(ب) التوزيع :
والتوزيع بدوره يمثل مورداً هاما لا يقل عن مورد الإعلانات لاسيما وأن زيادة نسبة التعليم والاهتمام في العصر الحديث بمتابعة الأحداث الداخلية والدولية من شأنه أن يفضى إلى زيادة مستمرة فى أرقام التوزيع . والنسب التالية توضح مدى الزيادة التي سجلها «الأهرام» في توزيعه في السنوات الأخيرة.
( ح ) إيرادات متنوعة :
وبجانب حصيلة الإعلانات والتوزيع تحصل الدار الصحفية على إيرادات أخرى. المشاهد أن بعض هذه الإيرادات وثيق الصلة بالعمل الصحفي ويتمثل في بيع مخلفات المطابع من ورق ومواد استخدمت فى الطباعة، والبعض الآخر يعود من وراء استخدام الدار الصحفية لمطابعها في طبع الكتب والدوريات وتنفيذ بعض العمليات التي تقوم بها لحساب مجموعة من العملاء وهي في مجموعها لا تعدو أن تكون عمليات تصنيع الحساب الغير وتتفاوت أهميتها بين دار وأخرى تبعاً لإمكانياتها في الطباعة . يضاف إلى ذلك أن ثمة عمليات جانبية يمكن أن تقوم بها الدار ويعود من ورائها ناتج ، كأن تعمل في حقل الإعلان الخارجي عن طريق الإعلانات بالملصقات أو الإعلان بالبريد أو إعداد الحملات الإعلانية في المجلات والجرائد الأجنبية . وفى التوزيع عن طريق استخدام أجهزة التوزيع في توزيع مجموعة من. الجرائد والمجلات والمطبوعات المحلية أو الأجنبية .
٢ - المصروفات :
تتسم مصروفات أى دار صحفية بطابع خاص قد يميزها عن غيرها من التي تعمل في قطاع الصناعة، من حيث إن الأغلبية العظمى لمصروفات الدار لا تعدو أن تكون مصروفات ثابتة . فالأجور وما في حكمها ، وما يعد مكملاً للأجر ، يمثل في بعض الدور نسبة تصل إلى ٣٥٪ من مصروفات الدار . أما البند الثاني الذي يسجل رقماً خطيراً في ميزانية أى دار صحفية فهو ولاشك ما ينفق فى سبيل استيراد الورق . والورق الذى يستخدم في المؤسسات الصحفية فى العادة على نوعين : إما ورق جرائد وزن ٥٢ جراماً للمتر المربع أو ورق مجلات ( ساتينيه ) وزن ٦٠ جراماً . ويخصص النوع الأول لإصدار الجرائد فى حين يخصص النوع الثاني لإصدار المجلات هذا ، وقد تستعين الدار الصحفية بأنواع أخرى من الورق الذي يستخدم في العمليات التجارية وهو من أنواع وأوزان مختلفة وينتج غالبيته محليا . وتمثل المصروفات الصناعية نسبة وإن كانت ضئيلة إن قورنت بالورق إلا أنها ذلك ذات أهمية خاصة لا سيما أن نسبة كبيرة من هذه المواد يستورد من الخارج . أما المصروفات الأخرى المتغيرة فهى ضئيلة جداً .
ولقد قضى قانون تنظيم الصحافة الصادر فى ۲۳ مايو سنة ١٩٦٠ بأن الأرباح التي تحققها المؤسسات الصحفية يوزع نصفها على العاملين بالدور الصحفية و يخصص النصف الآخر للتجديدات والتوسيعات الأخرى داخل الدار . وفى هذا ما ينم عن أن العاملين في المؤسسات الصحفية يحصلون على أكبر نصيب من الربح ، بل يراعى في توزيع الربح أن تكون فئاته لأصحاب المرتبات الصغيرة أعلى بكثير من أصحاب المرتبات الكبيرة .
وإذا كانت هذه هي الصورة التى نشاهدها على الطبيعة في حياتنا اليومية داخل الدور الصحفية إلا أنها لا تعدو في الحقيقة أن تكون صورة مؤقتة، إذ أن المستقبل ينتظر من هذه الدور تعديلات شاملة وجوهرية فى أوضاعها الإدارية ونظمها الداخلية حتى تساير ركب التقدم الفنى . ومن ثم يغدو لزاماً أن نقف قليلا بالتطوير المطلوب في المؤسسات الصحفية حتى نحدد من خلالها صورة المستقبل .
معالم صورة المستقبل :
إن كل يوم تبزغ شمسه يجيء بمستحدثات جديدة في عالم الصناعة فتخرج المصانع أحدث المعدات والأجهزة، تهدف من وراء ذلك إلى تجويد في الإنتاج وتنوع له واستخدام أرقى الأساليب للعمل فى مختلف القطاعات . وكما امتدت يد العلم إلى القطاعات الصناعية المختلفة فقد امتدت أيضاً إلى أساليب الطباعة . فالطباعة تجاوزت ذلك العهد الذي كانت تجمع فيه الحروف بالأيدى وأصبحت هذه المهمة تباشرها العقول الإلكترونية . والمؤلفات الكثيرة التي صدرت فى السنوات الأخيرة تكشف ولا شك عن خطورة التطور الذى أصاب ماكينات وأجهزة الطباعة في السنوات الأخيرة . ومن الطبيعى والعقل البشرى قد اهتدى إلى هذه المخترعات وتوصل إلى إنتاج هذه الأجهزة الدقيقة ألا يقف مكتوف اليدين أمام تنظيم علاقة الفرد بالآلة ووضع الأساليب في الإدارة وفى ترشيد العمل بحيث لا يتخلف الفرد عن تطور الآلة .
وما من شك في أن إدخال الأجهزة والآلات الحديثة في الدور الصحفية بملى تنظيمات عدة على الأجهزة الإدارية بل على طبيعة العمل داخل القطاعات المتكاملة في الدار الصحفية . فإدخال الحسابات الآلية والاستعانة بالعقل الإلكترونى الذى بلغ في تطوره الجيل الثالث يستتبع بالضرورة وضع دورة مستندية بين أقسام الحسابات تمكن العقل الإلكترونى من التوصل إلى النتائج المطلوبة في يسر وبطريقة لا تعوق .. وإن إنفاق آلاف الجنيهات شهرياً على العقل الإلكترونى يقتضى تشغيله إلى أقصى درجة في مختلف المجالات. ومن ثم يجب الاستعانة به في نظم التكاليف للدار بحيث إن كل مشروع تنفذه الدار الصحفية تدرك تماماً العائد منه وتتحرك داخل إطار محكم وفى ضوء أحدث النظم الحسابات التكاليف. ويجب الاستعانة بالعقل الإلكتروني في إصدار فواتير العملاء في الإعلانات على أن يقوم هذا العقل بتقديم البيانات المقارنة للحسابات والأرصدة فى أوقات منتظمة . كما يتولى إعداد فواتير باعة الصحف مهما كان عددهم ومهما كان عدد الجرائد والمجلات والكتب الموزعة وتنظيم عمليات المرتجع وإعداد الكشوف المقارنة بل إحكام الرقابة على مخازن المرتجعات ومتابعة حركة . المخلفات . ناهيك عن قيام العقل الإلكترونى بضبط عمليات المخازن بما فيها من المواد الأولية وقطع الغيار وإعداد الدراسات والبيانات التفصيلية لإنتاجية الورق وحجم الاستهلاك ، فضلاً . عن الاستعانة به في حركة الأجور والعمولات بل فى الرعاية الطبية والتأمينات الاجتماعية . ويستخدم العقل الإلكتروني في أعمال التحرير فيتقبل المقال ويختزن المادة التحريرية حتى إذا تحدد الوقت الخاص بنشر المقال تولى عملية تحويل المادة إلى شريط مثقوب يصل إلى ماكينات الجمع فتتولى أوتوماتيكيا جمع المقال في سرعة خاطفة بحيث يصبح في دقائق معداً ليدخل مرحلة الطباعة .
وإذا كانت هذه الأمثلة تدل على أهمية الدور الذي يلعبه العقل الإلكترونى في مؤسسة صحفية فهو يعنى من ناحية أخرى أن كافة التنظمات المالية والإدارية يجب أن تعد على نحو تمكن هذا العقل من أن يحقق أجلها . وإلى جانب مشكلة التنظيم وهى عملية تنسيق وتهذيب وترشيد لمراحل العمل توجد مشكلة أخرى تتمثل فى تلك الزيادة المطردة ، في عدد العاملين للدور الصحفية وما إذا كانت هذه الأجهزة الحديثة تفضى إلى إيجاد عدد كبير منهم بلا عمل .
وظاهرة زيادة العاملين ليست بظاهرة محلية وإنما دولية فقد زاد عدد العاملين في الأهرام مثلاً في السنوات الأخيرة على النحو الآتى :
ولا شك في أن تنظيم العمل وترشيده يستلزم إيجاد العمل المناسب لكل من يعمل في الدار الصحفية وهي مهمة ليست باليسيرة غير أنها لازمة وضرورية إذ أن بقاء أى من العاملين بدون عمل يفضى فى الحقيقة إلى تعطيل الغير وإلى وضع العوائق في طريق مراحل التطور المطلوبة داخل الدارم الصحفية .
بيد أنه كما لا يخفى إيجاد العمل الملائم يستدعى التدريب على الأجهزة الحديثة بل على أسلوب العمل نفسه وثمة جوانب من تلك التى أشرنا إليها حالاً قد لمسها « الأهرام عند الانتقال للمبنى الجديد . فمن ذلك عدد العاملين في قسم التجهيز بإدارة التوزيع فيبلغ عددهم ما يقرب من السبعين عاملاً يقومون باستلام النسخ التي تصدر من المطبعة ثم يدفعونها على عربات إلى صالة التوزيع وتقوم مجموعة أخرى بعملية حزم الربط ثم تتلقفها الأيدى حتى توصلها إلى اللوريات التي تقوم بالسفر إلى خارج العاصمة أو بالتوزيع في الداخل أو بالتوصيل إلى المحطات والمطارات . وفى المبنى الجديد تتم هذه العمليات بواسطة أجهزة حديثة حتى إن حزم الربط يتم بماكينات خاصة ، والتوصيل من الماكينات إلى السيارات بعد الحزم يجرى عن طريق أجهزة خاصة . هي المحولات أو الملفات الحلزونية التي تسقط بالربط إلى اللوريات التي تنتظر الجرائد في أسفل الدار. ولا مراء فى أن استخدام هذه الأجهزة قدوفر نصف العاملين في قسم التجهيز إلا أنه عمل على تدريبهم فوراً على أعمال المخازن وعلى أعمال توزيع الاشتراكات وفى عمليات استلام المرتجعات من المتعهدين والباعة فى المدن والعاصمة . وثمة مشكلة أخرى نواجهها في مبنى الأهرام الجديد وهى الخدمة السايرة . فوفقاً لدراسة إحصائية تبين أن كل خمسة من الموظفين يلحق بهم أحد الخدمة السايرة في حين أن بعض الدور الصحفية في لندن وتشغل تسعة أدوار يخصص للدار كلها ثلاثة السايرة . وإدخال نظام المواسير الشافطة والمصاعد الخاصة بالملفات للاتصالات الداخلية في مبنى الأهرام الجديد أدى إلى الاقتصار في كل دور على عدد قليل من العاملين في هذا المجال .
بيد أن هذا التنظيم سيؤدى فى حقيقة الأمر إلى بلوغ هدفين ، فمن ناحية سنعمل على النهوض بمستوى الكفاءات فى الدار بحيث يشغل كل فرد الوظيفة أو يشغل العمل الذي يناسبه فنقدم الكيف على الكم ، ومن ناحية أخرى يعاد توزيع ) فلا يستغنى عن أي فرد بل سيوجه من هم في غير حاجة العمل إليهم في قسمهم أو إدارتهم إلى إدارات أخرى تعدهم الإعداد الملائم .
هذه هي الخدمة الصحفية التي تقدمها جريدتان صباحيتان كبيرتان . أما في مجال النشر الأسبوعى فإن مجلة بارى ماتش تعتبر مثلاً للخدمة الصحفية الممتازة . وتوزع مجلة بارى ماتش مليوناً و ٤٠٠ ألف نسخة فى الأسبوع. ويعتبر هذا الرقم أ توزيع عرفته الصحافة الفرنسية الأسبوعية أو اليومية . وأقرب المنافسين لهذه المجلة هي جريدة ( فرانس سوار ) التي توزع مليوناً و ۱۰۰ ألف نسخة .
وسبب نجاح هذه المجلة يتركز فى سرعة وجودها في مكان الأحداث ونشرها لأكبر عدد من التحقيقات الصحفية المصورة بالألوان أو باللون الواحد . ويندر أ أن يصدر عدد منها دون أن تنشر فيه سبقاً صحفياً مصوراً . واشتهرت هذه المجلة بالخدمة الممتازة التي تقدمها لقرائها، وبحركتها السريعة وقت الأحداث الهامة . وما كادت تقع كارثة انهيار جبل أبرفان فى بريطانيا على مدرسة أطفال، حتى أوفدت مجلة باری ماتشستة من رجالها إلى منطقة الحادث . وكانت الكارثة قد وقعت يوم الجمعة وهو يوم موعد الطبع ، وصدرت باری ماتش بتحقيق مصور يوم الثلاثاء في ثمانى صفحات .
ويرأس تحرير المجلة روجيه تيرون ( ٤٠ سنة ) الذي بدأ العمل فيها منذ صدور العدد الأول منها في عام ١٩٤٩ ، ويقول رئيس التحرير : « إن لنا هدفين أن نصدر قبل الآخرين ، وأن نخدم الموضوع الصحفى خدمة كاملة » . ولكي تصل بارى ماتش إلى هذا الهدف ، استخدمت عدداً كبيراً من أحسن المصورين والمحررين ، الذين يقومون بمغامرات جريئة ، لكي يصلوا إلى موضوعاتهم. ففي سنة ١٩٦١ أسقطت أحد رجالها بالمظلة فوق السفينة البرتغالية سانتا ماريا . أن استولى عليها قائدها الجنرال دلجادو . وكثيراً ما تنكر مصوروها ومحرروها في هيئة موزعي بريد وفلاحين وبائعى لبن . وقد تمكن أحدهم أن يحضر اجتماعاً عقده الكرادلة في روما ، بعد أن تنكر وارتدى زى أحد تابعى الكردينال . ويباغ عدد المحررين فى هذه المجلة . محرراً، أما المصورون فيبلغ عددهم ٣٠ ومعظمهم يعملون منذ صدورها. ويقول بيل سميث ، وهو الصحفى الإنجليزي الوحيد الذي يعمل مراسلاً لهذه المجلة ، يقول إن العاملين في هذه المجلة يعتبرون النخبة المختارة بعد من صحفي فرنسا .
وتدفع بارى ماتش مبالغ طائلة للحصول على أول صور من أى موضوع يهم الرأى العام .
وهذه المجلة هي إحدى المجلات الأربع التي يملكها جان بروفو ( ٨٢ سنة ) وبالرغم من كبر سنه فإنه يذهب إلى مكتبه كل يوم ويشرف على التحرير بنفسه ، وكثيراً ما حذف موضوعات كثيرة قبل موعد الطبع بساعة ، لأن هذه الموضوعات لن تثير اهتمام أحد . وتقدر أرباح هذه المجلة فى العام بمبلغ ٣٥٠ ألف جنية ، ويدفع المعلن سعراً مرتفعاً فى الصفحة الملونة يقدر بمبلغ ٣ آلاف جنيه، وألفى جنيه للصفحة العادية باللون الواحد . وتطبع المجلة ألوانها الرائعة بطريقة الهليوجرافور ، في مطبعة خارجية لا تتبع المجلة. لكن بارى ماتش استطاعت أن تحصل على جهاز للجمع التصويري وضعته فى مبنى المجلة، وتجمع عليه موادها ثم ترسل أفلامها إلى المطبعة مع الصور ، حيث تتم عملية الطبع .
وكثيراً ما . تستخدم . عدداً ضخماً من الصور في تحقيقاتها الصحفية تعتبر رقماً قياسيا في الوسط الصحفى. وقد نشرت ٤٢ صورة في تحقيقها عن زيارة البابا لأمريكا ، عام ١٩٦٥ ، كما نشرت ۷۲ صورة في تحقيقها عن جنازة تشرشل و ٤٨ صورة في موضوع عن الحرب العالمية الأولى . وتتم عملية اختيار الصور في نفس اليوم الذي تطبع فيه المجلة ( الجمعة ) ، فتوضع جميع صور العدد على المكتب وتبدأ عملية الفرز ، ويشترك فيها جميع المصورين ، وبعد اختيار الصور الأصلح للنشر تبدو قاعة التحرير « كمستشفى المجانين ، يركض المحررون والمصورون لإنهاء عملهم في أسرع وقت . وفجأة يسود الهدوء ثم يرتفع صوت فتح زجاجات الشمبانيا في وسط القاعة ، وتبدأ الحفلة التى تتكرر كل أسبوع بعد الانتهاء من العمل .
تعليق