و تثبت عملية وصل الكلمات المقدرة المتعددة للعقل الإلكترونى وكذلك التخطيط المعقد الذى يشتمل عليه إعداد البرنامج، ويتم تقسيم الكلمة عن طريق جدول للاحتمالات التى يجب فيها تقسيم الـ الكلمة . وقد أعد هذا الجدول في ذاكرة الآلة وبعد تحليل نحو ثلاثة ملايين كلمة من اللغة . ويقول مستر بيل وليامز رئيس قسم العقول الإلكترونية فى جريدة التايمس فى أوكلاهوما و نتيجة لتحليل ثلاثة ملايين من كلمات اللغة ظهر على سبيل المثال أن نسبة ٤٠ في المائة من نسخة الجريدة تتكون من كلمات تتألف من أربعة أحرف أو أقل ، واتضح أن الكتاب المحليين في الجريدة يستخدمون كلمات أقصر فى المتوسط من تلك التي يستخدمها المخبرون الصحفيون على الخدمة السلكية، وظهر أيضاً أن نسبة ٢٠ في المائة فقط من النسخة المكتوبة محليا كلماتها مفصولة ، في مقابل نسبة ٢٥ في المائة في النسخة السلكية أما في اللغة العربية فإن هذه المشكلة غير موجودة أصلاً ، ولكن هناك مشكلة أخرى أمكن حلها ، وهى عملية توسيع السطر بواسطة الكشيدة – الشرطة - فالكلمة باللغة العربية لا يمكن تقسيمها إلى جزأين كما سبق أن ذكرنا . ولكن يمكن مد الكلمة بحيث توضع شرطة - أو عدة شرط - بين الحرفين المتصلين . فمثلاً يمكن كتابة كلمة ( ماكينة ) دون توسيع ويمكن كتابتها ( ماكينة ) بعد التوسيع . وهكذا يمكن ضبط السطر بواسطة الشرطة .
كل هذه المسائل المعقدة كان العامل يفكر فى حلها قبل ابتكار ضبط السطور بواسطة العقل الإلكترونى . ولكن هل هذه هي كل مشاكل عامل الجمع ؟ وهل هناك مشاكل أخرى لا يمكن حلها ؟
من الواضح أن هناك مشاكل ( بشرية ) لا يستطيع الجهاز أن يتدخل فيها لحلها . وأهم هذه المشاكل رداءة الخط وكثرة التصحيحات على الأصول . والمعروف أن قسم الجمع فى الصحيفة اليومية هو محور الإنتاج . وتؤثر سرعة هذا القسم تأثيراً مباشراً على الإنتاج في جميع الإقسام الأخرى . واتضح من دراسة تناولت أكثر من ١٠٠ من دور الصحف المختلفة الحجم والطاقة أ أن مستوى عامل الجمع أو الكاتب على البرفوريتور ( أجهزة الثقب ) يختلف بين عامل وآخر . بل يختلف في نفس العامل الواحد إلى درجة لا يمكن تصورها . فقد أثبتت الدراسات التي أجريت في كثير من : الحروف وقاعات البرفوريتور أن العمال جمع يقضون فقط نسبة تتراوح بين ٢٩,٦ و ٤٧,٧٪ في الكتابة على الآلات بينما النسبة المقررة يجب أن تتراوح بين ٦٠٪ و ۸۰٪ ولا يعتبر العاملون على هذه الماكينات مسئولين دائماً عن هذا المستوى المنخفض للإنتاج . لأن قوتهم الإنتاجية تتأثر بعوامل كثيرة منها فاعلية الإدارة ونوع ماكينة الجمع أو البرفوريتور ، ومستوى صيانة الماكينة ، وتنظيم الآلات والمعدات وإمكانية الحصول على النسخة ونظام توزيع النسخة ونوع النسخة وحجمها ونظافتها. وفى كثير من دور الصحف لا يهتم كثيراً بنوع النسخة . ودلت الدراسة في بعض الحالات على أن العاملين على ماكينة جمع الحروف يقضون نسبة ۲۳ ٪ من ساعات عملهم في انتظار النسخة المكتوبة ، وقبل البدء في جمع الحروف يقضون %١٤ % أخرى من وقتهم في القراءة وفك الرموز . ويتبع ذلك أن نواحى الضعف في إعداد النسخة المكتوبة وسير العمل يمكن أن تكلف كثيراً من الوقت والمال . ولا يمكن تحقيق الأداء الكامل إلا بالتركيز من جانب عامل الجمع أو الكاتب على البرفوريتور . وتتوقف درجة التركيز بصورة رئيسية على السهولة التى يقرأ بها كل سطر من النسخة المكتوبة .
ومن العوامل التي تعرقل سهولة القراءة الافتقار إلى التناسق في عرض الكلمات والجمل ، ولهذا السبب يعتبر وجود مستوى عال من الكفاءة « وأسلوب خاص بالدار » يستخدمه جميع الصحفيين ، أمراً ضرورياً . إن العمال يواجهون وقتاً و يعملون تحت ضغط السرعة فهم فى حاجة إلى نسخة خالية من الخطأ تمت مراجعتها بصورة جيدة .
ويقول أحد رؤساء قسم الجمع في إحدى الجرائد البريطانية : تعتبر حلول معظم أخطاء المواد ( الأصول ) بديهية بصورة عامة . ولا تستطيع الإدارة أن تتعرف دائماً بسرعة على المشاكل. وهناك خمسة أخطاء يغلب تكرارها :
( ۱ ) وجود أساليب تحرير وطرق مختلفة فى الدار التي تنتج أكثر من صحيفة ، مما يؤدى إلى حدوث تأخير وارتباك لا مبرر لهما ، فى الرد على استفهامات رؤساء العمال والعمال والقراء .
( ۲ ) تدفق متقطع وغير منتظم للنسخ المكتوبة ، تنجم عنه فترة انتظار لا مبرر لها ، تكون نتيجتها زيادة فى الضغط ووقتاً إضافياً بعد انتهاء ساعات العمل .
(۳) تصل النسخ إلى قسمى الجمع والبرفوريتور من مصادر مختلفة ، وكلل مصدر يعتبر النسخ التي يرسلها عاجلة ، ومن ثم تترك لرئيس القسم مهمة فرز النسخ العاجلة .
(٤) وجود عدد كبير من النسخ تصعب قراءته وأجريت فيه تصحيحات كثيرة .
( ٥ ) عدم إمكان إنجاز العمل وفقاً لمواعيد تسلم النسخ ، مما يؤدى إلى عدم المقدرة على مواجهة المواعيد المقررة للإنتاج .
وقد سجلت النقط التالية فى دراسة حالة نموذجية أجريت في إحدى دور الصحف اليومية :
۱ - نظراً لتأخير وصول المواد كان ضغط العمل في قاعتي الجمع والبرفوريتور كبيراً لدرجة أنه لم يكن هناك وقت كاف لقراءة وتصحيح نسبة تتراوح بين ٧٠٪ و ۸۰٪ من النسخ المكتوبة التي جمعت .
٢ - استلزم التأخير تجزئة النسخة أثناء أوقات ضغط الإنتاج إلى أجزاء صغيرة قصيرة لمواجهة أوقات الإنتاج المحددة .
٣ - وفى بعض الأحيان يحدث خلاف على أوليات المواد المطلوب جمعها بين تأخر وصول نسخة خاصة بالإعلان وتأخر نسخة خاصة بالأنباء .
٤ - عدم ملاحظة نفاد الوقت المحدد ( مدة ٣٦ ساعة ) لنسخة إعلانات في الوقت الذي تجرى فيه تغييرات كثيرة فى الدقيقة الأخيرة . ومن عدد من التي لوحظت أثناء مدة الدراسة كان وصول إعلان الساعة الثالثة بعد ظهر يوم الثلاثاء لينشر يوم الأربعاء . وجمع هذا الإعلان وأرسلت بروفاته ، وتم استلام البروفات المصححة في الساعة الخامسة والنصف يوم الثلاثاء ، وأعيد جمع الإعلان وروجعت البروفات وأرسلت ، وتم استلام التعديلات النهائية لهذا الإعلان يوم الأربعاء مساء قبل الموعد النهائي بدقائق .
ه - بعد دراسة نوع وكمية النسخ الواردة ، وجد أن رئيس العمل في قاعتي الحروف والبرفوريتور يأخذ جانباً كبيراً من الوقت في كشف وتصحيح ا التي توجد في نسخ التحرير والإعلانات . ووجد أيضاً أن النسخ متنوعة وليست دائماً سهلة القراءة . وفى حالات كثيرة يقضى العاملون وقتاً طويلاً فى التأكد من البيانات .
٦ - ومن الأمثلة العديدة التى لوحظت ، وتبرز الحاجة إلى تحسين إعداد النسخة المكتوبة ، كانت النسخ الخاصة بالإعلانات المبوبة . فقد تبين بعد تجربة أجريت على ٣٥ إعلاناً مبوباً أرسلت إلى قسم الجمع في فترة تقل عن أسبوع أن هذه الإعلانات جميعاً تحتوى على أخطاء تعطل الإنتاج ، وظهر أن العاملين على ماكينات الجمع هم الذين اكتشفوا هذه الأخطاء .
٧ - كثرة التعديلات التى يجريها قسم التحرير على البروفات. واستسهاله هذا الإجراء ومن المعروف أن كل سطر في التعديل يلزمه ١٥ ضعفاً من الوقت الذي يستغرقه في جمعه الأصلى .
إنها بلا شك أخطاء بسيطة ، ولكنها أدت إلى تأخير الإنتاج بحيث استلزم الأمر تشديد الرقابة على موظفى التحرير والإعلانات المختصين ، مع توجيه قدر كبير من الاهتمام بإعداد النسخ لتقليل الوقت الذى يضيع في عملية التصحيح والتعديل . وفي الدراسة التي قامت بها جمعية الصحف في لندن وجدت أن عامل الجمع ينتج بين ٢٩ ٪ و ٤٧ ٪ فقط من عمله اليومى ، بينما الهدف الرئيسي أن ينتج ٨٠ ٪ هذا النقص في الإنتاج أن العامل يقضى ٢٥٪ من الوقت في انتظار المواد و ١٤ ٪ في قراءة الخط الردىء . وفى النهاية تشكو معظم المؤسسات الصحفية من وسبب نقص الإنتاج .
ومهما يكن النظام أو الطريقة المستعملة فإن كثيراً من دور الصحف لا يدرك الأهمية الكاملة للتحسينات المحتملة التي تسفر عن دراسة إجراءات سير العمل عند هذه المرحلة في إنتاج الصحيفة .
وقد أدت هذه الدراسة إلى وجوب تكرارها فى فترات منتظمة وإلى توجيه اهتمام خاص إلى التدريب . إذ من الضرورى أن يتلقى أولئك الأشخاص المسئولون عن مراجعة المواد وتوجيهها ومن بينهم المراسلون - تدريباً وتوجيهاً بصورة منتظمة. ويجب تذكير قسمى التحرير والإعلانات بأهمية تقديم نسخ يمكن قراءتها بسهولة وبالحجم الصحيح .
ولسهولة إعداد النسخة وجمعها وقراءتها يتحتم وجود « أسلوب خاص بدار الصحيفة » ، والمواظبة على استحداثه واتباعه بدقة .
وكثيراً ما يحدث في الصحف العربية أن تكتب كلمة ما بشكل يختلف في كل مرة في نفس الموضوع . مثل كلمة واشنطن أو واشنطون ومثل كلمة يوجوسلافيا أو يوغوسلافيا . والقارئ يحس بهذه الأخطاء التي يراها تتكرر أمامه على نفس الصفحة .
ويجب - كل ما أمكن - نقل النسخة بجهاز ميكانيكي أو كهربائي أو ضاغط هوائى يصل بين أقسام التحرير والإعلانات وقاعة الجمع وقراءة البروفات ، ومن شأن استخدام مثل هذا النظام أن يقلل إلى حد كبير من وقت رحلة النسخة وتنظيم سيرها ، ويجب التدقيق فى استخدام نظام تحديد أولوية النسخة والصفحة والتأشيرات . ويجب أن يوضع هذا النظام بالاتفاق بين أقسام التحرير والإعلان والجمع على أساس الأوقات المحددة الواقعية لاستلام النسخ . ويجب أن تصل النسخة أيا كان مصدرها ، إلى قاعة الجمع عن طريق رئيس قاعة الجمع ( أو الشخص المعين لاستلام النسخ ) بعد فرزها بدقة والتأشير عليها بما يختص بنوعها وأولويتها والصفحة التي توضع فيها .
من هنا نرى أن الجهاز الإلكترونى لا يستطيع وحده أن يقوم « بعملية السرعة » ما لم يساعده المحررون وكاتبو المقالات والأخبار والمراجعون وسكرتير و التحرير مساعدة كاملة . وبدون هذه المساعدة في إعداد النسخة إعداداً حسناً يضيع الوقت ـ في قاعة الجمع أو في قاعة أجهزة البرفوريتور - ويصبح هذا الجهاز غير اقتصادى على الإطلاق .
إن اهتمام الخبراء بعدم ضياع الوقت جعلهم يبتكرون جهازاً للتنبيه – استعملته جريدة ساوث بند تريبيون في أمريكا - ليساعد في العملية الأوتوماتيكية التامة التي يستخدم فيها العقل الإلكترونى . وهذه العملية لا تحتاج إلى أى عامل على الكونسول . وهي تشمل جهاز معلن يوضع خارج قاعة الجمع ويمكن للمشرفين على أجهزة .t.t.s مشاهدته . ويتم تشغيل الجهاز بتحويله على الآلة الكاتبة الخاصة بالعقل الإلكترونى وعندما يتوقف العقل لأى سبب ، تطبع الآلة الكاتبة سبب التوقف. ولما كانت أسطوانة الآلة الكاتبة تتحرك فإن تحركها يشغل الجهاز المعلن ، ويتنبه المشرفون على قاعة الجمع إلى أن العقل في حاجة إلى رعاية ، وفى الوقت نفسه يقوم الجهاز المعلن بتشغيل جرس لمدة ثلاث ثوان ، ينبه المشرفين إلى أن العقل الإلكترونى توقف. وعندما يحدث ذلك يذهب أحد المشرفين إلى قاعة العقل ويشغل جهازه على أساس المعلومات التى حصل عليها من الآلة الكاتبة ، ثم يعود إلى قاعة الجمع . وعندما يغادر قاعة العقل يعيد إعداد الجهاز المعلن للعمل بالضغط على زر على جدار ، يرد جميع عناصر الجهاز إلى أوضاعها العادية . ويتم أيضاً توصيل لفات الشريط الجديدة التى تركب على أجهزة الثقب على الجانب الخلفي من كل ماكينة جمع بالجهاز المعلن . وعندما تنقص لفة شريط تشغل تحويلة صغيرة جدا متصلة بدورها بالجهاز المعلن ( المنذر ) وجهاز التنبيه الذى ينبه المشرف إلى الحاجة إلى وضع لفة شريط جديدة .
لقد ابتكر هذا الجهاز حتى لا تضيع دقائق قليلة فيتعطل العمل في قاعة الجمع . والدقائق القليلة في صناعة الصحافة قد تكون سبباً في زيادة توزيع الجريدة .
تعليق