قتــادةُ بـنُ إدريــس الْحَـسَنِي
(547 ـ 617هـ/1152ـ 1220م)
أبو عزيز قتادة بن إدريس بن مطاعن ابن عبد الكريم بن عيسى الحسني العلوي، جد الأشراف بني قتادة في مكة
تولى إمارة مكة عام 597هـ بعد أن احتل إمارة ينبع على ساحل البحر الأحمر. وأجلى عنها أمراءها، ثـم أراد أن يـوسع دائـرة حكمه؛ لتشمل المدينة المنورة فـأرسل ابنه عـزيزاً عـلى رأس جيش لضمها إلى مكة سنة 601هـ لكن أميرها سالم بن قاسم المهنَّا الحسيني، كان أقـوى مما ظن قتادة فقد حمل عليهم حتى عادوا مهزومين ثم حاصرهم في مكة، فأرسل قتادة إلى من مع سالم من الأمراء، فأفسدهم عليه، فمالوا إلى قتادة، وحالفوه، فلما رأى سالم ذلك رحل عنه عائداً إلى المدينة، وعاد أمر قتادة قوياً.
وقد اتسع نفوذ قتادة بعد ذلك حتى بلغ حدود اليمن جـنوباً وبعض أعمال المدينة المنورة وبلاد نجد كما ذكر ابن خلدون في تاريخه.
ساءت علاقة قتادة بالخليفة العباسي في بغداد التي ناصبته العداء منذ بداية حكمه، وفي أثناء مسيرة الحج العراقي إلى مكة حدثت مُصادمات مع عسكر قتادة الـذي انهال عليهم ضرباً وتقتيلاً حيث التجأ أمير الحج العراقي إلى خيمة خاتون؛ أخـت الملك العادل ملك الشام، وهي يومئذٍ حاجة فأرسلت إلى قتادة تتوعده، فكف عنهم، وطلب منهم مئة ألف دينار.
وبعد ذلك ندم قتادة على فعلته، فأرسل ابنه راجحاً وجماعة من أصحابه إلى بغداد؛ ليعتذروا عما حدث، فقبلت عذرهم، وما لبث الخليفة في بغداد أن أرسل إلى قتادة مالاً وهدايا، وطلب منه التوجه إلى بغداد، فتوقع قتادة الشر، ورفض الدعوة، وكتب قصيدة طويلة منهــا:
ولي كفُّ ضُرغامٍ أُذل ببَسْطِها
وأشري بها عِزَّ الـورى وأبيعُ
تظلُّ ملوكُ الأرض تلثمُ ظهرها!!
وفي بطنها للمــجدبين ربيـعُ
أأجعلها تحت الرجا ثم أبتــغي
خلاصاً لها إني إذاً لوضــيعُ
ومـا أنا إلا المسكُ في كلّ بقعةٍ
يضوعُ وأما عــندكم فيضيعُ!!
فغضب الخليفة العباســي، وكتب إليه: «أما بعد فإذا نزع الشتـــاءُ جلبابه، ولبس الربيع أثوابه؛ قابلناك بجنود لا قبل لكم بها، ولنخرجنَّكم منها أذلةً، وأنتم صاغرون» ولما تسلَّم قتادة إنذاره أعدَّ جيشه، وكتب إلى بني عمه آل المهنا في المدينة يحثهم على مناصرته، ومما كتبه:
بني عمِّنا من آل موسى وجعفرٍ
وآلِ حسينٍ كيف صبرُكُم عنّـا
بني عمِّنا إنَّا كأفـــنانِ دوحةٍ
فلا تتركونا يجتني إلفُـنـا فنّا
إذا ما أخٌ أخلــى أخاه لآكلٍ!!
بدا بأخيـــه الأكلَ ثم بهِ ثنَّى!!
وأنجزت بغداد وعيدها، وأرسلت إليه جيوشها التي عادت منهزمة، وما لبثت أن قنعت بقوة قتادة، وأقامت معه علاقات ودية. ولم يقتصر استخفاف قتادة بالخلافة في بغداد، بل تعداه إلى أمير حلب الظاهر غياث الدين الأيوبي، لكن علاقته بالأيوبيين في مصر كانت جيدة.
تُوفِّي قتادة عام 617هـ وكان في أول ملكه حسن السيرة أزال عنها العبيد المفسدين، وحمى البلاد، وأحسن إلى الحجاج، وأكرمهم، وبقي كذلك مدة، ثم إنه بعد ذلك أساء السيرة، وجدد المكوس بمكة، ونهب الحجاج في بعض السنين /كما ذكر/ ويقال: إنّ ابنه الحسن قتله، وملك بعده.
خالد الخنين
(547 ـ 617هـ/1152ـ 1220م)
أبو عزيز قتادة بن إدريس بن مطاعن ابن عبد الكريم بن عيسى الحسني العلوي، جد الأشراف بني قتادة في مكة
تولى إمارة مكة عام 597هـ بعد أن احتل إمارة ينبع على ساحل البحر الأحمر. وأجلى عنها أمراءها، ثـم أراد أن يـوسع دائـرة حكمه؛ لتشمل المدينة المنورة فـأرسل ابنه عـزيزاً عـلى رأس جيش لضمها إلى مكة سنة 601هـ لكن أميرها سالم بن قاسم المهنَّا الحسيني، كان أقـوى مما ظن قتادة فقد حمل عليهم حتى عادوا مهزومين ثم حاصرهم في مكة، فأرسل قتادة إلى من مع سالم من الأمراء، فأفسدهم عليه، فمالوا إلى قتادة، وحالفوه، فلما رأى سالم ذلك رحل عنه عائداً إلى المدينة، وعاد أمر قتادة قوياً.
وقد اتسع نفوذ قتادة بعد ذلك حتى بلغ حدود اليمن جـنوباً وبعض أعمال المدينة المنورة وبلاد نجد كما ذكر ابن خلدون في تاريخه.
ساءت علاقة قتادة بالخليفة العباسي في بغداد التي ناصبته العداء منذ بداية حكمه، وفي أثناء مسيرة الحج العراقي إلى مكة حدثت مُصادمات مع عسكر قتادة الـذي انهال عليهم ضرباً وتقتيلاً حيث التجأ أمير الحج العراقي إلى خيمة خاتون؛ أخـت الملك العادل ملك الشام، وهي يومئذٍ حاجة فأرسلت إلى قتادة تتوعده، فكف عنهم، وطلب منهم مئة ألف دينار.
وبعد ذلك ندم قتادة على فعلته، فأرسل ابنه راجحاً وجماعة من أصحابه إلى بغداد؛ ليعتذروا عما حدث، فقبلت عذرهم، وما لبث الخليفة في بغداد أن أرسل إلى قتادة مالاً وهدايا، وطلب منه التوجه إلى بغداد، فتوقع قتادة الشر، ورفض الدعوة، وكتب قصيدة طويلة منهــا:
ولي كفُّ ضُرغامٍ أُذل ببَسْطِها
وأشري بها عِزَّ الـورى وأبيعُ
تظلُّ ملوكُ الأرض تلثمُ ظهرها!!
وفي بطنها للمــجدبين ربيـعُ
أأجعلها تحت الرجا ثم أبتــغي
خلاصاً لها إني إذاً لوضــيعُ
ومـا أنا إلا المسكُ في كلّ بقعةٍ
يضوعُ وأما عــندكم فيضيعُ!!
فغضب الخليفة العباســي، وكتب إليه: «أما بعد فإذا نزع الشتـــاءُ جلبابه، ولبس الربيع أثوابه؛ قابلناك بجنود لا قبل لكم بها، ولنخرجنَّكم منها أذلةً، وأنتم صاغرون» ولما تسلَّم قتادة إنذاره أعدَّ جيشه، وكتب إلى بني عمه آل المهنا في المدينة يحثهم على مناصرته، ومما كتبه:
بني عمِّنا من آل موسى وجعفرٍ
وآلِ حسينٍ كيف صبرُكُم عنّـا
بني عمِّنا إنَّا كأفـــنانِ دوحةٍ
فلا تتركونا يجتني إلفُـنـا فنّا
إذا ما أخٌ أخلــى أخاه لآكلٍ!!
بدا بأخيـــه الأكلَ ثم بهِ ثنَّى!!
وأنجزت بغداد وعيدها، وأرسلت إليه جيوشها التي عادت منهزمة، وما لبثت أن قنعت بقوة قتادة، وأقامت معه علاقات ودية. ولم يقتصر استخفاف قتادة بالخلافة في بغداد، بل تعداه إلى أمير حلب الظاهر غياث الدين الأيوبي، لكن علاقته بالأيوبيين في مصر كانت جيدة.
تُوفِّي قتادة عام 617هـ وكان في أول ملكه حسن السيرة أزال عنها العبيد المفسدين، وحمى البلاد، وأحسن إلى الحجاج، وأكرمهم، وبقي كذلك مدة، ثم إنه بعد ذلك أساء السيرة، وجدد المكوس بمكة، ونهب الحجاج في بعض السنين /كما ذكر/ ويقال: إنّ ابنه الحسن قتله، وملك بعده.
خالد الخنين