السحب السميكة والمنخفضة المنتشرة في سمائنا، التي تعكس ضوء الشمس إلى الفضاء، تضمحل في الهواء مع ارتفاع درجة حرارة العالم.
فقد السحب لن يسبب تغيرًا أكبر في المناخ فحسب، بل إن بحثًا جديدًا يتوقع أن ذلك قد يقلل إمكانية تطبيق حلول الهندسة المناخية في المستقبل.
إن فكرة السحب الاصطناعية، أو الاستمطار بزرع جسيمات عاكسة لضوء الشمس إلى الفضاء لتبريد الأرض هي فكرة مثيرة للجدل، لم تثبت فعاليتها أو فشلها بعد.
يخشى بعض العلماء الأخطار غير المتوقعة الناجمة عن التدخل في مناخ كوكبنا، ويشير آخرون إلى أن حل التدخل في المناخ لا يساهم في معالجة تحمض المحيطات ولا يحد من الآثار الضارة للنظام البيئي.
للسحب الاصطناعية كفاءة السحب الطبيعية ذاتها، التي قد تقل كثيرًا خلال القرن القادم. في أفضل السيناريوهات، مع إدارة الإشعاعات الشمسية دون آثار جانبية، يتوقع نموذج جديد أن السحب الطبيعية قد لا تكفي.
إذا استمرت الانبعاثات الكربونية على مستوى العالم في الارتفاع دون ضابط، فسنطلق تتابعًا هائلًا من الاحتباس الحراري، سواءً مع استمطار السحب أو دونه.
يقول باحثو الدراسة: «سبّبت تركيزات الغازات الدفيئة المتزايدة احتباسًا حراريًا كبيرًا، بالحد من تأثير تراكم السحاب الطبقي الذي يبرد الجو، حتى عندما تعوض إدارة الإشعاعات الشمسية كل تأثير غازات الدفيئة الموجودة في أعلى الغلاف الجوي أو معظمه».
هذا سيناريو صعب جدًا، ترتفع فيه تراكيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي إلى 4 أضعاف.
سيكون ذلك بعد قرنٍ من الآن وفقًا للباحثين، وما تزال تلك الاحتمالية مرتفعة للغاية، بعد عقود من إطلاق الهباء الجوي في الهواء.
تغطي السحب الركامية الطبقية مساحات شاسعة من المحيط شبه الاستوائي، وتشير الأدلة الحديثة إلى أنها مسؤولة عن انعكاس نحو 5 درجات مئوية من الاحتباس الحراري إلى الفضاء.
مع تراكم الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، تظهر محاكاة عالية الجودة أن هذه السحب قد تترقق أو تختفي تمامًا. حتى في سيناريوهات الاحتباس الحراري المعتدل، تشير النتائج إلى أن السحب الركامية الطبقية شبه الاستوائية تترقق وتتفكك.
دون الدرع الحامي -السحب- تصل كامل الحرارة المنبعثة من الشمس إلى الغلاف الجوي السفلي ومحيطاتنا، ما يسبب ارتفاع درجات الحرارة أكثر في جميع أنحاء العالم.
ستكون إدارة الإشعاعات الشمسية فعالة إلى حد معين فقط، أما على المدى الطويل فلا بديل من خفض انبعاثات الكربون، وفقًا للباحثين.
استنتج الباحثون: «إن إدارة الإشعاعات الشمسية ليست خيارًا مضمون النجاح لمنع الاحتباس الحراري العالمي، لأنها لا تساهم في تخفيف المخاطر التي يواجهها النظام المناخي، الناتجة من التأثير المباشر لغازات الاحتباس الحراري في الغطاء السحابي».
يوضح نموذج البحث ما يحدث عند ازدياد تراكيز ثاني أكسيد الكربون مع ازدياد تبريد السحب. إذ يفترض النموذج أن إدارة الإشعاعات الشمسية تنجح، وإن استمرت انبعاثاتنا دون ضابط.
لكن الأبحاث الجديدة تربط ازدياد انبعاثات الغازات الدفيئة بنقطة تحول يترقق عندها الغطاء السحابي، وهو ما تتجاهله غالبًا النماذج المناخية، وما زالت التراكيز التي تبدأ عندها السحب بالترقق مجهولة، وكذلك كيفية تأثير الانبعاثات في قدرتها على عكس الضوء.
يؤدي التسخين السطحي للأرض إلى حدوث تبخر وزيادة لرطوبة الغلاف الجوي، ما يؤدي إلى تقليل برودة أعلى السحب، مثلما تستغرق الأرض وقتًا أطول لتبرد ليلًا في الطقس الرطب مقارنةً بالظروف الجافة.
يمثل النموذج الجديد اكتشافًا مثيرًا لما يحدث عندما تستمر الانبعاثات مع ازدياد تبريد السحب، لكنه يبقى شرحًا مبسطًا نسبيًا، لا يأخذ بالحسبان الدورات الموسمية أو «الضوضاء» في بيانات الأرصاد الجوية أو الاختلافات الإقليمية.
وأقر الباحثون: «الافتقار إلى التجانس المكاني والتغير الزمني في محاكاتنا تجعلها غير قادرة على تحديد المستوى الدقيق لثاني أكسيد الكربون الذي عنده قد تتفكك السحب الركامية الطبقية، أو متى قد تتعافى السحب ثانيةً حال قَلّت مستويات ثاني أكسيد الكربون. لكن مع وجود تلك التحذيرات والقيود، توضح النتائج وجود أخطار لإدارة الإشعاعات الشمسية غير مؤكدة حتى الآن».
لا تزال أخطار إدارة الإشعاعات الشمسية وفوائدها غير مؤكدة، ونحتاج إلى الكثير من الأبحاث قبل تحديد هل الأمر يستحق المتابعة أم لا. إن محاكاة السحب صعبة جدًا، وتخليقها قضية أخرى معقدة.
إذن، ما زال تقليل الانبعاثات هو الخيار الأفضل في الوقت الحالي.