القواعد Grammar علم قديم يُعنى بوصف خصائص اللغة، وبيان ما يصح فيها وما لا يصح

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • القواعد Grammar علم قديم يُعنى بوصف خصائص اللغة، وبيان ما يصح فيها وما لا يصح

    القواعد (علم ـ)

    القواعد علم قديم يُعنى بوصف خصائص اللغة، وبيان ما يصح فيها وما لا يصح وفق معايير محددة، واستناداً إلى تحليل ووصف دقيقين لمكوناتها. وهو لايقتصر على تناول نحو اللغة بل يتعداه إلى دراسة خصائصها الصوتية والصرفية والمعجمية والدلالية، كما لايقتصر على اللغات المكتوبة، وإنما يتناول أيضاً اللغات المحكية. وقد ارتبطت القواعد Grammaire بالعملية التعليمية فأدرجت مقرراً في المدارس والمعاهد اللغوية لتوفّر للمتعلم المعلومات اللازمة، وتعينه على تعرف المبادئ والقوانين التي تخضع لها اللغة كي ينحو المنحى السليم في استخدامها ويتجنب اللَحْن.
    بيد أن وصف اللغة وتحديد خصائصها قد لايكون بالضرورة لهدف تعليمي، وإنما لرغبة أو حاجة في الكشف عن خصائص اللغة الدفينة وآلياتها وطريقة تكوّنها واكتسابها والمؤثرات التاريخية والاجتماعية والثقافية والنفسية والحضارية التي تخضع لها، وهنا تتحول القواعد إلى علم له متطلبات كسائر العلوم الأخرى، فلا تقتصر آنذاك على وصف الظواهر اللغوية، وإنما تتعدى الوصف إلى وضع الفرضيات بغية تحليل وتفسير تلك الظواهر وربطها بالكفاءة اللغوية العامة لبني البشر، وهذا العلم أحدث من القواعد ويسمى «اللسانيات»[ر] Linguistique.
    عرف عدد من الشعوب على مرّ التاريخ هذا العلم، وتركت فيه إرثاً غنياً كان له أكبر الأثر في التأسيس للقواعد الأوربية التي منها تطور علم اللسانيات الحديث، كما هي الحال فيما يخصّ القواعد الصينية والنحو العربي والقواعد السنسكريتية واليونانية واللاتينية. وعلى الرغم من تنوّع المناهج والمفاهيم الأساسية والمصطلحات، إلا أنه يمكن استخلاص مفهوم عام للقواعد صالح لكل المناهج المتبعة.
    الخصائص
    تدرس القواعد خصائص اللغات الطبيعية، وهي بذلك تشترك واللسانيات في المادة التي تتناولها، لكنها تختلف وإيّاها في المنهجية. ففي حين يتألف علم اللسانيات من جانب نظري أساسي بحت وآخر تطبيقي، فلا وجود لهذا التباين الجوهري في طبيعة القواعد التي تستند على نحو أساسي إلى وصف خصائص اللغة استناداً إلى جملة من المعطيات، والحكم عليها بأنها صحيحة أو غير صحيحة. وتتناول القواعد الجملةَ كوحدة مستقلة بمعزل عن السياق المتحوّل، فلا تأخذ بالحسبان مثلاً المناسبة التي وردت فيها ولا خصوصية المرسل والمتلقي، إلى ما هنالك من متغيرات قد تؤدي دوراً في الحكم على صحتها أو عدم صحتها. ومن ثم فإن القواعد تقوم على وصف خصائص اللغة بدراسة جملة من المعطيات المنعزلة عن سياقها أو عن الظرف الذي وردت فيه، وهي تنشئ جملة من التصنيفات والقواعد اللغوية فتعممها على اللغة استناداً إلى عدد محدود من الأمثلة المستقاة من تلك اللغة من دون أخذ السياق بالحسبان، وهو ما يعاب على القواعد عموماً.
    تتبع القواعد منهجية التوصيف والتبويب التي ترجع في جذورها إلى الفيلسوف اليوناني أرسطو (384ـ322ق.م). فهي علم تحليلي، شأنها في ذلك شأن العلوم الأخرى كالكيمياء على سبيل المثال، وتقوم بتحليل كل عنصر من عناصر الخطاب اللغوي إلى مكوناته الأساسية وتصنفها في أبواب محددة تندرج تحتها مكونات الجمل لامتناهية العدد في لغة ما بحسب خصائص الباب الذي تنتمي إليه، على ألاّ ينتمي العنصر الواحد لأكثر من باب واحد. فهناك مثلاً الاسم والفعل والحرف، ثم هناك ما يندرج تحتها من ضمائر وظروف وأحرف مشبّهة وأفعال ناقصة ومصادر وصفات وأسماء أفعال، وهناك علامات الإعراب كالرفع والنصب والجر وسواها كما يوجد في اللغات الهندية-الأوربية، وصيغ علامات الإعراب ودلالاتها، وهناك صيغ الأفعال واستخدامها ودلالاتها، كالمبني للمعلوم والمبني للمجهول والمصدر، ومكان الفعل على محور الزمن ومدّته وكيفية وقوعه. وفضلاً عن تحليل كل عنصر من عناصر الجملة بحسب خصائص الباب الذي ينتمي إليه، تقوم القواعد بدراسة كل عنصر في الجملة فتحلل خصائصه النحوية والصرفية ووظيفته ومحله من الإعراب، فهناك مثلاً المسند والمسند إليه، وهناك المبتدأ والخبر، وهناك الفعل المضارع والماضي، وهناك المرفوع والمنصوب والمجزوم والمجرور.
    يضع هذا العلم مجموعة قواعد معيارية تقنينية règles prescriptives، أي تقعيدية، تؤكد وجوب الالتزام باستعمال معين، كما تضع قواعد معيارية تحريمية proscriptives règles قوامها التأكيد على وجوب الامتناع عن استخدام معين. وينجم عن الإخلال بهذه القواعد الوقوع في الخطأ اللغوي أو اللَحْن.
    تقوم القواعد إذاً على عمليتين في آن معاً: الحكم على معطيات اللغة بأنها صحيحة أو غير صحيحة من خلال التقعيد، وتبرير هذا الحكم عبر دراسة خصائص العناصر اللغوية. فهي تحكم بصحة أو عدم صحة المعطى اللغوي استناداً إلى تحليل طبيعة مكوناته وترتيبها، وبعد تصنيف كل مكون في الباب المناسب.
    أسهم تطور علم اللسانيات في تطوّر منهجية دراسة القواعد، فقد تأثرت بعض المدارس النحوية باللسانيات البنيوية فآثرت التخلي عن وضع القواعد واتبّاع أسلوب أكثر وصفية مبني على نظام التضاد الوظيفي opposition fonctionnelle بين العناصر اللغوية، في حين تأثرت دراسات نحوية أخرى بالقواعد التوليدية فأولت أهمية بالغة للقواعد والمبادئ التي تحكم التراكيب اللغوية واتبعت النهج التقنيني ومفهوم القاعدة اللغوية لكنها ظلّت معيارية في جوهرها.
    والقواعد أشمل وأعمّ من النحو؛ فقد ميّز النحاة الإغريق بين «اللحن» solécisme وهو الخروج عن الاستعمال اللغوي السليم من الناحية النحوية، و«العُجمة» barbarisme، أي تحريف صيغ الكلمات واستعمال الدخيل منه من دون مسوّغ. وتعدّ القواعد أشمل إذا ما غطّت أكبر قدر من المعطيات اللغوية ونصّت على مجموعة متكاملة من المبادئ والمعايير تحدد الخطأ والصواب لغوياً، كما أنها تعدّ وافية إذا ما وضَّحت الأسباب التي تحكم وفقها على المعطيات اللغوية.
    وعلى الرغم من أن المدارس والاتجاهات كلها تشترك في صفتي التقعيد والتحليل، إلاّ أنه غالباً ما يميّز الباحثون بين نوعين من القواعد: القواعد المعيارية grammaire normative، والقواعد الوصفية grammaire descriptive. إلا أن مثل هذا التمييز غير دقيق؛ فالقواعد المعيارية تقوم على التقعيد اعتماداً على ما يُقال، لكنها تقوم في آن معاً بعملية انتقائية للاستخدامات اللغوية، فتصنّف ما هو في أغلب الأحيان أدبي وأقرب للغة القدماء على أنه «معياري» وترجّحه على ما سواه من استخدامات لغويةً. أما القواعد الوصفية، فهي وإن كانت على العكس من ذلك تستند في عملية التقعيد إلى كل ما يُقال، إلاّ أن هذا لا ينفي عنها صفة المعيارية، إذ إنها هي الأخرى تنتهي إلى وضع أسس معيارية للغة استناداً إلى كل ما يُقال. ومن هنا يمكن القول إن القواعد كلها معيارية، وإن اختلفت في منهجيتها وفي تصنيفاتها.
    أهم الأعلام والمؤلفات
    ارتبط ظهور القواعد بدراسة اللغة المكتوبة لا المنطوقة، الأمر الذي دعا الباحثين إلى ربط ظهور تقعيد اللغة بظهور الكتابة. وقد تطورت دراسة القواعد مع تطور المؤسسة المدرسية، والشاهد على ذلك رُقم تلاميذ العصر الهلّنستي hellénistique التي عثر عليها في مصر، والتي تدل على الدقة المتناهية التي كان يقود بها المعلم في الإسكندرية تلامذته لينتقل بهم تدريجياً من الأحرف إلى الكلمات إلى التراكيب فالنص، مع دراسة خصائص الجزء قبل الوصول إلى الكل. كما اهتم الإغريق بدراسة ما يُكتب، فظهرت أول مدارس القواعد في أثينا في القرن السادس، وقد استخدمت الدراسات حينها في تحسين نطق الخطباء وأسلوب قراءتهم. لكن الاهتمام بالكلام وتحليله برز قبل ذلك عند سقراط الذي أراد، حسب تعبيره، الوقوف على مكونات الكلام كافة. وقد تحدّث أفلاطون على لسان سقراط عن المقاطع الصوتية syllabes التي تتشكل منها الكلمات، وعن الأفعال والأسماء التي يتألف منها الكلام. ومع ذلك، فإن اهتمام أفلاطون وسقراط ظل منحصراً بالأصوات دون سواها من مكونات الكلام. فقد ميّز أفلاطون منذ القرن الرابع قبل الميلاد الأحرف الصامتة consonnes من الأحرف الصائتة voyelles، كما ميّز بين الصوائت الصامتة muettes والصوائت الرنّانة sonores، وبين الوحدات الصوتية ذات الدلالة وتلك التي لا تحمل أي دلالة. وقد تحدّث عن «أجزاء الخطاب»، وميّز الاسم من الفعل، إلا أن ذلك كان في الواقع تمييزاً منطقياً دلالياً أكثر منه نحوياً صرفياً. أما أرسطو فقد تحدّث عن الخصائص الصرفية التي تميّز الأفعال من الأسماء المعربة.
    تدين القواعد للفلاسفة الرواقيين الذين عاشوا بين القرنين الرابع والثاني قبل الميلاد، أمثال زينون الرواقي Zénon وديوجين Diogène، إذ أضاف الرواقيون إلى لائحة أجزاء الخطاب التي وضعها أرسطو أدوات التعريف والتنكير وصنّفوها مع أدوات العطف، ثم أضافوا أحرف الجر، وزادوا على أسماء العلم اسم الجنس، ثم الضمائر واسم الفاعل الذي يشارك كلاً من الاسم والفعل في بعض صفاتهما. ثم أضيفت الظروف إلى فئة الأفعال، إلى ما هنالك من إضافات لأجزاء الخطاب كما وضعها أرسطو. كذلك فإن القواعد تدين لفقهاء اللغة في مدرسة الإسكندرية بين القرنين الثالث والأول قبل الميلاد، وينسب إلى أريستارك Aristarque وهو أشهر فقهاء اللغة في الإسكندرية (عاش في النصف الأول من القرن الثاني قبل الميلاد) زيادة عدد أجزاء الخطاب لتصل إلى ثمانية لتصبح كالآتي: الاسم، الفعل، اسم الفعل (اسم الفاعل أو المفعول)، الأداة (التعريف أو التنكير)، الضمير، الحرف، الظرف وأدوات العطف. ويعدّ هذا التصنيف لأجزاء الخطاب أساس القواعد اليونانية.
    ورثت القواعد اللاتينية عن القواعد اليونانية منهجيتها وهدفها المزدوج، ألا وهو التعليم والوصف الدقيق للغة بهدف كتابتها وقراءتها على النحو الأمثل. ومن أهم فقهاء اللغة الذين انكبوا على دراسة اللاتينية ڤارون(116ـ27ق.م) Varron ، وبريسيان Priscien الذي عاش في القسطنطينية بين نهاية القرن الميلادي الخامس وبداية السادس، وأعاد النظر في المبدأ المعياري السائد.
    أمّا القواعد الهندية القديمة فقد اتّسمت بالعمق والسعة. وكانت بداية ذات نزعة فلسفية دينية ربطت الكفاءة اللغوية بقدرة إلهية. ثم غدت معيارية للحفاظ على اللغة نقية ووضعها في خدمة الأدب الرفيع، لكنها لم تتناول فقط اللغة السنسكريتية التي كانت سائدة في كل أرجاء الهند وجنوب شرقي آسيا، بل تعدّتها إلى اللغات المحلية كافة كالهندية ـ الآرية وغيرها التي كانت في مرحلة ما أداة متطورة للتعبير الثقافي. وقد أسهمت القواعد الهندية بتطور اللسانيات الحديثة، إذ تناولت العناصر والتراكيب اللغوية من حيث علاقتها بالفكر والواقع. وتزامن ظهور أول قواعد هندية قديمة مع ظهور الأعمال الأدبية، ويرجع أول أثر مكتوب يتناول الكلام والمقاطع الصوتية إلى نحو القرن الخامس قبل الميلاد. ويعود أقدم أثر هندي يتناول التأثيل étymologie أو أصول الكلمات إلى القرن الثاني قبل الميلاد.
    أما العرب، فقد انكبوا على دراسة لغتهم مع بداية القرن الثامن الميلادي بُعيد انطلاق الفتوحات الإسلامية، فارتبطت قواعدهم اللغوية بالقرآن الكريم والحاجة لضبط قراءته وفهمه وفق معايير محددة سليمة لحفظه مما قد يصيبه من تشويه، ولاسيّما أن اللغة العربية المحكية كانت قد تعرّضت في عصر الفتوحات الإسلامية إلى تبدّلات عديدة مفاجئة جرّاء الاحتكاك بشعوب البلاد المفتوحة. وفي نهاية القرن الثامن، وضع العرب على يد الخليل بن أحمد الفراهيدي (المتوفى عام 792) وتلميذه أبي بشر عمرو بن عثمان بن قنبر الملقّب بسيبويه أول قواعد متكاملة للغة العربية. ومن الأعلام أيضاً ابن جني وابن مالك والسيوطي والمبرّد. بدأ الدارسون لقواعد اللغة العربية الاهتمام بمعاني الكلمات واشتقاقها واستقوا مادّتهم من كلام الأعراب الذين يتكلمون لغة عربية نقية من كل شائبة، ومن أشعار العرب التي تعدّ معيناً لغوياً لا ينضب. وفي بداية القرن التاسع، ظهرت أول المعاجم التي تركّزت حول محاور عدة منها التشريح وعلم النبات والحيوان أو معاجم الكلمات النادرة (أو ما سمي بالنوادر). في القرنين العاشر والحادي عشر ظهرت دراسات متقدّمة في علم الدلالة وعلم المفردات منها «كتاب الفروق» لأبي هلال العسكري. وخلافاً لقدماء اليونان، قسّم النحاة العرب مكوّنات الخطاب إلى ثلاثة أنواع: الاسم والفعل والحرف، أما المعايير التي تحدد هذه التقسيمات فهي دلالية أو صرفية أو نحوية حسب النحاة. ووضعوا أيضاً نظرية العمل، وتحدثوا فيها عن علاقة العامل بالمعمول وعلامات الإعراب والتقديم والتحويل من حذف وتقديم وتأخير.
    ارتبط في العصر الحديث اسم تشومسكي N.Chomsky بنظرية النحو التوليدي التحويلي generative transformational grammar، وهي نظرية لسانية تبحث في منظومة القواعد التي تقرن جمل اللغة بوصف دقيق لبنيتها، وترى أن كل متكلم بلغة معينة قد اكتسب قواعد لغته التوليدية والتحويلية، وهي القواعد التي تشير إلى معرفته هذه اللغة التي تتيح له إنتاج الجمل وتفهمها. وقد تابعت نظريته في هذه المرحلة ما بدأته النظريات اللغوية البنيوية الأمريكية خاصة نظريات بلومفيلد[ر] L.Bloomfield وهاريس Z.Harris التي تحلل الكلام من حيث الموقع والتوزيع والمكونات المباشرة. أما المرحلة الثانية فقد بدأت مع صدور كتابه «ملامح نظرية النحو» Aspects of the Theory of Syntax عام 1965، وقد ظهرت هذه النظرية جليّةً مستقلةً متميزةً من سواها. تقوم بنية هذه النظرية على قاعدتين:
    القاعدة التوليدية التي تتيح للإنسان أن ينتج جمل اللغة كلها، وترتبط عملية الإنتاج هذه بالكفاية competence اللغوية والحدس اللغوي، وتشكل هذه القاعدة جزءاً من جهاز إنتاج الجمل، أي توليدها، وهو جهاز مهمته ضبط كل الجمل التي يحتمل وجودها في اللغة وتثبيتها؛ والقاعدة التحويلية التي تكشف عن دلالات الجمل المُولَّدة من خلال الكشف عن العلاقات القائمة بين عناصرها وتحديد أنماطها (كأنماط العلاقة التي تربط الجمل الابتدائية بالجمل الناتجة).
    ترى نظرية تشومسكي أن النحو يتشكل من مكونات ثلاثة: مكوِّن تركيبي، ومكوِّن دلالي، ومكون تصويتي (فونيمي). يشكّل المكّون الأول- التركيبي- بنية الجملة ويحدد عناصرها، بينما يقوم المكوّن الثاني بتفسيرها، والمكوّن التصويتي بتحديد أصواتها. ومن أهم ما تناولته هذه النظرية المسائل الأربع الآتية:
    1ـ التمييز الدقيق بين الكفاية اللغوية والأداء الكلامي، فالكفاية اللغوية معرفة ضمنية بقواعد اللغة قائمةً في ذهن كل من يتكلم بها، وهي حقيقة عقلية كامنة وراء الأداء الكلامي، الذي يعني استعمال تلك المعرفة في عملية التكلم.
    2ـ التمييز بين مفهوم أصولية الجملة ومفهوم قبول الجملة. فالجملة أصولية إذا كانت مركبة على نحو صحيح، ولكي تكون أصولية يجب ألاّ تنحرف عن أيٍ من القواعد التي تعين توافق العناصر اللغوية على المستوى الصوتي والتركيبي والدلالي. أما مفهوم قبول الجملة فيعني إنتاج الجمل التي يقبلها المتكلم ويحتمل ورودها في الكلام أكثر من غيرها؛ لأنها طبيعية وسهلة ومألوفة. وينتمي مفهوم أصولية الجملة إلى حقل الكفاية اللغوية، وهو عامل من العوامل التي تحدد مفهوم قبول الجملة الذي يعود إلى حقل الأداء الكلامي.
    3ـ التمييز بين البنية العميقة والبنية السطحية، فالبنية السطحية بنية ظاهرة يشكلها التتابع الكلامي المنطوق ويرتبط بالأصوات اللغوية، أما البنية العميقة، فهي حقيقة عقلية قائمة يعكسها التتابع الكلامي المنطوق وترتبط بالبنية الدلالية وتتشكل من القواعد التي أوجدت هذا التتابع؛ أي من البنى الأساسية التي يمكن تحويلها بوساطة المكون التحويلي لتفسير الجمل دلالياً.
    4ـ إدراج المكوّن الدلالي في القواعد، فالبنى التركيبية شكل وليست دلالة؛ لذا كان لابد من إدراج المكوّن الدلالي في صلب القواعد التوليدية التحويلية لتكتسب الجمل تمثيلاتها الدلالية، وبهذا تنتمي مسائل الدلالة إلى القواعد لأنها نسق من القوانين التي تحدد معرفتنا اللغوية بأصوات الجمل ودلالاتها.
    لبانة مشوّح، رضوان قضماني
يعمل...
X