بينما أنت تقرأ هذه المقالة، يتحرك المسبار «فوياجر-1» في الفضاء السحيق على بُعد 20.1 بليون كيلومترًا حاملًا لوحتين بهما تسجيلات وتوصيفات للجنس البشري والمجموعة الشمسية أملًا في أن تُوثِق وجودنا لأيٍّ من أشكال الحياة المُتقدمة التي قد تعثر على هذا المسبار مستقبلًا.
يتحرك هذه المسبار على مسافة تعادل 135 مرة المسافة بين الأرض والشمس، لذلك فاستخدام الطاقة الشمسية لإمداده بالطاقة لن يكون كافيًا نظرًا لبُعده السحيق عن الشمس، ولكن حتى هذه اللحظة بعد 46 عامًا من إطلاقه يرسل لنا المسبار بعض الإشارات الخافتة، فكيف يمكن أن تعمل دوائره الإلكترونية طوال هذه المدة دون استغلال الطاقة الشمسية؟ كيف تحصل على طاقتها الكهربائية؟
معظم الطاقة الكهربائية في عالمنا يتم توليدها عن طريق الوقود المحترق مثل: (البترول، الفحم، الغاز وحتى الخشب)، إذ يُحرق الوقود لإنتاج الحرارة لتحويل الماء إلى بخار يعمل على إدارة التوربينات لتنتج الطاقة الكهربائية.
ولكن الأمر لن يكون بهذه البساطة بالنسبة للمركبات الفضائية، إذ أنه من المستحيل أن تحمل المركبة هذه الكميات الكبيرة من الوقود لإمدادها بالطاقة طوال مدة المهمة خلال رحلتها عبر الفضاء السحيق.
ألواح الطاقة الشمسية قد تكون خيارًا مثاليًا في كثير من الحالات، إذ أن الشمس ستظل مستمرة لتمدنا بالطاقة لبلايين السنين.
ربما سيبدو هذا مثاليًا، ولكن لسوء الحظ هناك عيب واحد. تحتاج الألواح الشمسية أن تكون في مواجهة مباشرة باستقامة أمام الشمس، لذلك فعندما تُحجب الشمس عن المركبة بواسطة قمر أو كوكب، أو عندما تكون المركبة بعيدة جدًا عن الشمس في الفضاء السحيق حيث تكون أشعة الشمس ضئيلة ستكون هذه الألواح بلا فائدة ولن تتمكن من إمداد المركبة بالطاقة اللازمة.
الآن الخيار المُتاح هو استخدام أنظمة تستغل الطاقة الحرارية الناتجة عن تحلل المواد المُشعة لتوليد الطاقة الكهربية والتي قد تستمر بتوليدها على مدار عشرات السنين باستخدام مصدر للوقود بحجم كرة الجولف، لذلك تعد خيارًا مثاليًا للمركبات الفضائية.
تُعرف هذه الأنظمة المُولِدة للطاقة الكهربائية بـ (أنظمة النظائر المشعة للطاقة)، هذه الأنظمة البسيطة المُولِدة للكهرباء والحرارة تم استخدامها لإمداد المركبات الفضائية التابعة لوكالة ناسا بالطاقة على مدار العقود الخمسة الماضية ما يتضمن مسبارات «فوياجر» ومركبة «كريوسيتي روفر» المُتجوِلة على كوكب المريخ بالإضافة إلى بعض المهمات التابعة لبرنامج «أبولو» للهبوط على القمر.
أحد أنواع هذه الأنظمة المُولِدة للطاقة يعرف باسم (بطاريات النظائر مُشعة) وتعرف أيضًا اختصارًا بـ(RTGs) وفقًا لاسمها بالإنجليزية (Radioisotope Thermoelectric Generators) ويعمل على استخدام النظائر المُشعة مثل «البلوتونيوم-238» للحصول على الحرارة نتيجة التحلل الإشعاعي للعنصر، ثم باستخدام تأثير ظاهرة (سيبك) الكهروحرارية يتم الحصول على الطاقة الكهربائية.
ظاهرة «سيبك» ببساطة تعني أنه عندما يتم توصيل نهايتي معدنين من أشباه الموصلات، وتسخين إحدى النهايتين؛ فإنه يمرر تيارًا كهربائيًا من الطرف الأعلى حرارة إلى الطرف الأقل حرارة نتيجة لحركة الإلكترونات. هذا التيار الكهربائي الصغير سيكون كافيًا لتشغيل الأنظمة الإلكترونية بالمركبة المُتصلة بالبطارية.
في قلب هذه البطارية يوجد المصدر الرئيسي للحرارة وهي عبارة عن نظائر مشعة: عنصر «البلوتونيوم-238»، مُغلفة بواقي من الإيريديوم.
بالإضافة لبعض الطبقات الأخرى للحماية المكونة من هيكل الجرافيت، ألياف الكربون والغلاف الخارجي المسمى بـ (إيروشيل – Aeroshell).
يوجد مصدران للحرارة داخل البطارية الواحدة، يُزوّد كلاهما بأربع كرات من البلوتونيوم-238، لذلك تكون البطارية الواحدة مزودة بثماني كرات من النظائر المُشعة ما يجعلها قادرة على توليد طاقة كهربائية كافية لتشغيل المركبة لمدة كبيرة تصل لعدة عقود.
تكون هذه المصادر الحرارية من النظائر المُشعة مُحاطة بما يعرف باسم (المزدوجة الحرارية – Thermocouples)، وهو الجزء الذي يحتوي على معادن أشباه الموصلات والذي سيحول الطاقة الحرارية الناتجة إلى طاقة كهربائية باستخدام تأثير (سيبك) الكهروحراري.
رسم تخطيطي لبطارية النظائر المُشعة المُستخدمة في مسبار«كاسيني»
مصدر الصورة: ويكيبيديا
تُغلّف البطارية بالكامل داخل علبة مُزودة بشبكة تبريد (المشعاع –Radiator)، الذي يعمل على التخلص من الحرارة العالية الناتجة عن العملية والتي قد تصل إلى 1000 درجة مئوية، هذه الحرارة أيضًا تعمل على تدفئة المركبة إذ تكون الظروف في الفضاء السحيق قاسية البرودة والحرارة تقترب خارج المركبة من الصفر المُطلق.
كانت هذه الحرارة من العناصر الفعَّالة خلال مهمات برنامج «أبولو»، إذ زُوّدت كبسولة رواد الفضاء بكرات من العناصر المشعة عُرفت باسم (مولدات الحرارة الإشعاعية) كان الغرض منها تدفئة المركبة فقط وليس توليد الكهرباء وذلك للحفاظ على درجة حرارة مناسبة وإبقاء رواد الفضاء على قيد الحياة خلال رحلتهم الطويلة إلى القمر.
يتحرك هذه المسبار على مسافة تعادل 135 مرة المسافة بين الأرض والشمس، لذلك فاستخدام الطاقة الشمسية لإمداده بالطاقة لن يكون كافيًا نظرًا لبُعده السحيق عن الشمس، ولكن حتى هذه اللحظة بعد 46 عامًا من إطلاقه يرسل لنا المسبار بعض الإشارات الخافتة، فكيف يمكن أن تعمل دوائره الإلكترونية طوال هذه المدة دون استغلال الطاقة الشمسية؟ كيف تحصل على طاقتها الكهربائية؟
معظم الطاقة الكهربائية في عالمنا يتم توليدها عن طريق الوقود المحترق مثل: (البترول، الفحم، الغاز وحتى الخشب)، إذ يُحرق الوقود لإنتاج الحرارة لتحويل الماء إلى بخار يعمل على إدارة التوربينات لتنتج الطاقة الكهربائية.
ولكن الأمر لن يكون بهذه البساطة بالنسبة للمركبات الفضائية، إذ أنه من المستحيل أن تحمل المركبة هذه الكميات الكبيرة من الوقود لإمدادها بالطاقة طوال مدة المهمة خلال رحلتها عبر الفضاء السحيق.
ألواح الطاقة الشمسية قد تكون خيارًا مثاليًا في كثير من الحالات، إذ أن الشمس ستظل مستمرة لتمدنا بالطاقة لبلايين السنين.
ربما سيبدو هذا مثاليًا، ولكن لسوء الحظ هناك عيب واحد. تحتاج الألواح الشمسية أن تكون في مواجهة مباشرة باستقامة أمام الشمس، لذلك فعندما تُحجب الشمس عن المركبة بواسطة قمر أو كوكب، أو عندما تكون المركبة بعيدة جدًا عن الشمس في الفضاء السحيق حيث تكون أشعة الشمس ضئيلة ستكون هذه الألواح بلا فائدة ولن تتمكن من إمداد المركبة بالطاقة اللازمة.
الآن الخيار المُتاح هو استخدام أنظمة تستغل الطاقة الحرارية الناتجة عن تحلل المواد المُشعة لتوليد الطاقة الكهربية والتي قد تستمر بتوليدها على مدار عشرات السنين باستخدام مصدر للوقود بحجم كرة الجولف، لذلك تعد خيارًا مثاليًا للمركبات الفضائية.
تُعرف هذه الأنظمة المُولِدة للطاقة الكهربائية بـ (أنظمة النظائر المشعة للطاقة)، هذه الأنظمة البسيطة المُولِدة للكهرباء والحرارة تم استخدامها لإمداد المركبات الفضائية التابعة لوكالة ناسا بالطاقة على مدار العقود الخمسة الماضية ما يتضمن مسبارات «فوياجر» ومركبة «كريوسيتي روفر» المُتجوِلة على كوكب المريخ بالإضافة إلى بعض المهمات التابعة لبرنامج «أبولو» للهبوط على القمر.
أحد أنواع هذه الأنظمة المُولِدة للطاقة يعرف باسم (بطاريات النظائر مُشعة) وتعرف أيضًا اختصارًا بـ(RTGs) وفقًا لاسمها بالإنجليزية (Radioisotope Thermoelectric Generators) ويعمل على استخدام النظائر المُشعة مثل «البلوتونيوم-238» للحصول على الحرارة نتيجة التحلل الإشعاعي للعنصر، ثم باستخدام تأثير ظاهرة (سيبك) الكهروحرارية يتم الحصول على الطاقة الكهربائية.
ظاهرة «سيبك» ببساطة تعني أنه عندما يتم توصيل نهايتي معدنين من أشباه الموصلات، وتسخين إحدى النهايتين؛ فإنه يمرر تيارًا كهربائيًا من الطرف الأعلى حرارة إلى الطرف الأقل حرارة نتيجة لحركة الإلكترونات. هذا التيار الكهربائي الصغير سيكون كافيًا لتشغيل الأنظمة الإلكترونية بالمركبة المُتصلة بالبطارية.
في قلب هذه البطارية يوجد المصدر الرئيسي للحرارة وهي عبارة عن نظائر مشعة: عنصر «البلوتونيوم-238»، مُغلفة بواقي من الإيريديوم.
بالإضافة لبعض الطبقات الأخرى للحماية المكونة من هيكل الجرافيت، ألياف الكربون والغلاف الخارجي المسمى بـ (إيروشيل – Aeroshell).
يوجد مصدران للحرارة داخل البطارية الواحدة، يُزوّد كلاهما بأربع كرات من البلوتونيوم-238، لذلك تكون البطارية الواحدة مزودة بثماني كرات من النظائر المُشعة ما يجعلها قادرة على توليد طاقة كهربائية كافية لتشغيل المركبة لمدة كبيرة تصل لعدة عقود.
تكون هذه المصادر الحرارية من النظائر المُشعة مُحاطة بما يعرف باسم (المزدوجة الحرارية – Thermocouples)، وهو الجزء الذي يحتوي على معادن أشباه الموصلات والذي سيحول الطاقة الحرارية الناتجة إلى طاقة كهربائية باستخدام تأثير (سيبك) الكهروحراري.
رسم تخطيطي لبطارية النظائر المُشعة المُستخدمة في مسبار«كاسيني»
مصدر الصورة: ويكيبيديا
تُغلّف البطارية بالكامل داخل علبة مُزودة بشبكة تبريد (المشعاع –Radiator)، الذي يعمل على التخلص من الحرارة العالية الناتجة عن العملية والتي قد تصل إلى 1000 درجة مئوية، هذه الحرارة أيضًا تعمل على تدفئة المركبة إذ تكون الظروف في الفضاء السحيق قاسية البرودة والحرارة تقترب خارج المركبة من الصفر المُطلق.
كانت هذه الحرارة من العناصر الفعَّالة خلال مهمات برنامج «أبولو»، إذ زُوّدت كبسولة رواد الفضاء بكرات من العناصر المشعة عُرفت باسم (مولدات الحرارة الإشعاعية) كان الغرض منها تدفئة المركبة فقط وليس توليد الكهرباء وذلك للحفاظ على درجة حرارة مناسبة وإبقاء رواد الفضاء على قيد الحياة خلال رحلتهم الطويلة إلى القمر.