الصغار كالكبار تؤثر طريقة تصميم غرفهم على نفسياتهم وأفكارهم
البيئة المثالية تمنح الأطفال الإحساس بالراحة النفسية والجسمانية.
فضاء مريح وسط رتابة يومية
الاهتمام بتفاصيل تصميم غرفة الطفل ونوعية الأثاث التي توضع فيها يجعلانها مكانا مثاليا للتركيز والمذاكرة، ومساحة ملهمة ينمو فيها خياله وتتطور مهاراته وأفكاره ومواهبه.
يشيع الاعتقاد في عدة أسر بأن غرف الأطفال ليست سوى مهجع للنوم، وهي في نظر معظمهم، أقل أهمية من حيث الترتيب والديكور والتزويق والمساحة، مقارنة بغرفة الاستقبال، وبقية الغرف الأخرى، ومن جهة أخرى فإن عدة مساكن في الكثير من المدن الكبرى تتسم بأنها محدودة المساحة، بحيث لا تضمّ سوى غرفة نوم واحدة لا أكثر، وبهذا يحرم الطفل من هذا الفضاء الخاص به.
لكن عدم تهيئة غرفة نوم تركز على تلبية احتياجات الأطفال، قد يؤدي إلى كمّ كبير من المشاكل التي لا يمكن أحيانا توقعها، وتؤثر على شخصياتهم وسلوكياتهم وتفقدهم الرغبة في المذاكرة.
الآن وبعد أن أصبحت أغلبية إجراءات التعليم المدرسي في العالم تمارس افتراضيا بسبب جائحة كورونا، فإن ضرورة تخصيص غرفة مريحة صحيا ونفسيا للطفل، وركن لمكتب يسمح له بالجلوس المريح فيه لفترات طويلة ويساعده على التركيز، ومساحة ملهمة ينمو فيها الخيال ويتطور، باتت من الاستراتيجيات الأساسية لتصميم غرف الأطفال بشكل صحيح.
وبحسب بعض الأبحاث فإن الفوائد الرئيسية التي ستعود على الطفل من حصوله على غرفته المهيّأة بشكل جيّد، تتمثل في جسد صحي وعقل سليم، وشخصية اجتماعية واثقة من نفسها، وقادرة على الابتكار.
خيال الطفل الملهم
ينصح خبراء التصميم وعلماء النفس باستشارة الأطفال في عملية تصميم غرفهم بقدر المستطاع عندما يكونوا قادرين على التكلم وإبداء الرأي، فلا يوجد من هو أكثر خبرة منهم في معرفة ما يحبون ولا يحبون، مع مراعاة أن تكون مقترحاتهم معقولة وصحية.
ويلفت الخبراء إلى أن إنشاء مساحة مخصصة للأطفال للدراسة والتعلم عن بعد أمر في غاية الأهمية بالنسبة إلى الطفل، لكن بشرط توضيح أن هذه المساحة مخصصة لهم للتعلم فقط وليس للهو والمرح، وسيساعدهم ذلك على فهم أنه عندما تنتهي فترة تعلمهم الافتراضية، يمكنهم الابتعاد عن تلك المنطقة وأخذ قسط من الراحة.
ويحتاج الأطفال إلى الموازنة بين العمل والحياة العادية تماما كما الكبار، ومن السهل أن تختلط الأمور عليهم مع تجربة التعلم عن بعد التي فرضتها جائحة كورونا.
مكتب مريح للمذاكرة
يعدّ الكرسي المريح مهمّا جدا أيضا، وكذلك الرفوف والأدراج في المكتب، التي تساعد على ترتيب وتنظيم الأدوات المدرسية بشكل جيد، علاوة على ذلك، هناك العديد من الأشياء الإضافية التي يمكن للأسرة القيام بها، لجعل مكاتب الأطفال أكثر متعة وخصوصية، وهي السماح لهم بتزيين غرفهم برسوماتهم الخاصة وأعمالهم الفنية، ومثل هذه الأمور تساهم بشكل كبير في تطوير عدة مهارات قد يستفيدون منها بشكل طبيعي في جميع مجالات التعلم، كالرياضيات والعلوم وغيرها، وتجعلهم يشعرون تلقائيا بالمزيد من الحماس حيال عملية المذاكرة والتعلم.
لا يقل تصميم الإضاءة أهمية عن قطع الأثاث، فعلى سبيل المثال، عند تحديد الركن الأنسب لوضع مكتب الطفل، يجب الأخذ بعين الاعتبار موقع النوافذ في الغرفة، لتجنب وضعه في المكان الذي يكون فيه ضوء الشمس ساطعا.
ومن المهم أيضا، التأكد من وجود إضاءة كافية في منطقة المذاكرة، سواء من ضوء السقف أو فوانيس سطح المكتب أو المصابيح الأخرى الموجودة في الغرفة.
كما يعدّ تعرض غرف الأطفال إلى الضوء الطبيعي أمرا ضروريا نظرا إلى التأثير الإيجابي الذي يتركه الضوء على أدمغتهم وأعينهم، خصوصا مع زيادة أوقات الجلوس أمام الشاشات، وتناقص فرص الأطفال لقضاء الوقت في الهواء الطلق.
وينبّه الخبراء إلى أن الضوء الطبيعي يوفر للطفل رؤية أوضح، تساعد عينيه على تنظيم حركتها وتمنع تمدد مقلتيهما ومن شأن ذلك أن يحميه من مشاكل قصر النظر، ومن المؤكد علميا أن التهوية الجيدة للغرف تقلل إلى حدّ كبير من خطر عدوى الأمراض التي تنتقل عبر الجو.
وتوصلت دراسة حديثة من جامعة أوريغون الأميركية إلى أن تعرض الغرفة للضوء الطبيعي يحدّ من مستويات البكتيريا، التي تزدهر وتنمو في الظلام.
واعتمدت الدراسة على عينة من إحدى عشرة غرفة مصغرة، وضعت فيها عينات من الغبار الذي ينتشر في البيوت، وبعد 90 يوما وجد الباحثون أن الغبار الذي تمّ وضعه في الغرف المظلمة يضمّ بكتيريا يمكن أن تسبب أمراضا تنفسية، عكس الغرف التي تتعرض لضوء الشمس.
أما أفضل طريقة لوضع المكاتب داخل غرفة الطفل، فهي إبعادها قدر الإمكان عن الباب، لتجنب رؤية كل ما يفعله الطفل عند وقوف أحد والديه على عتبتها، وذلك لعدم إشعاره بانتهاك خصوصيته.
الشعور بالتحكم
يعدّ الترتيب أمرا بالغ الأهمية لأي منزل يعيش فيه أطفال، وقد أوصى الخبراء بتصميم مساحات ذات سعة كافية لتخزين أدوات الطفل المدرسية ولوازمه، يكون فيها قادرا على استخدام مكوناتها بنفسه من دون الحاجة إلى مساعدة والديه، ولذلك من الأفضل تجهيز غرفته بأرفف منخفضة بدلا من المثبتة على الحائط، حيث يمكنه الوصول إلى كتبه وتنظيمها فيها بمفرده، ومثل هذه التفاصيل الصغيرة تمنحه المزيد من الاستقلالية والشعور بالتحكم في محيطه أثناء التعلم من المنزل.
إن خبراء التربية يحذرون من الكراسي الدوارة أو ذات العجلات لأنها ستصبح أداة للهو واللعب وتشغل الطفل عن المذاكرة، ومن المهم أيضا اختيار سطح مكتب قابل للتنظيف بسهولة، وتجنب المكاتب الباهظة الثمن لأنها ستمتلئ لاحقا بكتابات الطفل وحبر الأقلام.
تأثير الألوان
لا تفكر الكثير من الأسر في نوعية الألوان التي يجب اختيارها لغرف الأطفال ويتجه معظمهم إلى اختيار لون موحد لكامل المنزل.
إلا أن هذا الأمر لا يجب أن يكون عشوائيا، بل عليهم مراعاة عدة اعتبارات نفسية وتصميمية، وخاصة مدى انسجام اللون مع أثاث الغرفة.
وخلال العقود الأخيرة ازداد التركيز على أهمية الألوان سواء في عملية التعلم أو العلاج أو بهدف الشعور بالراحة والاسترخاء وغيرهما من الوضعيات التي يمكنها التأثير مباشرة على الجهاز العصبي للإنسان.
ويرجح الخبراء أن اختيار اللون البرتقالي اللامع يزيد من إحساس الطفل بالحيوية والنشاط، ويحفزه على الإبداع، إضافة إلى أنه يعالج الاكتئاب ويعطي إحساسا زائدا بالثقة في النفس.
أما الأطفال الذين لديهم نشاط زائد أو فرط حركة أو ميول عدوانية، فمن المستحسن أن تكون غرفهم باللون الوردي، لأن ذلك يعمل على ارتخاء أعصابهم وتهدئتها، كما يساعد هذا اللون على التخفيف من حدة الأرق الذي يصيب بعض الأطفال.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
يمينة حمدي
صحافية تونسية مقيمة في لندن
البيئة المثالية تمنح الأطفال الإحساس بالراحة النفسية والجسمانية.
فضاء مريح وسط رتابة يومية
الاهتمام بتفاصيل تصميم غرفة الطفل ونوعية الأثاث التي توضع فيها يجعلانها مكانا مثاليا للتركيز والمذاكرة، ومساحة ملهمة ينمو فيها خياله وتتطور مهاراته وأفكاره ومواهبه.
يشيع الاعتقاد في عدة أسر بأن غرف الأطفال ليست سوى مهجع للنوم، وهي في نظر معظمهم، أقل أهمية من حيث الترتيب والديكور والتزويق والمساحة، مقارنة بغرفة الاستقبال، وبقية الغرف الأخرى، ومن جهة أخرى فإن عدة مساكن في الكثير من المدن الكبرى تتسم بأنها محدودة المساحة، بحيث لا تضمّ سوى غرفة نوم واحدة لا أكثر، وبهذا يحرم الطفل من هذا الفضاء الخاص به.
لكن عدم تهيئة غرفة نوم تركز على تلبية احتياجات الأطفال، قد يؤدي إلى كمّ كبير من المشاكل التي لا يمكن أحيانا توقعها، وتؤثر على شخصياتهم وسلوكياتهم وتفقدهم الرغبة في المذاكرة.
الآن وبعد أن أصبحت أغلبية إجراءات التعليم المدرسي في العالم تمارس افتراضيا بسبب جائحة كورونا، فإن ضرورة تخصيص غرفة مريحة صحيا ونفسيا للطفل، وركن لمكتب يسمح له بالجلوس المريح فيه لفترات طويلة ويساعده على التركيز، ومساحة ملهمة ينمو فيها الخيال ويتطور، باتت من الاستراتيجيات الأساسية لتصميم غرف الأطفال بشكل صحيح.
وبحسب بعض الأبحاث فإن الفوائد الرئيسية التي ستعود على الطفل من حصوله على غرفته المهيّأة بشكل جيّد، تتمثل في جسد صحي وعقل سليم، وشخصية اجتماعية واثقة من نفسها، وقادرة على الابتكار.
خيال الطفل الملهم
ينصح خبراء التصميم وعلماء النفس باستشارة الأطفال في عملية تصميم غرفهم بقدر المستطاع عندما يكونوا قادرين على التكلم وإبداء الرأي، فلا يوجد من هو أكثر خبرة منهم في معرفة ما يحبون ولا يحبون، مع مراعاة أن تكون مقترحاتهم معقولة وصحية.
ويلفت الخبراء إلى أن إنشاء مساحة مخصصة للأطفال للدراسة والتعلم عن بعد أمر في غاية الأهمية بالنسبة إلى الطفل، لكن بشرط توضيح أن هذه المساحة مخصصة لهم للتعلم فقط وليس للهو والمرح، وسيساعدهم ذلك على فهم أنه عندما تنتهي فترة تعلمهم الافتراضية، يمكنهم الابتعاد عن تلك المنطقة وأخذ قسط من الراحة.
ويحتاج الأطفال إلى الموازنة بين العمل والحياة العادية تماما كما الكبار، ومن السهل أن تختلط الأمور عليهم مع تجربة التعلم عن بعد التي فرضتها جائحة كورونا.
مكتب مريح للمذاكرة
يعدّ الكرسي المريح مهمّا جدا أيضا، وكذلك الرفوف والأدراج في المكتب، التي تساعد على ترتيب وتنظيم الأدوات المدرسية بشكل جيد، علاوة على ذلك، هناك العديد من الأشياء الإضافية التي يمكن للأسرة القيام بها، لجعل مكاتب الأطفال أكثر متعة وخصوصية، وهي السماح لهم بتزيين غرفهم برسوماتهم الخاصة وأعمالهم الفنية، ومثل هذه الأمور تساهم بشكل كبير في تطوير عدة مهارات قد يستفيدون منها بشكل طبيعي في جميع مجالات التعلم، كالرياضيات والعلوم وغيرها، وتجعلهم يشعرون تلقائيا بالمزيد من الحماس حيال عملية المذاكرة والتعلم.
لا يقل تصميم الإضاءة أهمية عن قطع الأثاث، فعلى سبيل المثال، عند تحديد الركن الأنسب لوضع مكتب الطفل، يجب الأخذ بعين الاعتبار موقع النوافذ في الغرفة، لتجنب وضعه في المكان الذي يكون فيه ضوء الشمس ساطعا.
ومن المهم أيضا، التأكد من وجود إضاءة كافية في منطقة المذاكرة، سواء من ضوء السقف أو فوانيس سطح المكتب أو المصابيح الأخرى الموجودة في الغرفة.
كما يعدّ تعرض غرف الأطفال إلى الضوء الطبيعي أمرا ضروريا نظرا إلى التأثير الإيجابي الذي يتركه الضوء على أدمغتهم وأعينهم، خصوصا مع زيادة أوقات الجلوس أمام الشاشات، وتناقص فرص الأطفال لقضاء الوقت في الهواء الطلق.
الفوائد الرئيسية التي تعود على الطفل من حصوله على غرفة مهيأة بشكل جيد، تتمثل في جسد صحي وعقل سليم وشخصية واثقة من نفسها
وينبّه الخبراء إلى أن الضوء الطبيعي يوفر للطفل رؤية أوضح، تساعد عينيه على تنظيم حركتها وتمنع تمدد مقلتيهما ومن شأن ذلك أن يحميه من مشاكل قصر النظر، ومن المؤكد علميا أن التهوية الجيدة للغرف تقلل إلى حدّ كبير من خطر عدوى الأمراض التي تنتقل عبر الجو.
وتوصلت دراسة حديثة من جامعة أوريغون الأميركية إلى أن تعرض الغرفة للضوء الطبيعي يحدّ من مستويات البكتيريا، التي تزدهر وتنمو في الظلام.
واعتمدت الدراسة على عينة من إحدى عشرة غرفة مصغرة، وضعت فيها عينات من الغبار الذي ينتشر في البيوت، وبعد 90 يوما وجد الباحثون أن الغبار الذي تمّ وضعه في الغرف المظلمة يضمّ بكتيريا يمكن أن تسبب أمراضا تنفسية، عكس الغرف التي تتعرض لضوء الشمس.
أما أفضل طريقة لوضع المكاتب داخل غرفة الطفل، فهي إبعادها قدر الإمكان عن الباب، لتجنب رؤية كل ما يفعله الطفل عند وقوف أحد والديه على عتبتها، وذلك لعدم إشعاره بانتهاك خصوصيته.
الشعور بالتحكم
يعدّ الترتيب أمرا بالغ الأهمية لأي منزل يعيش فيه أطفال، وقد أوصى الخبراء بتصميم مساحات ذات سعة كافية لتخزين أدوات الطفل المدرسية ولوازمه، يكون فيها قادرا على استخدام مكوناتها بنفسه من دون الحاجة إلى مساعدة والديه، ولذلك من الأفضل تجهيز غرفته بأرفف منخفضة بدلا من المثبتة على الحائط، حيث يمكنه الوصول إلى كتبه وتنظيمها فيها بمفرده، ومثل هذه التفاصيل الصغيرة تمنحه المزيد من الاستقلالية والشعور بالتحكم في محيطه أثناء التعلم من المنزل.
إن خبراء التربية يحذرون من الكراسي الدوارة أو ذات العجلات لأنها ستصبح أداة للهو واللعب وتشغل الطفل عن المذاكرة، ومن المهم أيضا اختيار سطح مكتب قابل للتنظيف بسهولة، وتجنب المكاتب الباهظة الثمن لأنها ستمتلئ لاحقا بكتابات الطفل وحبر الأقلام.
تأثير الألوان
لا تفكر الكثير من الأسر في نوعية الألوان التي يجب اختيارها لغرف الأطفال ويتجه معظمهم إلى اختيار لون موحد لكامل المنزل.
إلا أن هذا الأمر لا يجب أن يكون عشوائيا، بل عليهم مراعاة عدة اعتبارات نفسية وتصميمية، وخاصة مدى انسجام اللون مع أثاث الغرفة.
وخلال العقود الأخيرة ازداد التركيز على أهمية الألوان سواء في عملية التعلم أو العلاج أو بهدف الشعور بالراحة والاسترخاء وغيرهما من الوضعيات التي يمكنها التأثير مباشرة على الجهاز العصبي للإنسان.
ويرجح الخبراء أن اختيار اللون البرتقالي اللامع يزيد من إحساس الطفل بالحيوية والنشاط، ويحفزه على الإبداع، إضافة إلى أنه يعالج الاكتئاب ويعطي إحساسا زائدا بالثقة في النفس.
أما الأطفال الذين لديهم نشاط زائد أو فرط حركة أو ميول عدوانية، فمن المستحسن أن تكون غرفهم باللون الوردي، لأن ذلك يعمل على ارتخاء أعصابهم وتهدئتها، كما يساعد هذا اللون على التخفيف من حدة الأرق الذي يصيب بعض الأطفال.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
يمينة حمدي
صحافية تونسية مقيمة في لندن