طالب جهازاً صغيراً يشبه الآلة الكاتبة ، ومتصلاً بعقل إلكترونى ، يسأل الطالب - عن طريق الآلة الكاتبة - أسئلة خاصة بدروسه اليومية ، فيرد الطالب عليه - عن طريق نفس الآلة الكاتبة - ويقوم الجهاز بتصحيح الإجابة ، ثم يكافى التلميذ أو يعاقبه . وإذا نجح التلميذ فى الإجابة قدم له العقل سؤالاً أصعب ، وإذا فشل قدم له سؤالاً أسهل .
ويقول العالم الشهيرا أو بنها يمر ( توفى فى مارس ١٩٦٧ ) : « هل معنى ذلك أنه في استطاعتنا في المستقبل أن نقوم بأى عمل ما دام العقل يقوم بكل هذه الأعمال ؟ إن الحقيقة هى فى عكس ذلك تماماً. لأن الآلة تقدم بصفة مستمرة ردوداً سريعة جدا وكثيرة جداً، مما يستدعى زيادة حجم العمل – الذي يزداد بزيادة عدد السكان - أى لا نكاد ننتهى من مسألة حتى نجد مسألة أخرى في انتظارنا» .
وهناك جهاز آخر تستخدمه جامعة بنسلفانيا فى أمريكا . وهذا العقل موجود في مقر شركة IBM فى مدينة يوركتاون، وعلى اتصال بالجامعة عن طريق خط تليفونى ينتهى عند آلة كاتبة فى الجامعة . ووضع المدرسون حلول امتحاناتهم على شكل برنامج داخل العقل . ويقوم الجهاز بسؤال الطالب عن طريق « التليكس » ( المبرقة الكاتبة ) ويقوم بمقارنة الرد بالحل الذى وضعه الأستاذ ، ثم يرد على الطالب ويعطيه الدرجة التي يستحقها .
وقد ظهر في الأسواق جهاز جديد للتعليم ه آلاف دولار ، يتعدى سعره واسم الجهاز ( السبورة الإلكترونية ) ويجلس المدرس في حجرته أمام لوحة صغيرة تمثل الفصول الدراسية ( وعددها ستة )، ويكتب بوساطة قلم إلكترونى على لوحة صغيرة فوق منضدة ، فتنتقل تعليماته الدراسية رأساً على السبورة الإلكترونية في كل فصل ، وينتقل صوته عن طريق ميكروفون فوق لوحة المفاتيح. فيستطيع التلاميذ أن يشاهدوا خط الأستاذ على السبورة ويسمعوا صوته في نفس الوقت. كما يستطيع التلاميذ أن يسألوا الأستاذ عن طريق ضغطهم على مفتاح أمام كل منهم . وعندما بضغط التلميذ على المتاح يضاء نور أحمر على لوحة الأستاذ ، فيعرف الأستاذ كان التلميذ وفى أى فصل هو ، ويرد عليه فى الحال .
وهناك جهاز آخر بدأت التجارب عليه فى فرنسا في الحقل الطبي . وسوف يستطيع كل طبيب أن يتصل بهذا الجهاز من عيادته. وهذا الجهاز الذي في عيادته عبارة عن لوحة مفاتيح ، كتب على كل مفتاح اسم مرض ما . ويضغط الطبيب على مفتاح المرض ثم يكتب على الآلة الكاتبة بالعقل تشخيصه لهذا المرض ، فيصل إليه الرد فوراً ، ويستطيع العقل أن يعطى الطبيب ردوداً توفر عليه من ١٠ إلى ١٣ يوماً من الأبحاث وانتظار نتيجة أبحاثه ، وذلك في أقل من ثانية واحدة .
وينتظر الخبراء نتيجة هذه التجارب لاستغلالها فى صناعة الصحافة . إذ سوف يستطيعون بوساطتها أن يقدموا لكل قارئ ما يطلبه عن طريق الجهاز المنزلى الذى أن تحدثنا عنه . وذلك لأن أذواق القراء تختلف في نوع المادة التي يهمهم أن يقرأوها أو يحتفظوا بها .
ويفكر الخبراء فى صنع جهاز يوضع فى مصلحة التليفونات – مثل جهاز الساعة الذي يطلب فى القاهرة برقم ١٥ - ويستطيع المشترك أن يدير رقماً معيناً ، ثم يدير رقماً آخر فترد عليه نشرة الأخبار ، وإذا أدار رقماً ثانياً يرد عليه قسم الرياضة . . وهكذا يمكن للمستمع أن يلم يجميع الأخبار والموضوعات والتحقيقات عن طريق التليفون المتصل بالعقل الإلكترونى الذى يجهز يومياً بالأخبار والموضوعات والإعلانات التي تفصل بين الخبر والآخر . كما يمكن عن طريق نفس جهاز التليفون الحصول على نسخة مكتوبة عن طريق جهاز Zetfax الذي سبق أن تكلمنا عنه أيضاً .
ولا يتوقع الخبراء نجاحاً للصحيفة المسموعة ، أو للصحيفة المكتوبة ( حسب الطلب ) ويقولون إن القارئ لن يستغنى أبداً عن الصحيفة التقليدية التي يستطيع أن يشتريها وقتما يشاء ويقرأها حيثما يكون . والدليل على هذا الكلام أن التليفزيون والراديو لم يشكلا أى خطر على الصحافة حتى اليوم . لذلك تتجه الأنظار نحو الأجهزة الإلكترونية الحالية. مع إجراء بعض التحسينات عليها . وقد حاول بعض الصحف أن يجعل المخبر أو الكاتب يعمل رأساً على جهاز البرفوريتور ( آلة الثقب ) لإخراج شريط مثقوب من مقالاتهم إلى جانب النسخة المكتوبة على الآلة في نفس الوقت . وبذلك يستغنون عن عمال الأشرطة . وقد شاعت هذه الطريقة في بعض الصحف ثم ثار عليها المحررون .. ويرفض رؤساء التحرير هذه الطريقة من العمل ، ويقولون إن المحررين والكتاب يكتبون الخبر والموضوع ، وأى عمل آلى سوف يعطلهم عن التفكير والخلق ، كما أنه لا يمكن الجامعى الحروف أن يصبحوا مخبرين وكتاباً .
وكانت ثورة المحررين على هذا الأسلوب فى العمل حافزاً للعقول البشرية ، جعلها تخترع جهاز ( شبكية العين الإلكترونية ) وقد عرض هذا الجهاز على الناشرين ومديرى المؤسسات الصحفية فى نيويورك فى عام ١٩٦٦ ، ونزل إلى الأسواق في نفس العام ، واستخدمته حتى اليوم شركتا تأمين وشركة جوية ومؤسسة صحفية واحدة ، وذلك بسبب ارتفاع سعره الذى يبلغ نصف مليون جنيه ، أما إيجاره الشهري فيبلغ حوالى ثمانية آلاف جنيه إسترليني .
إن هذا الجهاز يستطيع أن يقرأ الأحرف المكتوبة رأساً من الأصل المنسوخ على الآلة الكاتبة . وبذلك يعني المحرر أو الكاتب أو العامل من عملية ثقب الشريط. ويقرأ الجهاز الحروف - تماماً كما تفعل العين البشرية – بصورة مستمرة كآلة التصوير السينمائى ، وهى تتحسس المعلومات بسرعة ۲۸ ألف كلمة في الدقيقة ، وتميز اللون الأبيض والأسود والظلال ، ولها القدرة على أن تصحح الأخطاء في المسودة . كما يمكن تحضير الإعلانات والرسوم البيانية والخرائط عن طريق هذه العين الإلكترونية .
ولم يترك الخبراء الأمر عند هذا الحد، لأن معنى هذا الاختراع أن المخبر أو الكاتب يجب أن يكتب مقاله أو خبره على آلة كاتبة لها حروف مميزة تستطيع أن تقرأها العين الإلكترونية . بينما هناك كثير من الصحفيين والكتاب يفضلون الكتابة بخط أيديهم . فتضطر المؤسسة الصحفية أن تعيد كتابة هذه الموضوعات على الآلة الكاتبة . ومن هنا فكرت إحدى الشركات (IBM) في صنع أول آلة تستطيع قراءة الأرقام والحروف المكتوبة باليد - على أن تكون قريبة الشبه من حروف الآلة الكاتبة . ويباع هذا الجهاز في الأسواق ، لكنه لا يستطيع أن يقرأ أكثر من رقم 1 إلى رقم صفر ومن الحروف الأبجدية لم يستطع أن يقرأ بعد أكثر من خمسة حروف CST . وهذا القارئ البصرى 1287 يمكنه قراءة الوثائق وفحصها مثل الفواتير وكوبونات البيع ، إلى جانب هذه الحروف الخمسة التي كثيراً ما يستعملها الموظفون كرموز على الفواتير. ويبلغ ثمن الجهاز ١٦٢ ألف دولار ويمكن تأجيره لقاء مبلغ شهری قدره ٣٦٠٠ دولار وتحاول الآن هذه الشركة أن تعلم الجهاز القارئ الحروف الأبجدية المكتوبة باليد . وتقول الشركة : ( إن العقل الإلكترونى الذى يعرف كيف يتكلم ويكتب على الآلة الكاتبة ويرسم ويلحن ويترجم اللغة الصينية ، بدأ الآن يتعلم الأبجدية . لقد كان حتى اليوم لا يعرف كيف يقرأ خط اليد . هذا الأمى هو عقلنا الإلكترونى ) .
بدأ العمل في هذه الأجهزة القارئة منذ ثلاث سنوات في أمريكا . أما الاتحاد السوفييتي فما موقفه من هذا التطور فى صناعة الصحافة ؟ كان الاتحاد السوفييتي بعيداً عن هذا الموضوع فى الأربعينات وأوائل الخمسينات . ظناً منه في بادئ الأمر أن هذه العقول سوف تزيد من بطالة العمال . ثم عاد الاتحاد السوفييتي ودخل الميدان من أوسع أبوابه ليلحق بهذه الصناعة العظيمة . وقد نشرت جريدة « الأهرام » خبراً من موسكو نقلته وكالة أنباء الشرق الأوسط فى ١٣ ديسمبر عام ١٩٥٩ يقول : نشرت صحيفة " أزفستيا" السوفييتية أن الاتحاد السوفييتي صنع أول جهاز إلكترونى لجمع الحروف . يوضع الأصل المكتوب فى الآلة فيقوم جهاز مغناطیسی کهربائی بتحويل الحروف إلى رموز ثم تقوم الأجهزة الإلكترونية بجمع الحروف بطريقة آلية . وأهم مميزات هذا الجهاز أنه يمكن تشغيله باللاسلكي من أي بلد في العالم كما أنه يستطيع كتابة الخرائط والجداول المعقدة » .
هذا بعض ما يتوقعه الخبراء للعقل الإلكترونى ، أما استخدام الشاشة الإلكترونية في الصحف ، فإنهم يتوقعون لها مستقبلاً أفضل . وقد بدأت منذ الآن معظم العقول الإلكترونية تستعين ( بنوافذ تليفزيونية ) فى عملها . وهذه النوافذ عبارة عن شاشة تشبه شاشة جهاز التليفزيون ، تحتها آلة كاتبة متصلة بالعقل . ويستطيع الصحفى أن يسأل العقل في أي موضوع ويتلقى الرد فوراً مكتوباً على الشاشة . كما أن السبورة الإلكترونية التي سبق أن جاء ذكرها فى المدارس ، هي شاشة رئيس تحرير المستقبل والقلم الذي بدأ يستعمله المدرس اليوم هو قلم رئيس تحرير المستقبل ، الذي سوف يستطيع بوساطته أن يشطب أى فقرة من المقال أو يضيف إليه ما يشاء .
وفى مجال الطباعة بدأ الخبراء يميلون إلى استخدام الطباعة الكهربائية ( بدون حبر ) . خاصة بعد نجاح التجارب التى أجريت عليها . وهذه الطباعة سوف تصبح بلا شك طباعة المستقبل . وفى استطاعة آلات النسخ ( Photocopier) اليوم أن تطبع ۷۲۰۰ نسخة من أى مادة فى الساعة الواحدة . وقد اخترع هذا الجهاز كيميائى هولندى . وهذه السرعة التى توصلوا إليها اليوم تبشر بنجاح كبير في هذا المجال وقد استطاع مهندس أسترالى أن يحدث ثورة فى هذا الجهاز الحديث . لأنه استطاع أن يضيف إلى الجهاز السابق ميزة جديدة ، وهى ميزة الطبع بالألوان عليه . فقد تمكن أن ينقل ( أو يطبع ( صورة ملونة فى أقل من ثانية . وظهرت الصورة بجميع ألوانها بدون استخدام أى حبر . وذلك بوضع الصورة الأصلية الملونة في الجهاز ويضع فوقها ورقة من نوع خاص مكهربة بالكهرباء الستاتيكية . ويمر من خلالها شعاع من الضوء ثم يضع الورقة فى حمض معين فتظهر الصورة بجميع ألوانها . و يحاول الخبراء الآن إلغاء الحمض من هذه العملية ، وقصرها على الكهرباء . ومن الاختراعات الجديدة التى بدأت تظهر فى صناعة الصحافة جهاز يجفف الحبر فوراً في الطباعة السريعة . وذلك باستخدام طريقة التسخين بالموجة الدقيقة وتستخدم هذه الطريقة ( موجهاً موجياً ) يوضع فوق المطبعة الدائرية ، وهو يشغل مكاناً أصغر المكان الذى تشغله أجهزة التجفيف الحالية . ويعمل هذا الجهاز بنفقات قليلة ، ولا يرفع درجة حرارة المساحة التى يستخدم عليها . ويتوقف من تلقاء نفسه كلما توقفت المطبعة عن الدوران. وهذه الطريقة في التجفيف ترفع سرعة دوران المطبعة عند طباعة الألوان .
وهناك جهاز آخر ظهر فى الأسواق ، يستخدمه المخبر الصحفي المتجول ، وهو عبارة عن كاميرا للتصوير مجهزة بميكروفون تلتقط الصورة والصوت في نفس الوقت . ولا تتعب العقول البشرية أو تكل في سبيل تحسين صناعة الصحافة ، إن الخبراء لا يتوقفون عن البحث والابتكار لتذليل جميع العقبات أمام صحافة المستقبل . وهناك مجال آخر من مجالات الطباعة الحديثة بدأت الصحف تتجه إليه . وهذا المجال هو طباعة الصور المجسمة (Hologram) . وتستعد مجلة «لايف» اليوم لنشر هذه الصورة لأول مرة مجسمة بأبعادها الثلاثة بكل ما في هذه الكلمة من معنى إنها ليست فقط صوراً تعطى الإيحاء بأنها مجسمة دون أن يكون هناك تجسم حقيقى .
تعليق