مصر تحصّن الأطفال من التحرش بمناهج تفضح اللمسات غير البريئة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مصر تحصّن الأطفال من التحرش بمناهج تفضح اللمسات غير البريئة

    مصر تحصّن الأطفال من التحرش بمناهج تفضح اللمسات غير البريئة


    القضاء على الظاهرة يبدأ بكسر جدار الصمت.

    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    دور الأسرة كبير في توعية الأطفال بكيفية حماية أنفسهم من التحرش

    تنادي المنظمات والجمعيات الحقوقية بضرورة تضمين المناهج التعليمية دروسا لمواجهة ظاهرة التحرش بالأطفال لتجاوز سلبية المجتمع، واستجابة لهذا النداء خصصت وزارة التعليم المصرية في خطوة هي الأولى من نوعها حصصا دراسية أسبوعية لهذا الغرض. ويربط المتخصصون نجاح المؤسسات التعليمية في توعية الصغار بطرق الوقاية من التحرش بوعي الأسر نفسها ومدى قدرتها على الحوار مع الأبناء و توفيرها الأمان للأطفال عند بوحهم لها بالأسرار.

    القاهرة – أقدمت وزارة التعليم المصرية على خطوة هي الأولى من نوعها بتضمين المناهج الجديدة دروسا توعوية خاصة بمواجهة التحرش ووسائله وكيفية اكتشاف الأطفال للمتحرشين، وبأي طريقة يتم التفريق بين اللمسات البريئة وبين غير السوية، مع تعريفهم بطرق المواجهة وفضح هؤلاء، وعدم الصمت أمام انتهاك أجسادهم.

    تضمنت المناهج أيضا كيف يحافظ الطفل على جسده ويقي نفسه من الوقوع فريسة لأصحاب النفوس المريضة وكيف يتصرف عندما يتعرض لابتزاز عاطفي. وخصصت وزارة التعليم حصصا دراسية أسبوعية لهذا الغرض في محاولة لحث المؤسسات التعليمية على القيام بدور أكبر طالما أن الأسر تتعامل بسلبية ولا تقدم لأطفالها الحد الأدنى من التوعية بطرق مواجهة المتحرشين.


    محمد هاني: توعية الأطفال بالفهم وطرق المواجهة تحصّن أجسادهم


    جاءت الخطوة في ظل مطالبات منظمات وجمعيات حقوقية كثيرة بضرورة أن يكون للمناهج التعليمية دور محوري في مواجهة ظاهرة التحرش بالأطفال لتجاوز سلبية المجتمع الذي مازال يتعامل مع مثل هذه الوقائع باعتبارها فردية ولا يجوز التركيز عليها، كي لا يتم انتهاك براءة الصغار وتفتيح عقولهم على قضايا تفوق قدراتهم.

    من بين النصوص التي وردت بالمناهج “أن كل لمسة تجعل الطفل غير مستريح ولا يشعر بالراحة، فهي غير طيبة، ويجب عليه أن يخبر من حوله، سواء أكان معلمه أو والديه، ويقول لمن يحاول أن يعبث بجسده لن أسمح لك بالمزيد، وإذا فشل في وقفه، يصرخ ليجذب انتباه الناس، والأهم ألا يصمت، بل يبوح ويفصح للمقربين عما حدث لفضح هذا الشخص”.

    يرى متخصصون في التربية أن نجاح المؤسسات التعليمية في توعية الصغار بطرق الوقاية من التحرش يتطلب وعيا موازيا من الأسر نفسها، لأن أغلب العائلات تفتقد الحد الأدنى من الطريقة المثالية في الحوار مع الأبناء ولا توفر لهم الأمان عند البوح بالأسرار المرتبطة بأي شيء يخص أجسادهم، حتى لو تعرضوا لمضايقات أو محاولات تحرش وربما اغتصاب.

    يقول المتخصصون إن دور الأسرة هو الأهم، فبدون احتواء الأبوين لأولادهما لن يشعروا بأنهم في مأمن عندما يتحدثون عن الانتهاكات الجسدية التي يتعرضون لها، فالمحاضرات التعليمية لا يمكن أن تكون بديلا عن التربية الأسرية القائمة على الحوار والتفاهم وبث الطمأنينة في نفوس الصغار ليرفضوا الاستسلام للمتحرشين في ظل غياب الحماية الأسرية الكافية.

    وأكدت نوال شلبي رئيس مركز تطوير المناهج في مصر لـ”العرب” أن “وزارة التعليم تعوّل على الأسرة لنجاح الهدف من إدراج التوعية بمخاطر التحرش في المناهج، والأهم أن يقوم الأبوان باستكمال الدور الذي تقوم به المدارس، لأنهما الأقرب إلى الأبناء، ويستطيعان شرح ما تتضمنه المناهج حول هذه القضية الحساسة وتوعيتهم بالطريقة التي تناسب شخصياتهم”.

    وأوضحت أن “مواجهة التحرش تتطلب معاونة كل الأطراف وليس المدارس وحدها، فالمناهج تعرّفهم على المعلومات الأولية المتعلقة بطرق حماية أجسادهم من اللمسات غير البريئة، لكن هناك أطرافا أخرى مطالبة بالمزيد من الشرح والمساعدة في إقناع الطفل بأن التزامه الصمت أمام أيّ اعتداء قد يواجهه يعرضه للمزيد من الخطر، وعليه أن يتكلم دون خوف أو عقاب”.


    أغلب العائلات تفتقد الحد الأدنى من الطريقة المثالية في الحوار مع الأبناء


    ويعتقد خبراء في العلاقات الأسرية أن تضمين قضية التحرش في المناهج التعليمية يمثّل بداية لإقناع المجتمع بأن الظاهرة لا يمكن القضاء عليها سوى بكسر حاجز الصمت حولها وتسليط الضوء عليها والنبش في تفاصيلها، لأن دفنها بلا علاج يسهم في إمكانية عودتها ويقود إلى جعلها أمرا واقعا يصعب تغييره، في حين أن مناقشتها بشكل تربوي وأسري وإعلامي تمهد لوضع حلول جذرية لها.

    ويشير هؤلاء الخبراء إلى أن انشغال الأسر بهموم ومتطلبات الحياة اليومية يجعلها تهمل عملية توعية صغارها ضد التحرش وطرق حماية الجسد من الذئاب البشرية؛ وبالتالي يصبح دور المؤسسات التعليمية هنا أكبر من دور العائلة نفسها، على الأقل بتضمين هذه الظاهرة في المناهج لجذب انتباه الآباء والأمهات لخطورتها، باعتبارهم يطلعون على مضامين المواد التعليمية أثناء مراجعة الدروس التي يقوم بها أولادهم في المنزل.

    ولئن كانت بعض الأسر تفتقد إلى وسائل التوعية بطرق تعريف الأبناء على طرق اكتشاف المتحرشين فإن الميزة الأهم في المناهج الدراسية أنها توعي الطفل وأبويه وأخواته، لأن طريقة عرضها ومحتواها المعرفي يوحيان بأن الهدف أكبر من رسالة موجهة إلى الصغار؛ ذلك أنها عادة ما تتضمن رسائل إلى الأسرة نفسها، بحيث تلتزم بها في مسار التربية.

    وتعوّل وزارة التعليم المصرية على الأسرة في ترسيخ مضامين المناهج التوعوية ضد التحرش في عقول الأبناء، ومراقبة سلوكياتهم وأفعالهم داخل المنزل وخارجه، بحيث لا تكون هناك حلقة مفقودة بين ما تدعو إليه المناهج الدراسية وبين السلبية الأسرية في التربية، خاصة وأن الأطفال الصغار بحاجة إلى توجيه مستمر يصعب أن يقوم به التربويون في المدارس وحدهم دون دعم أسري كاف.

    نجاح المؤسسات التعليمية في توعية الصغار بطرق الوقاية من التحرش الجنسي يتطلب وعيا موازيا من الأسر نفسها

    ولن تتحقق هذه الخطوة دون أن تكون هناك مصارحة بين الطفل والأسرة، لأن الصمت دائما يكون مبرره خوف الصغار من الفضيحة، وقد يتعرض الطفل لاعتداء جنسي ولا يتحدث عنه، وحتى إذا تكلم تضطر أسرته أحيانا إلى التستر خشية العار والفضيحة، وأمام هاتين الإشكاليتين فإن التوعية التعليمية بمخاطر التحرش ما لم تتوافر لها مظلة دعم أسرية لن تكون لها جدوى حقيقية.

    وأكد محمد هاني -استشاري الطب النفسي وتقويم السلوك في القاهرة- أن أهم مزايا مناقشة قضية التحرش في المناهج أنها تساعد على تثقيف الصغار ليكونوا شبابا وفتيات أسوياء وأرباب أسر عقلاء ومتحضرين في المستقبل، فمنسوب الأمية في المجتمع المصري مرتفع، وبسببها تعرضت بعض الأجيال لمشاكل كثيرة نتاج التربية الخاطئة، وهؤلاء بحاجة ملحة لمن يضعهم على الطريق الصحيح.

    وأوضح لـ”العرب” أن الصغار لا يعرفون شيئا عن التحرش، وبالتالي هم عرضة للخطر وتوعيتهم بالفهم وطرق المواجهة تحصن أجسادهم وعواطفهم من أيّ تسلل غير بريء، وهذه بداية العلاج لأن الطفل عندما يتعرض لخديعة من متحرش لا يدرك كيف يتصرف أو يحمي نفسه، ولا يعرف هل هذا الشخص بريء أم ذئب بشري، بالتالي فالتوعية أهم سلاح في مواجهة الظاهرة.

    ويظل العائق أمام نجاح التوعية المدرسية بالتحرش وأساليبه وطرق مواجهته أن التربويين ليسوا متخصصين في تقديم المعلومة بشكل علمي، لاسيما لشريحة الأطفال والمراهقين، وهؤلاء بحاجة إلى لغة أقرب إلى الطب النفسي تتناسب مع أفكار وتطلعات وأعمار الفئة المستهدفة، ما يستدعي أهمية دخول الأسرة على خط المواجهة لتقوم بدور المختص النفسي في التوعية.
يعمل...
X