- هل الشعور ظاهرة ثانوية
ج - هل الشعور ظاهرة ثانوية
كل ما اسلفنا من القول أوضح لك أنه لا يمكن ارجاع الطريقة النفسية إلى طريقة الفيسيولوجيا . وانه خير لهذين العلمين ان ينهج كل واحد منهما نهجاً خاصاً به . على أن فريقاً من العلماء ، وأكثرهم من الفيسيولوجيين، يغارون على الفيسيولوجيا من علم النفس، فلا يألون جهداً في ابطال الظواهر النفسية ؛ حق لقد أدى بهم الأمر إلى اعتبار الشعور ظاهرة ثانوية زائدة لا تنفع ولا تضر.
قال مودسلي : ( الشعور نور منعكس ، لا بل هو أثر فان سريع الزوال ، فلا يملاً حضوره فراغاً ، ولا يحدث غيابه ثغرة . يظن الانسان أن اعماله كلها مسبوقة بالتصور، فلا يذهب إلى المسرح أو إلى الصيد ألا بعد تصور اللذات التي سيلاقيها ، ولا يشتري الأوراق المالية إلا بعد حساب الربح الذي سيناله منها . والحق عن ذلك بعيد. لأن هذه التصورات لا تؤثر في سلوكنا ، ولا تبدل شيئاً من أعمالنا . بل الجملة العصبية وحدها هي الفاعلة ، ولا أثر للتصور في ذلك ، لانه معلول لها . لا يصدر عنه شيء ولا يولد عملا . ولو فقد هذا الشعور لما كان لفقدانه أثر في الحياة . لأن جملتنا العصبية تضمن لنا القيام يجميع الأعمال التي كنا نقوم بها في الضياء ، فنحن إذ ذاك نذهب إلى الصيد أو إلى المسرح مسوقين اليه بتأثير الجملة العصبية لاغير حق لقد نرسل برقية ، ونكتب رسالة، أو نخترع آلة من غير أن يكون للشعور أثر في ذلك . فالشعور ظاهرة ثانوية زائدة، ونحن آلات متحركة مزدانة بالشعور ( هو كسلي) ، إلا أن هذا الشعور ليس علة فاعلة ، وانما هو شاهد على أعمالنا فقط (مودسلي) ، وهو من الظواهر الفيسيولوجية بمنزلة الظل من الجسم ، أو النور
من المصباح . وهل للنور المنبعث عن موقد القاطرة تأثير في حركتها ؟ وهل لظل الماشي تأثير في سيره ؟ الشعور حادثة ثانوية ملحقة تصلح للتبرج والزينة لا للعمل والحركة .
(\) قال ويليام جيمس مازئاً بأصحاب هذا الرأي :
د لو كنا نعرف جملة شكسبير العصبية معرفة تامة ، ونعلم ما هي شروط البيئة التي نشأت فيها تلك الجملة العصبية لأمكننا أن نفهم لماذا خطت يداه في وقت من أوقات حياته على بعض أوراقه هذه الاشارات السوداء الصغيرة المشوشة التي نستطيع أن نسميها باختصار مخطوط - هملت - . ولاستطعنا ادراك كل سبب من أسباب الطلس والمحو والتصليح من غير أن نحتاج إلى الأعتراف بأن في شكسبير نفساً مفكرة . فاذا أردنا كتابة ترجمة حياة لوثيروس بطريقة مشابهة لهذه درسنا حالة المأتى ليبرة من الالبيمينوئيد التي يتركب منها جمده من غير أن نفرض أنه كان متصفاً بالحس » .
حس على أن فكرة (جيمس ) هذه على ما فيها من غرابة لا تكفي لدحض نظرية مود سلي. فقد غالى أصحابه في القول حتى صاروا على رأي ) كابانيس ( القائل : «المخ يفرز الفكر كما يفرز الكبد الصفراء » . وقد تخيل لو دانتك (۲) حديثاً دار بين أحد الفيسولوجيين وخصمه حول هذا الرأي قال فيه الخصم : إذا كان الناس كلهم آلات متحركة لا فيهم ، فهل تظن أنهم يخترعون المخدرات ، وهل تعتقد أن الجراحين يحتاجون عند ذلك إلى تنويم المريض بالكلوروفورم ؟ فأجابه الفسيولوجي . و لا تشك في ذلك أبداً ، . إذن الناس ، وإن كانوا فاقدي الحس والشعور ، فلا بد لهم من اختراع المخدرات واختراع الفونوغراف والراديو والسينما الناطقة . ولو فقد ديكارت شعوره وحافظ على جملته العصبية لقال أيضاً قاعدته المشهورة : ( أفكر فأنا موجود ، ؛ فكأنه لا أثر للحس والتصور والرغبة في كل ما يفعله المرء ؛ وكأن السيكولوجيا فرع من فروع الفيسيولوجيا . (
ج - هل الشعور ظاهرة ثانوية
كل ما اسلفنا من القول أوضح لك أنه لا يمكن ارجاع الطريقة النفسية إلى طريقة الفيسيولوجيا . وانه خير لهذين العلمين ان ينهج كل واحد منهما نهجاً خاصاً به . على أن فريقاً من العلماء ، وأكثرهم من الفيسيولوجيين، يغارون على الفيسيولوجيا من علم النفس، فلا يألون جهداً في ابطال الظواهر النفسية ؛ حق لقد أدى بهم الأمر إلى اعتبار الشعور ظاهرة ثانوية زائدة لا تنفع ولا تضر.
قال مودسلي : ( الشعور نور منعكس ، لا بل هو أثر فان سريع الزوال ، فلا يملاً حضوره فراغاً ، ولا يحدث غيابه ثغرة . يظن الانسان أن اعماله كلها مسبوقة بالتصور، فلا يذهب إلى المسرح أو إلى الصيد ألا بعد تصور اللذات التي سيلاقيها ، ولا يشتري الأوراق المالية إلا بعد حساب الربح الذي سيناله منها . والحق عن ذلك بعيد. لأن هذه التصورات لا تؤثر في سلوكنا ، ولا تبدل شيئاً من أعمالنا . بل الجملة العصبية وحدها هي الفاعلة ، ولا أثر للتصور في ذلك ، لانه معلول لها . لا يصدر عنه شيء ولا يولد عملا . ولو فقد هذا الشعور لما كان لفقدانه أثر في الحياة . لأن جملتنا العصبية تضمن لنا القيام يجميع الأعمال التي كنا نقوم بها في الضياء ، فنحن إذ ذاك نذهب إلى الصيد أو إلى المسرح مسوقين اليه بتأثير الجملة العصبية لاغير حق لقد نرسل برقية ، ونكتب رسالة، أو نخترع آلة من غير أن يكون للشعور أثر في ذلك . فالشعور ظاهرة ثانوية زائدة، ونحن آلات متحركة مزدانة بالشعور ( هو كسلي) ، إلا أن هذا الشعور ليس علة فاعلة ، وانما هو شاهد على أعمالنا فقط (مودسلي) ، وهو من الظواهر الفيسيولوجية بمنزلة الظل من الجسم ، أو النور
من المصباح . وهل للنور المنبعث عن موقد القاطرة تأثير في حركتها ؟ وهل لظل الماشي تأثير في سيره ؟ الشعور حادثة ثانوية ملحقة تصلح للتبرج والزينة لا للعمل والحركة .
(\) قال ويليام جيمس مازئاً بأصحاب هذا الرأي :
د لو كنا نعرف جملة شكسبير العصبية معرفة تامة ، ونعلم ما هي شروط البيئة التي نشأت فيها تلك الجملة العصبية لأمكننا أن نفهم لماذا خطت يداه في وقت من أوقات حياته على بعض أوراقه هذه الاشارات السوداء الصغيرة المشوشة التي نستطيع أن نسميها باختصار مخطوط - هملت - . ولاستطعنا ادراك كل سبب من أسباب الطلس والمحو والتصليح من غير أن نحتاج إلى الأعتراف بأن في شكسبير نفساً مفكرة . فاذا أردنا كتابة ترجمة حياة لوثيروس بطريقة مشابهة لهذه درسنا حالة المأتى ليبرة من الالبيمينوئيد التي يتركب منها جمده من غير أن نفرض أنه كان متصفاً بالحس » .
حس على أن فكرة (جيمس ) هذه على ما فيها من غرابة لا تكفي لدحض نظرية مود سلي. فقد غالى أصحابه في القول حتى صاروا على رأي ) كابانيس ( القائل : «المخ يفرز الفكر كما يفرز الكبد الصفراء » . وقد تخيل لو دانتك (۲) حديثاً دار بين أحد الفيسولوجيين وخصمه حول هذا الرأي قال فيه الخصم : إذا كان الناس كلهم آلات متحركة لا فيهم ، فهل تظن أنهم يخترعون المخدرات ، وهل تعتقد أن الجراحين يحتاجون عند ذلك إلى تنويم المريض بالكلوروفورم ؟ فأجابه الفسيولوجي . و لا تشك في ذلك أبداً ، . إذن الناس ، وإن كانوا فاقدي الحس والشعور ، فلا بد لهم من اختراع المخدرات واختراع الفونوغراف والراديو والسينما الناطقة . ولو فقد ديكارت شعوره وحافظ على جملته العصبية لقال أيضاً قاعدته المشهورة : ( أفكر فأنا موجود ، ؛ فكأنه لا أثر للحس والتصور والرغبة في كل ما يفعله المرء ؛ وكأن السيكولوجيا فرع من فروع الفيسيولوجيا . (
تعليق