هذه الطريقة حتى توصل جورج ما يزنباخ إلى الحصول على حق اختراعه في ٩ مايو ۱۸۸۲ ، وبمقتضى هذا الاختراع كان يمكنه أن يصنع كليشيها بشبكة ذات خطوط . وكانت الصورة التى تظهر من خلال هذه الشبكة غير دقيقة وذلك لشدة البعد بين الخط والآخر . ثم استطاع ما يزنباخ أن يحسن هذا الكليشيه بصنع الشبكة المتقاطعة الخطوط . فكان بعد أن يلتقط الصورة بالشبكة ذات الخطوط المتقاربة ، يدير الصورة ٩٠ درجة ثم يعرضها للضوء مرة أخرى فتظهر الشبكة مرة أخرى وتصنع خطوطاً متقاطعة الشبكة الأولى. وهذه المربعات التى قد لا تراها العين المجردة هي التي تظهر الصورة ، لأن الحبر ينطبع بين خطوط الشبكة البارزة وبالتالى تنطبع هذه الشبكة على الورق فى الطباعة البارزة، أو يدخل الحبر في مربعات الشبكة ولا يجد مكاناً في الأجزاء التى ليس بها شبكة ( الأجزاء السوداء ) كما يحدث في طباعة الهليوجرافور .
وفكرة حفر الصورة بالشبكة دون استخدام الأحماض الكيميائية ليست فكرة جديدة ، فقد سجل المخترع الأمريكي ( فورى بين ) اختراعاً يستطيع بوساطته أن يحقق عملية الحفر عن طريق خلية تصويرية . كان ذلك في عام ١٨٨٣ ، نفس العصر - ۱۸۹۹ - كان زميل لهذا المخترع اسمه والتر هوى يحاول أن يحل نفس المشكلة . ولكن المخترعين لم يتوصلا إلى هذا الكشف إلا بعد تطور التكنولوجيا وفى عام ١٩٢٦ ظهرت أول ماكينة للحفر الإلكترونى ، وبقيت مهملة حتى شعر الناشرون بحاجتهم إلى هذا الجهاز السريع والاقتصادى في نفس الوقت . وقد بدأت شركة « هل » تنتج هذه الماكينات فى عام ۱۹٥١ وبدأ توزيعها في عام ١٩٥٤ بعد أن أعلن الكليشو جراف عن نفسه فى معرض باريس للطباعة في عام ١٩٥٤ ، ثم ظهر الفاريو كليشوجراف ( لحفر الألوان ) فى نفس المعرض في عام ١٩٦٠ وانتشرت بعد ذلك هذه الأجهزة ، ويوجد منها اليوم في دور الصحف في العالم ۳۰۰۰ جهاز ، ويوجد في بريطانيا وحدها ۱۷۰ جهازاً ( فاريوكليشوجراف) حتى عام ١٩٦٤ لحفر الألوان على الفيلم لاستخدامه في طباعة الأوفست ، وذلك في صحف الأقاليم ، أما فى لندن فقد كانت جريدة التايمز هي الرائدة في هذا الميدان إذ كانت أول من استخدمه. وهذا الجهاز يستطيع أن يحفر على ألواح الزنك والنولار والمجنسيوم والألمنيوم والرصاص والزنك والنحاس والفيلم . وسرعة إبرة الحفر تصل إلى ٢ / ١٠٠٠ من الثانية .
وقد صنعت شركة فيرتشايلد الهولندية Fairchild جهازاً مشابهاً للكليشوجراف يحفر الكليشيه دون استعمال أية أحماض كيمائية ، ولكن بوساطة إبرة ساخنة تحفر بسرعة ٦٤٠ حفرة فى الثانية ، وهذا الجهاز يختلف عن الكليشوجراف في استعماله . إذ أنه يستخدم نوعاً معيناً من العجينة لصنع لوح الكليشيه . وهذه اللوحة يمكن إدارتها على شكل أسطوانة دائرية . وهذه الطريقة تسهل إمكانية استعمال هذا الكليشيه بوضعه العادى المسطح أو بالوضع نصف الدائرى في حالة استعماله رأساً على المطبعة الدوارة . وبالجهاز ميكروسكوب يستطيع أن يكبر شبكة الصورة ٨٠ مرة ، وبذلك يستطيع العامل أن يراقب عملية الحفر من خلال هذا المنظار .
جهاز قاربو کلیشو جراف ( Vario-Klishograph ) : صنعت هذا الجهاز شركة هل كما صنعته شركات أخرى هولندية وأمريكية وسويدية وفرنسية. وهذا الجهاز يشبه الكليشوجراف إلا أنه أكبر منه حجماً ويستطيع أن يكبر الصورة ٤٠٠% ويصغرها ٣٣ % كما أنه يحنمر صوراً » هاف تون » وصوراً ملونة على مقاسات.تبلغ ۳۱ × ٤٣ سنتيمتراً ، ويحفر على شبكات مختلفة من ٦٠ إلى ١٢٠ خطاً في البوصة ، وهذه الكليشيهات تصلح للطباعة البارزة ولطباعة الأوفست .
وما دامت الصورة ( هاف تون ) هى عبارة عن نقط وخطوط صغيرة متقاربة أو متباعدة فقد أصبح من الممكن نقل هذه الخطوط والنقط إلكترونيا عن طريق هذا الجهاز . ولكي نفهم معنى هذه الخطوط أو معنى كلمة « هاف تون » نحاول أن ننظر إلى صورة ما بإمعان . إن العين فى الحقيقة ترى خطوطاً كثيرة ثم تفصلها بسرعة معينة . وعند ما تحاول العين أن تنظر إلى خط أسود على رقعة بيضاء فإنها تخلط سواد الخط مع البياض المحيط به وترى لوناً مختلفاً هو اللون الرمادى . وكلما قل عرض . الخط الأسود على نفس الرقعة البيضاء رأت العين هذا الخط أقل سواداً . وعلى أساس هذا الأثر النفسي تقوم نظرية حفر الكليشيه الهاف تون ، أو ما نسميه « اللون الناتج بين الضوء والظل » ، وذلك بوساطة الشبكة المتقاطعة والتى هي عبارة عن خطوط رفيعة تقاطعت عرضاً وطولاً ، فكونت نقطاً دقيقة سوداء - في الحقيقة – ولكن العين تراها رمادية كلما بعدت النقطة عن مثيلتها وزادت مساحة البياض بينهما ، وتراها أكثر سواداً كلما اقتربت النقطة من مثيلتها ، حتى تلتصق بها فتكون مساحة سوداء .. ومن هذه النظرية أصبح من الممكن نقل هذه الخطوط إلكترونيا لتكوين الصورة ولحفرها على لوحة الزنك . وما دام من الممكن حفر صورة ذات لون واحد فقد أصبح ممكناً أيضاً حفر صورة ذات عدة ألوان . وهذه هي العملية التي يقوم بها جهاز قاريوكليشوجراف. إن هذا الجهاز يقوم بفصل ألوان الصورة ويصححها أى يقوم بعملية الرتوش - إلكترونيا . وهذه العملية الأخيرة هي التي يتوقف عليها نجاح عملية فصل الألوان ، وقد توصل إلى هذه الفكرة ثلاثة خبراء أمريكيون هم فيشر وهاردى و ورذبرج ، وذلك في عام ١٩٣٦ ، وكانت نتيجة هذا الاكتشاف عقلا إلكترونياً صغيراً يستطيع أن يقوم بالعمليات الحسابية لقوة الضوء الصادر من كل لون ، ثم يقوم بعمليات طرح وجمع - بسرعة الكهرباء - ثم يعطى الأمر إلى الإبرة الحافرة فتقوم بعملية الرتوش فى نفس الوقت مع عملية الحفر أثناء فصل الألوان .
جهاز هلیوکلیشو جراف ( Helio-Klishograph ) : وكان تقدم طباعة الهليوجرافور ( روتر جرافور ) بطيئاً بالنسبة إلى التقدم الذى أحرزته صناعة الصحافة . وذلك لاستخدام هذه الطباعة في المجلات فقط ، لصعوبتها وطول الوقت الذي تستغرقه تلك الصناعة . وكان لانتشار الألوان عامل هام فى تقدم هذه الطباعة الأنيقة .
وتختلف طباعة الهليوجرافور ( وهى التى تطبع بها مجلة بارى ماتش) عن الأوفست والتيبوجراف اختلافاً كبيراً . إذ تم عملية الحفر على أسطوانة نحاسية ، والحفر على النحاس يستغرق وقتاً أطول من الحفر على الزنك المعمول به في الطباعتين الأخريين . وتستخدم فى الهليوجرافور شبكة أدق من الشبكات الأخرى لإظهار الصور واضحة وضوحاً تاماً . لذلك كان من الصعب استخدام هذه الطريقة في طباعة الجرائد لأن حفر الأسطوانة يستغرق عدة ساعات بوساطة الأحماض الكيمائية وبإشراف الفنيين المتخصصين في هذه العملية .
وقد استطاعت شركة هل ( Dr. Hell ) فى ألمانيا أن تصنع جهازاً إلكترونياً عرض للمرة الأولى في مؤتمر برلين الطباعى فى عام ١٩٦٣ . ويقوم هذا الجهاز بعملية الحفر على الأسطوانة النحاسية كلها إلكترونياً فى مدة بسيطة . ويمكنه أن يحفر عدة أسطوانات من الصورة الأصلية في نفس الوقت .
وفي أبريل من عام ١٩٦٤ تم طبع أول مجلة بعد حفرها بهذا الجهاز وكانت نتيجة الحفر مشجعة للغاية . وبعد ستة أشهر استطاعوا أن يحفروا بهذا الجهاز جميع صفحات الألوان .
وكانت عملية الحفر تم فيما مضى فى حجرة مكيفة الهواء وبحمامات من الأحماض الكيميائية ، مما يعرض الحفرة للاختلاف كلما تغيرت درجة الحرارة . وقد اشتدت الحاجة إلى هذا الجهاز الجديد بعد ارتفاع تكاليف الأيدي العاملة في أوربا وندرة وجود المتخصصين والفنيين ، ومع نجاح الألوان فى المجلات إلى جانب صعوبة تنفيذها .
وتتم عملية الحفر تماماً كما كانت تتم فى الكليشوجراف أو أجهزة الحفر الإلكترونية . فتوضع صورة سلبية من الصفحة ( أو الملزمة ) على أسطوانة فوقها عين إلكترونية ، وتوضع الأسطوانة النحاسية على الجهاز الآخر، ويمكن وضع عدة أسطوانات نحاسية على عدة أجهزة إذا استدعت الحاجة أو احتاج ارتفاع التوزيع إلى هذه الزيادة ، وفوق الأسطوانة النحاسية إبرة الحفر المتصلة بالعين الإلكترونية . تبدأ الإبرة عملها بسرعة فائقة ، ولا تحفر إلى عمق أكثر من العمق المقدر لها . وتدور الأسطوانة بسرعة ٥٥ دورة فى الدقيقة ، وتحفر الإبرة بسرعة 4 آلاف حفرة في الثانية ، وينتهى حفر الأسطوانة فى ۷۰ دقيقة . وإذا كانت هناك أسطوانات أخرى من نفس الصفحات ، فإنها تحفر جميعاً - مهما كان عددها ـ في نفس المدة . أى يمكن حفر أسطوانة واحدة أو عدة أسطوانات معاً في ٧٠ دقيقة .
فصل الألوان : بقيت مشكلة فصل الألوان بطرق إلكترونية بدون حل حتى عام ١٩٣٧ - وكانت الألوان حتى هذا التاريخ تفصل بالطريقة العادية . أى كانت الصورة توضع أمام عدسة التصوير ، وفوق عدسة التصوير فلتر شفاف ملون يمر من خلاله الضوء فيلتقط صورة سلبية للون الأزرق مثلا، ثم يوضع فلتر آخر بلون آخر فيلتقط صورة سلبية للون الأحمر مثلاً، وتم العملية بهذا الشكل حتى يتم التقاط الألوان الأربعة المراد فصلها . وتصبح كل صورة تمثل لوناً معيناً ، وعندما توضع الصور الأربع بعضها فوق بعض فإنها تكون صورة كاملة بألوانها الأربعة .
وكانت هذه العملية تستغرق عدة أيام، وكان الخبراء يبحثون عن طريق للتخلص من هذه المشاكل ، والاستعاضة عن هذه الطريقة البدائية بطريقة إلكترونية .
وفى عام ١٩٣٧ توصل الخبراء إلى حل مشكلتهم العويصة . وكان السؤال الذي يدور في عقولهم : ما هو القانون الذى يمكن بمقتضاه تغيير قيم الألوان وحسابها في العقل الإلكترونى . وقد درس الدكتور نوجباور منذ عام ١٩٣٥ – قانون مزج الألوان في الطباعة .. و وضع نظريته المعروفة باسمه والتي كانت نتيجة عملية حسابية بحتة ، والمعروف أن الألوان فى الطباعة هي عبارة عن نقط - الثلاثة ألوان مثلاً - كل نقطة تطبع بالقرب من الأخرى. بطريقة تنتج خليطاً يكون أحياناً بحساب إضافة عدد النقط وأحياناً بحساب إنقاص عدد النقط . أى أنها عملية جمع وطرح . و بمعنى آخر فإننا إذا وضعنا نقطة حمراء بالقرب من نقطة صفراء فإن العين سوف ترى نقطة واحدة برتقالية اللون .
كانت هذه الخطوة هى البداية التى بدأ الخبراء يفكرون منها في استخدام العقل الإلكترونى للقيام بعمليات الجمع والطرح السريعة ، والتي بمقتضاها يستطيع العقل أن يأمر العدسة الإلكترونية بفصل الألوان، وبمعرفة درجة شفافية كل نقطة من الصورة . وكانت نتيجة هذا المجهود هي جهاز فصل الألوان الإلكترونى جهاز كروموجراف ( Chromograph) : هذا الجهاز يستطيع فصل الألوان من صورة ملونة أو فيلم ملون دون الاستعانة بالعمال الفنيين أو المصورين . فهو يستطيع وحده أن يفصل كافة الألوان الخاصة بطباعة التيبوجرافور أو الأوفست أو الهليوجرافور ( روتوجرافور ) . إنه عبارة عن آلة تصوير إلكترونية تستطيع أن تلتقط صورة ملونة أو عدة صور - كل واحدة مختلفة عن الأخرى في درجة ألوانها - على صفحة واحدة . ويستطيع هذا الجهاز أن يعمل مدة ٢٤ ساعة دون توقف توضع الصورة أو الفيلم الملون على أسطوانة دائرية ، بينما يوضع على الأسطوانة الأخرى الفيلم الخام. وتوجد فوق الصورة الأصلية عين إلكترونية تمسح الصورة ر أمامها على الأسطوانة وتنقل ما تراه عن طريق العدسة إلى الفيلم الخام بطريق الومضات الكهربائية. وهذا الجهاز به عقل إلكترونى صغير يقوم بعملية حساب الألوان والموجات . والضوء المنبعث من الصورة الأصلية يتم تحليله جزئياً
وفكرة حفر الصورة بالشبكة دون استخدام الأحماض الكيميائية ليست فكرة جديدة ، فقد سجل المخترع الأمريكي ( فورى بين ) اختراعاً يستطيع بوساطته أن يحقق عملية الحفر عن طريق خلية تصويرية . كان ذلك في عام ١٨٨٣ ، نفس العصر - ۱۸۹۹ - كان زميل لهذا المخترع اسمه والتر هوى يحاول أن يحل نفس المشكلة . ولكن المخترعين لم يتوصلا إلى هذا الكشف إلا بعد تطور التكنولوجيا وفى عام ١٩٢٦ ظهرت أول ماكينة للحفر الإلكترونى ، وبقيت مهملة حتى شعر الناشرون بحاجتهم إلى هذا الجهاز السريع والاقتصادى في نفس الوقت . وقد بدأت شركة « هل » تنتج هذه الماكينات فى عام ۱۹٥١ وبدأ توزيعها في عام ١٩٥٤ بعد أن أعلن الكليشو جراف عن نفسه فى معرض باريس للطباعة في عام ١٩٥٤ ، ثم ظهر الفاريو كليشوجراف ( لحفر الألوان ) فى نفس المعرض في عام ١٩٦٠ وانتشرت بعد ذلك هذه الأجهزة ، ويوجد منها اليوم في دور الصحف في العالم ۳۰۰۰ جهاز ، ويوجد في بريطانيا وحدها ۱۷۰ جهازاً ( فاريوكليشوجراف) حتى عام ١٩٦٤ لحفر الألوان على الفيلم لاستخدامه في طباعة الأوفست ، وذلك في صحف الأقاليم ، أما فى لندن فقد كانت جريدة التايمز هي الرائدة في هذا الميدان إذ كانت أول من استخدمه. وهذا الجهاز يستطيع أن يحفر على ألواح الزنك والنولار والمجنسيوم والألمنيوم والرصاص والزنك والنحاس والفيلم . وسرعة إبرة الحفر تصل إلى ٢ / ١٠٠٠ من الثانية .
وقد صنعت شركة فيرتشايلد الهولندية Fairchild جهازاً مشابهاً للكليشوجراف يحفر الكليشيه دون استعمال أية أحماض كيمائية ، ولكن بوساطة إبرة ساخنة تحفر بسرعة ٦٤٠ حفرة فى الثانية ، وهذا الجهاز يختلف عن الكليشوجراف في استعماله . إذ أنه يستخدم نوعاً معيناً من العجينة لصنع لوح الكليشيه . وهذه اللوحة يمكن إدارتها على شكل أسطوانة دائرية . وهذه الطريقة تسهل إمكانية استعمال هذا الكليشيه بوضعه العادى المسطح أو بالوضع نصف الدائرى في حالة استعماله رأساً على المطبعة الدوارة . وبالجهاز ميكروسكوب يستطيع أن يكبر شبكة الصورة ٨٠ مرة ، وبذلك يستطيع العامل أن يراقب عملية الحفر من خلال هذا المنظار .
جهاز قاربو کلیشو جراف ( Vario-Klishograph ) : صنعت هذا الجهاز شركة هل كما صنعته شركات أخرى هولندية وأمريكية وسويدية وفرنسية. وهذا الجهاز يشبه الكليشوجراف إلا أنه أكبر منه حجماً ويستطيع أن يكبر الصورة ٤٠٠% ويصغرها ٣٣ % كما أنه يحنمر صوراً » هاف تون » وصوراً ملونة على مقاسات.تبلغ ۳۱ × ٤٣ سنتيمتراً ، ويحفر على شبكات مختلفة من ٦٠ إلى ١٢٠ خطاً في البوصة ، وهذه الكليشيهات تصلح للطباعة البارزة ولطباعة الأوفست .
وما دامت الصورة ( هاف تون ) هى عبارة عن نقط وخطوط صغيرة متقاربة أو متباعدة فقد أصبح من الممكن نقل هذه الخطوط والنقط إلكترونيا عن طريق هذا الجهاز . ولكي نفهم معنى هذه الخطوط أو معنى كلمة « هاف تون » نحاول أن ننظر إلى صورة ما بإمعان . إن العين فى الحقيقة ترى خطوطاً كثيرة ثم تفصلها بسرعة معينة . وعند ما تحاول العين أن تنظر إلى خط أسود على رقعة بيضاء فإنها تخلط سواد الخط مع البياض المحيط به وترى لوناً مختلفاً هو اللون الرمادى . وكلما قل عرض . الخط الأسود على نفس الرقعة البيضاء رأت العين هذا الخط أقل سواداً . وعلى أساس هذا الأثر النفسي تقوم نظرية حفر الكليشيه الهاف تون ، أو ما نسميه « اللون الناتج بين الضوء والظل » ، وذلك بوساطة الشبكة المتقاطعة والتى هي عبارة عن خطوط رفيعة تقاطعت عرضاً وطولاً ، فكونت نقطاً دقيقة سوداء - في الحقيقة – ولكن العين تراها رمادية كلما بعدت النقطة عن مثيلتها وزادت مساحة البياض بينهما ، وتراها أكثر سواداً كلما اقتربت النقطة من مثيلتها ، حتى تلتصق بها فتكون مساحة سوداء .. ومن هذه النظرية أصبح من الممكن نقل هذه الخطوط إلكترونيا لتكوين الصورة ولحفرها على لوحة الزنك . وما دام من الممكن حفر صورة ذات لون واحد فقد أصبح ممكناً أيضاً حفر صورة ذات عدة ألوان . وهذه هي العملية التي يقوم بها جهاز قاريوكليشوجراف. إن هذا الجهاز يقوم بفصل ألوان الصورة ويصححها أى يقوم بعملية الرتوش - إلكترونيا . وهذه العملية الأخيرة هي التي يتوقف عليها نجاح عملية فصل الألوان ، وقد توصل إلى هذه الفكرة ثلاثة خبراء أمريكيون هم فيشر وهاردى و ورذبرج ، وذلك في عام ١٩٣٦ ، وكانت نتيجة هذا الاكتشاف عقلا إلكترونياً صغيراً يستطيع أن يقوم بالعمليات الحسابية لقوة الضوء الصادر من كل لون ، ثم يقوم بعمليات طرح وجمع - بسرعة الكهرباء - ثم يعطى الأمر إلى الإبرة الحافرة فتقوم بعملية الرتوش فى نفس الوقت مع عملية الحفر أثناء فصل الألوان .
جهاز هلیوکلیشو جراف ( Helio-Klishograph ) : وكان تقدم طباعة الهليوجرافور ( روتر جرافور ) بطيئاً بالنسبة إلى التقدم الذى أحرزته صناعة الصحافة . وذلك لاستخدام هذه الطباعة في المجلات فقط ، لصعوبتها وطول الوقت الذي تستغرقه تلك الصناعة . وكان لانتشار الألوان عامل هام فى تقدم هذه الطباعة الأنيقة .
وتختلف طباعة الهليوجرافور ( وهى التى تطبع بها مجلة بارى ماتش) عن الأوفست والتيبوجراف اختلافاً كبيراً . إذ تم عملية الحفر على أسطوانة نحاسية ، والحفر على النحاس يستغرق وقتاً أطول من الحفر على الزنك المعمول به في الطباعتين الأخريين . وتستخدم فى الهليوجرافور شبكة أدق من الشبكات الأخرى لإظهار الصور واضحة وضوحاً تاماً . لذلك كان من الصعب استخدام هذه الطريقة في طباعة الجرائد لأن حفر الأسطوانة يستغرق عدة ساعات بوساطة الأحماض الكيمائية وبإشراف الفنيين المتخصصين في هذه العملية .
وقد استطاعت شركة هل ( Dr. Hell ) فى ألمانيا أن تصنع جهازاً إلكترونياً عرض للمرة الأولى في مؤتمر برلين الطباعى فى عام ١٩٦٣ . ويقوم هذا الجهاز بعملية الحفر على الأسطوانة النحاسية كلها إلكترونياً فى مدة بسيطة . ويمكنه أن يحفر عدة أسطوانات من الصورة الأصلية في نفس الوقت .
وفي أبريل من عام ١٩٦٤ تم طبع أول مجلة بعد حفرها بهذا الجهاز وكانت نتيجة الحفر مشجعة للغاية . وبعد ستة أشهر استطاعوا أن يحفروا بهذا الجهاز جميع صفحات الألوان .
وكانت عملية الحفر تم فيما مضى فى حجرة مكيفة الهواء وبحمامات من الأحماض الكيميائية ، مما يعرض الحفرة للاختلاف كلما تغيرت درجة الحرارة . وقد اشتدت الحاجة إلى هذا الجهاز الجديد بعد ارتفاع تكاليف الأيدي العاملة في أوربا وندرة وجود المتخصصين والفنيين ، ومع نجاح الألوان فى المجلات إلى جانب صعوبة تنفيذها .
وتتم عملية الحفر تماماً كما كانت تتم فى الكليشوجراف أو أجهزة الحفر الإلكترونية . فتوضع صورة سلبية من الصفحة ( أو الملزمة ) على أسطوانة فوقها عين إلكترونية ، وتوضع الأسطوانة النحاسية على الجهاز الآخر، ويمكن وضع عدة أسطوانات نحاسية على عدة أجهزة إذا استدعت الحاجة أو احتاج ارتفاع التوزيع إلى هذه الزيادة ، وفوق الأسطوانة النحاسية إبرة الحفر المتصلة بالعين الإلكترونية . تبدأ الإبرة عملها بسرعة فائقة ، ولا تحفر إلى عمق أكثر من العمق المقدر لها . وتدور الأسطوانة بسرعة ٥٥ دورة فى الدقيقة ، وتحفر الإبرة بسرعة 4 آلاف حفرة في الثانية ، وينتهى حفر الأسطوانة فى ۷۰ دقيقة . وإذا كانت هناك أسطوانات أخرى من نفس الصفحات ، فإنها تحفر جميعاً - مهما كان عددها ـ في نفس المدة . أى يمكن حفر أسطوانة واحدة أو عدة أسطوانات معاً في ٧٠ دقيقة .
فصل الألوان : بقيت مشكلة فصل الألوان بطرق إلكترونية بدون حل حتى عام ١٩٣٧ - وكانت الألوان حتى هذا التاريخ تفصل بالطريقة العادية . أى كانت الصورة توضع أمام عدسة التصوير ، وفوق عدسة التصوير فلتر شفاف ملون يمر من خلاله الضوء فيلتقط صورة سلبية للون الأزرق مثلا، ثم يوضع فلتر آخر بلون آخر فيلتقط صورة سلبية للون الأحمر مثلاً، وتم العملية بهذا الشكل حتى يتم التقاط الألوان الأربعة المراد فصلها . وتصبح كل صورة تمثل لوناً معيناً ، وعندما توضع الصور الأربع بعضها فوق بعض فإنها تكون صورة كاملة بألوانها الأربعة .
وكانت هذه العملية تستغرق عدة أيام، وكان الخبراء يبحثون عن طريق للتخلص من هذه المشاكل ، والاستعاضة عن هذه الطريقة البدائية بطريقة إلكترونية .
وفى عام ١٩٣٧ توصل الخبراء إلى حل مشكلتهم العويصة . وكان السؤال الذي يدور في عقولهم : ما هو القانون الذى يمكن بمقتضاه تغيير قيم الألوان وحسابها في العقل الإلكترونى . وقد درس الدكتور نوجباور منذ عام ١٩٣٥ – قانون مزج الألوان في الطباعة .. و وضع نظريته المعروفة باسمه والتي كانت نتيجة عملية حسابية بحتة ، والمعروف أن الألوان فى الطباعة هي عبارة عن نقط - الثلاثة ألوان مثلاً - كل نقطة تطبع بالقرب من الأخرى. بطريقة تنتج خليطاً يكون أحياناً بحساب إضافة عدد النقط وأحياناً بحساب إنقاص عدد النقط . أى أنها عملية جمع وطرح . و بمعنى آخر فإننا إذا وضعنا نقطة حمراء بالقرب من نقطة صفراء فإن العين سوف ترى نقطة واحدة برتقالية اللون .
كانت هذه الخطوة هى البداية التى بدأ الخبراء يفكرون منها في استخدام العقل الإلكترونى للقيام بعمليات الجمع والطرح السريعة ، والتي بمقتضاها يستطيع العقل أن يأمر العدسة الإلكترونية بفصل الألوان، وبمعرفة درجة شفافية كل نقطة من الصورة . وكانت نتيجة هذا المجهود هي جهاز فصل الألوان الإلكترونى جهاز كروموجراف ( Chromograph) : هذا الجهاز يستطيع فصل الألوان من صورة ملونة أو فيلم ملون دون الاستعانة بالعمال الفنيين أو المصورين . فهو يستطيع وحده أن يفصل كافة الألوان الخاصة بطباعة التيبوجرافور أو الأوفست أو الهليوجرافور ( روتوجرافور ) . إنه عبارة عن آلة تصوير إلكترونية تستطيع أن تلتقط صورة ملونة أو عدة صور - كل واحدة مختلفة عن الأخرى في درجة ألوانها - على صفحة واحدة . ويستطيع هذا الجهاز أن يعمل مدة ٢٤ ساعة دون توقف توضع الصورة أو الفيلم الملون على أسطوانة دائرية ، بينما يوضع على الأسطوانة الأخرى الفيلم الخام. وتوجد فوق الصورة الأصلية عين إلكترونية تمسح الصورة ر أمامها على الأسطوانة وتنقل ما تراه عن طريق العدسة إلى الفيلم الخام بطريق الومضات الكهربائية. وهذا الجهاز به عقل إلكترونى صغير يقوم بعملية حساب الألوان والموجات . والضوء المنبعث من الصورة الأصلية يتم تحليله جزئياً
تعليق