متلازمة الطفل غير المرئي تقوي عزلته
التقصير العاطفي للوالدين يشعر الطفل بالذنب وأنه يستحق الإهمال منهما.
شعور بالوحدة والانعزال
يؤثر تجاهل الأبوين لطفلهما على حالته النفسية فيصاب بمتلازمة الطفل غير المرئي ما يجعله عصبيا وانطوائيا. ويميل هؤلاء الأطفال إلى تشكيل عوالم خيالية في أذهانهم، حيث يحاولون اللجوء إليها لمواجهة ما يشعرون به من تجاهل. وتزداد حالتهم النفسية حدة مع وصولهم إلى سن المراهقة.
مدريد – يؤكد خبراء علم النفس أن متلازمة الطفل غير المرئي حالة نفسية تحدث نتيجة اللامبالاة أو الإهمال أو هجر الوالدين للطفل، ويمكن أن تسبب عواقب وتبعات تستمر مدى الحياة.
ويشير الخبراء إلى أنه عادة ما يكون الأطفال المصابون بهذه المتلازمة عصبيين وانطوائيين ولا يرغبون بالتواصل مع الآخرين. كما يميل هؤلاء الأطفال إلى تشكيل عوالم خيالية في أذهانهم، يحاولون اللجوء إليها لمواجهة ما يشعرون به من تجاهل.
وقالت الكاتبة الإسبانية خيما سانشيز كويفاس، “إن الطفل الذي لا يحظى بالاهتمام الكافي من والديه على المستوى العاطفي، يتعزز لديه بمرور الوقت شعور بأنه غير موجود أو غير مرئي، ومن هنا جاءت تسمية متلازمة الطفل غير المرئي”.
ويؤدي التقصير العاطفي مع الطفل إلى ميله إلى العزلة، لكن الأخطر من ذلك أنه يجعله يشعر بالذنب ويعتقد أنه يستحق ذلك الإهمال من والديه.
إهمال الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة يؤثر على نموه، ويعدّ تجاهل الطفل في الغالب من أشهر نماذج سوء معاملة الأطفال
ويشير الخبراء إلى أن تأثيرات هذه المتلازمة بشكل أكثر وضوحا يكون خلال فترة المراهقة، حيث يتعزز الشعور بعدم تقدير الذات والإحساس بعدم الأمان في البيئة الاجتماعية.
ويؤثر إهمال الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة على النمو ويعد إهمال الطفل أو تجاهله في الغالب من أشهر نماذج سوء معاملة الأطفال ويصنف على أنه عنف.
ويشكل الوالدان غالبية من يمارسون هذا النوع من العنف ضد الأطفال، ويمكن أن يتسبب إهمال الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة في حدوث تأثيرات ضارة على النمو الجسدي والعاطفي والإدراكي يمكن أن تستمر حتى مرحلة البلوغ.وأظهرت البحوث أنه عند بلوغ الطفل ستة أعوام وكان قد تعرض للإهمال، فإن ذلك يزيد من احتمالات تدهور صحته البدنية ككل بنسبة الضعف.
ويمكن أن تكون الصحة البدنية للرضع ضعيفة إذا تعرضوا للإهمال حتى من قبل الولادة، فالطفل المحروم من احتياجاته الأساسية مثل رعاية ما قبل الولادة يكون عرضة لخطر الولادة المبكرة أو مضاعفات أثناء الولادة.
ويعتبر الإهمال واحدا من المحاور الأساسية التي نصت عليها اتفاقية “حقوق الطفل”، في تحديدها لأنواع الأضرار التي يتعرض لها الطفل، والتي تعتبر خطوطا حمراء لا نقاش فيها لحماية الطفل وتوفير بيئة آمنة ومستقرة له، لينمو بعيدا عن الأذى بكافة أشكاله.
والإهمال هو عكس الاهتمام، ويشمل عدم تأمين الوالدين حاجات الطفل النمائية، وعدم حمايته من الأذى، وعدم اتخاذ احتياطات وإجراءات لمنع الأذى عن الطفل كلما كان ذلك ممكنا، ما يؤدي إلى حدوث أذى للطفل على المستوى الجسدي أو النفسي أو العقلي.
وتعد أفضل طريقة لحماية الصغار من متلازمة الطفل غير المرئي هي توفير الرعاية الضرورية لهم منذ لحظة ولادتهم.
ومن المهم جدا إظهار الحب والمودة للطفل من خلال القبلات والعناق والمداعبات، ومشاركته أوقات اللعب وتشجيعه على التعبير عن مشاعره وأفكاره، ودعمه حين يشعر بالخوف، والإشادة بإنجازاته، لأن كل ذلك يعزز لديه تقدير الذات.
كما تعدّ تربية الطفل في أجواء من المحبة والمودة ضرورية لبناء شخصيته وغرس القيم الحميدة فيه.
وشددت مجلة “مادريس أوي” الإسبانية على ضرورة أن يظهر الوالدان الحب للطفل، وهو أمر لا يأخذه كثير من الآباء بالاعتبار في تنشئة أطفالهم، فجلّ ما يعرفه معظم الآباء والأمهات هو الأمر والنهي وتربية الأطفال على قيم وقواعد يفرضونها عليهم، ولكن ما يهم حقا هو التواصل العاطفي مع الأطفال، من حيث سيبدؤون تكوين قيمهم الخاصة.
إهمال الطفل يؤثر على نموه
وإذا كان هناك بعض الإهمال وظهرت على الطفل أعراض الإصابة بهذه المتلازمة، ينصح الخبراء بضرورة استشارة أخصائي لوصف العلاج المناسب.
وتزداد خطورة متلازمة الطفل غير المرئي كلما قلّ الاهتمام باحتياجاته، خاصة من الناحية العاطفية. وتظهر تأثيرات هذه المتلازمة بشكل أكثر وضوحا خلال فترة المراهقة، حيث يتعزز الشعور بعدم تقدير الذات والإحساس بعدم الأمان في البيئة الاجتماعية.
ويصبح المراهق المصاب بهذه المتلازمة مستعدا لفعل أي شيء ليحظى بالقبول من الآخرين، وقد يبحث عن ملاذات أخرى لتحقيق التوازن المفقود مثل تعاطي المخدرات أو إدمان الكحول عند البلوغ. وإذا لم يتم علاج الحالة، سيؤدي ذلك إلى فشل ذريع في العلاقات الاجتماعية وشعور مستمر بالفراغ والإحباط.
ومن أهم حقوق الطفل هو أن يترعرع في أحضان أسرة من أبوين يسودها الاهتمام والطمأنينة والأمان. فيجب أن يتم تركه من أبويه ولا يتم فصله عنهم رغما عنه، إلا في حالة إذا كانا لا يستحقان العيش معه، وهذا ما تحدده الجهة المسؤولة عن تنفيذ حقوق
الطفل.
وقالت آية الساكت مسؤولة أبحاث وتطوير برامج بمؤسسة الملكة رانيا بالأردن “إن جميع الأطفال يحتاجون للرعاية والحماية والدعم، وبالتالي فإن تربية الطفل لا تقتصر على تلبية احتياجاته الأساسية ولكنها تمتد لتشمل تلبية احتياجاته النفسية”.
وأضافت أن الوالدين هما أكثر الأشخاص قدرة على تقديم الدعم اللازم لأطفالهما، مشيرة إلى أنهما يلعبان دورا رئيسا في تطوّر الأطفال وتعلّمهم من خلال طريقة تحدثهم ولعبهم وسلوكهم وتفاعلهم معهم. حتى وإن كانا غير متعلمين أو أميين.
وأشارت إلى أنه لا يزال بإمكان الوالدين التأثير بشكل إيجابي على عملية تعلّم الطفل في المنزل، وذلك بالطبع بعد فهم واكتساب المعرفة حول مراحل نمو الطفل، ومعرفة ما يمكن توقعه من الطفل في كل مرحلة وسبل دعمه بشكل أفضل أثناء نموّه.
وتعد السنوات الخمس الأولى من حياة الطفل ذات أهمية خاصة؛ فهي اللبنات الأساسية لنمو الطفل وتعلُّمه وتطوره في المستقبل. ويتطور الدماغ بمعدل سريع خلال السنوات الأولى حيث تنمو أكثر من مليون شبكة عصبية كل ثانية وفي سن الخامسة يتطوّر حوالي 80 في المئة من أفكار ومهارات وشخصية الطفل.
وتزداد حساسية الطفل بالمؤثرات الخارجية مع نموه، حيث تشير الأبحاث إلى أن التجارب المبكرة بما فيها التفاعلات التحفيزية المتبادلة بين الأهل وأطفالهم لها أثر مباشر على كيفية تطوير الطفل لمهاراته في التعلّم فضلا عن قدراته المعرفية والاجتماعية والعاطفية.