القاديانية
نشأت هذه الطائفة في الهند على يد الميرزا غلام أحمد القادياني (1839ـ 1908م) نسبة إلى قاديان التي تبعد عن لاهور نحو سـتين ميلاً، ودفن بها، وكتب على قبره «ميرزا غلام أحمد موعود» أي إنه المهدي المنتظر الموعود بإحياء الشريعة والقبول يوم القيامة، يعني أنه مبشر بالجنة. والده مرتضى ابن عطاء من أسرة فارسية قَدِمت إلى الهند عقب الفتح المغولي، وكان لها رابطة قوية مع الاستعمار البريطاني في الهند، وتُعرف أيضاً باسم «الأحمدية»، وأطلق على هذه الجماعة اللاهورية بعد غلام أحمد، وبعد وفاة خليفة المرزائيين الأول حكيم نور الدين حيث انتقل محمد علي اللاهوري من قاديان إلى لاهور منكراً بيعة الخليفة الثاني ميرزا بشير الدين محمود، رافضاً الاعتراف بخلافته، بعد اختياره في آذار1914. ويلاحظ أنه لا فرق بين الجماعة اللاهورية والجماعة القاديانية، إلا أن القاديانية تُطلق على الميرزا لفظ النبي حقيقة، واللاهورية تستعمل اللفظ على سبيل المجاز، فهو مجدد فقط، والقاديانية تحكم بالكفر على غير الأحمديين واللاهورية تحكم عليهم بالفسق لا بالكفر. وكان إعلان عقائد الجماعة اللاهورية بعد سنة 1914 محض حيلة، فالجماعتان متفقتان على وجوب اتباع إلهامات الميرزا، وتصديق كفرياته، وكون كتبه سنداً إلهامياً وحجة شرعية ومصادر دينية، ويكفِّرون من يكفّر الميرزا ويكذبه.
انتشرت القاديانية في الهند وباكستان وسيلان وإفريقيا الغربية وإندونيسيا وتركيا وإسرائيل وبريطانيا وسويسرا وأوربا والولايات المتحدة الأمريكية، وفي بعض البلاد العربية كالعراق وسورية، ولهم المركز القادياني في «إسرائيل» منذ قيامها، بجهود مستر ظفر الله خان القادياني وزير خارجية باكستان الأسبق، الذي امتنع من الصلاة على جنازة مؤسس باكستان القائد محمد علي جناح؛ محتجاً بأن الشيخ شبير أحمد العثماني إمام صلاة الجنازة قد أفتى بكفر الأحمديين وارتدادهم ووجوب قتلهم. وكان لجهود جلال الدين شمس وميرزا بشير الدين محمود الخليفة الثاني لغلام أحمد أثر واضح في قيام إسرائيل، وأسس جلال الدين شمس مركزاً للتبشير القادياني في فلسـطين عام 1928م واستمر إلى 1931م، يخدم الاستعمار العالمي للحفاظ على الاستيلاء البريطاني، وإلى اليوم لا يُسمح لأحد بالإقامة في قلب فلسطين غير الأحمدي. وكان لموالاة القاديانيين للإنكليز نصيب وافر في سقوط بغداد على يد الإنكليز في عهد الاستعمار البريطاني بعد الحرب العالمية الأولى، وعينوا أول حاكم قادياني على العراق ميجر حبيب الله شاه، أخا زوجة ميرزا بشير الدين محمود.
يمكن تلخيص مبادئهم فيما يأتي:
ـ إن أول رأي أعلنه غلام أحمد القادياني أن عيسىu لم يُرفع إلى السماء، بل رُفع بروحه، وأن جسده مدفون في الأرض، في سرنجار قرب كشمير، علماً أنه قَبْر أحد الأولياء: يوسف أساف.
ـ والرأي الثاني الذي زعمه غلام أحمد هو أنه مجدِّد الإسلام في أول القرن الرابع عشر الهجري.
ـ وأنه حينما اكتشف بزعمه قبر المسيحu قد حلّت فيه روح المسيح وقوته، وأنه المهدي المنتظر، فهو بروح المسيح وبوصفه المهدي يجدِّد أمر الدين، ويكون ما يقوله هو الحق، وليس لأحد أن ينكره لأنه يتكلم عن الله تعالى، بل يدعي أن اللاهوت قد حلَّ في جسده، وأن كسوف الشمس وخسوف القمر في رمضان 1312هـ/1894م قد حدثا على يديه ولأجله، وأنهما معجزته التي تثبت دعوته ورسالته.
ـ يدعي أنه رسول من عند الله، وأول الإيمان هو الشهادة لميرزا غلام أحمد، فهو النبي، وأن رسالته لا تنافي كون محمد خاتم النبيين، لأنه يفسر معنى خاتم النبيين بأن كل رسول يجيء من بعده يكون بخاتمه وإقراره ويحيي شرعه ويجدده. لكنه يقول: هو نبي غير مشرِّع، فلا مشرِّع بعده. أما النبي غير المشرِّع فممكن وجوده، على أن يكون أولاً من أمة محمدr.
ـ خلاصة شأنه كونه يزعم أنه نبي مرسل، وأنه يخاطب الله تعالى، وأنه يفسر شريعة محمد ويعمل بها ويجدِّدها، وأنه المبعوث على رأس القرن الرابع عشر الهجري لهذا التجديد بتفسيره، ويجرؤ على تحريف نصوص القرآن، ويدعي بأن المسيح والنبي محمد عليهما السلام تجسدا في شخصه، بقولـه هو المسيح عاد إلى العالم، أو هو بروز النبي والمسيح. ومن تفاسيره موالاة الإنكليز والاعتراف بفضلهم في الهند؛ لأن القرآن ذكر اليهودية والنصرانية بخير، ومنها عدّ الجهاد بالسيف قد انتهى لأنه استنفد أغراضه، وزالت الفتنة، فلا داعي له اليوم. ولا يكفِّر غير أتباعه من المسلمين، وإنما يمنع صلاة الجنازة عليهم، لكنه يحكم بكفر من يعلنون تكفيره مكذِّبين له، من قبيل المعاملة بالمثل، فلا يُصلّي عليهم. ولايجوز أن تتزوج النساء القاديانيات بمن لم يؤمنوا بنبوة غلام أحمد.
وفي الواقع كان الميرزا المتنبئ وأتباعه أداة للاستعمار البريطاني، وهو يصرح بلسانه أنه غَرْس الإنكليز ووفيّ الأصل وأن الحكومة البريطانية ولية النعمة، ورحمة إلهية، وأن طاعة الإنكليز فريضة دينية مقدسة. وقد استعملت بريطانيا وأوربا الميرزا أحمد لمقاصد استعمارية وعدوانية ضد الإسلام، والتآمر المستمر على المسلمين، وتمزيق صفوف المسلمين في الهند وغيرها، وتتخذ القاديانية واجهات عدة ومؤسسات كالمدارس والمعاهد والمعابد والملاجئ للأيتام؛ لتحطيم العقيدة الإسلامية وتحريفها.
وقد أفتى كبار علماء الباكستان و37 من أعضاء مجلس الأمة بأن القاديانية أقلية غير إسلامية، وأن القاديانيين غير مسلمين. وأصدرت رابطة العالم الإسلامي عام 1394هـ/1974م في مكة المكرمة قراراً بأن القاديانية نحلة هدامة تتخذ من اسم الإسلام شعاراً لستر أغراضها الخبيثة، فضلاً عن ادعاء زعيمها النبوة وتحريف النصوص القرآنية، وإبطال الجهاد، وكونها ربيبة الاستعمار البريطاني.
وأعلن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في مكة المكرمة التابع لرابطة العالم الإسلامي في القرار الثالث من قرارات الدورة الأولى له عام 1398هـ بالإجماع: عدّ العقيدة القاديانية المسماة أيضاً بالأحمدية عقيدة خارجة عن الإسلام خروجاً كاملاً، وأن معتنقيها كفار مرتدون عن الإسلام، وأن تظاهُر أهلها بالإسلام إنما هو للتضليل والخداع، وأنه يجب على جميع المسلمين حكومات وعلماء وكتّاب ومفكرين ودعاة وغيرهم مكافحة هذه النِّحلة الضالة وأهلها في كل مكان من العالم.
وكذلك أصدر مجمع الفقه الإسلامي الدولي في جدة التابع لمنظمة العالم الإسلامي القرار رقم 4/(4/2) عام 1406هـ/1985م ونصه ما يأتي:
ـ إن ما ادعاه ميرزا غلام أحمد من النبوة والرسالة ونزول الوحي عليه إنكار صريح لما ثبت من الدين بالضرورة، ثبوتاً قطعياً يقينياً من ختم الرسالة والنبوة بسـيدنا محمدr، وأنه لا ينزل وحي على أحد بعده. وهذه الدعوى من ميرزا غلام أحمد تجعله وسائر من يوافقونه عليها مرتدين خارجين عن الإسلام. وأما اللاهورية فإنهم كالقاديانية في الحكم عليهم بالردة، بالرغم من وصفهم ميرزا غلام أحمد بأنه ظل وبروز لنبينا محمدr.
وهبة الزحيلي
نشأت هذه الطائفة في الهند على يد الميرزا غلام أحمد القادياني (1839ـ 1908م) نسبة إلى قاديان التي تبعد عن لاهور نحو سـتين ميلاً، ودفن بها، وكتب على قبره «ميرزا غلام أحمد موعود» أي إنه المهدي المنتظر الموعود بإحياء الشريعة والقبول يوم القيامة، يعني أنه مبشر بالجنة. والده مرتضى ابن عطاء من أسرة فارسية قَدِمت إلى الهند عقب الفتح المغولي، وكان لها رابطة قوية مع الاستعمار البريطاني في الهند، وتُعرف أيضاً باسم «الأحمدية»، وأطلق على هذه الجماعة اللاهورية بعد غلام أحمد، وبعد وفاة خليفة المرزائيين الأول حكيم نور الدين حيث انتقل محمد علي اللاهوري من قاديان إلى لاهور منكراً بيعة الخليفة الثاني ميرزا بشير الدين محمود، رافضاً الاعتراف بخلافته، بعد اختياره في آذار1914. ويلاحظ أنه لا فرق بين الجماعة اللاهورية والجماعة القاديانية، إلا أن القاديانية تُطلق على الميرزا لفظ النبي حقيقة، واللاهورية تستعمل اللفظ على سبيل المجاز، فهو مجدد فقط، والقاديانية تحكم بالكفر على غير الأحمديين واللاهورية تحكم عليهم بالفسق لا بالكفر. وكان إعلان عقائد الجماعة اللاهورية بعد سنة 1914 محض حيلة، فالجماعتان متفقتان على وجوب اتباع إلهامات الميرزا، وتصديق كفرياته، وكون كتبه سنداً إلهامياً وحجة شرعية ومصادر دينية، ويكفِّرون من يكفّر الميرزا ويكذبه.
انتشرت القاديانية في الهند وباكستان وسيلان وإفريقيا الغربية وإندونيسيا وتركيا وإسرائيل وبريطانيا وسويسرا وأوربا والولايات المتحدة الأمريكية، وفي بعض البلاد العربية كالعراق وسورية، ولهم المركز القادياني في «إسرائيل» منذ قيامها، بجهود مستر ظفر الله خان القادياني وزير خارجية باكستان الأسبق، الذي امتنع من الصلاة على جنازة مؤسس باكستان القائد محمد علي جناح؛ محتجاً بأن الشيخ شبير أحمد العثماني إمام صلاة الجنازة قد أفتى بكفر الأحمديين وارتدادهم ووجوب قتلهم. وكان لجهود جلال الدين شمس وميرزا بشير الدين محمود الخليفة الثاني لغلام أحمد أثر واضح في قيام إسرائيل، وأسس جلال الدين شمس مركزاً للتبشير القادياني في فلسـطين عام 1928م واستمر إلى 1931م، يخدم الاستعمار العالمي للحفاظ على الاستيلاء البريطاني، وإلى اليوم لا يُسمح لأحد بالإقامة في قلب فلسطين غير الأحمدي. وكان لموالاة القاديانيين للإنكليز نصيب وافر في سقوط بغداد على يد الإنكليز في عهد الاستعمار البريطاني بعد الحرب العالمية الأولى، وعينوا أول حاكم قادياني على العراق ميجر حبيب الله شاه، أخا زوجة ميرزا بشير الدين محمود.
يمكن تلخيص مبادئهم فيما يأتي:
ـ إن أول رأي أعلنه غلام أحمد القادياني أن عيسىu لم يُرفع إلى السماء، بل رُفع بروحه، وأن جسده مدفون في الأرض، في سرنجار قرب كشمير، علماً أنه قَبْر أحد الأولياء: يوسف أساف.
ـ والرأي الثاني الذي زعمه غلام أحمد هو أنه مجدِّد الإسلام في أول القرن الرابع عشر الهجري.
ـ وأنه حينما اكتشف بزعمه قبر المسيحu قد حلّت فيه روح المسيح وقوته، وأنه المهدي المنتظر، فهو بروح المسيح وبوصفه المهدي يجدِّد أمر الدين، ويكون ما يقوله هو الحق، وليس لأحد أن ينكره لأنه يتكلم عن الله تعالى، بل يدعي أن اللاهوت قد حلَّ في جسده، وأن كسوف الشمس وخسوف القمر في رمضان 1312هـ/1894م قد حدثا على يديه ولأجله، وأنهما معجزته التي تثبت دعوته ورسالته.
ـ يدعي أنه رسول من عند الله، وأول الإيمان هو الشهادة لميرزا غلام أحمد، فهو النبي، وأن رسالته لا تنافي كون محمد خاتم النبيين، لأنه يفسر معنى خاتم النبيين بأن كل رسول يجيء من بعده يكون بخاتمه وإقراره ويحيي شرعه ويجدده. لكنه يقول: هو نبي غير مشرِّع، فلا مشرِّع بعده. أما النبي غير المشرِّع فممكن وجوده، على أن يكون أولاً من أمة محمدr.
ـ خلاصة شأنه كونه يزعم أنه نبي مرسل، وأنه يخاطب الله تعالى، وأنه يفسر شريعة محمد ويعمل بها ويجدِّدها، وأنه المبعوث على رأس القرن الرابع عشر الهجري لهذا التجديد بتفسيره، ويجرؤ على تحريف نصوص القرآن، ويدعي بأن المسيح والنبي محمد عليهما السلام تجسدا في شخصه، بقولـه هو المسيح عاد إلى العالم، أو هو بروز النبي والمسيح. ومن تفاسيره موالاة الإنكليز والاعتراف بفضلهم في الهند؛ لأن القرآن ذكر اليهودية والنصرانية بخير، ومنها عدّ الجهاد بالسيف قد انتهى لأنه استنفد أغراضه، وزالت الفتنة، فلا داعي له اليوم. ولا يكفِّر غير أتباعه من المسلمين، وإنما يمنع صلاة الجنازة عليهم، لكنه يحكم بكفر من يعلنون تكفيره مكذِّبين له، من قبيل المعاملة بالمثل، فلا يُصلّي عليهم. ولايجوز أن تتزوج النساء القاديانيات بمن لم يؤمنوا بنبوة غلام أحمد.
وفي الواقع كان الميرزا المتنبئ وأتباعه أداة للاستعمار البريطاني، وهو يصرح بلسانه أنه غَرْس الإنكليز ووفيّ الأصل وأن الحكومة البريطانية ولية النعمة، ورحمة إلهية، وأن طاعة الإنكليز فريضة دينية مقدسة. وقد استعملت بريطانيا وأوربا الميرزا أحمد لمقاصد استعمارية وعدوانية ضد الإسلام، والتآمر المستمر على المسلمين، وتمزيق صفوف المسلمين في الهند وغيرها، وتتخذ القاديانية واجهات عدة ومؤسسات كالمدارس والمعاهد والمعابد والملاجئ للأيتام؛ لتحطيم العقيدة الإسلامية وتحريفها.
وقد أفتى كبار علماء الباكستان و37 من أعضاء مجلس الأمة بأن القاديانية أقلية غير إسلامية، وأن القاديانيين غير مسلمين. وأصدرت رابطة العالم الإسلامي عام 1394هـ/1974م في مكة المكرمة قراراً بأن القاديانية نحلة هدامة تتخذ من اسم الإسلام شعاراً لستر أغراضها الخبيثة، فضلاً عن ادعاء زعيمها النبوة وتحريف النصوص القرآنية، وإبطال الجهاد، وكونها ربيبة الاستعمار البريطاني.
وأعلن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في مكة المكرمة التابع لرابطة العالم الإسلامي في القرار الثالث من قرارات الدورة الأولى له عام 1398هـ بالإجماع: عدّ العقيدة القاديانية المسماة أيضاً بالأحمدية عقيدة خارجة عن الإسلام خروجاً كاملاً، وأن معتنقيها كفار مرتدون عن الإسلام، وأن تظاهُر أهلها بالإسلام إنما هو للتضليل والخداع، وأنه يجب على جميع المسلمين حكومات وعلماء وكتّاب ومفكرين ودعاة وغيرهم مكافحة هذه النِّحلة الضالة وأهلها في كل مكان من العالم.
وكذلك أصدر مجمع الفقه الإسلامي الدولي في جدة التابع لمنظمة العالم الإسلامي القرار رقم 4/(4/2) عام 1406هـ/1985م ونصه ما يأتي:
ـ إن ما ادعاه ميرزا غلام أحمد من النبوة والرسالة ونزول الوحي عليه إنكار صريح لما ثبت من الدين بالضرورة، ثبوتاً قطعياً يقينياً من ختم الرسالة والنبوة بسـيدنا محمدr، وأنه لا ينزل وحي على أحد بعده. وهذه الدعوى من ميرزا غلام أحمد تجعله وسائر من يوافقونه عليها مرتدين خارجين عن الإسلام. وأما اللاهورية فإنهم كالقاديانية في الحكم عليهم بالردة، بالرغم من وصفهم ميرزا غلام أحمد بأنه ظل وبروز لنبينا محمدr.
وهبة الزحيلي