ب - نظرية الموازاة بين الظواهر النفسية والظواهر الفيسيولوجية
هدف أصحاب هذه النظرية تجنب الصعوبات التي لقيتها نظرية الاثنينيين ؟ قالوا : لا شك أن هناك مطابقة بين الظواهر النفسية والظواهر الفيسيولوجية ، فلنسلم إذن بوجود هذه المطابقة من غير أن نتعرض للكلام على تأثير النفس في الجسد ، وتأثير الجد في النفس . فنظرية الموازاة تلخص إذن بهاتين الفقرتين : (۱) هناك مطابقة بين الظواهر النفسية والظواهر الفيسيولوجية . (۲) هذه المطابقة تامة أي أن كل ظاهرة نفسية توازي ظاهرة فيسيولوجية والعكس بالعكس. ومعنى ذلك أن الظواهر النفسية والظواهر الفيسيولوجية تؤلفان سلسلتين مختلفتين كل واحدة منها موازية للاخرى ، فكل ظاهرة من سلسلة الظواهر النفسية علة لما بعدها ومعلولة لما قبلها . وكذلك ظواهر السلسلة الفيسيولوجية ، إلا أنه لا يحدث هناك انتقال من سلسلة إلى أخرى. النفسي علة النفسي ، والفيسيولوجي علة الفيسيولوجي، ولا يمكن للفيسيولوجي أو للنفسي أن يكون علة الظاهرة من السلسلة الثانية.
قيمة هذه النظرية : - يوجع القول بهذه النظرية إلى ) ليبنز ) ، إلا أن الكثيرين من علماء العصر الحاضر يأخذون بها. فمنهم من يقول أن الموازاة بين السلسلتين حقيقية ، ومنهم من يسلم بها، لا لاعتقاده أنها حقيقية ، بل لظنه أنها طريقة نافعة تسهل لنا البحث عن أسباب الظواهر النفسية والظواهر الفيسيولوجية ، ونحن نظن أن هذا الرأي الأخير أقرب إلى
الحقيقة من الرأي الأول . ونعتقد أن القول بالموازاة التامة أدعى إلى الخطأ من نفيها . لأن التجربة لم تطلعنا بعد على تحقق هذه الموازاة (۱) تحققاً تاماً، ولا نزال حتى الآن نجهل كثير أمن حدودها المتقابلة ، فكيف نستطيع أن نقول بموازاة مطلقة بين حدود السلسلتين ، ونحن لا نعلم منها إلا مجموعها ، فقد يكون في هذه الأقسام المجهولة حدود لا تتوازى ولا يطابق بعضها بعضاً. ونحن لا نعلق في علم النفس خطورة كبرى على حقيقة هذه الموازاة ، بل نحكم عليها من حيث هي طريقة ، ونعتقد أن القول بها يعود على علمي السيكولوجيا والفيسيولوجيا بنفع عظيم ، لأنها تمنع الفيسيولوجي من إدخال المبادىء الروحانية في تعليله العلمي ، وتقيد السيكولوجي بالبحث في الأمور النفسية من الوجهة النفسية لا غير . وعلى ذلك فهي وسيلة لتوكيد استقلال السيكولوجيا والفيسيولوجيا معاً . فلا يعلل العالم النفسي ظاهرة نفسية إلا بظاهرة أخرى من السلسلة النفسية . أما الظواهر الفيسيولوجية فيرمي بها ظهرياً ولا يهتم بها، وكذلك الفيسيولوجي فإنه لا يهتم بالمسائل الداخلية التي يطلعنا عليها الشعور ،
بل يعلل الظاهر بالظاهر ، وينبذ كل تعليل روحاني
ما أكثر العلماء الذين ينتقلون من العلم الوضعي إلى علم ما بعد الطبيعة ، وهم لا يعلمون انهم أكثر خطراً على العلم من المتافيزيقيين أنفسهم ، لأن هؤلاء يعلمون نصيب نظرياتهم من الصحة ، فلا يعدمهم من التجربة تصحيح لما يتصورون ، وأولئك يجهلون أنهم في أرض لم يسبروا غورها ، ولم يختبروا مفازاتها. وبينا نحن نجد العالم يحتاط لنفسه عند البحث في خواص الأجسام، فلا يقول بخاصة من خواص الام. مثلا إلا بعد الفحص والتنقيب ، نجده عند الكلام على علاقة الجملة العصبية بالشعور سريع التصور والتصديق ، يحدثك عن مراكز الظواهر النفسية وعن أعصاب التداعي والارتباط ، كأنه على بينة من أمره ، أو كأنه شاهد هذه الظواهر من وراء تلك المراكز وتلك الأسلاك البرقية . فيبني لك دماغا خياليا صوره بنفسه ، ويظن بعد ذلك أن هذه الصورة حقيقية . نحن لا نعترض الآن على وجود المراكز النفسية في المخ ، بل نعترض على طريقة الفيسيولوجيين الذين يستعملون طريقة المشاهدة الداخلية عند البحث في وظائف المراكز العصبية . وكثيراً ما أوقعتهم هذه الطريقة في مهاوي الزلل والضلال. فلا الفيسيولوجيا تعترف بصحة ما كشفوه ، ولا علم النفس يقر لهم به ، فخير إذن لكل علم أن يحافظ على استقلاله وينهج نهجاً خاصاً به .
هدف أصحاب هذه النظرية تجنب الصعوبات التي لقيتها نظرية الاثنينيين ؟ قالوا : لا شك أن هناك مطابقة بين الظواهر النفسية والظواهر الفيسيولوجية ، فلنسلم إذن بوجود هذه المطابقة من غير أن نتعرض للكلام على تأثير النفس في الجسد ، وتأثير الجد في النفس . فنظرية الموازاة تلخص إذن بهاتين الفقرتين : (۱) هناك مطابقة بين الظواهر النفسية والظواهر الفيسيولوجية . (۲) هذه المطابقة تامة أي أن كل ظاهرة نفسية توازي ظاهرة فيسيولوجية والعكس بالعكس. ومعنى ذلك أن الظواهر النفسية والظواهر الفيسيولوجية تؤلفان سلسلتين مختلفتين كل واحدة منها موازية للاخرى ، فكل ظاهرة من سلسلة الظواهر النفسية علة لما بعدها ومعلولة لما قبلها . وكذلك ظواهر السلسلة الفيسيولوجية ، إلا أنه لا يحدث هناك انتقال من سلسلة إلى أخرى. النفسي علة النفسي ، والفيسيولوجي علة الفيسيولوجي، ولا يمكن للفيسيولوجي أو للنفسي أن يكون علة الظاهرة من السلسلة الثانية.
قيمة هذه النظرية : - يوجع القول بهذه النظرية إلى ) ليبنز ) ، إلا أن الكثيرين من علماء العصر الحاضر يأخذون بها. فمنهم من يقول أن الموازاة بين السلسلتين حقيقية ، ومنهم من يسلم بها، لا لاعتقاده أنها حقيقية ، بل لظنه أنها طريقة نافعة تسهل لنا البحث عن أسباب الظواهر النفسية والظواهر الفيسيولوجية ، ونحن نظن أن هذا الرأي الأخير أقرب إلى
الحقيقة من الرأي الأول . ونعتقد أن القول بالموازاة التامة أدعى إلى الخطأ من نفيها . لأن التجربة لم تطلعنا بعد على تحقق هذه الموازاة (۱) تحققاً تاماً، ولا نزال حتى الآن نجهل كثير أمن حدودها المتقابلة ، فكيف نستطيع أن نقول بموازاة مطلقة بين حدود السلسلتين ، ونحن لا نعلم منها إلا مجموعها ، فقد يكون في هذه الأقسام المجهولة حدود لا تتوازى ولا يطابق بعضها بعضاً. ونحن لا نعلق في علم النفس خطورة كبرى على حقيقة هذه الموازاة ، بل نحكم عليها من حيث هي طريقة ، ونعتقد أن القول بها يعود على علمي السيكولوجيا والفيسيولوجيا بنفع عظيم ، لأنها تمنع الفيسيولوجي من إدخال المبادىء الروحانية في تعليله العلمي ، وتقيد السيكولوجي بالبحث في الأمور النفسية من الوجهة النفسية لا غير . وعلى ذلك فهي وسيلة لتوكيد استقلال السيكولوجيا والفيسيولوجيا معاً . فلا يعلل العالم النفسي ظاهرة نفسية إلا بظاهرة أخرى من السلسلة النفسية . أما الظواهر الفيسيولوجية فيرمي بها ظهرياً ولا يهتم بها، وكذلك الفيسيولوجي فإنه لا يهتم بالمسائل الداخلية التي يطلعنا عليها الشعور ،
بل يعلل الظاهر بالظاهر ، وينبذ كل تعليل روحاني
ما أكثر العلماء الذين ينتقلون من العلم الوضعي إلى علم ما بعد الطبيعة ، وهم لا يعلمون انهم أكثر خطراً على العلم من المتافيزيقيين أنفسهم ، لأن هؤلاء يعلمون نصيب نظرياتهم من الصحة ، فلا يعدمهم من التجربة تصحيح لما يتصورون ، وأولئك يجهلون أنهم في أرض لم يسبروا غورها ، ولم يختبروا مفازاتها. وبينا نحن نجد العالم يحتاط لنفسه عند البحث في خواص الأجسام، فلا يقول بخاصة من خواص الام. مثلا إلا بعد الفحص والتنقيب ، نجده عند الكلام على علاقة الجملة العصبية بالشعور سريع التصور والتصديق ، يحدثك عن مراكز الظواهر النفسية وعن أعصاب التداعي والارتباط ، كأنه على بينة من أمره ، أو كأنه شاهد هذه الظواهر من وراء تلك المراكز وتلك الأسلاك البرقية . فيبني لك دماغا خياليا صوره بنفسه ، ويظن بعد ذلك أن هذه الصورة حقيقية . نحن لا نعترض الآن على وجود المراكز النفسية في المخ ، بل نعترض على طريقة الفيسيولوجيين الذين يستعملون طريقة المشاهدة الداخلية عند البحث في وظائف المراكز العصبية . وكثيراً ما أوقعتهم هذه الطريقة في مهاوي الزلل والضلال. فلا الفيسيولوجيا تعترف بصحة ما كشفوه ، ولا علم النفس يقر لهم به ، فخير إذن لكل علم أن يحافظ على استقلاله وينهج نهجاً خاصاً به .
تعليق