العلاقات المادية تحكم ميل الأطفال للوالدين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • العلاقات المادية تحكم ميل الأطفال للوالدين

    العلاقات المادية تحكم ميل الأطفال للوالدين


    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    بقاء الأبناء إلى جوار الأمهات تحدده قيمة العطاء

    يؤكد خبراء علم النفس أن طبيعة العلاقات بين الآباء والأبناء أصبحت محكومة بالمادة، ويتضح ذلك حتى في حالات الانفصال، فهناك أطفال يطلبون البقاء مع الأب وآخرون مع الأم، ويتحدد ذلك وفقا لطبيعة الإنفاق، فمن ينفق أكثر يحصل على قدر أكبر من الحب. كما يرى خبراء علم الاجتماع أن الميل ليس فطريا، بل هو نتيجة لما يتم التعامل به داخل الأسرة ونتيجة للتنشئة الأسرية.

    يشير خبراء علم النفس أن الطابع المادي الذي أصبح يتعامل به أفراد المجتمع أثر على علاقة الأبناء بالآباء وأصبحوا ميالين لمن ينفق عليهم أكثر.

    يقول الخبراء إن الميل كان سابقا يتوقف على طريقة تعامل الأب والأم مع الأطفال، فالأطفال دائما يميلون إلى من يمنحهم حقهم في اللعب والضحك والحركة، ومن يسمح لهم بهذه المساحة ومن يستقبلهم بضحكة فهو الذي يستطيع أن يمتلك قلوبهم، ومن يقوم بالعكس تصبح هناك حالة من النفور والابتعاد عنه، إلا أنه في الوقت الراهن أصبح الأبناء يميلون إلى من ينفق عليهم أكثر ومن يشتري لهم آخر صيحات الموضة ومن يجعل لهم مكانة مرموقة يحددها المظهر الخارجي.
    التنشئة الأسرية


    يذهب الخبراء إلى أن الميل ليس فطريا، بل هو نتيجة لما يتم التعامل به داخل الأسرة والتنشئة الأسرية، فأحيانا الأولاد يميلون للأب والبنات يملن إلى الأم، وأحيانا العكس، والأمر كله يتوقف على قدر ما يوفره هؤلاء الآباء أو الأمهات لأطفالهم.

    وقال موسى مطارنة، اختصاصي أردني في علم النفس “الأسرة بالتكوين أب وأم، وبقدر ما يتعامل كل منهما أو يتمكن بالتعامل والوصول إلى الأطفال بقدر ما يحصل على حبهم، فهناك أب يقدم للأطفال ما يشبع احتياجاتهم، وبالتالي يصبح هناك ميل له أكثر، أما إذا لم تقدم الأم هذا الإشباع فيبقى بالتالي عدم ميل لها”.

    وأضاف أن الأطفال منذ ولادتهم الأولى، يحتاجون إلى الاهتمام، وإلى متطلبات النمو لديهم في مراحلهم العمرية المختلفة، ففي مرحلة ما تكون هناك حالة من الاستقلال، وتتطلب متطلبات ومعطيات جديدة، وبالتالي بقدر ما استطاعت هذه الأسرة أن تتعامل مع الأبناء ضمن متطلباتهم الحياتية، أصبح هؤلاء الأطفال يميلون إلى الطرف هذا أو ذاك. وهذا لا يعني أبدا، وفق مطارنة، أن أي طفل لا يحب أبويه، لكن يميل لأحد منهما أكثر من الآخر، وهو ما يتضح في حالات الانفصال فهناك أطفال يطلبون البقاء مع الأب وآخرون مع الأم، والأغلب مع الأم، لكونها مصدر الرعاية.
    الأبناء أصبحوا يميلون إلى من ينفق عليهم أكثر ومن يشتري لهم آخر صيحات الموضة ومن يجعل لهم مكانة اجتماعية مرموقة

    وأشار الدكتور منذر زيتون اختصاصي أردني في علم الاجتماع، إلى أن “علاقة الابن بالأم أو الأب قد تشير إلى أمر سلبي أو إيجابي، فالسلبي ينتج عندما يكون تعامل أحد الأبوين ليس بالمستوى المطلوب مثل: القسوة، الإهمال، التعنيف، التصلب أو خلل ما، وبالتالي تضعف العلاقة تجاه الأب أو الأم كردة فعل فيميل إلى الطرف الآخر الذي قد يجده أقرب أو ألين”.

    وفي تصريح لـ”العرب” أشار الدكتور أحمد الأبيض، الأخصائي التونسي في علم النفس إلى أن من ينفق أكثر لا يحصل على قدر أكبر من الحب فقط بل على قدر أكبر من السلطة أيضا.

    وقال الأبيض “في دراسة أجريت أثناء الحرب العالمية الثانية عن سلطة الزوج وواقع البطالة تبين أن كل الرجال فقدوا سلطتهم إلا الرجال الذين أحبوا زوجاتهم”. وأضاف أن الإنفاق الذي يتم بعيدا عن المن وبمحبة يصبح احد تعبيرات المحبة خاصة إذا وجد التثمين لأن لذة العطاء تفوق لذة الأخذ.

    ويهتم علماء النفس التنموي بكيفية تأثير الآباء على سلوك الطفل. ومع ذلك، يصعب كثيرا العثور على السبب والنتيجة الفعلية بين الإجراءات المحددة للوالدين والسلوك اللاحق للأطفال. ويمكن لبعض الأطفال الذين نشأوا في بيئات مختلفة بشكل كبير أن يكبروا في ما بعد لتصبح لديهم شخصيات متشابهة بشكل ملحوظ.

    وعلى العكس من ذلك، يمكن للأطفال الذين يتشاركون في المنزل ونشأوا في نفس البيئة أن يكبروا لتصبح لديهم شخصيات مختلفة تماما. وافترض الباحثون أن هناك روابط بين أنماط الأبوة والأمومة وبين تأثير هذه الأساليب على السلوكات الحالية والمستقبلية للأطفال.

    وتقول ميساء طالبة بالثانوية العامة إن أمها لا تدخر جهدا في توفير كل احتياجاتها من الملبس إلى المأكل إلى كل ما يتعلق بالدراسة فهي التي تدفع معاليم الدروس الخصوصية وهي التي تشتري الأدوات المدرسية وهي التي تهتم بمظهرها الخارجي في حين أن والدها لا يفعل معها نفس الشيء أولا لقلة ذات اليد وثانيا لكونه يلقي بكامل المسؤولية على والدتها ما جعلها تطلب الطلاق.

    وأكدت ميساء لـ”العرب” أنها وأخواتها فضلن البقاء مع والدتهن لأنها الوحيدة القادرة على توفير كل متطلباتهن وهي تسعى دائما إلى ألّا يكنّ دون مستوى زميلاتهن. وتشير ميساء إلى أن والدتها عكس والدها، فهي تبحث دائما عن سعادتهن وتنفق عليهن بإسراف ما يجعلهن يفردنها بالحب والرعاية والاهتمام.
    الإفراط في العطاء



    بدورها تشير رانية العبودي إلى أنها دائما ما تتذكر ما فعله والدها معها فهو الذي يشتري لها ملابس العيد وملابس العودة المدرسية ومستلزمات الدراسة وكل ما يتعلق بدراستها منذ المرحلة الابتدائية فالثانوية إلى الجامعة، وهو ما يجعلها تخصه بعناية فائقة وحب كبير مقارنة بوالدتها ربة البيت التي لم تكن تغادر البيت إلا لسبب قاهر.

    ويرى عدد من الخبراء أن الأهل يحولون الأبناء دون قصد إلى جيل يبحث عن العطايا والمال، فالإفراط في العطاء والتدليل بلا حدود، ولا سيما في ظل تطور وسائل التواصل والاتصال، ينميان لدى الناشئة القيم المادية ويجعل الطفل أحرص على المظهر اللائق أكثر من إنشاء علاقات لائقة مع الآخرين.

    ويسعى الأطفال الذين يحبون الثروة والشهرة والأمور المادية الأخرى إلى أن يكون لديهم المزيد من الأشياء باهظة الثمن، وأن يعرفهم ويعجب بهم العديد من الناس، وأن يظهروا بمظهر جيد ويرتدون أفضل الملابس، وهم معرضون بصورة أكبر إلى القلق والاكتئاب وتدني احترام الذات وغيرها من التداعيات النفسية التي تؤثر على استقرارهم وسعادتهم، حيث ترتبط الأهداف المادية عادة بسمات معينة في الشخصية مثل عدم القدرة على إظهار التعاطف مع الآخرين وعدم الاستعداد للتعاون أيضا، كما أن هذا الاتجاه في الشخصية يعزز سمات أخرى مثل الأنانية ونمط الحياة الذي يعتمد على المنافسة واستغلال الفرص، لذلك يميل بعض الأبناء إلى ربط العلاقات بآبائهم حسب حجم ما ينفقونه عليهم.

    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    راضية القيزاني
    صحافية تونسية
يعمل...
X