ولكنها صور ذات تجسيم كامل في الحجم ؛ والمنظور والظلال
للمنظر الذي يتم تصويره . وهذا الاختراع ليس جديداً كما يتبادر إلى الذهن ، ولكن تنفيذه. على هذه الصورة كان مستحيلاً ، لصعوبة نقل المسرح إلى المعمل . والهولوجرام
عبارة عن التصوير بأشعة لازر (Laser) التي اكتشفها باحثان أمريكيان . وبقيت هذه الطريقة السحرية لا تتعدى الأبحاث المعملية إذ كان يلزم لتحقيقه جهاز شعاع لازر ، وبعد اختراع هذا الجهاز أصبح من الممكن التقاط صورة ذات ثلاثة أبعاد. بوساطة آلة تصوير عادية ، ثم رؤية الصورة في الضوء العادى .
ولتفهم هذه الطريقة فى التصوير يجب العودة إلى البداية ، إن السر الذي يتركز في شعاع لازر أن الخبراء استطاعوا أن يجعلوا الإشعاعات بما فيها أشعة الضوء - تعمل شيئاً جديداً لا تعمله الطبيعة على الإطلاق، وهو أن تسير هذه الإشعاعات في خطوط متوازية . وهناك جهازان فتحا المجال أمام الإشعاع ليصبح قوة لا يستهان بها وهما : جهاز لازر Laser وجهاز Maser وجهاز لازر يستطيع أن يكبر أشعة الضوء بوساطة انبعاث إشعاعي يثار داخل الجهاز ، أما جهاز مازر فيستطيع أن يكبر الأشعة المتناهية في القصر مثل أشعة الرادار والأمواج اللاسلكية . وكلمة Maser عبارة عن الحروف الأولى من كل كلمة من الجملة التالية :
أما كلمة لازر فهى الحروف الأولى من الكلمات التالية : ويختلف عمل هذه الأجهزة عن عمل المكبرات الإلكترونية العادية الموجودة في أجهزة الراديو ( Amplifier) والمعروف أن مصادر الإشعاع العادية مثل محطات الإرسال والشمس ولمبات الإضاءة والقنبلة الذرية كلها تصدر إشعاعات مشتتة في كل اتجاه على شكل ( فوضى ) ولكن أجهزة لازر ومازر تصدر شعاعاً واحداً مركزاً وقوياً من غير أي تشتت .
وأمواج اللاسلكي والضوء المستخدمة حاليا لا تؤذى الإنسان، ولكنها إذا كبرت وركزت في جهاز لازر تصبح بالغة الأذى للإنسان الذي يتعرض لها . وقد قال. مخترع هذا الجهاز : « كلنا نعرف ما تستطيع الأشعة دون الحمراء ( أشعة الحرارة ) أن تفعله ، وكذلك الأشعة فوق البنفسجية معروفة بخواصها المتلفة لبعض الأنسجة في العين ، فإن كثيراً من الناس أصابهم العمى من جراء تحديقهم في الشمس مدة طويلة . ولكن هذه الأشعة - فوق الحمراء وفوق البنفسجية – إذا خرجت من جهاز لازر مكبرة ومكثفة تصبح ذات قوة من نوع جديد لم يشهد له الإنسان مثيلاً من قبل »
وهذا الشعاع المركز يستطيع أن يقطع أنسجة . الإنسان بدقة بالغة كانت جسم مستحيلة من قبل . وقد وجد أن جميع أنواع الإشعاع لها قوة اختراق للأجسام المادية ولكن بدرجات متفاوتة . وقد تخترق بعض الإشعاعات الأبنية المسلحة وموانع الرصاص السميكة ولكن إذا ما رفعت ذبذبة الأشعة بتكبيرها ، فإنها تقطع وتخترق أية مادة تعترض طريقها ، حتى لو كانت من أصلب المواد كالماس .
وإذا كانت العدسة الزجاجية تقدر على تركيز أشعة الضوء في نقط يصل قطرها إلى حوالى ثلاثة مليمترات اتساعاً ، فإن جهاز لازر يستطيع تركيز أشعة الضوء إلى واحد من أربعين ألف جزء من المليمتر . وهو تركيز يمكن من الاستخدام في قطع الخلية الإنسانية إلى عدة شرائح كما يقطع قطعة من الزبد .
ويستطيع هذا الجهاز أن يركز أشعة ضوئه بحيث إنه إذا ثبت في كوكب صناعي يرتفع عن الأرض بأكثر من ١٥٠٠ كيلومتر ، فإن شعاعه يغطى من سطح الأرض دائرة قطرها أقل من سبعين متراً . ويمكن مقارنة هذا بأقوى كشاف ضوئى يسلط ضوءه من نفس الكوكب الصناعى ( ۱٥۰۰ كيلومتر ) فإن ضوءه سيغطى مساحة يصل قطرها إلى عشرات الكيلومترات، بينما الأول لم يغط إلا سبعين متراً وباستخدام أشعة المازر اللاسلكية وأشعة اللازر الضوئية سيحصل الفلكيون على صور أوضح وألمع كثيراً للقمر والكواكب الأخرى ، كما أنه سيمكنه لأول مرة من الحصول من الأرض على خريطة طو بوجرافية للقمر توضح ارتفاعه وانخفاضاته بالأرقام .
وقد استخدم قضيب صغير من العقيق الصناعي لإسقاط الأشعة الجديدة ويلتف حول قضيب العقيق أنبوبة مثل أنابيب الفلاش الإلكترونى المستخدمة في التصوير الخاطف . وعند إضاءة الأنبوبة ينفذ ضوؤها القوى خلال قضيب العقيق فيثير ذرات معينة فيه لدرجة عالية من الطاقة ، ويفعل فيها ما تفعله الهزات الكهربية في قطيع بقر لتسرع حركتها خلال بوابة ضيقة . وفى قضيب العقيق تعود الذرات المثارة إلى إطلاق طاقتها الزائدة فى صورة الأشعة الجديدة خلال فتحة ضيقة جدا . وتخرج الأشعة متحدة فى اللون اتحاداً تاماً ، كما تتحرك أمواجها كلها حركة متماثلة لا تتأخر أية واحدة منها. الأخرى وفى هذه الوحدة التامة في اللون والحركة تكمن القوة الخارقة لأشعة لازر في النفاذ والانتقال من غير أى انحراف .
هذا الجهاز الخطير .. من الذى اخترعه ؟ كتب والتر سوليفان المحرر العلمي الجريدة ( نيويورك تايمز ) فى ۲٥ ديسمبر ١٩٦٥ يقول :
منذ أن تم تركيب أول جهاز من هذه الأجهزة التي تثير الأهمية في عام ١٩٦٠، والبحث عن استخداماته يحتل واحداً من أبرز المجالات في الصناعة الملايين في الأبحاث الخاصة به .
واللازر ، بشعاعه الضوئى المركز تركيزاً شديداً قد استخدم لإضاءة بقعة من القمر بالضوء المرئى ، وقد شاهدناه مرة أخرى - فى شكل درامى - كمخرطة تقطع الصلب في فيلم «جولد فنجر ( أحد أفلام جيمس بوند ، واستخدم في الجراحة وفى محاولات للاتصال بين الأرض وسفينة الفضاء جيمنى ٧ وهي تدور في الفضاء . وكذلك فى عمليات المساحة البالغة الدقة وفى كثير من العمليات الأخرى ، ولكن ظروف اختراع اللازر أحيطت بغيوم كثيرة من المنازعات والمجادلات الرسمية .
ففي بداية شهر ديسمبر ١٩٦٥ تقدم خريج سابق من خريجي جامعة كولومبيا جوردن جولد بطلب لمحكمة الولايات المتحدة الخاصة بالرسوم والاختراعات ، ليحصل على براءة اختراع لفكرة عملية للازر ، وتحدى بذلك في سبق الاختراع الدكتور شارل هـ . تاونز الأستاذ بمعهد ماساشوستس التكنولوجي ، الذي حصل على جائزة نوبل عام ١٩٦٤ في الفزياء لدوره في اختراع اللازر وسلفه المازر . وما لم يسبق نشره من قبل هو تلك الحقيقة المقررة بأن موضوع اللازر هذا سبق أن سجل حق اختراعه جماعة ثالثة منذ فترة طويلة ، وقبل أن يفكر أى من ويدعى المتنازعين فيه .
وأما الدكتور تاونز ونسيبه الدكتور آرثر . ل . شاولو ، وهو من جامعة ستانفورد في كاليفورنيا ، فقد تقدما لتسجيل اختراعهما في ٣٠ يوليو عام ١٩٥٨ غير أنه فى ٢١ مايو عام ١٩٥٦ تقدم الدكتور روبرت ه . ديك ، أستاذ الفزياء بجامعة برنستون ، وطلب تسجيل اختراع يتناول اقتراحه لجهاز يولد أشعة تحت حمراء متحدة الطور والذبذبة . وواضح أن الدكتور تاونز وجولد فكرا في أن يعرفا شيئاً عن اختراع ديك السابق ذكره . ولكنه بالرغم من هذا ، عندما علم الدكتور تاونز باختراع ديك ، أشار إلى ذلك ضمن وصفه لجهازه في مقال نشرته له إحدى المجلات العلمية فى ١٥ ديسمبر عام ١٩٥٨ . وأكثر من هذا فإنه حول هذا الوقت نشر روسيان اقتراحاً قريباً جداً من اختراع ديك ، حتى ليظن أن الأمر من فعل توافق الأفكار عبر المسافات .
وقد وجد أن الروسيين قد أرسلا تقريرهما للنشر قبل أن يتمكن لهما بأي حال من الأحوال أن يسمعا عن فكرة ديك . ولم يركب أول جهاز لازر يعمل بواسطة أى واحد من هؤلاء . إنما قام بهذا العمل في عام ١٩٦٠ الدكتور تيودور ه . مايمان الباحث في شركة هيوجز لصناعة الطائرات .
والدرس الذى نخرج به بلا جدال ، من كل هذا هو أن مسيرة الفكر الإنساني إنما تمثل نهراً واسعاً ، وأن كل مخترع إنما يصعد على أكتاف الآخرين . وقد يجمع واحد مثل ماكسويل أو أينشتين معرفة عصره ، ويرى معناها بثاقب ذهنه في نظرية جامعة ، ولكن في أكثر الأحيان نجد أنه عندما ينضج الموقف لكشف جديد فإن هذا يحدث في وقت واحد بأكثر من فرد واحد .
وإلى اليوم لم نعرف بعد أينًا من هؤلاء اخترع جهاز لازر أو جهاز مازر . ولم يترك خبراء صناعة الصحافة الخيط دون أن يمسكوا به . هذا الشعاع الجديد هو منقذهم في تطور آلاتهم الجديدة : آلات الحفر الإلكترونى السريع وآلات التصوير ذى الأبعاد الثلاثة . إنهم يقومون بتجاربهم لاستخدام هذا الشعاع في الحفر السريع بطريقة نقل الصورة مباشرة على أسطوانة المطبعة الدوارة ثم حفرها رأساً على الأسطوانة بسرعة فائقة. أما في مجال التصوير فقد توصلوا فعلاً كما سبق أن قلنا إلى إنتاج صور مجسمة ذات ثلاثة أبعاد . وقد نشرت وكالة « يونايتدبرس » برقية من كاليفورنيا في عام ١٩٦٦ تقول فيها :
لم يبق غير الرائحة والصوت. وكل ما عدا ذلك أمكن تحقيقه بكل واقعية تغرى المشاهد بأن يلمس ويمسك . فما هو هذا الفن ؟ إنه الهولوجرام ، أحد منتجات فن الهولوجرافي Holography - والهولوجرا فى تكنيك جديد من تكنولوجيا التصوير التي تمتد إلى ما وراء المسطحات ذات البعدين لتصل إلى المجسمات ذات البعد الثالث الكامل. وهو لا يزال فى مرحلة التجريب ولكن بشائره تشير إلى فن من أكثر الفنون درامية فى التقاط وتسجيل الصور والفراغ والزمن منذ ظهور التليفزيون . والمشاهدون الذين اعتادوا على المسطحات ذات البعدين كما مارسها المصورون الفوتوجرافيون طوال المائة سنة الماضية ، سوف تبهرهم مشاهدة أول هولوجرام . إنه سوف يكون استعادة حقيقية وعميقة للحياة . فمثلاً بالنظر إلى هولوجرام من جانب إلى آخر سيتمكن المشاهدون من رؤية ما حول الجسم المصور ، فيرون حجمه ومكانه من الفراغ .
والهولوجرا في عملية من عمليات التصوير الفوتوجرافى ، يستخدم فيها شعاع لازر ومرآة وفيلم خاص . وهو لا يعتمد على نظام العدسات كما في التصوير الضوئى والهولوجرافى كما شرحه دينيس جابور في لندن عام ١٩٤٧ ، اصطلاح مأخوذ من كلمة ( هلوس ) فى اللغة اليونانية بما معناه To Record Everything تسجيل كل شيء . أو تسجيل الصورة من كل اتجاهاتها الخلط بينه وبين ما هو معروف من قبل باسم الهولوجراف ، والذى يعنى الكتابة الخطية التي يكتبها الشخص بنفسه لتسجيل وثيقة قانونية كوصية مثلاً . ويعتمد أساس الهولوجراف على انشطار شعاع ضوئى . ومن هنا جاءت العقبة التي اعترضت جابور عندما فكر في استخدام الضوء العادى . لأن الضوء العادى سواء أكانت الشمس أم لمبة فلاش إلكترونى - تصدر نماذج غي الأشكال الموجية وقد أمكن التغلب على هذه العقبة بفضل تطوير شعاع لازر الغازي المتحد في الشكل الموجى . وفى عام ١٩٦٢ صور فريق من علماء جامعة ميتشجان أول هولوجرام بالأبعاد الثلاثة ووجهوا بذلك الاهتمام نحو الاختراع الجديد .
وفى الهولوجرافي ، يشطر شعاع لازر إلى شطرين . يوجه شطر منهما نحو
تعليق