الجذور المتولدة هي السبب في خواص البرق المنقية للهواء.
    جذور الهيدروكسيل تفكك الغازات الدفيئة:


    كما أسلفنا، تبحث جذور الهيدروكسيل عن جزيئات جديدة، وأقرب الجزيئات لها في الغلاف الجوي هي الغازات الدفيئة –المسببة للاحتباس الحراري- وأكثرها شيوعًا هو الميثان.

    يحدث التفاعل التالي:

    وهو تفاعل يُسمى الأكسدة، وتشير التقديرات إلى أن البرق يساهم بنسبة 2-16٪ من أكسدة الهيدروكسيل في أنحاء الكوكب.

    يحصل يوميًا أكثر من ثلاثة ملايين صاعقة في جميع أنحاء العالم، وتتشكل الكثير من جذور الهيدروكسيل طوال الوقت.

    إضافةً إلى البرق الذي نراه، تحدث أيضًا عمليات تفريغ كهربائية صغيرة في السحب، لا تمكن رؤية هذه التفريغات أو تصويرها إلا باستخدام معدات خاصة. تساهم هذه التفريغات في إنتاج جذور الهيدروكسيل.

    لا يبدو أن إنتاج البشر للغازات الدفيئة سيتوقف، ثمة مخاوف من أن مستويات الميثان سترتفع قريبًا لدرجة أنه لن يكون هناك ما يكفي من جذور الهيدروكسيل للتفاعل معها، لحسن الحظ، للطبيعة طريقتها لتوزيع جذور الهيدروكسيل.

    بعد تفاعل الميثان مع جذور الهيدروكسيل، قد تتفاعل النواتج مع أكسيد النيتروجين في الهواء لتكوين جذور الهيدروكسيل مجددًا.
    الخلاصة


    توصلنا إلى ميزة البرق المنقية للهواء بواسطة عملية الرصد الرائدة التي أجراها العلماء، تشير وكالة ناسا إلى البرق بأنه «منظف الغلاف الجوي». نحن نعلم بالفعل أن البرق يساعد في تثبيت النيتروجين الهوائي في التربة، ما يجعله متاحًا بسهولة كي تستفيد منه النباتات.

    إضافةً إلى ذلك، يساعد البرق أيضًا على تنظيف الهواء بواسطة شحنات الكهرباء القوية جدًا، ومع استمرار الاحتباس الحراري وازدياد حرارة الكوكب، نرى المزيد من العواصف تحدث في جميع أنحاء الكوكب.

    لتأكيد هذه النتائج يجب إجراء المزيد من الأبحاث، وسيتطلب ذلك تحليق العديد من الطائرات قرب العواصف لجمع قدر كبير من البيانات عن معدلات إنتاج جذور الهيدروكسيل ومستويات الميثان، قبل أن نبدأ بالتفكير في البرق بوصفه استراتيجية طبيعية للتخفيف من تغير المناخ.
يعمل...
X