ابن قاضـي شُـهبة Ibn Qadi Shahbah فقيه الشام في عصره ومؤرّخها وعالمها

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ابن قاضـي شُـهبة Ibn Qadi Shahbah فقيه الشام في عصره ومؤرّخها وعالمها

    ابن قاضـي شُـهبة
    (779 ـ 851 هـ/1377ـ 1447م)

    تقي الدين أبو بكر بن أحمد بن محمد بن عمر «قاضي شُهبة» الأسدي الدمشقي الشافعي، فقيه الشام في عصره ومؤرّخها وعالمها. وقد اشتهر بابن قاضي شُهبة (بضم الشين) لأن جدّه الأعلى نجم الدين عمر أقام قاضياً بشُهبة السوداء (في حوران) فنُسب أبو بكر إلى جده هذا.
    ولد أبو بكر تقي الدين بدمشق في الرابع عشر من ربيع الأول، في بيت كريم كبير في العلم، وتفقّه أول الأمر بوالده الذي كان يُحضره مجالس العلم معه منذ صغره، إلا أن والده توفي سنة 790هـ والابن في الحادية عشرة من عمره، وتابع أبو بكر هذا أخذ العلم عن أكابر أهل عصره وهم كُثر، وفي مقدمتهم السّراج البلقيني- وهو أعلاهم- والملكاوي والشهاب بن حجي والشرف الشريشي، والشرف الغزي، والجمال الطيماني، والزّين القرشي الحافظ، والبدر بن مكتوم والشمس الصّرخدي، وأبو هريرة بن الذهبي، والعلاء بن أبي المجد، وآخرون.
    واستمر في طلبه العلم، ولقائه أعلام عصره، حتى طارت شهرته في بلاد الشام عامة، وأصبح إماماً علاّمة في الفقه والتاريخ وغيرهما. وتصدى للإفتاء والتدريس، وحدّث ببلده دمشق وببيت المقدس، وسمع منه الفضلاء من أهل العلم، فانتفع به خلق كثير، ورحل إليه طلاب العلم من كل حدب وصوب، وصار الأعيان في وقته ببلده من تلامذته. وشهد له علماء بيت المقدس بالتقدم والتفوق في حادثة جرت له هناك عندما زار بيت المقدس.
    تولى أبو بكر منصب نيابة القضاء بدمشق سنة 820هـ وقام في أثناء ذلك بزيارة الديار المقدسة وأداء فريضة الحج سنة 837هـ وتولى النظر في المارستان المنصوري، ثم ارتقى إلى رياسة القضاء مستقلاً به سنة 842هـ وما لبث بعد أقلّ من سنتين أن اعتزل القضاء وانقطع إلى العلم والتعليم، فضلاً عن قيامه بالتدريس في عدد من مدارس دمشق، ومنها المدرسة الأمينية والإقبالية والأمجدية والمجاهدية والظاهرية والناصرية والتقَويّة والركنية والعَذراوية وغيرها. يضاف إلى ذلك ما اشتهر به من الذكاء والفصاحة والشهامة والتقوى وحسن السيرة والمحاسن الوافرة. قال فيه العزّ القدسي: «دخلت دمشق فلم أر فيها ولا سمعت، ممن نشأ، أحسن منه صورة وسيرةً. وكان شكلاً حسناً يلبس القماش النفيس، ويركب البغال الثمينة، معظماً مكرماً وقوراً. عنده نفرة من الناس، وبعض حدّة مزاج، لم أر مثله في معناه».
    توفي فجأة وهو جالس يصنف ويكلم ولده البدر محمداً وذلك بعد عصر يوم الخميس العاشر أو الحادي عشر من ذي القعدة وصُلّي عليه من الغد بعد صلاة الجمعة ودفن بمقبرة «الباب الصغير» عند أبيه وجدّه بالقرب من تربة بلال. وتأسف الدمشقيون على فقده، وكان له مشهد حافل لم يُر مثله لأحدٍ من أهل عصره، ومشى فيه النائب والحجّاب والقضاة ونوّابهم، والعلماء والفقهاء وسائر الناس. ورثي بمراثٍ كثيرة.
    ترك ابن قاضي شهبة مؤلفات كثيرة لم يطبع منها إلا القليل، وأشهرها «التاريخ الكبير» ابتدأ به من سنة 200 إلى 792هـ، وله ذيل على كتب من تقدمه من مؤرخي الشام المتأخرين كالذهبي والبرزالي وابن كثير وغيرهم، طبع في أربعة مجلدات بعنوان «تاريخ ابن قاضي شهبة»، و«الإعلام بتاريخ أهل الإسلام»، و«طبقات الشافعية»، و«الكواكب النورية» في سيرة نور الدين الشهيد محمود بن زنكي، و«طبقات النحاة واللغويين»، و«مدارس دمشق وحماماتها»، و«كفاية المحتاج إلى توجيه المنهاج»، و«كافي التنبيه» وهو في شرح كتاب «التنبيه»، وكتب كثيراً من الكتب بلغ عددها نحو 200مجلد بخطه الرائق الفائق الدقيق، وبيع في تركته نحو 700 مجلد في مكتبته، استوفاها مطالعة وتعليقاً.
    هذا وقد اشتهر من أسرة أبي بكر اثنان عُرف كل منهما بابن قاضي شُهبة أيضاً:
    الأول: والده شهاب الدين، أبو العباس أحمد بن محمد بن عمر. ولد في رجب سنة 737 هـ. اشتغل على والده محمد وأهل طبقته وأذن له والده بالإفتاء، وعُرف بالفَرَضي، لأنه اشتغل بالفرائض ومهر فيها وألّف فيها كتاباً، كما درّس وجلس للاشتغال بالجامع الأموي مدّة.
    كان كريم النفس كثير الإحسان إلى الناس جميعاً، ولم يكن ببلده أكرم منه. توفي بدمشق في ذي القعدة سنة 790هـ ودفن بالباب الصغير بمقبرة والده.
    الثاني: ابنه أبو الفضل بدر الدين محمد بن أبي بكر بن أحمد، الأسدي عالم بفقه الشافعية، وله اشتغال بالتاريخ. ولد بدمشق سنة 798هـ ودرس على علماء بلده، ثم زار القاهرة واجتمع بعلمائها، وناب في القضاء بدمشق من عام 839هـ إلى أن توفي سنة 874هـ وكان في عهده الأخير فقيه الشام غير مدافَع.
    له عدد من المؤلفات اختلطت أسماء بعضها بمؤلفات أبيه، ومن مصنفاته: «المواهب السنية في شرح الأشنهيّة» شرح فيه كتاب «الكفاية في الفرائض» لعبد العزيز الأشنهي، و«لباب التهذيب»، و«المنتقى من تاريخ ابن عساكر»، و«المنتقى من الأنساب» لابن السمعاني، و«الذيل على تاريخ ابن حجر».
    محمود فاخوري
يعمل...
X