الأدب في أوغاريت.. امتداد لآداب الشرق الأدنى القديم...
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&
تظهر المكتشفات الأثرية وترجمة الرقم الفخارية والكتابات المسمارية أن الأدب عرف في بلادنا منذ أكثر من خمسة آلاف سنة مضت..وتميزت أقدم أنواعه من خلال الترجمات لهذه الرقم بأن هذا الأدب تميز بالحكمة والاستجابة لظروف البيئة في الزمان والمكان والعوامل الفكرية والدينية والاجتماعية والتاريخية ورغم أن الزمن وعوامل التدمير قد قضت على جانب كبير من هذا التراث إلا أن القليل الذي بقي وترجم إلى لغات عديدة يكفي لإظهار معانيه وتطوره ومدى انتشاره في كثير من آداب الشعوب القديمة وامتداده حتى الوقت الراهن.
أن الكتبة لم يكتبوا النصوص الأدبية إلا بعد مرور ألف سنة على اختراع الكتابة ويعود السبب إلى أن الأدب القديم كان ينشد ويسمع وخاصة أدب الأساطير والملاحم وأدب الحكمة إلى أن النصوص المكتشفة في إبلا وماري وأوغاريت ووادي النيل توضح أن هذا الأدب مطبوع بطابع الإيمان مصدره أرشيفات يشرف عليها موظفو المعابد والكهنة ..فضلا عن وجود نصوص خاصة بالحكم التي ترتبط بالفولكلور والأمثال والنصائح السياسية وطقوس الزواج وغيرها.
و أن بعض الآداب بقيت مجهولة مدة طويلة مثل الأدب الكنعاني وحتى الذين كتبوا عن الكنعانيين لم يتركوا آثاراً أدبية تذكر وما يعرف عن هذه الثقافة مأخوذ عن مصادر مموهة أو مصادر سورية مصبوغة بطابع يوناني مثل كتابات (فيلون الجبيلي) بداية القرن الثامن بعد الميلاد أو عن مصادر إغريقية كتاريخ (هيرودوت) لذلك بقي الأدب الكنعاني مجهولاً وكذلك حقيقة الديانة الكنعانية إلى أن اكتشفت نصوص أوغاريت وهي أحد أهم الاكتشافات الأثرية التي غيرت معرفة البشر بالتاريخ.
و أن نصوص أوغاريت الميثولوجية لم تكشف عن تاريخ وحضارة الفترة الكنعانية من تاريخ سورية وحسب بل بينت أن الأفكار الدينية وأكثر وجدانيات التوراة وأناشيدها هي اقتباس لثقافة ما بين النهرين وكنعان مبيناً أن النصوص الدينية التي اكتشفت في أوغاريت هي أكثر أهمية ويرجع تاريخها إلى القرن الرابع عشر قبل الميلاد وقد كتبت على ألواح من الفخار إضافة إلى اكتشاف نصوص سومرية وحورية وبابلية وآكادية وهيروغليفية وحثية وكذلك لوحات فخارية. أخرى..
وأهمية نصوص أوغاريت التي بينت الكثير مما أخذه العبرانيون عن الكنعانيين اللذين كتبوا نصوصهم الدينية والأدبية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدبلوماسية مكتوبة على لوحات من الفخار قبل العبرانيين بألف عام على الأقل وبينت تلك النصوص التشابه الكبير في اللغة والأفكار بين أدب أوغاريت وسفر أيوب وتشابها في المفردات والتفكير والتركيب الأدبي بين نصوص أوغاريت والمزامير العبرانية حيث يوجد الكثير من الشواهد عن الماضي الأدبي في الشرق الأدنى القديم منها الرواية البابلية التي تتحدث عن خلق العالم ومغامرات جلجاميش التي تتضمن رواية بابلية عن الطوفان وأية برج بابل التي تتحدث عن الأبراج الشامخة التي شيدت في مدن ما بين النهرين.
و أن الإرث الكنعاني و الرافدي في التوراة لا ينطبق فقط على محتوى المؤلفات ومغزاها بل يتسع ليشمل الشكل والأسلوب أيضاً لذلك يبدو ضرورياً معرفة الجانب التقني الأسلوبي في الشعر الكنعاني القديم ليتضح كيف أن القصيدة التوراتية استعارت بنية وصنعة القصيدة الكنعانيةو البابلية.
و أن الجملة الافتتاحية في نشيد موسى الذي كتب بعده بزمن طويل وفي ارض كنعان والتي تقول:
(اصغي أيتها السموات فأتكلم ولتسمع الأرض لأقوال فمي) وهي صيغة شعرية شائعة في الكثير من قصائد اوغاريت وغالباً ما تأتي في بداية الخطاب كما في قصيدة بعل وموت - انصت إلي يا موت ولكلامي افتح أذنيك - وقصيدة بعل وعنات -
أيتها العذراء عنات اصغي لخطابي ولكلامي انصتي ..
كلامي هو أنين السموات والأرض والمهاوي للكواكب - وتتطابق الأبيات التي تلي افتتاحية نشيد موسى -
ليهطل كالمطر تعليمي..
وليقطر كالندى قولي..
الرذاذ على العشب –
مع أبيات أساسية في قصيدة (اقهت بن دانيال) الأوغاريتية اللسان والروح.. وهي الأبيات التي يرفع فيها دانيال صلاته لاستنزال المطر بقوله..
فليهطل المطر في فصل الجفاف ..
فلترسل السحب رذاذ الخريف..
وليسق الندى عناقيد الصيف).
لذلك أن هندسة القصيدة الاوغاريتية كما بينتها أشعار وقصائد أوغاريت تعتمد في بنائها الشكلي على تناغم الجملة الشعرية وقوة الصورة وكانت موسيقا القصيدة تقوم على الإيقاع فالشعر الاوغاريتي إيقاعي تكاد بعض مقاطعه تغنى وتنطبق هذه الميزة على القصيدة التوراتية فالمزامير الغنائية مبنية على إيقاع يعتمد على تقطيع النبرات وهذا الضرب من التقنية مستعار من صيغة القصيدة الاوغاريتية...
لا تزال اوغاريت تختزن في باطنها عالم من الأسرار مكنون في باطنتها لم يتكتشف بعد وهي تحتاج منا إلى جهود كبيرة وسنوات طويلة من البحث العلمي والتنقيب الأثري الممنهج
إضافة إلى ما تبقى من رقم فخارية لم تترجم ولم يتثنى للعلماء والباحثين من دراستها حتى الآن..
أقول: مثلما استنطقنا أسرار مدينة اوغاريت سابقآ سنحاول استنطاقها من جديد وهي لن تخيب آمالنا..
عاشق اوغاريت.. غسان القيم..
مصادر البحث
تقارير ووثائق بعثات التنقيب الأثرية العاملة في اوغاريت ومصادر علمية أخرى مختصة بالدراسات الاوغاريتية
مجلة الحوليات الأثرية السورية التي تصدر عن المديرية العامة للآثار والمتاحف..
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&
تظهر المكتشفات الأثرية وترجمة الرقم الفخارية والكتابات المسمارية أن الأدب عرف في بلادنا منذ أكثر من خمسة آلاف سنة مضت..وتميزت أقدم أنواعه من خلال الترجمات لهذه الرقم بأن هذا الأدب تميز بالحكمة والاستجابة لظروف البيئة في الزمان والمكان والعوامل الفكرية والدينية والاجتماعية والتاريخية ورغم أن الزمن وعوامل التدمير قد قضت على جانب كبير من هذا التراث إلا أن القليل الذي بقي وترجم إلى لغات عديدة يكفي لإظهار معانيه وتطوره ومدى انتشاره في كثير من آداب الشعوب القديمة وامتداده حتى الوقت الراهن.
أن الكتبة لم يكتبوا النصوص الأدبية إلا بعد مرور ألف سنة على اختراع الكتابة ويعود السبب إلى أن الأدب القديم كان ينشد ويسمع وخاصة أدب الأساطير والملاحم وأدب الحكمة إلى أن النصوص المكتشفة في إبلا وماري وأوغاريت ووادي النيل توضح أن هذا الأدب مطبوع بطابع الإيمان مصدره أرشيفات يشرف عليها موظفو المعابد والكهنة ..فضلا عن وجود نصوص خاصة بالحكم التي ترتبط بالفولكلور والأمثال والنصائح السياسية وطقوس الزواج وغيرها.
و أن بعض الآداب بقيت مجهولة مدة طويلة مثل الأدب الكنعاني وحتى الذين كتبوا عن الكنعانيين لم يتركوا آثاراً أدبية تذكر وما يعرف عن هذه الثقافة مأخوذ عن مصادر مموهة أو مصادر سورية مصبوغة بطابع يوناني مثل كتابات (فيلون الجبيلي) بداية القرن الثامن بعد الميلاد أو عن مصادر إغريقية كتاريخ (هيرودوت) لذلك بقي الأدب الكنعاني مجهولاً وكذلك حقيقة الديانة الكنعانية إلى أن اكتشفت نصوص أوغاريت وهي أحد أهم الاكتشافات الأثرية التي غيرت معرفة البشر بالتاريخ.
و أن نصوص أوغاريت الميثولوجية لم تكشف عن تاريخ وحضارة الفترة الكنعانية من تاريخ سورية وحسب بل بينت أن الأفكار الدينية وأكثر وجدانيات التوراة وأناشيدها هي اقتباس لثقافة ما بين النهرين وكنعان مبيناً أن النصوص الدينية التي اكتشفت في أوغاريت هي أكثر أهمية ويرجع تاريخها إلى القرن الرابع عشر قبل الميلاد وقد كتبت على ألواح من الفخار إضافة إلى اكتشاف نصوص سومرية وحورية وبابلية وآكادية وهيروغليفية وحثية وكذلك لوحات فخارية. أخرى..
وأهمية نصوص أوغاريت التي بينت الكثير مما أخذه العبرانيون عن الكنعانيين اللذين كتبوا نصوصهم الدينية والأدبية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدبلوماسية مكتوبة على لوحات من الفخار قبل العبرانيين بألف عام على الأقل وبينت تلك النصوص التشابه الكبير في اللغة والأفكار بين أدب أوغاريت وسفر أيوب وتشابها في المفردات والتفكير والتركيب الأدبي بين نصوص أوغاريت والمزامير العبرانية حيث يوجد الكثير من الشواهد عن الماضي الأدبي في الشرق الأدنى القديم منها الرواية البابلية التي تتحدث عن خلق العالم ومغامرات جلجاميش التي تتضمن رواية بابلية عن الطوفان وأية برج بابل التي تتحدث عن الأبراج الشامخة التي شيدت في مدن ما بين النهرين.
و أن الإرث الكنعاني و الرافدي في التوراة لا ينطبق فقط على محتوى المؤلفات ومغزاها بل يتسع ليشمل الشكل والأسلوب أيضاً لذلك يبدو ضرورياً معرفة الجانب التقني الأسلوبي في الشعر الكنعاني القديم ليتضح كيف أن القصيدة التوراتية استعارت بنية وصنعة القصيدة الكنعانيةو البابلية.
و أن الجملة الافتتاحية في نشيد موسى الذي كتب بعده بزمن طويل وفي ارض كنعان والتي تقول:
(اصغي أيتها السموات فأتكلم ولتسمع الأرض لأقوال فمي) وهي صيغة شعرية شائعة في الكثير من قصائد اوغاريت وغالباً ما تأتي في بداية الخطاب كما في قصيدة بعل وموت - انصت إلي يا موت ولكلامي افتح أذنيك - وقصيدة بعل وعنات -
أيتها العذراء عنات اصغي لخطابي ولكلامي انصتي ..
كلامي هو أنين السموات والأرض والمهاوي للكواكب - وتتطابق الأبيات التي تلي افتتاحية نشيد موسى -
ليهطل كالمطر تعليمي..
وليقطر كالندى قولي..
الرذاذ على العشب –
مع أبيات أساسية في قصيدة (اقهت بن دانيال) الأوغاريتية اللسان والروح.. وهي الأبيات التي يرفع فيها دانيال صلاته لاستنزال المطر بقوله..
فليهطل المطر في فصل الجفاف ..
فلترسل السحب رذاذ الخريف..
وليسق الندى عناقيد الصيف).
لذلك أن هندسة القصيدة الاوغاريتية كما بينتها أشعار وقصائد أوغاريت تعتمد في بنائها الشكلي على تناغم الجملة الشعرية وقوة الصورة وكانت موسيقا القصيدة تقوم على الإيقاع فالشعر الاوغاريتي إيقاعي تكاد بعض مقاطعه تغنى وتنطبق هذه الميزة على القصيدة التوراتية فالمزامير الغنائية مبنية على إيقاع يعتمد على تقطيع النبرات وهذا الضرب من التقنية مستعار من صيغة القصيدة الاوغاريتية...
لا تزال اوغاريت تختزن في باطنها عالم من الأسرار مكنون في باطنتها لم يتكتشف بعد وهي تحتاج منا إلى جهود كبيرة وسنوات طويلة من البحث العلمي والتنقيب الأثري الممنهج
إضافة إلى ما تبقى من رقم فخارية لم تترجم ولم يتثنى للعلماء والباحثين من دراستها حتى الآن..
أقول: مثلما استنطقنا أسرار مدينة اوغاريت سابقآ سنحاول استنطاقها من جديد وهي لن تخيب آمالنا..
عاشق اوغاريت.. غسان القيم..
مصادر البحث
تقارير ووثائق بعثات التنقيب الأثرية العاملة في اوغاريت ومصادر علمية أخرى مختصة بالدراسات الاوغاريتية
مجلة الحوليات الأثرية السورية التي تصدر عن المديرية العامة للآثار والمتاحف..