ما الفرق بين الاحتباس الحراري و التغير المناخي ؟ – في الثامن عشر من أغسطس 2019، أقامت آيسلندا جنازة لأول نهر جليدي يُفقد نتيجةً للتغير المناخي. المتوفى هو أوكجوكول Okjökull، وهو معلم تاريخي من الجليد غطى أكثر من 38 كم مربعًا من المرتفعات الآيسلندية في مطلع القرن العشرين. ولكن انتهت أيام مجده منذ زمن بعيد، فقد تقلص إلى أقل من 1\15 من حجمه السابق، فاقدًا تصنيفه (نهرًا جليديًا) بشكل رسمي.
شُيدت بعد ذلك جدارية تخليدًا لذكرى الفقيد العزيز، حضر المراسم الحزينة قرابة مئة شخصية للتعبير عن احترامهم للفقيد، من بينهم علماء ومسافرون متجولون، بالإضافة إلى رئيسة وزراء آيسلندا كاترين جاكوبسدوتير. تحدثت رئيسة الوزراء للصحافة وحذرت من فقدان بلادها -في المستقبل القريب- ما هو أكثر من نهرها الجليدي التاريخي في حال استمرار نفس التوجهات.
الدليل واضح للعيان: تتسبب انبعاثات الغازات الدفيئة وغيرها من الأنشطة البشرية في التحول الجذري للكوكب الذي نعيش عليه. نتيجةً لذلك، يزداد موسم حرائق الغابات في كاليفورنيا طولًا، إذ يهدد ذوبان الجليد السرمدي البنية التحتية الروسية، وبالطبع تنهار معظم الأنهار الجليدية حول العالم بسرعة.
مع تزايد اهتمام الجماهير بالقضية الناتجة عن، دخل مصطلحان جديدان القاموس، وهما التغير المناخي والاحتباس الحراري ، وعادةً ما يتعامل معهما كمترادفين، ولكنهما يختلفان في المعنى.
التغير المناخي
الطقس والمناخ وتغيرهما في ظل الاحتباس الحراري
قبل المضي قدمًا، تتعلق جزئية أخرى بالمصطلحات وجب توضيحها، وهي الفرق بين الطقس والمناخ.
الطقس: هو حالة الغلاف الجوي في جزء معين من العالم على المدى القصير، وتُعد الرطوبة ودرجة الحرارة وسرعة الرياح والضغط الجوي والرؤية عوامل تساعد في تعيين حالة الطقس في لحظة معينة من الزمن.
بعبارة أخرى، لا يدوم الطقس لفترة طويلة، فهو ينكشف في غضون أيام أو ساعات أو حتى دقائق. وبالتالي يتغير بشكل سريع، ولهذا يميل الكثير منا إلى التحديثات بشكل مستمر، وكلما سألت عن احتمالية سقوط الأمطار في المدينة التي تعيش فيها في أي يوم من الأيام، فأنت بذلك تستفسر عن الطقس.
لذلك علينا تجنب الخلط بين الطقس والمناخ، فالأخير يشمل نطاقًا أوسع. بشكل أساسي، يعكس المناخ متوسط حالة الطقس في منطقة ما على المدى الطويل، يتم ذلك خلال عقود من الملاحظة الدقيقة. وبمعرفة الفرق في النطاق، أصبح من الواضح أن المناخ أكثر بطئًا في التغير مقارنة بالطقس.
بأخذ المعدلات المتوسطة للمناخ الإقليمي الخاص بكل منطقة في العالم، نحصل على ما يُعرف باسم المناخ العالمي. ويجدر بالذكر أن المناخ العالمي يتغير بالفعل، إذ يُعد عرضةً للتطورات والتقلبات بمرور الزمن، شأنه شأن مكوناته الإقليمية. أضف إلى ذلك أن الاحتباس الحراري يلعب دورًا بتغير المناخ.
الأوقات تتغير
ماذا يعني مصطلح التغير المناخي بالتحديد؟ يشمل التعريف الأوسع للتغير المناخي أيًا من التقلبات طويلة المدى في واحد أو أكثر من المتغيرات المتعلقة بالتغير المناخي -مثل متوسط هطول الأمطار- خلال نفس المكان.
نلاحظ أن هذا يمكن تطبيقه على كل من المناخ الإقليمي أو المناخ العالمي. لنقل أن شمال أوروبا شهد زيادة كبيرة في معدل العواصف المطيرة، واستمرت هذه الموجة لمدة عقود، يمكن اعتبار هذا السيناريو الافتراضي مثالًا على التغير المناخي الإقليمي (بغض النظر عما يحدث في أي مكان آخر في العالم).
على الجانب الآخر يحدث الاحتباس الحراري -أو كما يُعرف أيضًا بالاحترار الأرضي- على مستوى كوكب الأرض كليًا، إذ يعبر عن الارتفاع في متوسط درجة حرارة سطح الأرض، وهو ما يحدث الآن بشكل فعلي.
في هذا السياق، نشرت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي تقريرًا يشير إلى ارتفاع معدل درجة حرارة سطح الأرض بمقدار 0.95 درجة مئوية في الفترة ما بين عامي 1880 و2016.
ربما يبدو لك أن هذا التغير لا ينعكس بشكل مؤثر على المناخ العالمي، ولكن في الحقيقة، قد يأتي التغير الضئيل بمقدار بضع درجات مئوية فقط في درجة حرارة الكوكب ككل بعواقب وخيمة، فإذا رجعت للوراء خمسة عشر ألف سنة، حيث آخر العصور الجليدية على سطح الأرض، ستجد أن أرضنا كانت أبرد بخمس درجات مئوية فقط مقارنةً بما هي عليه الآن، وبالفعل كانت درجات الحرارة وقتها كافيةً لتغطية ثلث مساحة سطح الأرض بالجليد.
في نهاية المطاف، يُعد الاحتباس الحراري شكلًا من أشكال التغير المناخي، ومن ناحية أخرى، لا يقدم التغير المناخي نفسه في صورة الاحتباس الحراري فقط.
مشكلة غير مسبوقة – ما الفرق بين الاحتباس الحراري و التغير المناخي ؟
على قدر ما يبدو عليه الأمر من غرابة، حفز الاحترار -الحادث مؤخرًا نتيجة انبعاثات الغازات الدفيئة- الزيادة في معدلات الفيضانات والجفاف على حد سواء. بينما تتعرض التربة في بعض المناطق لمعدلات مرتفعة من الترسيب، تعاني التربة في المناطق الأكثر جفافًا في العالم من فقدان كميات كبيرة من الرطوبة.
يمكننا معرفة المزيد من خلال عالم الغلاف الجوي ناثان ستيغر الذي عكف على دراسة التأثيرات التي سببتها -وما تزال تسببها- التقلبات المناخية على الحضارات البشرية. إذ يقول: «تاريخيًا، تأثرت المجتمعات بنفس الأشكال من الأحداث المناخية المدمرة التي تحدث اليوم، مثل التعرض للحرارة الشديدة أو البرودة القارصة لفترات طويلة أو الفيضانات والجفاف».
وأردف قائلًا:«عادةً لم تحدث تلك التغيرات المناخية في الماضي نتيجة لخطأ ما اقترفه البشر، ولكن أحيانًا يمكن لذلك المناخ المتطرف أن يزداد سوءًا نتيجة إدارة البيئة بشكل خاطئ من قبل البشر».
ضرب ستيغر تعرية التربة مثالًا على ذلك، قائلًا: «تعرَّض المناطق التي تفتقر للتربة السميكة الغنية للجفاف عند حدوثه، وذلك يجعل الجفاف أكثر سوءًا من المعتاد».
شارك ستيغر في 2019 في دراسة شاملة نُشرت في مجلة الطبيعة، باستخدام أنوية الجليد وعينات الشعاب المرجانية والتسجيلات التاريخية وغيرها من الدلائل، تمكن الفريق من استعراض التحولات المناخية الصغيرة والكبيرة خلال الألفي سنة الماضيتين. ( الاحتباس الحراري )
خلال هذه الفترة من الزمن، شذَّت عدة فترات، بما في ذلك الحقبة القروسطية الدافئة التي استمرت بين 800 _ 1200 بعد الميلاد.
كانت معظم تلك الأحداث إقليميةً في طبيعتها، ولكن وجد ستيغر وزملاؤه أن الفترة الأكثر حرارة في 98% من الكوكب خلال الألفي سنة الماضيتين هي نهايات القرن العشرين، حين كانت درجات الحرارة العالمية مرتفعة للغاية.
الخلاصة: خلال القرون العشرين الماضية في تاريخ الإنسان، لم يواجه أسلافنا أي ظواهر مناخية مؤثرة عالميًا مثل التغيرات المناخية الحادثة في الوقت الحالي.
شُيدت بعد ذلك جدارية تخليدًا لذكرى الفقيد العزيز، حضر المراسم الحزينة قرابة مئة شخصية للتعبير عن احترامهم للفقيد، من بينهم علماء ومسافرون متجولون، بالإضافة إلى رئيسة وزراء آيسلندا كاترين جاكوبسدوتير. تحدثت رئيسة الوزراء للصحافة وحذرت من فقدان بلادها -في المستقبل القريب- ما هو أكثر من نهرها الجليدي التاريخي في حال استمرار نفس التوجهات.
الدليل واضح للعيان: تتسبب انبعاثات الغازات الدفيئة وغيرها من الأنشطة البشرية في التحول الجذري للكوكب الذي نعيش عليه. نتيجةً لذلك، يزداد موسم حرائق الغابات في كاليفورنيا طولًا، إذ يهدد ذوبان الجليد السرمدي البنية التحتية الروسية، وبالطبع تنهار معظم الأنهار الجليدية حول العالم بسرعة.
مع تزايد اهتمام الجماهير بالقضية الناتجة عن، دخل مصطلحان جديدان القاموس، وهما التغير المناخي والاحتباس الحراري ، وعادةً ما يتعامل معهما كمترادفين، ولكنهما يختلفان في المعنى.
التغير المناخي
الطقس والمناخ وتغيرهما في ظل الاحتباس الحراري
قبل المضي قدمًا، تتعلق جزئية أخرى بالمصطلحات وجب توضيحها، وهي الفرق بين الطقس والمناخ.
الطقس: هو حالة الغلاف الجوي في جزء معين من العالم على المدى القصير، وتُعد الرطوبة ودرجة الحرارة وسرعة الرياح والضغط الجوي والرؤية عوامل تساعد في تعيين حالة الطقس في لحظة معينة من الزمن.
بعبارة أخرى، لا يدوم الطقس لفترة طويلة، فهو ينكشف في غضون أيام أو ساعات أو حتى دقائق. وبالتالي يتغير بشكل سريع، ولهذا يميل الكثير منا إلى التحديثات بشكل مستمر، وكلما سألت عن احتمالية سقوط الأمطار في المدينة التي تعيش فيها في أي يوم من الأيام، فأنت بذلك تستفسر عن الطقس.
لذلك علينا تجنب الخلط بين الطقس والمناخ، فالأخير يشمل نطاقًا أوسع. بشكل أساسي، يعكس المناخ متوسط حالة الطقس في منطقة ما على المدى الطويل، يتم ذلك خلال عقود من الملاحظة الدقيقة. وبمعرفة الفرق في النطاق، أصبح من الواضح أن المناخ أكثر بطئًا في التغير مقارنة بالطقس.
بأخذ المعدلات المتوسطة للمناخ الإقليمي الخاص بكل منطقة في العالم، نحصل على ما يُعرف باسم المناخ العالمي. ويجدر بالذكر أن المناخ العالمي يتغير بالفعل، إذ يُعد عرضةً للتطورات والتقلبات بمرور الزمن، شأنه شأن مكوناته الإقليمية. أضف إلى ذلك أن الاحتباس الحراري يلعب دورًا بتغير المناخ.
الأوقات تتغير
ماذا يعني مصطلح التغير المناخي بالتحديد؟ يشمل التعريف الأوسع للتغير المناخي أيًا من التقلبات طويلة المدى في واحد أو أكثر من المتغيرات المتعلقة بالتغير المناخي -مثل متوسط هطول الأمطار- خلال نفس المكان.
نلاحظ أن هذا يمكن تطبيقه على كل من المناخ الإقليمي أو المناخ العالمي. لنقل أن شمال أوروبا شهد زيادة كبيرة في معدل العواصف المطيرة، واستمرت هذه الموجة لمدة عقود، يمكن اعتبار هذا السيناريو الافتراضي مثالًا على التغير المناخي الإقليمي (بغض النظر عما يحدث في أي مكان آخر في العالم).
على الجانب الآخر يحدث الاحتباس الحراري -أو كما يُعرف أيضًا بالاحترار الأرضي- على مستوى كوكب الأرض كليًا، إذ يعبر عن الارتفاع في متوسط درجة حرارة سطح الأرض، وهو ما يحدث الآن بشكل فعلي.
في هذا السياق، نشرت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي تقريرًا يشير إلى ارتفاع معدل درجة حرارة سطح الأرض بمقدار 0.95 درجة مئوية في الفترة ما بين عامي 1880 و2016.
ربما يبدو لك أن هذا التغير لا ينعكس بشكل مؤثر على المناخ العالمي، ولكن في الحقيقة، قد يأتي التغير الضئيل بمقدار بضع درجات مئوية فقط في درجة حرارة الكوكب ككل بعواقب وخيمة، فإذا رجعت للوراء خمسة عشر ألف سنة، حيث آخر العصور الجليدية على سطح الأرض، ستجد أن أرضنا كانت أبرد بخمس درجات مئوية فقط مقارنةً بما هي عليه الآن، وبالفعل كانت درجات الحرارة وقتها كافيةً لتغطية ثلث مساحة سطح الأرض بالجليد.
في نهاية المطاف، يُعد الاحتباس الحراري شكلًا من أشكال التغير المناخي، ومن ناحية أخرى، لا يقدم التغير المناخي نفسه في صورة الاحتباس الحراري فقط.
مشكلة غير مسبوقة – ما الفرق بين الاحتباس الحراري و التغير المناخي ؟
على قدر ما يبدو عليه الأمر من غرابة، حفز الاحترار -الحادث مؤخرًا نتيجة انبعاثات الغازات الدفيئة- الزيادة في معدلات الفيضانات والجفاف على حد سواء. بينما تتعرض التربة في بعض المناطق لمعدلات مرتفعة من الترسيب، تعاني التربة في المناطق الأكثر جفافًا في العالم من فقدان كميات كبيرة من الرطوبة.
يمكننا معرفة المزيد من خلال عالم الغلاف الجوي ناثان ستيغر الذي عكف على دراسة التأثيرات التي سببتها -وما تزال تسببها- التقلبات المناخية على الحضارات البشرية. إذ يقول: «تاريخيًا، تأثرت المجتمعات بنفس الأشكال من الأحداث المناخية المدمرة التي تحدث اليوم، مثل التعرض للحرارة الشديدة أو البرودة القارصة لفترات طويلة أو الفيضانات والجفاف».
وأردف قائلًا:«عادةً لم تحدث تلك التغيرات المناخية في الماضي نتيجة لخطأ ما اقترفه البشر، ولكن أحيانًا يمكن لذلك المناخ المتطرف أن يزداد سوءًا نتيجة إدارة البيئة بشكل خاطئ من قبل البشر».
ضرب ستيغر تعرية التربة مثالًا على ذلك، قائلًا: «تعرَّض المناطق التي تفتقر للتربة السميكة الغنية للجفاف عند حدوثه، وذلك يجعل الجفاف أكثر سوءًا من المعتاد».
شارك ستيغر في 2019 في دراسة شاملة نُشرت في مجلة الطبيعة، باستخدام أنوية الجليد وعينات الشعاب المرجانية والتسجيلات التاريخية وغيرها من الدلائل، تمكن الفريق من استعراض التحولات المناخية الصغيرة والكبيرة خلال الألفي سنة الماضيتين. ( الاحتباس الحراري )
خلال هذه الفترة من الزمن، شذَّت عدة فترات، بما في ذلك الحقبة القروسطية الدافئة التي استمرت بين 800 _ 1200 بعد الميلاد.
كانت معظم تلك الأحداث إقليميةً في طبيعتها، ولكن وجد ستيغر وزملاؤه أن الفترة الأكثر حرارة في 98% من الكوكب خلال الألفي سنة الماضيتين هي نهايات القرن العشرين، حين كانت درجات الحرارة العالمية مرتفعة للغاية.
الخلاصة: خلال القرون العشرين الماضية في تاريخ الإنسان، لم يواجه أسلافنا أي ظواهر مناخية مؤثرة عالميًا مثل التغيرات المناخية الحادثة في الوقت الحالي.