القانون المُقارن
تعريف القانون المقارن وتطوره
يعرّف القانون المقارن comparative law بأنه: فرع من العلوم القانونية، يقصد به استعمال الطريقة المقارِنة في دراسة النُظم و النصوص القانونية لبلدان عدة، وذلك بهدف حسن تفهّم القوانين الوطنية وتطويرها، ومن ثم الوصول إلى توحيد دولي للقواعد القانونية.
وتسمية «القانون المقارن» حديثة العهد، ترجع إلى ما يقرب من مئة عام، وهي تسمية اصطلاحية؛ لأنها لا تدل على ما توحي إليه، فهي توحي أنها مجموعة قواعد كسائر فروع القانون الوضعي، في حين أنها ليست كذلك، فالقانون المقارن ليس مجموعة من القواعد تنظم نشاطاً معيناً كالقانون المدني أو القانون التجاري، فكل ما يدل عليه هذا التعبير الاصطلاحي أنه دراسة قانونية أو بحث قانوني يقوم على المقارنة بين قانونين أو أكثر.
وبتعقّب تطور الدراسة المقارِنة عبر العصور يلحظ أن لها جذوراً تاريخيةً، فقد اتبعها فلاسفة اليونان، كما فعل أفلاطون في كتابه: «حوار في القوانين» الذي قارن فيه بين قوانين عصره.
وفي القرن السابع عشر ظهرت في أوربا فكرة القانون العالمي من قبل الفقهاء الألمان الذين نادوا بالبحث عن الأفكار المشتركة للقوانين ومقارنتها ومن ثم استخلاص القانون العالمي.
وفي النصف الثاني من القرن التاسع عشر نشطت الدراسة المقارنة بسبب عاملين هما: تطور مناهج البحث العلمي.و قيام الثورة الصناعية، وتطلّع الدول إلى ما وراء حدودها لاستصلاح تشريعها، واقتناعها بأن قانونها الوطني لا يمكن أن يبقى منعزلاً أو أن يتخذ شكلاً نهائياً، بل لابد أن يتأثر بالقوانين الأخرى وأن يقتبس منها، كما لابد أن يتبدل ليجاري التطور العالمي.
وتعد المرحلة السابقة مرحلة تمهيدية لتأسيس القانون المقارن، أما المرحلة التأسيسية فقد بدأت في مطلع القرن العشرين وذلك في المؤتمر الدولي للقانون المقارن الذي عقد في باريس عام 1900م، و الذي يعد تاريخ ميلاد للقانون المقارن، إذ زادت أهميته بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، فغدا عنصراً أساسياً لكل علم قانوني أو ثقافة قانونية.
الغاية من القانون المقارن
إن الاقتصار على معرفة القانون الوطني والاكتفاء به من شأنه أن يحد من أُفق رجل القانون ويجعل معرِفته جزئية ومحصورة في الزمان و المكان، لكن الدراسة المقارِنة تجعل معرفته تنبض بالحركة والحياة، وتتطلع إلى المستقبل، وتحيط بالعالم الفسيح وتعمل على استيعابه.
وتتجلى فائدة الدراسة المقارنة أيضاً في تفهّم أفضل للقانون الوطني حين يكون هذا القانون مُقتبساً من قوانين أجنبية مُتقدِمة، ففي هذه الحال يرجع الباحث إلى تطبيقات هذه القوانين فيهتدي بها في فهم قانونه أو في تطبيقه، مما يسهم في تحسين القانون الوطني وإصلاحه وسد ثغراته.
وتتجه المساعي الدولية اليوم إلى تنمية العلاقات الإنسانية بالتقريب بين الشعوب بالتعرّف على شرائعها، و من ثم توحيد هذه الشرائع ضمن تكتلات إقليمية لتكون أساساً لوحدة اقتصادية وسياسية تسهم في خلق عالم جديد يسوده الأمن والاستقرار.
أساليب القانون المقارن
1ـ المقابلة: وهي أن يضع الباحث الأحكام التي تُعالج موضوعاً واحداً في قوانين مختلفة جنباً إلى جنب حيث يُقابل بعضها بعضاً، فيتعرف بذلك على مواضع التشابه والاختلاف بينها.
2ـ المقاربة: وهي أن يدرس الباحث وجوه التقارب بين القوانين التي تعتمد على مصادر قانونية مشتركة وبالتالي خضوعها لمنهج قانوني واحد.
3ـ المضاهاة: وتقوم على بيان أوجه التباين والاختلاف بين منهجين قانونيين. (الطرائق الثلاثة السابقة تقوم على تقرير ما هو كائن فعلاً من وجود تشابهٍ أو تباينٍ بين قوانين عدة).
4ـ الموازنة أو المقارنة: و تقوم على منهج معين يساعد على استخلاص نتائج نتعرّف بها إلى القانون الأفضل بعد دراسة أسباب التقارب والاختلاف في ضوء الظروف المحيطة بكل قانون. و هذا المنهج يفرض على الباحث اتباع الخطوات الآتية:
أـ تجزئة النص الأجنبي (أي تحليله) ومن ثم دراسته، وبعد ذلك ينتقل الباحث إلى دراسة المنهج الكامل لهذا القانون. مثال ذلك: أن دراسة البنوة الشرعية تتطلب دراسة القواعد و الأحكام و النصوص المتعلقة بالولد الشرعي ومن ثم ينهي الباحث خطته بدراسة نظام الأسرة ككل.
ب ـ يستخلص الباحث الروابط بين القواعد القانونية المختلفة و ما يوجد بينها من تشابه و اختلاف، ويوضح أسبابه، وينقده، ثم يصدر حكمه بتقييمه.
ث ـ معرفة القانون الأجنبي معرفة موضوعية كاملة، بالتعرّف على تقسيماته ومصادره، مع الإحاطة بتطبيقاته.
ت ـ معرفة لغة القانون الأجنبي ومصطلحاته، ومن ثم تحديد مفهوم هذه المصطلحات إذا لم يكن لها مقابل في القانون الوطني.
ج ـ هناك عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية وتاريخية تسهم في تكوين القانون الأجنبي، وعلى الباحث أن يتحراها ويدرس تأثيرها في تحديد المفاهيم القانونية.
ح ـ حين يباشر الباحث عمله بعد تحصيل ما تقدم، يترتب عليه أن يقوم بدراسته بروحٍ موضوعيةٍ.
وثَم مؤسسات تعنى بالقانون المقارن في العديد من الدول منها معهد القانون الدولي والمقارن (إنكلترا) والمركز الفرنسي للقانون المقارن (ألمانيا) والتجمع الدولي للمؤسسات القانونية(الولايات المتحدة).
أمل شربا
تعريف القانون المقارن وتطوره
يعرّف القانون المقارن comparative law بأنه: فرع من العلوم القانونية، يقصد به استعمال الطريقة المقارِنة في دراسة النُظم و النصوص القانونية لبلدان عدة، وذلك بهدف حسن تفهّم القوانين الوطنية وتطويرها، ومن ثم الوصول إلى توحيد دولي للقواعد القانونية.
وتسمية «القانون المقارن» حديثة العهد، ترجع إلى ما يقرب من مئة عام، وهي تسمية اصطلاحية؛ لأنها لا تدل على ما توحي إليه، فهي توحي أنها مجموعة قواعد كسائر فروع القانون الوضعي، في حين أنها ليست كذلك، فالقانون المقارن ليس مجموعة من القواعد تنظم نشاطاً معيناً كالقانون المدني أو القانون التجاري، فكل ما يدل عليه هذا التعبير الاصطلاحي أنه دراسة قانونية أو بحث قانوني يقوم على المقارنة بين قانونين أو أكثر.
وبتعقّب تطور الدراسة المقارِنة عبر العصور يلحظ أن لها جذوراً تاريخيةً، فقد اتبعها فلاسفة اليونان، كما فعل أفلاطون في كتابه: «حوار في القوانين» الذي قارن فيه بين قوانين عصره.
وفي القرن السابع عشر ظهرت في أوربا فكرة القانون العالمي من قبل الفقهاء الألمان الذين نادوا بالبحث عن الأفكار المشتركة للقوانين ومقارنتها ومن ثم استخلاص القانون العالمي.
وفي النصف الثاني من القرن التاسع عشر نشطت الدراسة المقارنة بسبب عاملين هما: تطور مناهج البحث العلمي.و قيام الثورة الصناعية، وتطلّع الدول إلى ما وراء حدودها لاستصلاح تشريعها، واقتناعها بأن قانونها الوطني لا يمكن أن يبقى منعزلاً أو أن يتخذ شكلاً نهائياً، بل لابد أن يتأثر بالقوانين الأخرى وأن يقتبس منها، كما لابد أن يتبدل ليجاري التطور العالمي.
وتعد المرحلة السابقة مرحلة تمهيدية لتأسيس القانون المقارن، أما المرحلة التأسيسية فقد بدأت في مطلع القرن العشرين وذلك في المؤتمر الدولي للقانون المقارن الذي عقد في باريس عام 1900م، و الذي يعد تاريخ ميلاد للقانون المقارن، إذ زادت أهميته بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، فغدا عنصراً أساسياً لكل علم قانوني أو ثقافة قانونية.
الغاية من القانون المقارن
إن الاقتصار على معرفة القانون الوطني والاكتفاء به من شأنه أن يحد من أُفق رجل القانون ويجعل معرِفته جزئية ومحصورة في الزمان و المكان، لكن الدراسة المقارِنة تجعل معرفته تنبض بالحركة والحياة، وتتطلع إلى المستقبل، وتحيط بالعالم الفسيح وتعمل على استيعابه.
وتتجلى فائدة الدراسة المقارنة أيضاً في تفهّم أفضل للقانون الوطني حين يكون هذا القانون مُقتبساً من قوانين أجنبية مُتقدِمة، ففي هذه الحال يرجع الباحث إلى تطبيقات هذه القوانين فيهتدي بها في فهم قانونه أو في تطبيقه، مما يسهم في تحسين القانون الوطني وإصلاحه وسد ثغراته.
وتتجه المساعي الدولية اليوم إلى تنمية العلاقات الإنسانية بالتقريب بين الشعوب بالتعرّف على شرائعها، و من ثم توحيد هذه الشرائع ضمن تكتلات إقليمية لتكون أساساً لوحدة اقتصادية وسياسية تسهم في خلق عالم جديد يسوده الأمن والاستقرار.
أساليب القانون المقارن
1ـ المقابلة: وهي أن يضع الباحث الأحكام التي تُعالج موضوعاً واحداً في قوانين مختلفة جنباً إلى جنب حيث يُقابل بعضها بعضاً، فيتعرف بذلك على مواضع التشابه والاختلاف بينها.
2ـ المقاربة: وهي أن يدرس الباحث وجوه التقارب بين القوانين التي تعتمد على مصادر قانونية مشتركة وبالتالي خضوعها لمنهج قانوني واحد.
3ـ المضاهاة: وتقوم على بيان أوجه التباين والاختلاف بين منهجين قانونيين. (الطرائق الثلاثة السابقة تقوم على تقرير ما هو كائن فعلاً من وجود تشابهٍ أو تباينٍ بين قوانين عدة).
4ـ الموازنة أو المقارنة: و تقوم على منهج معين يساعد على استخلاص نتائج نتعرّف بها إلى القانون الأفضل بعد دراسة أسباب التقارب والاختلاف في ضوء الظروف المحيطة بكل قانون. و هذا المنهج يفرض على الباحث اتباع الخطوات الآتية:
أـ تجزئة النص الأجنبي (أي تحليله) ومن ثم دراسته، وبعد ذلك ينتقل الباحث إلى دراسة المنهج الكامل لهذا القانون. مثال ذلك: أن دراسة البنوة الشرعية تتطلب دراسة القواعد و الأحكام و النصوص المتعلقة بالولد الشرعي ومن ثم ينهي الباحث خطته بدراسة نظام الأسرة ككل.
ب ـ يستخلص الباحث الروابط بين القواعد القانونية المختلفة و ما يوجد بينها من تشابه و اختلاف، ويوضح أسبابه، وينقده، ثم يصدر حكمه بتقييمه.
ث ـ معرفة القانون الأجنبي معرفة موضوعية كاملة، بالتعرّف على تقسيماته ومصادره، مع الإحاطة بتطبيقاته.
ت ـ معرفة لغة القانون الأجنبي ومصطلحاته، ومن ثم تحديد مفهوم هذه المصطلحات إذا لم يكن لها مقابل في القانون الوطني.
ج ـ هناك عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية وتاريخية تسهم في تكوين القانون الأجنبي، وعلى الباحث أن يتحراها ويدرس تأثيرها في تحديد المفاهيم القانونية.
ح ـ حين يباشر الباحث عمله بعد تحصيل ما تقدم، يترتب عليه أن يقوم بدراسته بروحٍ موضوعيةٍ.
وثَم مؤسسات تعنى بالقانون المقارن في العديد من الدول منها معهد القانون الدولي والمقارن (إنكلترا) والمركز الفرنسي للقانون المقارن (ألمانيا) والتجمع الدولي للمؤسسات القانونية(الولايات المتحدة).
أمل شربا