يكون الوفر الذى تم تحقيقه في الأجور قد بلغ ٦٠٢٠ جنيهاً في السنة .
ويكون الوفر فى رأس المال وهو سعر الماكينات قد بلغ ٦٠ ألف جنيه .
إن فكرة الشريط المثقوب ليست جديدة كما قد يتبادر إلى الذهن فقد تم اكتشافها في عام ۱۹۳۲ وبقيت مهملة ودون استعمال على نطاق واسع حتى بداية الخمسينات . ولم تنتشر هذه الفكرة إلا بعد أن اكتشفوا مدى التسهيلات التي يمكن أن تقدمها لقاعات الجمع . خاصة بعد زيادات النسخ المطبوعة وصعوبة توزيعها ، مما اضطر معظم المؤسسات الكبرى إلى إنشاء عدة مطابع لطبع نفس الجريدة في مكانين مختلفين فى نفس الوقت ، كما فعلت جريدة الجارديان ( ١٩٦١ ) التي تطبع في لندن ومانشستر في آن واحد .
وكانت حاجتهم إلى الشريط عندما وجدوا أن في استطاعتهم حينما يضعون الشريط في ماكينة الجمع فى لندن فإن الماكينة الأخرى الموجودة في مانشستر يمكنها عن طريق خط تليفونى أو لاسلكى أن تجمع نفس الأسطر وبنفس السرعة ، وفى نفس الوقت دون أن يضطروا إلى انتظار وصول المواد .
وهناك مزايا أخرى كثيرة وجدوها فى الشريط . كانت هناك صعوبة في تخزين أسطر الرصاص لاتساع هذه المساحة التى يشغلها ولثقل وزنه . وقد أصبح الآن من السهل تخزين الشريط لخفته وصغر حجمه . أما بعد اختراع ماكينات الجمع التصويرى فقد أصبح الشريط ذا فائدة عظيمة . لأن المعروف أن ما كينات جمع الرصاص الساخن ذات قدرة ميكانيكية محدودة ، وقد توصلت شركة لينوتايب إلى سرعة ٩٠٠ سطر في الساعة على ماكينة الجمع الجديدة ( إلكترون ) Elektron ، كما توصلت شركة أنترتايب إلى نفس السرعة على ماكيناتها أيضاً ( المونارك ) . وعند استعمال ماكينات الجمع التصويرى - بعد الاستغناء عن فكرة الجمع بالرصاص - أصبح من الممكن الوصول إلى الجمع رأساً على فيلم شفاف بسرعات هائلة تصل إلى أكثر من مليون حرف فى الساعة وذلك بفضل العقل الإلكترونى ، الذي سوف نتحدث عنه في فصل مقبل .
أما الخطوة الثالثة ( فى عام (١٩٦٨ ) التي اتخذتها مؤسسة الأهرام بعد إدخال الشريط المثقوب فهى جهاز حفر الصور الملونة ( الفار يوكليشوجراف Vario-Klishograph ) .
وقد جاء هذا الجهاز متمماً للجهاز الأول - الكليشوجراف - ويمكنه أن يفصل الألوان الأربعة من الصورة الملونة فى فترة لا تزيد على ۱۲۰ دقيقة، وكانت هذه العملية تتم فى عدة أيام . كانت الصورة الملونة ترسل إلى قسم التصوير فيلتقط منها ٤ أفلام سلبية وتظهر هذه الأفلام بالأحماض الكيمائية في درجة حرارة معينة ثم تثبت وتجفف ويبدأ الفنيون بعمل الرتوش لكل فيلم على حدة . ثم تطبع كل نسخة ا الفيلم على لوحة من الزنك الحساس وتبدأ بعد ذلك عملية الحفر . وكان يقوم بهذه العملية ٨ عمال ( نصف متخصصين ) ولا ينتهون منها إلا بعد يومين أو ثلاثة أيام . أما الآن فإن عاملاً واحداً متخصصاً يقوم بكل هذه العمليات التي اختصرت إلى عمليتين : العملية الأولى وضع الصورة الملونة فى جهاز الفاريو وضبط المفاتيح ووضع الفيلتر المخصص لكل لون . وتبدأ عملية حفر أول لون وليكن الأحمر ، وتنتهى هذه العملية بعد ٢٥ دقيقة تقريباً ( للصورة الكبرى ) . وهكذا يوالى العامل وضع لوحة النولار ( أو الزنك ) بعد الانتهاء من كل لون حتى يحفر الألوان الأربعة . حوالى ساعتين أما العملية الثانية فهى إجراء بعض الرتوش على لوحة الزنك أو النولار .
والخطوة الرابعة التي قام بها ( الأهرام ) هى شراء أجهزة التصوير الحديثة ( الروتادون ) وأجهزة الحفر السريعة Powderless Etching Machineلورشة الحفر وماكينة التصوير الروتادون صغيرة الحجم لا يلزمها مكان كبير كما كان الحال في الماكينات الكبيرة التى كانت تشغل حجرتين كبيرتين. أما هذه الماكينة فهى على شكل مكتب في وسطه إطار توضع فيه الصورة المراد تصويرها . ويستطيع هذا الجهاز تكبير الصورة إلى عدة مرات فى دقيقتين. وجهاز الحفر الجديد توضع فيه اللوحة الزنكية المراد حفرها ( بحجم صفحة كاملة ) مرة واحدة ثم يغاق فوقها الجهاز ويضغط على مفتاح معين فتدور الماكينة ، وبعد مدة محددة تتوقف من تلقاء نفسها ؛ ويستطيع هذا الجهاز أن يحفر الصورة فى ٩٠ ثانية ، والرسم في ١٢ دقيقة . وكانت فيما مضى هذه العملية تستغرق من ٤٥ دقيقة إلى ٩٠ دقيقة . ( وقد تمكنوا في جريدة ما ينتشى فى اليابان من اختصار هذه المدة - بالنسبة للصور – إلى ٤٠ ثانية ) .
والملاحظ في كل الأنظمة الحديثة أن عامل الوقت له الدور الأهم في كل عملية . إذ باختصاره ) أى باختصار مراحل العملية يكسب القارئ مهلة أطول لآخر خبر يراه في الجريدة .
أما المرحلة الكبيرة التى خطاها ( الأهرام ) فى عام ١٩٦٨ فهي عملية العقل الإلكتروني في قاعة التحرير بالمبنى الجديد الجريدة الأهرام » الذي يعتبر من أحدث دور الصحف في العالم .
كيف يجرى العمل في هذه القاعة التى تسع حوالى ١٥٠ محرراً ومندوباً وفنياً ؟ لقد صممت القاعة على أحدث نظام تحريرى ، وهي تشبه في تنظيمها قاعة التحرير الكبرى في جريدة الديلي ميرور في لندن ( أحدث دار صحفية تم بناؤها في أوربا ) ، كما تشبه قاعة التحرير في جريدتى أساهي وما ينتشي ( أحدث دار صحفية تم بناؤها فى اليابان) . وزودت بآلات تليفونية داخلية وخارجية . بخطوط مباشرة مع الإسكندرية والأقاليم . وجميع هذه التليفونات يمكن الاتصال بها مباشرة دون وسيط ( عامل التليفون ) وذلك بإدارة الرقم الداخلي بعد إدارة رقم ( الأهرام ) مباشرة . فيرد المحرر رأساً . وهذه الطريقة توفر وقتاً كبيراً على الطالب والمطلوب في قاعة بها حوالى ١٥٠ جهازاً تليفونيا . وتتدلى من السقف في وسط القاعة لوحة كبيرة عليها أرقام ٣٢ صفحة . وهذه اللوحة لها فروع مشابهة في مكتب رئيس التحرير ، وفى قاعة التوضيب بالمطبعة وفى قاعة المكابس ، وفى قاعة التوزيع . ويبدأ إضاءة هذه اللوحة في الصباح بعد أن يتقرر عدد الصفحات التي ستصدر في اليوم التالى . ولنفرض أن العدد ١٦ صفحة. فيضاء الصف الأول من اللوحة ويكتب عليها :
عدد صفحات اليوم : ١٦ صفحة
وفى نفس الوقت تضاء اللوحة في جميع الفروع الأخرى ، فيعرف الجميع : الصفحات ويستعدون لها فى المطبعة وفى التوزيع. ويبدأ العمل في إخراج الصفحات وكلما انتهت صفحة أضىء رقمها على اللوحة باللون الأبيض حتى تضاء الأرقام ال ١٦ كلها حينئذ تكون كل الصفحات قد نزلت إلى المطبعة للتنفيذ . وكلما انتهى توضيب صفحة فى المطبعة ودخلت إلى المكبس أضىء رقمها باللون الأحمر ، حتى تضاء الأرقام ال ١٦ كلها باللون الأحمر . عندئذ تطفأ اللوحة كلها وتضاء مرة أخرى : الطبعة الثانية : ٦ صفحات
وتضاء أرقام الصفحات الست فقط باللون الأبيض وتمر في نفس المراحل الأولى حتى تنطفىء نهائيا مع الفجر .
والآن كيف يتم تنفيذ هذه الصفحات في قاعة التحرير ؟ لقد قسمت القاعة إلى أقسام متقاربة ، قسم الرياضة وبجانبه الحوادث ثم قسم المرأة فقسم المحلية فالقسم الخارجى فالقسم الدبلوماسي فالقسم الاقتصادى . . .إلخ وفى منتصف القاعة تقريباً وضعت مائدة مستطيلة يجلس إليها رئيس التحرير ومدير و التحرير والسكرتارية المركزية وخلفهم يجلس سكرتير و التحرير والفنيون من رسامين وخطاطين ومصممى الخرائط والرسوم البيانية . ثم قسم التسجيل والاستماع وقسم ماكينات البرفوريتور والعقل الإلكترونى والموزع الإلكترونى وآلات التيكرز .
كل هؤلاء تضمهم قاعة واحدة كبيرة أرضها من المطاط وجوها مكيف الهواء . يجلس رؤساء الأقسام على رأس كل قسم ويمر بالقرب من مكتبهم سير كهربى يغنيهم عن السعاة والفراشين يضعون عليه موادهم المكتوبة بعد مراجعتها في شكلها النهائي. ويتحرك بها السير اللانهائى حتى تصل إلى رئيس قسم الأخبار ، فيراجعها ويتأكد من صحتها ، ثم يضعها مرة أخرى على السير الكهربى فتتحرك إلى قسم السكرتارية المركزية لمراجعتها مرة أخرى و وضع العناوين المناسبة ، ثم يتحرك بها السير مرة أخرى حتى تصل إلى قسم السكرتارية الفنية لإخراجها بالشكل المناسب ، ويقومون بتحديد نوع البنط والمقاس الذى يجمع به المقال . ثم ترسل المادة إلى المطبعة رأساً عن طريق مصعد كهربى صغير متصل بأدوار المطبعة والتحرير والأرشيف والإعلانات. ومن المطبعة ترسل المواد عن طريق أنابيب شفط الهواء Pneumatic Tubes إلى ماكينات الجمع الميكانيكية ، ثم ترسل البروفات البيضاء على ما يتم جمعه عن طريق أنابيب شفط الهواء أيضاً إلى قسم التصحيح ، الذي يعمل أيضاً بنفس طريقة السير الكهربى اللانهائى . ثم تعود إليه المواد على بروفات حمراء المراجعة تصحيحهم ويخرج الرصاص على عربات ، كل مادة إلى الصفحة الخاصة بها والمتراصة فى صفوف ، كل صف عليه ٦ صفحات . وعندما ينتهى توضيب الصفحة يضغط العامل على مفتاح كهربى فينزل رقم الصف في لوحة صغيرة في قاعة المكابس ، فيرسلون التر ولى لنقل الصفحة إليهم . وبعد كبسها ترسل ( الكارتونة ) فى مصعد صغير إلى الدور الأسفل حيث توجد المطبعة . المراحل التي تمر بها المادة المكتوبة لجمعها على الماكينات الميكانيكية هذه هی مادة مطبوعة .
أما المواد التي يتقرر إرسالها إلى العمل الإلكترونى فما الذي يحدث لها ؟ ترسل هذه المواد على السير الكهربى إلى قسم البرفوريتور ( للكتابة المختزلة المثقوبة Shorthand Perforator) بعد تحديد البنط والمقاس المطلوبين ما فائدة وجود هذا القسم بين قسم التحرير وقسم الجمع ؟ إن الأبحاث التي قام بها « الأهرام » بالاشتراك مع شركة لينوتايب فى بريطانيا وأمريكا ، أعطت نتائج باهرة في اختزال حروف اللغة العربية . رأينا فيما سبق أن . . حروف آلة البرفوريتور كان مطابقاً تماماً لعدد حروف ماكينة الجمع ( ۹۰ حرفاً ) . ومع ذلك فقد كان بعض الحروف غير موجود فى الاوحتين. وكان كاتب البرفوريتور يضغط على مفتاح التوقف ثم يكتب بالقلم على الشريط ( مثلاً ) ( توضع هنا علامة تعجب ) ، ثم يضغط ثانياً على مفتاح الحركة . وكان الشريط عندما ينزل إلى المطبعة ويسير في ماكينة .T.T.S يتوقف أيضاً فى نفس المكان الذى أوقفه فيه كاتب البرفويتور فيقترب العامل من الماكينة ويقرأ ما كتب على الشريط ويضع متريس علامة التعجب بيده ثم تعود الماكينة إلى السير .
كانت هذه الطريقة تعطل الإنتاج بلا نزاع . خاصة أن هذه الحروف الناقصة كان العمل في أشد الحاجة إليها .
كانت فكرة أول تعديل أجراها ( الأهرام ) قد ظهرت الحاجة إليها منذ ثلاث سنوات ( ١٩٦٤) فاتفق مع شركة أنترتايب على إجرائها . وكان من الضرورى
تعليق