Saad Alkassem
عقارب نيسان
بين أوراق جدي المرحوم نهاد القاسم رسائل متبادلة مع أصدقائه، إحداها كانت من المرحوم عبد الوهاب حومد كتب فيها يشكو من موجة حر اجتاحت الكويت في شهر نيسان (ابريل) من عام 1969، فأجابه الأستاذ القاسم برسالة شكا فيها من موجة برد اجتاحت دمشق في الشهر نفسه، ونقل له بيتين من الشعر نظمهما في (عقارب نيسان):
وما عقــارب نيسان ولسعتـها
إلاّ السمــوم، وقاك الله نيسانا
يسقيـك من زهــره شهداً فإن عصفت
فيه الريـاح، سقاك السمّ ألوانا
فأجابه الأستاذ حومد برسالة قال فيها: وصلتني رسالتك وأعجبني فيها بيتاك الجميلان، ولست أدري لماذا حركا فيّ بقية شاعرية كنت أظنها ماتت.. ألجمالهما ورقتهما، وحسن سبكهما، أم لأنهما قطر أتى أرضاً مواتا فبعث الحياة في يابس بذرها؟ ... إلى أن قال: وإليك ما جادت به قريحة ضحلة، بعد - عهدها بالشعر الأدب - وقد كان يقال في صاحبها: إنه أديب ضلّ طريقه!
حييت في حلمي، نشوان ريّانـا
شعراً ونجوى، وأشجانـا وألحانـا
في الشام، يا طيبها، ياحسن طلعتها
يا دمعها، حين نلقاها وتلقانا
همس الكؤوس، إذا نيسان عانقها
وسال من وجنتيها الفجر، مرجانا
إذا ارتدت غوطتاهـا، ثوب غانية
والتاح غصن، على المزمار سكرانا
أشجت فؤادك، بيض تحت أيكتهـا
حينا ودان، وريم البيـد أحيانـــــــــــا
دع القوافــــي، وخـلّ الكأس ظامئة
واقصص جناح خيال كان نشوانا
لم تؤذك النسمات المترفات ضحــــى
آذتك لسعات ست من حزيرانا
وفي اليوم الثاني من وصول رسالة الأستاذ حومد رد الأستاذ القاسم بقصيدة جوابية من أبياتها:
أهاجك الشوق، أم هزتك بلوانا
فرحت تسكب دمع العــين، هتّانا
أم النوى - لا رعى الله النوى – عصفت
بالقلب، فارفضّ، مثل الدمـع أشجانا
أم أن «نكســــــــتنا الكبرى» وما حطمت
للعرب، قد فجّرت، في النفــــــــــــــــــــس، بركانا
فجاء شـعرك، زلـزالاً وعاصفـة
وكان عهدي به، روحاً وريحانا
أنت الأديب، وقد ضلّ الألى زعموا
أن قد ضللت، لقد أبدعت تبيـانا
وما قريضك إلاّ ذوب عاطفـة
قد صاغها الله، أشواقاً وتحنانـا
(والشعـر إن لم يكن ذكرى وعاطفة
أو حكمة، كان تقطيعاً وأوزانا)
ذكرى حزيران، كم أدمت وكم فجعت
لا بارك الله، في ذكرى حزيرانا
أقوم صهيون، أضحـوا بعد ذلهم
يغزون قومي، بولونـا وألمانا؟ ...
ونحن أضحوكة الدنيـــــــــــــــا، لفرقتنـا
لم نرع، للجمع، انجيلاً وقرآنا
هنّا فهانت على الدنيـا كرامتنـا
وأمعن الخصم عدوانا وطغيانا
يا صاحبي في ظلام السجـــــــــن، آن لنا
أن ننفض الذلّ، أحداثـا وأكفانـا
وأن نسير إلى الهيجاء، فهي لنا
دار الكرامة، إن موت لنا حانـا
وما الشهيـد بميت عند بارئـه
بذلك الله، في القرآن، أنبانـا
وإنما الميت من ماتت حميتـه
ولم يذد على حمى الأوطان عدوانا
حاشا لقومي أن يرضـوا بذلهم
أو يغمضوا عن أذى الأعداء أجفانا
ها هم تنادوا، إلى ثـأر يعزهم
وسارعوا للوغى، شيبــاً وشبانا
يا صاحبي في ظلام السجـــن! معذرة
فقد «شطحت».. وعجزي عنك قد بانا
ناجيت جلّق مفتوناً بغوطتها
ورحت تلثمها... زهراً وأغصانا
وليس كالشام في بيد وفي حضـر
ولا كأبنائها، أسداً وغزلانـا
فأصفح، ومثلك من يرجى لمكرمـة
واقبل تحيتنا، صحباً وخلانا
عقارب نيسان
بين أوراق جدي المرحوم نهاد القاسم رسائل متبادلة مع أصدقائه، إحداها كانت من المرحوم عبد الوهاب حومد كتب فيها يشكو من موجة حر اجتاحت الكويت في شهر نيسان (ابريل) من عام 1969، فأجابه الأستاذ القاسم برسالة شكا فيها من موجة برد اجتاحت دمشق في الشهر نفسه، ونقل له بيتين من الشعر نظمهما في (عقارب نيسان):
وما عقــارب نيسان ولسعتـها
إلاّ السمــوم، وقاك الله نيسانا
يسقيـك من زهــره شهداً فإن عصفت
فيه الريـاح، سقاك السمّ ألوانا
فأجابه الأستاذ حومد برسالة قال فيها: وصلتني رسالتك وأعجبني فيها بيتاك الجميلان، ولست أدري لماذا حركا فيّ بقية شاعرية كنت أظنها ماتت.. ألجمالهما ورقتهما، وحسن سبكهما، أم لأنهما قطر أتى أرضاً مواتا فبعث الحياة في يابس بذرها؟ ... إلى أن قال: وإليك ما جادت به قريحة ضحلة، بعد - عهدها بالشعر الأدب - وقد كان يقال في صاحبها: إنه أديب ضلّ طريقه!
حييت في حلمي، نشوان ريّانـا
شعراً ونجوى، وأشجانـا وألحانـا
في الشام، يا طيبها، ياحسن طلعتها
يا دمعها، حين نلقاها وتلقانا
همس الكؤوس، إذا نيسان عانقها
وسال من وجنتيها الفجر، مرجانا
إذا ارتدت غوطتاهـا، ثوب غانية
والتاح غصن، على المزمار سكرانا
أشجت فؤادك، بيض تحت أيكتهـا
حينا ودان، وريم البيـد أحيانـــــــــــا
دع القوافــــي، وخـلّ الكأس ظامئة
واقصص جناح خيال كان نشوانا
لم تؤذك النسمات المترفات ضحــــى
آذتك لسعات ست من حزيرانا
وفي اليوم الثاني من وصول رسالة الأستاذ حومد رد الأستاذ القاسم بقصيدة جوابية من أبياتها:
أهاجك الشوق، أم هزتك بلوانا
فرحت تسكب دمع العــين، هتّانا
أم النوى - لا رعى الله النوى – عصفت
بالقلب، فارفضّ، مثل الدمـع أشجانا
أم أن «نكســــــــتنا الكبرى» وما حطمت
للعرب، قد فجّرت، في النفــــــــــــــــــــس، بركانا
فجاء شـعرك، زلـزالاً وعاصفـة
وكان عهدي به، روحاً وريحانا
أنت الأديب، وقد ضلّ الألى زعموا
أن قد ضللت، لقد أبدعت تبيـانا
وما قريضك إلاّ ذوب عاطفـة
قد صاغها الله، أشواقاً وتحنانـا
(والشعـر إن لم يكن ذكرى وعاطفة
أو حكمة، كان تقطيعاً وأوزانا)
ذكرى حزيران، كم أدمت وكم فجعت
لا بارك الله، في ذكرى حزيرانا
أقوم صهيون، أضحـوا بعد ذلهم
يغزون قومي، بولونـا وألمانا؟ ...
ونحن أضحوكة الدنيـــــــــــــــا، لفرقتنـا
لم نرع، للجمع، انجيلاً وقرآنا
هنّا فهانت على الدنيـا كرامتنـا
وأمعن الخصم عدوانا وطغيانا
يا صاحبي في ظلام السجـــــــــن، آن لنا
أن ننفض الذلّ، أحداثـا وأكفانـا
وأن نسير إلى الهيجاء، فهي لنا
دار الكرامة، إن موت لنا حانـا
وما الشهيـد بميت عند بارئـه
بذلك الله، في القرآن، أنبانـا
وإنما الميت من ماتت حميتـه
ولم يذد على حمى الأوطان عدوانا
حاشا لقومي أن يرضـوا بذلهم
أو يغمضوا عن أذى الأعداء أجفانا
ها هم تنادوا، إلى ثـأر يعزهم
وسارعوا للوغى، شيبــاً وشبانا
يا صاحبي في ظلام السجـــن! معذرة
فقد «شطحت».. وعجزي عنك قد بانا
ناجيت جلّق مفتوناً بغوطتها
ورحت تلثمها... زهراً وأغصانا
وليس كالشام في بيد وفي حضـر
ولا كأبنائها، أسداً وغزلانـا
فأصفح، ومثلك من يرجى لمكرمـة
واقبل تحيتنا، صحباً وخلانا