أن يميز - حسب البرنامج الحرف المطلوب ، هل هو في أول الكلام أو فى وسط الكلام أو في آخر الكلام ، ثم يختار الحرف المناسب .
وكذلك أمكن إضافة حرفين في مفتاح واحد هما ال يتكرران في كل سطر من مرتين إلى ٥ مرات . وقد أمكن الآن بضغطة واحدة بدلاً من اثنتين أن ينزل الحرفان معاً في متريس واحد . وسوف يحاول الخبراء في المستقبل اختصار بعض الضربات مثل كلمات : إلى وعلى ومن ولم وكيف (Shorthand) وكتابتها بضربة واحدة .
لم يكن الحل سهلاً بدون العقل الإلكترونى . ولكن مع وجود هذا العقل الآن فلماذا لا نترك له هو مهمة التفكير فى أى هذه الحروف ( المتصلة ) يستعمل في كل كلمة ؟ تقرر بعد ذلك الاكتفاء بوضع الحروف الأبجدية المنفصلة فقط على ماكينة البرفوريتور وعددها ۲۹ حرفاً وإضافة بعض الحروف اللازمة مثل إ ، آ ، ؤ ، لا ، ئ ، وكذلك إضافة الحروف الخاصة التي لم تكن موجودة أصلاً مثل « و » و ( و ) و ! و ⬛ و ⚫ أما بقية
والمفاتيح فقد تركت لعملية تشغيل الماكينة . مثلاً مفتاح منها لتشغيل الشريط ومفتاح لإيقاف الشريط ومفتاح يأمر العقل الإلكترونى بتغيير مقاس الجمع من ١٠,٥ كور مثلاً إلى ٩ كور ثم العودة ثانياً إلى المقاس الأصلى . ومفتاح يأمر العقل بوضع الكلمة الآتية فى وسط السطر وحدها ومفتاح يطلب وضع بياض في الجهة اليمنى وآخر لوضع بياض فى الجهة اليسرى ... إلخ كل هذه المفاتيح اسمها مفاتيح ( الأوامر ) . ويجب ألا ننسى أن العقل البشرى هو الذي يأمر ، والعقل الإلكترونى هو الذي ينفذ .
وعندما يبدأ الكاتب عمله على الآلة الثاقبة فإنه يضغط أولاً على مفتاح بدء الحركة _ دون أن يقول للشريط البنط أو المقاس الذى يريده - : - ثم يبدأ الكتابة . فمثلاً إذا أراد أن يكتب كلمتى ( ماكينة الجمع ) فإنه يضغط على المفاتيح الآتية : م ، ا ، ك ، ى ، ن ، ة ، مفتاح مسافة ، ا ، ل ، ج ، م ، ع ، ولم يعد هناك أي داع لكتابة هاتين الكلمتين على الطريقة القديمة التي كانت للعقل الإلكترونى . إن العقل يمكنه أن يتصرف على أساس برنامج موضوع . هذا البرنامج موجود داخل العقل ويقول له : إذا جاء حرف الميم في أول الكلمة أنزل المتريس وإذا جاء حرف الميم في وسط الكلمة أنزل نفس المتريس .
وإذا جاء حرف الميم في آخر الكلمة أنزل المتريس وإذا جاء حرف الميم منفصلاً فى آخر الكلمة أنزل نفس المتريس . وقد وضع برنامج كامل لكل حرف من حروف الأبجدية العربية يستطيع العقل أن يتصرف طبقاً لأوامر هذا البرنامج . أما لوحة مفاتيح ماكينة الجمع ( إلكترون ) فقد بقيت كما هي . إذ لم ت تعد هناك حاجة لإنقاصها ما دام العامل لم يعد يستعمل هذه المفاتيح . بل تعمل الماكينة أتوماتيكينًا ، ولكن الاختصار في عدد الحروف حدث في البرفوريتور وبذلك زادت سرعة الكتابة على هذه الآلة زيادة كبيرة . أما المشكلة الأخرى التى كان العامل والكاتب يعانيان منها فهى مشكلة ضبط مقاس الجمع ونوع البنط ثم استخدام المنطق فى الثلث الأخير من السطر ، مما يجعل العامل يتباطأ ليقوم بعملية حسابية بحتة ، وهى عملية جمع عدد الأبناط وإنقاص العدد من مجموع السطر وهو ١٢٦ بنطاً ، ثم وضع شرطة ( كشيدة ) بين الحروف لتوسيع السطر حتى يكتمل بالمقاس المطلوب ، هذه العملية كلها أصبح من الممكن الاستغناء عنها ما دام هناك عقل إلكترونى . إن العمل الأساسي للعقل هو الحساب . فلماذا لا يقوم هو بهذه الحسبة من جمع وطرح وتوسيع وضبط . إلخ ؟ خاصة أن العقل أسرع من الإنسان بملايين المرات ولا يمكن أن يخطئ في الحساب .. بينما العامل من الجائز أن يخطى فيعرض ماكينته للكسر . وبذلك أصبح الكاتب على البرفوريتور يكتب سطراً واحداً طوله مئات الأمتار دون العودة إلى أول السطر حسب المقاس .
هنا أيضاً يجىء دور البرنامج الذي يوضع للعقل بحيث يعطى له أوامره فينفذها تماماً . بمعنى أن الشريط بعد أن يتم ثقبه فى البرفوريتور يمر داخل العمل . هذا الشريط - ويسمونه الشريط المجنون أو الناقص - عندما يدخل في العقل فإن العقل يقرأ ثقوبه ويخرج شريطاً آخر - عاقلاً أو كاملاً ـ من الناحية الأخرى مثقوباً بعدد أكبر من الثقوب الصحيحة وبسرعة ٦ آلاف سطر في الساعة أي ١٠٠ سطر في الدقيقة وهى سرعة فائقة . وهذا معناه أن المقال الذى يمثل عمودين كاملين من الرصاص لا يأخذ من العقل أكثر من ثلاث دقائق لتثقيب شريطه .
سبق أن قلنا إن الكاتب على آلة التثقيب لم يعد في حاجة إلى ضبط نوع البنط أو المقاس وكذلك لم يعد فى حاجة إلى تشغيل عقله أو منطقه في عمليات حساب الأبناط من جمع وطرح وخلافه . لأن هذه العملية سوف يقوم بها العقل . وقبل إدخال الشريط المجنون في العقل نقوم بالضغط على مفتاح صغير يحدد نوع البنط بنط ۹ مثلاً أو بنط (۱۲) ونضغط على مفتاح آخر يحدد المقاس ( ١٠,٥ كور مثلاً أو ۱۲ كور ) ثم يبدأ الشريط في التحرك بسرعة فائقة . فيقوم العقل بوضع الحروف المتصلة بدلاً من الحروف المنفصلة ويقوم بعملية الحساب في عدد الأبناط والجمع والطرح وتوسيع السطر بالشرطة بين الحروف . وهذه العملية تتم في أقل من واحد على مليون من الثانية . وأهم ما في العملية أنها تتم بدون خطأ فلا نعرض الماكينة للكسر أو التوقف .
المفروض بعد ذلك أن يخرج الشريط العاقل ثم يحمله أحد السعاة وينزل به الطابق الذي يضم . قاعة التحرير إلى الطابق الذي يضم ماكينات الجمع . ثم يوضع الشريط في ماكينة الجمع لتبدأ عملها .
لكن هذه العملية أمكن الاستغناء عنها لأنها معطلة للوقت . وحساب الوقت في العمل الصحفى أثمن من أى شىء آخر. وكل دقيقة تكسبها الصحيفة تدل على مدى تفوقها على زميلاتها من الصحف في اللحاق بآخر الأنباء .
لذلك اقتى الأهرام جهازاً يستطيع أن يقوم بهذه العملية في أقل من ثانية . هذا الجهاز واسمه الموزع Output Director موجود بالقرب من العقل الإلكترونى ومتصل به عن طريق سلك كهربى من جهة ، ومتصل بماكينات الجمع ( إلكترون ) عن طريق سلك كهربى آخر . أى أنه موضوع فى الوسط بين جهاز العقل وجهاز الجمع . وعندما يدخل الشريط المجنون فى العقل وبدلاً من أن يخرج من الجهة الأخرى للعقل فإن العقل يعطى إشارات أو نبضات كهربية تمر خلال الموزع وتخرج من الموزع عن طريق الأسلاك وتذهب إلى ماكينة الجمع رقم ١ وتجد هذه النبضات بالقرب من الماكينة شريطاً خاماً غير مثقوب . فتبدأ بثتمبه حسب أوامر العقل بسرعة ٦ آلاف سطر فى الساعة وينزل الشريط ليتراكم في سلة ثم يدخل في ماكينة الجمع رقم ١ وينزل رصاصاً مجموعاً بسرعة ٩٠٠ سطر في الساعة .
إن الموزع لا يقوم بهذه العملية فقط ( وهى العملية التي كان يقوم بها الساعي ) لكنه يقوم بأعمال أخرى إضافية كثيرة . إنه عبارة عن جهاز صغير في شكل علبة مستطيلة ( ٥٠ سم × ٨٠ سم ) على واجهته ٦ فتحات كل فتحة تمثل ماكينة جمع إلكترون . وعلى كل فتحة رقم الماكينة ومقاسها ( ١٠ كور أو ١٢ كور مثلاً) وتحت كل فتحة ٤ مفاتيح للتشغيل والإيقاف ولمعرفة عددا الأسطر التي تم جمعها أو عدد الأسطر المتبقية فى الشريط . وقبل انتهاء جمع الشريط بفترة قصيرة تضىء لمبة حمراء في فتحة الموزع ثم تنطفى بشكل متوال لتلفت النظر وتعطى إشارة بأن الماكينة في حاجة إلى شغل . وعلى الفور يوضع شريط جديد يكون على استعداد لملء الفراغ .
هذا الموزع يقوم بالإشراف على ٦ ماكينات للجمع . أما بقية الماكينات وعددها عشرون ماكينة ميكانيكية فكيف يمكن الإشراف عليها ؟
وجد ( الأهرام » فكرة الإشراف على هذه الماكينات من قاعة التحرير ( وهذه الفكرة معمول بها أيضاً في جريدة ما ينتشي اليابانية ) .
فقد وضعت لوحة في قاعة التحرير ( ويوجد مثلها في حجرة رئيس قسم الجمع ) وهذه اللوحة عليها عدد من اللمبات الحمراء والبيضاء بقدر عدد الماكينات ، أي أن كل ماكينة . لها على هذه اللوحة رقم ومصباحان : واحدة حمراء وأخرى بيضاء. عندما يصل عامل الجمع يضغط على مفتاح فى ماكينته فتضىء لمبة حمراء في لوحة قاعة التحرير وفى نفس الوقت فى حجرة رئيس القسم . وكلما يضرب على مفاتيح لوحة الماكينة ليجمع المادة التى أمامه تضىء اللمبة البيضاء وإذا توقف عن العمل تنطفى وتبقى اللمبة الحمراء مضاءة . وبذلك يستطيع رئيس القسم – وفى نفس الوقت قاعة التحرير - أن يعرف أن هذه الماكينة ليس لديها مواد للجمع أو أن العامل ترك ماكينته وتوقف عن العمل . وعندما تنطفىء اللمبة الحمراء ، يعرف رئيس القسم - والتحرير - أن هذا العامل قد انتهت ورديته وغادر العمل . ويمكن بذلك معرفة عدد الماكينات الموجودة وكمية العمل اللازم لها لتدبيره فوراً حتى لا يضيع الوقت هباء .
تعليق