بين الفينة والأخرى تُذكرنا الطبيعة أنها ما زالت تمتلك الكلمة العليا على سطح هذا الكوكب، وأنها قادرة على إظهار بعض الطاقة الغاضبة.
سجّل العلماء حديثًا في مختبر لوس ألاموس في الولايات المتحدة رقمًا جديدًا في مستويات سطوع البرق في بعض النقاط شديدة السخونة، وأطلقوا عليه اسم الصواعق الخارقة (Superbolt)، وهي صواعق قادرة على إحداث سطوع أكثر بألف ضعف من ضربات البرق التقليدية.
استخدم الباحثون الأقمار الاصطناعية لرصد أحداث البرق الشديدة، ودفعتهم النتائج التي حصلوا عليها إلى إعادة التفكير في شكل هذه الصواعق وكيف تتشكل وأين. أوضح العالم مايكل بيترسون: «لدينا شغف حقيقي لمعرفة حدود هذه الصواعق الفريدة من نوعها، وكم يبلغ حجمها ومدى قوّة سطوعها».
اكتُشفت الصواعق الخارقة للمرة الأولى في سبعينيات القرن الماضي من طريق القمر الصناعي، ووُصفت بأنها صواعق تفوق في سطوعها الصواعق التقليدية بمئة ضعف، ومنذ ذلك الوقت دار سجال بين العلماء عما يمكن وصفه بالصواعق الخارقة أو العظيمة، إذ تختلف النتائج باختلاف القياسات. يشير بيترسون إلى أن ذلك يرجع لاختلاف نتائج الكواشف الأرضية عن مثيلاتها في الأقمار الصناعية، ويقول: «عند رصد وميض من الفضاء فإنه يبدو خافتًا ومعتمًا إذا ما قورن برصده من الأرض، لأن السحب تحجب بعض الضوء».
يتبادر إلى الأذهان سؤال مهم في هذه الحالة، وهو: من أين تستمد هذه الصواعق المثيرة طاقتها؟ هل تُسبب ظواهر فريدة من نوعها شحن هذه الصواعق؟ أم أنها مجرد ضربات برق تقليدية لكنها أكبر وأكثر سطوعًا؟
امتد وميض سنة 2018 في سماء البرازيل على مسافة 700 كيلومتر، واستمر البرق مدة 17 ثانية محطمًا الرقم القياسي السابق، وفي عمل مشترك بين بيترسون وزميلته إيرين لاي حللوا بيانات مخطط البرق الثابت بالنسبة إلى الأرض التابع لوكالة ناسا (Geostationary Lightning Mapper)، وهو كشّاف متصل بالأقمار الصناعية الخاصة بالطقس يسجل ومضات البرق فوق الأمريكتين ليلًا ونهارًا، ويعمل بطريقة مختلفة عن الكواشف الموجودة في الأرض، إذ يقيس السطوع الكلّي لضربات البرق -الطاقة الضوئية- بين السحب والضربات التي تضرب الأرض.
راقب العلماء البيانات الخاصة بهذا الكشاف على مدى عامين لقياس ضربات البرق التي يزيد سطوعها 100 ضعف عن الصواعق التقليدية، وخلصوا إلى اكتشاف نحو 200 مليون صاعقة يمكن أن تسمى صواعق خارقة، بمعدل واحدة بين كل 300 ضربة برق. تختلف الصواعق نفسها فيما بينها بنسبة السطوع، خاصةً عند تمتُع الكشاف برؤية نقية، وحين حدوثها على أطراف سحابة عاصفة.
عندما رفع الباحثون معيار الكشاف لعرض ضربات البرق التي يفوق سطوعها 1000 ضعف سطوع الضربات التقليدية، استطاعوا تحديد أماكن الصواعق الخارقة الرئيسية النشطة، إذ سجلت مناطق في وسط الولايات المتحدة الأمريكية، وحوض ريو دي لا بلاتا المُمتد عبر أوروغواي وباراغواي وأجزاء من الأرجنتين والبرازيل حالات أكثر سطوعًا من غيرها، مع أن الكشاف لم يرصد جميع الصواعق، إذ صُّمم لالتقاط الومضات التي تزيد مدتها على 2 ميلي ثانية، بصرف النظر عن شدة سطوعها.
في دراسة ثانية، حلل الباحثون بيانات قمر صناعي آخر، وعدّوا الضربات التي أنتجت 300 جيجاواط من الطاقة أو أكثر صواعق خارقة، أي أن الصاعقة الواحدة منها تعادل الطاقة التي تنتجها جميع الألواح الشمسية الموجودة في الولايات المتحدة.
يقول بيترسون: «إحدى ضربات البرق التي رصدناها تجاوزت 3 تيراواط من الطاقة، وهي أقوى بآلاف الأضعاف من ضربات البرق المعروف المُكتشف من الفضاء».
عند جمع بيانات الأقمار الصناعية مع نتائج القياسات الأرضية، وجد العلماء أن الصواعق الخارقة نوع مختلف من البرق فعلًا، وأشاروا إلى أن الصواعق التي أنتجت أكثر من 350 جيجاواط من الطاقة نتجت عن سحب نادرة إيجابية الشحنة، خلقت أحداث البرق بين السماء والأرض، عوضًا عن السحب سلبية الشحنة التي تُشكل أحداث البرق التقليدية.
وجد العلماء أيضًا أن الصواعق الخارقة تحدث غالبًا فوق المحيطات وتنبلج كشرارة ناتجة عن البرق الشديد (megaflash) الذي يمتد أفقيًا مئات الكيلومترات، وأوضحوا في الدراسة الثانية أن الصواعق الخارقة أيضًا قد تحدث بسبب نظام العواصف الرعدية فوق المحيطات، خاصةً في فصل الشتاء.
أظهرت هذه الدراسات نتائج مشابهة للدراسة التي أجريت عام 2019 وأشارت إلى تشكل الصواعق الخارقة فوق المحيطات والبحار، ورُصد معظمها فوق المحيط الأطلسي وغرب أوروبا.
لا يمكن اعتبار الدراسة كاملةً، ويحتاج العلماء إلى مواصلة مقارنة القياسات من مصادر مختلفة، من المراصد الأرضية ومن الأقمار الصناعية، لفهم الاختلافات بينها، ووصف أحداث البرق الشديدة بدقة أفضل. ختم الباحثون دراستهم: «يجب على مجتمع العلماء المختصين بالطاقة في الغلاف الجوي الجمع بين أبرز الأحداث المسجلة من مختلف المصادر والمراصد، للتوصل إلى توافق حول ماهية الصواعق الخارقة».
سجّل العلماء حديثًا في مختبر لوس ألاموس في الولايات المتحدة رقمًا جديدًا في مستويات سطوع البرق في بعض النقاط شديدة السخونة، وأطلقوا عليه اسم الصواعق الخارقة (Superbolt)، وهي صواعق قادرة على إحداث سطوع أكثر بألف ضعف من ضربات البرق التقليدية.
استخدم الباحثون الأقمار الاصطناعية لرصد أحداث البرق الشديدة، ودفعتهم النتائج التي حصلوا عليها إلى إعادة التفكير في شكل هذه الصواعق وكيف تتشكل وأين. أوضح العالم مايكل بيترسون: «لدينا شغف حقيقي لمعرفة حدود هذه الصواعق الفريدة من نوعها، وكم يبلغ حجمها ومدى قوّة سطوعها».
اكتُشفت الصواعق الخارقة للمرة الأولى في سبعينيات القرن الماضي من طريق القمر الصناعي، ووُصفت بأنها صواعق تفوق في سطوعها الصواعق التقليدية بمئة ضعف، ومنذ ذلك الوقت دار سجال بين العلماء عما يمكن وصفه بالصواعق الخارقة أو العظيمة، إذ تختلف النتائج باختلاف القياسات. يشير بيترسون إلى أن ذلك يرجع لاختلاف نتائج الكواشف الأرضية عن مثيلاتها في الأقمار الصناعية، ويقول: «عند رصد وميض من الفضاء فإنه يبدو خافتًا ومعتمًا إذا ما قورن برصده من الأرض، لأن السحب تحجب بعض الضوء».
يتبادر إلى الأذهان سؤال مهم في هذه الحالة، وهو: من أين تستمد هذه الصواعق المثيرة طاقتها؟ هل تُسبب ظواهر فريدة من نوعها شحن هذه الصواعق؟ أم أنها مجرد ضربات برق تقليدية لكنها أكبر وأكثر سطوعًا؟
امتد وميض سنة 2018 في سماء البرازيل على مسافة 700 كيلومتر، واستمر البرق مدة 17 ثانية محطمًا الرقم القياسي السابق، وفي عمل مشترك بين بيترسون وزميلته إيرين لاي حللوا بيانات مخطط البرق الثابت بالنسبة إلى الأرض التابع لوكالة ناسا (Geostationary Lightning Mapper)، وهو كشّاف متصل بالأقمار الصناعية الخاصة بالطقس يسجل ومضات البرق فوق الأمريكتين ليلًا ونهارًا، ويعمل بطريقة مختلفة عن الكواشف الموجودة في الأرض، إذ يقيس السطوع الكلّي لضربات البرق -الطاقة الضوئية- بين السحب والضربات التي تضرب الأرض.
راقب العلماء البيانات الخاصة بهذا الكشاف على مدى عامين لقياس ضربات البرق التي يزيد سطوعها 100 ضعف عن الصواعق التقليدية، وخلصوا إلى اكتشاف نحو 200 مليون صاعقة يمكن أن تسمى صواعق خارقة، بمعدل واحدة بين كل 300 ضربة برق. تختلف الصواعق نفسها فيما بينها بنسبة السطوع، خاصةً عند تمتُع الكشاف برؤية نقية، وحين حدوثها على أطراف سحابة عاصفة.
عندما رفع الباحثون معيار الكشاف لعرض ضربات البرق التي يفوق سطوعها 1000 ضعف سطوع الضربات التقليدية، استطاعوا تحديد أماكن الصواعق الخارقة الرئيسية النشطة، إذ سجلت مناطق في وسط الولايات المتحدة الأمريكية، وحوض ريو دي لا بلاتا المُمتد عبر أوروغواي وباراغواي وأجزاء من الأرجنتين والبرازيل حالات أكثر سطوعًا من غيرها، مع أن الكشاف لم يرصد جميع الصواعق، إذ صُّمم لالتقاط الومضات التي تزيد مدتها على 2 ميلي ثانية، بصرف النظر عن شدة سطوعها.
في دراسة ثانية، حلل الباحثون بيانات قمر صناعي آخر، وعدّوا الضربات التي أنتجت 300 جيجاواط من الطاقة أو أكثر صواعق خارقة، أي أن الصاعقة الواحدة منها تعادل الطاقة التي تنتجها جميع الألواح الشمسية الموجودة في الولايات المتحدة.
يقول بيترسون: «إحدى ضربات البرق التي رصدناها تجاوزت 3 تيراواط من الطاقة، وهي أقوى بآلاف الأضعاف من ضربات البرق المعروف المُكتشف من الفضاء».
عند جمع بيانات الأقمار الصناعية مع نتائج القياسات الأرضية، وجد العلماء أن الصواعق الخارقة نوع مختلف من البرق فعلًا، وأشاروا إلى أن الصواعق التي أنتجت أكثر من 350 جيجاواط من الطاقة نتجت عن سحب نادرة إيجابية الشحنة، خلقت أحداث البرق بين السماء والأرض، عوضًا عن السحب سلبية الشحنة التي تُشكل أحداث البرق التقليدية.
وجد العلماء أيضًا أن الصواعق الخارقة تحدث غالبًا فوق المحيطات وتنبلج كشرارة ناتجة عن البرق الشديد (megaflash) الذي يمتد أفقيًا مئات الكيلومترات، وأوضحوا في الدراسة الثانية أن الصواعق الخارقة أيضًا قد تحدث بسبب نظام العواصف الرعدية فوق المحيطات، خاصةً في فصل الشتاء.
أظهرت هذه الدراسات نتائج مشابهة للدراسة التي أجريت عام 2019 وأشارت إلى تشكل الصواعق الخارقة فوق المحيطات والبحار، ورُصد معظمها فوق المحيط الأطلسي وغرب أوروبا.
لا يمكن اعتبار الدراسة كاملةً، ويحتاج العلماء إلى مواصلة مقارنة القياسات من مصادر مختلفة، من المراصد الأرضية ومن الأقمار الصناعية، لفهم الاختلافات بينها، ووصف أحداث البرق الشديدة بدقة أفضل. ختم الباحثون دراستهم: «يجب على مجتمع العلماء المختصين بالطاقة في الغلاف الجوي الجمع بين أبرز الأحداث المسجلة من مختلف المصادر والمراصد، للتوصل إلى توافق حول ماهية الصواعق الخارقة».