أن يكون صحيحاً إلا إذا صح أن هناك ۲,۰۰۰,۰۰۰ عمل يلغي في السنة نتيجة لاستخدام الآلية التلقائية ، وأن ازدهار الاقتصاد نتيجة للتكنولوجيا المتقدمة قد خلق ٣,٥٠٠,٠٠٠ عمل جديد ، لتكون الزيادة الصافية في العمالة ١,٥٠٠,٠٠٠ عامل في السنة . وعلى أية حال فإن النتيجة التى لا مفر منها أنه يجب علينا أن نتحول إلى جميع نواحي التكنولوجيا الحديثة لتحقيق أفضل المزايا للإدارة والعمل في صناعة الصحافة .
ويعلمنا التاريخ دروساً كثيرة فقد كانت ماكينات .T.T.S - أجهزة الحروف من مكان بعيد - بمثابة الآلية التلقائية فى الصحف في الثلاثينات ، وكانت قبل ذلك أيضاً ماكينات الصب الأتوماتيكية والمطبعة الدوارة . وعلى عكس التكهنات المخيفة في ذلك الوقت لم يكن تأثير هذه النواحى التقدمية تبديد القوة العاملة بل زيادتها في معظم الحالات. واقترن ذلك بالحاجة إلى تغيير المهارات .
وعندما كان الدكتور كومبتون رئيساً لمعهد ماساشوستس للتكنولوجيا قام بدراسة للبطالة التكنولوجية . ورجع في دراسته إلى عام ١٩٠٠ فأحصى الأشخاص الذين كانوا يعملون في صناعة العربات وعربات السكة الحديد ، قبل اختراع السيارة عددهم كان ٩٧٦,٠٠٠ عامل . وتستخدم صناعة السيارات اليوم ١٠ ملايين عامل . وقد قال البابا بيوس الثانى عشر إن الآلية التلقائية ستحرر العاملين من عناء خطوط تجميع الإنتاج وهذا لا يمكن تحقيقه إلا عن طريق الاستفادة التامة بالتكنولوجيا الحديثة .
وقال هارولد جر ومهاوس مدير جريدة شيكاجو تريبيون ورئيس معهد أبحاث فوجد أن جمعية ناشرى الصحف : إن جميع دور الصحف ، بدون استثناء يجب أن تطبق نتائج البحث العلمى على عملياتها اليومية ، وإن تكاليف البحث في هذه الأيام جد باهظة . وقد نشر أخيراً تقرير فى واشنطن تضمن التكاليف المتزايدة للبحث في بناء الذرة باستخدام ما يطلق عليه تسمية محطم الذرة . وذكر تقرير واشنطن أن هذا البرنامج الخاص بفيزيقيا الطاقة العالية ارتفعت تكاليفه من ٥٣ مليون دولار في عام ١٩٦٠ إلى ١٣٥ مليون دولار للسنة الحالية ، ومن المتوقع أن ترتفع إلى ٣٤٠ مليون دولار في عام ١٩٦٩ .
إن هذه المبالغ الباهظة هى تكاليف البحث فى بناء الذرة فحسب . ولكنها ليست إلا البداية ، فخلال السنة المالية التى تبدأ فى أول شهر يوليو تعتزم الحكومة أن تنفق على البحث والتنمية مبلغاً إجماليا يصل إلى ١٥ بليوناً و ٣٠٠ مليون دولار . ثم يضيف ستانفورد سمیت قائلاً : والآن ، لنلق بنظرة للحظة واحدة على عملنا الصحفى . ما الذى نفعله حقيقة لنطور إنتاجنا ؟ وما الذي نفعله أجل تطبيق هذه التكنيكات الجديدة والأفكار الجديدة على عملياتنا الخاصة ؟ حقاً. نحن لدينا مركز للبحوث فى إيستون ، بولاية بنسلفانيا . كما أن مركزنا للبحوث ، بالاشتراك مع العاملين بمؤسسة ( داوكيميكال ) قد ابتكروا عملية حفر ذات سرعة عالية Powderless Etching - تلك العملية التى وفرت خلال السنوات التسع الماضية أكثر من ٥ ملايين دولار فى تكاليف الحفر . كما أن هذه العملية قد فتحت الباب إلى حد ما لعمليات الجمع الآلى والجمع التصويرى . وحقيقى أن مركزنا الخاص بالبحوث لعب دوراً هاماً في تطوير كبس الكرتونة ( الفلان المباشر ) Packless Mat ذلك التطوير الذي وفر لأكثر من ٤٠٠ صحيفة حوالى ثلاثة أرباع مليون دولار سنويا في تكاليف عملية ( الستريوتايب ) Supermatic-Stereotype ومن الحقائق المقررة أيضاً أن هذه الكرتونة تتيح للصحف استخدام ماكينات صب صفحات الرصاص نصف الدائرية التي تساعد بدورها في تخفيض تكاليف عملية ( الستر يوتايب) بنسبة تصل إلى ٥٠ في المائة ، كما أن هناك عدة صحف يومية تستخدم العقول الإلكترونية في عمليات صف الحروف ، ولكن إذا حاولتم إحصاء جميع أوجه نشاطنا في مجال البحث ، ترى كيف سيبدو حجمها ؟ إننا منذ مائة عام تقريباً نقوم بطباعة الصحف مستخدمين المطابع الرحوية وألواح الستريوتايب . كما نستخدم الماكينات في عملية الصف منذ أكثر من ٧٥ عاماً . فإذا وعت الذاكرة . التطويرات العلمية الثورية التي تمت خلال الخمسين سنة الماضية ، أدركنا على الفور ضآلة ما تحقق خلال هذه المدة من أجل تطوير إنتاج الصحف في عصرنا هذا ، عصر النفاثات ذات السرعة التي تفوق سرعة الصوت ، أولسنا نحاول أن نواصل وجودنا ولم نحقق شيئاً أكثر تقدماً من طائرة الأخوين رايت ، تلك الطائرة الكسيحة العرجاء التي طارت فى الفضاء وقد شدت أجزاؤها بأحزمة من السلك ؟
لقد قام مجلس إدارة جمعية ناشرى الصحف بإعادة تنظيم برنامجه في عام ١٩٦٢ عندما قرر أن الوقت قد حان للبدء فى أعمال البحث ، وحتى يبدأ من الوجهة السليمة ، قرر المجلس الاستعانة بالعلماء المبرزين من ذوى الخبرة والتجارب القديمة في البحث المتقدم ، وذلك للعمل كلجنة استشارية علمية .
وهذه اللجنة الاستشارية التى يرجع إليها الفضل في إحياء أسلوب تناول هذه المشاكل ، قد طلب إليها أن تقوم بدراسة أفضل طريقة للاستفادة من المبتكرات العلمية والتكنولوجية التي تحققت حتى اليوم ، في صناعة الصحافة . وفى السنة التالية ، قامت اللجنة بدراسة هذه العمليات ، وقد زارت المؤسسات الصحفية وزارت معمل أبحاث جمعية ناشرى الصحف بايستون ، وقامت بفحص المشروعات الجارى تنفيذها هناك . وذكرت اللجنة من بين أشياء أخرى أن الملايين التي تنفقها الحكومة وقطاع الصناعة الخاص على البحث يمكن أن تستخدم بحيث تحدث ثورة في إنتاج الصحف ، وأنه بقليل من عمليات البحث وكثير من الخيال يمكن تحويل هذه النفقات المخصصة للبحث مباشرة إلى صالح العمل الصحفى ، وأنه يجب تطوير البرنامج بحيث يقوم بعمليات البحث الخاصة التي تتطلبها هذه الأعمال . وبناء عليه تم تعيين لجنة مراجعة مهمتها تقييم التوصيات الأولية للجنة الاستشارية ، ولمراجعة أوجه نشاط معهد البحث ولتقرير ما إذا كان منهج العمل القائم يخدم أفضل مصالح الصحف ، أو أن هناك حاجة إلى إجراء تعديلات عليه .
وقد أوصت اللجنة ضمن توصياتها الأخرى بتجميع الأقسام الثلاثة المنفصلة الموجودة في نيويورك . وبناء على ذلك ، تم تجميع قسم الأعمال الميكانيكية والخدمات وقسم هندسة الإنتاج وقسم التدريب فى إدارة إنتاج واحدة . ويضيف هارولد جرومهاوس قائلاً : إن العلم والبحث يتهمان حاليا بالقضاء على الوظائف وبأنهما يتسببان فى البطالة التى يؤخذ بأنها السبب الجذري لمشاكلنا الاجتماعية والاقتصادية. فمن ذا الذى يستطيع التنبؤ بأن التقدم التكنولوجي على المدى الطويل سيحد من الوظائف فى صناعة الصحف ؟ إن هذه الصناعة في حاجة إلى مزيد من العاملين بدلاً من الاستغناء عن جانب منهم ، حتى في حالة تطبيق التحسينات التكنولوجية .
وقد كتبت صحيفة شيكاجو ، في عددها الصادر بتاريخ ٩ فبراير عام ١٩٦٥ تقول : إن هذا العام هو الذى كان من المفروض أن تسيطر عليه الآلية . فقد كان من المتوقع أن يفصل عمال المصانع من عملهم ويحتل أماكنهم رجال آليون تسيرهم عقول إلكترونية وبذلك تكون قد اكتملت صورة المجتمع الآلى .
كان من المفروض أن يصل معدل البطالة إلى ۱۰ فى المائة من مجموع السكان في عام ١٩٦٥ ، في حين يتضاعف الإنتاج بصورة تثير الدهشة . تلك هي النظرة العامة للمستقبل التي كانت تجول بالأذهان فى عامى ١٩٥٧ ، ١٩٥٨ . ولم تكن الآلية لتقضى على العمالة بأسرع مما يتمكن المجتمع من إيجاد وظائف أخرى جديدة للعمال فحسب ، بل كان من المنتظر أن تقع العقول الإلكترونية في حب الميكانيكية وتتمخض عن نتاج يطلق عليه ( نهاية العمالة الكاملة ) Cybernetic له القدرة على أن يحل مكان العمال الذين كان من اختصاصاتهم تشغيل الآلات التي تصنع آلات أخرى :
ولكن الأمر لم يتم فى الواقع بهذه الصورة ، فمما يدعو للدهشة حقا أنه : تبين أن الآلية يمكن ترويضها . وقد بدأ تشغيل العقول الإلكترونية التي صممت خصيصاً للاستخدامات العسكرية على المستوى التجاري في الصناعات الخاصة منذ أكثر من عشر سنوات مضت . والحقيقة أنها قد أدت إلى إحداث ثورة في مجال الصناعة والأعمال . ويستخدم منها حالينًا ما لا يقل عن ٢٠ ألف عقل في الأغراض العامة خارج الإدارات الحكومية ويتزايد هذا الرقم بمعدل عقل إلكترونى كل شهر ، ولكنها لم تجرد الإنسان من قدرته على العمل سواء في المصانع أو في الصحف . وقد ورد فى التقارير الأخيرة لمكتب العمل أن العمالة الصناعية قد تزايدت مرة أخرى وذلك لعامها الثالث على التوالى. وقد أدى الاقتصاد الذي يقوم على العقول الإلكترونية إلى زيادة الإنتاج لكل عامل ، ولكن بسرعة تفوق بقليل سرعتها في الأعوام الثلاثة عشر التي سبقت ظهور العقول الإلكترونية في المجال الصناعي ، بنسبة سنوية تبلغ ٣,٦ في المائة على عام ١٩٦٠ ، وذلك بمقارنتها بنسبة زيادة سنوية قدرها ٣,١ في المائة خلال الفترة ما بين عامى ١٩٤٧ و ١٩٦٠ . ، فإن الوظائف والأعمال توجد بمعدل يتراوح بين ٥٠٠ ألف وظيفة و ٣ ملايين و ٥٠٠ ألف وظيفة سنوياً . وكل محاولة لنسب المكاسب الاقتصادية إلى الآلية وحدها ستكون محاولة غبية وسخيفة تماماً مثلما نحاول إلقاء اللوم على الآلات حين تبطل الحاجة إلى بعض الأعمال .
ومما لا شك فيه ، أن الآلية تؤدى إلى القضاء على بعض الأعمال ، ولكنها أيضاً تخلق أعمالاً جديدة أخرى .
و يقول دانيال بيل أستاذ علم الاجتماع بجامعة كولومبيا : « لا يعلم أحد شيئاً عما تسببه الآلية ، فهو مجرد أمر من أمور الافتراض والتكهن . ودانيال بيل هو أ أحد أعضاء الجمعية القومية الأمريكية للتكنولوجيا والآلية والتقدم الاقتصادي التي تضم ١٤ عضواً ، والتي أسسها الكونجرس الأمريكي ويعهد إلى هذه الجمعية التي تبلغ ميزانياتها السنوية ۸۰۰ ألف دولار، بمسئولية دراسة الآلية وإعداد تقارير عنها وهو أكبر إجراء بناء يمكن اتخاذه لضمان أقصى المكاسب الممكنة مع أقل الآثار الضارة الممكنة على الدولة .
وستخصص الجمعية القومية للتكنولوجيا عاماً كاملاً لدراسة الآثار الاجتماعية للآلية واحتمالات انتشارها وامتدادها خلال السنوات العشر التالية ، وأثرها على معدلات النمو الاقتصادى والعمالة بوجه عام ، ولصناعات معينة مثل الصحافة بوجه خاص . وتلك الدراسة إلى جانب مشروع آخر يجرى إعداده بجامعة هارفارد وتبلغ ميزانيته ٥ ملايين دولار ، هما أهم الجهود التي تبذل حاليا لتخليص المناقشات المفعمة بالعواطف من التكهنات والافتراضات التى تتسم بها حتى الآن كل محاولة لتقييم الآلية وأثرها على العاملين .
وتكاد تكون جميع العوائق الرئيسية للهجوم على الآلية التلقائية عوائق إنسانية . فمن ناحية كانت إدارات الصحف بطيئة في إدراك أهمية التكنولوجيا الجديدة، ولم تستعد لمواجهة مطالب العمال وخوفهم من أن يفقدوا أعمالهم بسبب هذه الأجهزة . بينما معظم الصحف الإقليمية التي تستخدم هذه الأجهزة لديها عقود . اتحاد جامعی الحروف . وقد أرضت هذه الصحف الاتحاد بأن ضمنت عدم ا أحد عمالها إلا إذا بلغ سن التقاعد أو رغب في ترك الخدمة من تلقاء نفسه . ومعظم هذه الصحف يتحدث الآن عن تحقيق وفورات كبيرة وخفض نسبة ١٥ % في عمال جمع عمال الطبع بسبب بلوغ سن التقاعد . وقد انخفض عدد العمال في قاعات صحيفة برمنجهام نيوز من ۲۰۸ إلى ١٦٣ عاملاً . وفى بعض الصحف الأخرى لم يفقد أى عامل من عمال الطبع عمله بل على العكس زاد عدد العمال فيها . وذلك لأن سوق الصحف دائمة الاتساع فى الأقاليم على عكس سوق نيويورك المحدودة الاتساع - وقد استطاعت صحيفة ميامى هيرالد أن تزيد طاقاتها العمالية بنسبة ١٠٪ دون إجراء أى تخفيض في عدد عمالها البالغ عددهم ٢٥٠ عاملا . وقد طلب اتحاد ، من الصحف الإقليمية التى تضم عمالها ، توزيع جميع ا اختصاصات الأجهزة الإلكترونية على . الحروف وإعادة تدريبهم لشغل هذه الوظائف . وقد وافقت الصحف على ذلك بالرغم من أنه كان من الممكن تدريب المتخرج من المدارس الثانوية على استخدام الآلات التلقائية بأقل من نصف أجر عامل الطبع . وعندما نعرف أن عدد العاملين في جريدة مثل نيويورك تايمز يبلغ ٥٣٥٩ ( في عام ١٩٦٦ ) نستطيع أن نفهم معنى المشكلة العمالية في مدينة مثل نيويورك . وهذا العدد من العاملين في هذه الجريدة مقسم على النحو التالي : ١٠٢١ يعملون في التحرير و ۲۷۰۲ يعملون فى الإنتاج والتوزيع و ١٦٣٦ يعملون في الإدارة ، وتبلغ قائمة الأجور والمكافآت والمرتبات فى العام ٥٨ مليون دولار ، وتستهلك مطابعها ٣٤٠ ألف طن من الورق ، تمثل ٤٦٣ ألف بوبينة ورق و ٥ آلاف طن من الحبر .
ويستهلك العاملون فى هذه الجريدة ٧٥٠ ألف فنجان قهوة في العام .
ويقول أحد الصحفيين الأمريكيين معالماً على هذه الأزمة : « لابد من إدخال النظام الإلكترونى فى الصحف ، إذا أريد لها أن تظل على قيد الحياة . وعدم بهذا النظام يعتبر كما لو كنا نقف على الشاطئ ونقول للموجة لا تأتى .
ويعلمنا التاريخ دروساً كثيرة فقد كانت ماكينات .T.T.S - أجهزة الحروف من مكان بعيد - بمثابة الآلية التلقائية فى الصحف في الثلاثينات ، وكانت قبل ذلك أيضاً ماكينات الصب الأتوماتيكية والمطبعة الدوارة . وعلى عكس التكهنات المخيفة في ذلك الوقت لم يكن تأثير هذه النواحى التقدمية تبديد القوة العاملة بل زيادتها في معظم الحالات. واقترن ذلك بالحاجة إلى تغيير المهارات .
وعندما كان الدكتور كومبتون رئيساً لمعهد ماساشوستس للتكنولوجيا قام بدراسة للبطالة التكنولوجية . ورجع في دراسته إلى عام ١٩٠٠ فأحصى الأشخاص الذين كانوا يعملون في صناعة العربات وعربات السكة الحديد ، قبل اختراع السيارة عددهم كان ٩٧٦,٠٠٠ عامل . وتستخدم صناعة السيارات اليوم ١٠ ملايين عامل . وقد قال البابا بيوس الثانى عشر إن الآلية التلقائية ستحرر العاملين من عناء خطوط تجميع الإنتاج وهذا لا يمكن تحقيقه إلا عن طريق الاستفادة التامة بالتكنولوجيا الحديثة .
وقال هارولد جر ومهاوس مدير جريدة شيكاجو تريبيون ورئيس معهد أبحاث فوجد أن جمعية ناشرى الصحف : إن جميع دور الصحف ، بدون استثناء يجب أن تطبق نتائج البحث العلمى على عملياتها اليومية ، وإن تكاليف البحث في هذه الأيام جد باهظة . وقد نشر أخيراً تقرير فى واشنطن تضمن التكاليف المتزايدة للبحث في بناء الذرة باستخدام ما يطلق عليه تسمية محطم الذرة . وذكر تقرير واشنطن أن هذا البرنامج الخاص بفيزيقيا الطاقة العالية ارتفعت تكاليفه من ٥٣ مليون دولار في عام ١٩٦٠ إلى ١٣٥ مليون دولار للسنة الحالية ، ومن المتوقع أن ترتفع إلى ٣٤٠ مليون دولار في عام ١٩٦٩ .
إن هذه المبالغ الباهظة هى تكاليف البحث فى بناء الذرة فحسب . ولكنها ليست إلا البداية ، فخلال السنة المالية التى تبدأ فى أول شهر يوليو تعتزم الحكومة أن تنفق على البحث والتنمية مبلغاً إجماليا يصل إلى ١٥ بليوناً و ٣٠٠ مليون دولار . ثم يضيف ستانفورد سمیت قائلاً : والآن ، لنلق بنظرة للحظة واحدة على عملنا الصحفى . ما الذى نفعله حقيقة لنطور إنتاجنا ؟ وما الذي نفعله أجل تطبيق هذه التكنيكات الجديدة والأفكار الجديدة على عملياتنا الخاصة ؟ حقاً. نحن لدينا مركز للبحوث فى إيستون ، بولاية بنسلفانيا . كما أن مركزنا للبحوث ، بالاشتراك مع العاملين بمؤسسة ( داوكيميكال ) قد ابتكروا عملية حفر ذات سرعة عالية Powderless Etching - تلك العملية التى وفرت خلال السنوات التسع الماضية أكثر من ٥ ملايين دولار فى تكاليف الحفر . كما أن هذه العملية قد فتحت الباب إلى حد ما لعمليات الجمع الآلى والجمع التصويرى . وحقيقى أن مركزنا الخاص بالبحوث لعب دوراً هاماً في تطوير كبس الكرتونة ( الفلان المباشر ) Packless Mat ذلك التطوير الذي وفر لأكثر من ٤٠٠ صحيفة حوالى ثلاثة أرباع مليون دولار سنويا في تكاليف عملية ( الستريوتايب ) Supermatic-Stereotype ومن الحقائق المقررة أيضاً أن هذه الكرتونة تتيح للصحف استخدام ماكينات صب صفحات الرصاص نصف الدائرية التي تساعد بدورها في تخفيض تكاليف عملية ( الستر يوتايب) بنسبة تصل إلى ٥٠ في المائة ، كما أن هناك عدة صحف يومية تستخدم العقول الإلكترونية في عمليات صف الحروف ، ولكن إذا حاولتم إحصاء جميع أوجه نشاطنا في مجال البحث ، ترى كيف سيبدو حجمها ؟ إننا منذ مائة عام تقريباً نقوم بطباعة الصحف مستخدمين المطابع الرحوية وألواح الستريوتايب . كما نستخدم الماكينات في عملية الصف منذ أكثر من ٧٥ عاماً . فإذا وعت الذاكرة . التطويرات العلمية الثورية التي تمت خلال الخمسين سنة الماضية ، أدركنا على الفور ضآلة ما تحقق خلال هذه المدة من أجل تطوير إنتاج الصحف في عصرنا هذا ، عصر النفاثات ذات السرعة التي تفوق سرعة الصوت ، أولسنا نحاول أن نواصل وجودنا ولم نحقق شيئاً أكثر تقدماً من طائرة الأخوين رايت ، تلك الطائرة الكسيحة العرجاء التي طارت فى الفضاء وقد شدت أجزاؤها بأحزمة من السلك ؟
لقد قام مجلس إدارة جمعية ناشرى الصحف بإعادة تنظيم برنامجه في عام ١٩٦٢ عندما قرر أن الوقت قد حان للبدء فى أعمال البحث ، وحتى يبدأ من الوجهة السليمة ، قرر المجلس الاستعانة بالعلماء المبرزين من ذوى الخبرة والتجارب القديمة في البحث المتقدم ، وذلك للعمل كلجنة استشارية علمية .
وهذه اللجنة الاستشارية التى يرجع إليها الفضل في إحياء أسلوب تناول هذه المشاكل ، قد طلب إليها أن تقوم بدراسة أفضل طريقة للاستفادة من المبتكرات العلمية والتكنولوجية التي تحققت حتى اليوم ، في صناعة الصحافة . وفى السنة التالية ، قامت اللجنة بدراسة هذه العمليات ، وقد زارت المؤسسات الصحفية وزارت معمل أبحاث جمعية ناشرى الصحف بايستون ، وقامت بفحص المشروعات الجارى تنفيذها هناك . وذكرت اللجنة من بين أشياء أخرى أن الملايين التي تنفقها الحكومة وقطاع الصناعة الخاص على البحث يمكن أن تستخدم بحيث تحدث ثورة في إنتاج الصحف ، وأنه بقليل من عمليات البحث وكثير من الخيال يمكن تحويل هذه النفقات المخصصة للبحث مباشرة إلى صالح العمل الصحفى ، وأنه يجب تطوير البرنامج بحيث يقوم بعمليات البحث الخاصة التي تتطلبها هذه الأعمال . وبناء عليه تم تعيين لجنة مراجعة مهمتها تقييم التوصيات الأولية للجنة الاستشارية ، ولمراجعة أوجه نشاط معهد البحث ولتقرير ما إذا كان منهج العمل القائم يخدم أفضل مصالح الصحف ، أو أن هناك حاجة إلى إجراء تعديلات عليه .
وقد أوصت اللجنة ضمن توصياتها الأخرى بتجميع الأقسام الثلاثة المنفصلة الموجودة في نيويورك . وبناء على ذلك ، تم تجميع قسم الأعمال الميكانيكية والخدمات وقسم هندسة الإنتاج وقسم التدريب فى إدارة إنتاج واحدة . ويضيف هارولد جرومهاوس قائلاً : إن العلم والبحث يتهمان حاليا بالقضاء على الوظائف وبأنهما يتسببان فى البطالة التى يؤخذ بأنها السبب الجذري لمشاكلنا الاجتماعية والاقتصادية. فمن ذا الذى يستطيع التنبؤ بأن التقدم التكنولوجي على المدى الطويل سيحد من الوظائف فى صناعة الصحف ؟ إن هذه الصناعة في حاجة إلى مزيد من العاملين بدلاً من الاستغناء عن جانب منهم ، حتى في حالة تطبيق التحسينات التكنولوجية .
وقد كتبت صحيفة شيكاجو ، في عددها الصادر بتاريخ ٩ فبراير عام ١٩٦٥ تقول : إن هذا العام هو الذى كان من المفروض أن تسيطر عليه الآلية . فقد كان من المتوقع أن يفصل عمال المصانع من عملهم ويحتل أماكنهم رجال آليون تسيرهم عقول إلكترونية وبذلك تكون قد اكتملت صورة المجتمع الآلى .
كان من المفروض أن يصل معدل البطالة إلى ۱۰ فى المائة من مجموع السكان في عام ١٩٦٥ ، في حين يتضاعف الإنتاج بصورة تثير الدهشة . تلك هي النظرة العامة للمستقبل التي كانت تجول بالأذهان فى عامى ١٩٥٧ ، ١٩٥٨ . ولم تكن الآلية لتقضى على العمالة بأسرع مما يتمكن المجتمع من إيجاد وظائف أخرى جديدة للعمال فحسب ، بل كان من المنتظر أن تقع العقول الإلكترونية في حب الميكانيكية وتتمخض عن نتاج يطلق عليه ( نهاية العمالة الكاملة ) Cybernetic له القدرة على أن يحل مكان العمال الذين كان من اختصاصاتهم تشغيل الآلات التي تصنع آلات أخرى :
ولكن الأمر لم يتم فى الواقع بهذه الصورة ، فمما يدعو للدهشة حقا أنه : تبين أن الآلية يمكن ترويضها . وقد بدأ تشغيل العقول الإلكترونية التي صممت خصيصاً للاستخدامات العسكرية على المستوى التجاري في الصناعات الخاصة منذ أكثر من عشر سنوات مضت . والحقيقة أنها قد أدت إلى إحداث ثورة في مجال الصناعة والأعمال . ويستخدم منها حالينًا ما لا يقل عن ٢٠ ألف عقل في الأغراض العامة خارج الإدارات الحكومية ويتزايد هذا الرقم بمعدل عقل إلكترونى كل شهر ، ولكنها لم تجرد الإنسان من قدرته على العمل سواء في المصانع أو في الصحف . وقد ورد فى التقارير الأخيرة لمكتب العمل أن العمالة الصناعية قد تزايدت مرة أخرى وذلك لعامها الثالث على التوالى. وقد أدى الاقتصاد الذي يقوم على العقول الإلكترونية إلى زيادة الإنتاج لكل عامل ، ولكن بسرعة تفوق بقليل سرعتها في الأعوام الثلاثة عشر التي سبقت ظهور العقول الإلكترونية في المجال الصناعي ، بنسبة سنوية تبلغ ٣,٦ في المائة على عام ١٩٦٠ ، وذلك بمقارنتها بنسبة زيادة سنوية قدرها ٣,١ في المائة خلال الفترة ما بين عامى ١٩٤٧ و ١٩٦٠ . ، فإن الوظائف والأعمال توجد بمعدل يتراوح بين ٥٠٠ ألف وظيفة و ٣ ملايين و ٥٠٠ ألف وظيفة سنوياً . وكل محاولة لنسب المكاسب الاقتصادية إلى الآلية وحدها ستكون محاولة غبية وسخيفة تماماً مثلما نحاول إلقاء اللوم على الآلات حين تبطل الحاجة إلى بعض الأعمال .
ومما لا شك فيه ، أن الآلية تؤدى إلى القضاء على بعض الأعمال ، ولكنها أيضاً تخلق أعمالاً جديدة أخرى .
و يقول دانيال بيل أستاذ علم الاجتماع بجامعة كولومبيا : « لا يعلم أحد شيئاً عما تسببه الآلية ، فهو مجرد أمر من أمور الافتراض والتكهن . ودانيال بيل هو أ أحد أعضاء الجمعية القومية الأمريكية للتكنولوجيا والآلية والتقدم الاقتصادي التي تضم ١٤ عضواً ، والتي أسسها الكونجرس الأمريكي ويعهد إلى هذه الجمعية التي تبلغ ميزانياتها السنوية ۸۰۰ ألف دولار، بمسئولية دراسة الآلية وإعداد تقارير عنها وهو أكبر إجراء بناء يمكن اتخاذه لضمان أقصى المكاسب الممكنة مع أقل الآثار الضارة الممكنة على الدولة .
وستخصص الجمعية القومية للتكنولوجيا عاماً كاملاً لدراسة الآثار الاجتماعية للآلية واحتمالات انتشارها وامتدادها خلال السنوات العشر التالية ، وأثرها على معدلات النمو الاقتصادى والعمالة بوجه عام ، ولصناعات معينة مثل الصحافة بوجه خاص . وتلك الدراسة إلى جانب مشروع آخر يجرى إعداده بجامعة هارفارد وتبلغ ميزانيته ٥ ملايين دولار ، هما أهم الجهود التي تبذل حاليا لتخليص المناقشات المفعمة بالعواطف من التكهنات والافتراضات التى تتسم بها حتى الآن كل محاولة لتقييم الآلية وأثرها على العاملين .
وتكاد تكون جميع العوائق الرئيسية للهجوم على الآلية التلقائية عوائق إنسانية . فمن ناحية كانت إدارات الصحف بطيئة في إدراك أهمية التكنولوجيا الجديدة، ولم تستعد لمواجهة مطالب العمال وخوفهم من أن يفقدوا أعمالهم بسبب هذه الأجهزة . بينما معظم الصحف الإقليمية التي تستخدم هذه الأجهزة لديها عقود . اتحاد جامعی الحروف . وقد أرضت هذه الصحف الاتحاد بأن ضمنت عدم ا أحد عمالها إلا إذا بلغ سن التقاعد أو رغب في ترك الخدمة من تلقاء نفسه . ومعظم هذه الصحف يتحدث الآن عن تحقيق وفورات كبيرة وخفض نسبة ١٥ % في عمال جمع عمال الطبع بسبب بلوغ سن التقاعد . وقد انخفض عدد العمال في قاعات صحيفة برمنجهام نيوز من ۲۰۸ إلى ١٦٣ عاملاً . وفى بعض الصحف الأخرى لم يفقد أى عامل من عمال الطبع عمله بل على العكس زاد عدد العمال فيها . وذلك لأن سوق الصحف دائمة الاتساع فى الأقاليم على عكس سوق نيويورك المحدودة الاتساع - وقد استطاعت صحيفة ميامى هيرالد أن تزيد طاقاتها العمالية بنسبة ١٠٪ دون إجراء أى تخفيض في عدد عمالها البالغ عددهم ٢٥٠ عاملا . وقد طلب اتحاد ، من الصحف الإقليمية التى تضم عمالها ، توزيع جميع ا اختصاصات الأجهزة الإلكترونية على . الحروف وإعادة تدريبهم لشغل هذه الوظائف . وقد وافقت الصحف على ذلك بالرغم من أنه كان من الممكن تدريب المتخرج من المدارس الثانوية على استخدام الآلات التلقائية بأقل من نصف أجر عامل الطبع . وعندما نعرف أن عدد العاملين في جريدة مثل نيويورك تايمز يبلغ ٥٣٥٩ ( في عام ١٩٦٦ ) نستطيع أن نفهم معنى المشكلة العمالية في مدينة مثل نيويورك . وهذا العدد من العاملين في هذه الجريدة مقسم على النحو التالي : ١٠٢١ يعملون في التحرير و ۲۷۰۲ يعملون فى الإنتاج والتوزيع و ١٦٣٦ يعملون في الإدارة ، وتبلغ قائمة الأجور والمكافآت والمرتبات فى العام ٥٨ مليون دولار ، وتستهلك مطابعها ٣٤٠ ألف طن من الورق ، تمثل ٤٦٣ ألف بوبينة ورق و ٥ آلاف طن من الحبر .
ويستهلك العاملون فى هذه الجريدة ٧٥٠ ألف فنجان قهوة في العام .
ويقول أحد الصحفيين الأمريكيين معالماً على هذه الأزمة : « لابد من إدخال النظام الإلكترونى فى الصحف ، إذا أريد لها أن تظل على قيد الحياة . وعدم بهذا النظام يعتبر كما لو كنا نقف على الشاطئ ونقول للموجة لا تأتى .
تعليق