مصادر القانون Sources of law،تتضمن القاعدة القانونية حكماً عاماً ومجرداً له قوة ملزمة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مصادر القانون Sources of law،تتضمن القاعدة القانونية حكماً عاماً ومجرداً له قوة ملزمة

    القانون (مصادر ـ)

    تتضمن القاعدة القانونية حكماً عاماً ومجرداً له قوة ملزمة، ويؤلف هذا الحكم مادة القاعدة القانونية أو موضوعها. والقوة الملزمة التي تتمتع بها القاعدة القانونية هي التي تضفي عليها الصبغة الرسمية.
    ـ المصادر المادية والمصادر الرسمية
    لابد لكل قاعدة قانونية من توافر عنصرين وهما: مادة القاعدة القانونية أو موضوعها، وصبغتها الرسمية.
    ـ المصادر المادية les sources matérielles: متنوعة، فقد تكون القاعدة القانونية وليدة ظروف اجتماعية، مثال ذلك قانون الإيجار رقم 6 لعام 2001م. وقد تكون القاعدة القانونية ناجمة عن ظروف تاريخية، ومن ثم تكون مستمدة من قانون قديم كان يطبق في المجتمع نفسه أو من قانون أجنبي مطبق في مجتمع آخر، ومثال ذلك القانون المدني السوري لعام 1949، الذي استمد معظم قواعده من القانون المدني الفرنسي وقوانين غربية أخرى. وقد تكون القاعدة القانونية مستمدة من الاجتهادات أو الآراء الفقهية.
    ولا تكفي المصادر المادية لإضفاء الصفة القانونية على قاعدة ما، وإنما لابد للقاعدة من مصدر رسمي يوفر لها القوة الملزمة وصفتها الرسمية.
    ـ المصادر الرسمية: وهي المصادر التي تستمد منها القاعدة القانونية قوتها الملزمة، ومن ثم تصبح واجبة التطبيق. وأول هذه المصادر هو العرف، وآخرها هو التشريع الذي يعد أهم هذه المصادر على الإطلاق.
    ـ المصادر الرسمية والمصادر غير الرسمية
    تقسم مصادر القانون les sources du droit إلى نوعين:
    ـ المصادر الرسمية: يعد التشريع والعرف مصدرين مجمعاً عليهما في جميع الدول. وتأخذ بعض الدول إضافة إلى ذلك بمصادر أخرى، مثل القواعد الدينية، ومبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة.
    والمصادر الرسمية للقانون وفقاً لأحكام المادة الأولى من القانون المدني السوري هي: التشريع، ومبادئ الشريعة الإسلامية، والعرف، ومبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة.
    أ ـ التشريع: وهو مجموعة القواعد القانونية المكتوبة الصادرة عن السلطة التشريعية المختصة في الدولة وفقاً لإجراءات معينة. وهو المصدر الرسمي الأول للقاعدة القانونية، ويعدّ أكثر المصادر أهمية، وهو القانون[ر] بمعناه الأدق.
    ويمتاز التشريع بسهولة سنّه وإلغائه من قبل السلطة التشريعية المختصة، وكذلك بسهولة الرجوع إلى أحكامه، ويساعد على حماية حقوق الأفراد وحرياتهم في المجتمع، ويساعد كذلك على وضع قواعد قانونية عامة تطبق على جميع أفراد المجتمع.
    والسلطة التشريعية المختصة بوضع التشريع في سورية هي بموجب المادة /50/ من الدستور الدائم، مجلس الشعب. ولكن المادة /111/ من الدستور المذكور منحت هذه السلطة- بصورة استثنائية وفي حالات معينة ـ لرئيس الجمهورية.
    ويطلق على التشريع الذي يضعه مجلس الشعب اسم القانون، أما التشريع الذي يضعه رئيس الجمهورية فيطلق عليه اسم المرسوم التشريعي.
    1ًـ مراحل سن التشريع: لا يعد التشريع نافذاً إلا إذا مر بالمراحل الآتية:
    ـ الاقتراح: ويتم الاقتراح بإعداد المشروع الأولي للتشريع ورفعه لمجلس الشعب من أجل مناقشته والتصويت عليه. واقتراح القوانين حق لرئيس الجمهورية بصفته ممثلاً للسلطة التنفيذية، وكذلك لكل عضو من أعضاء مجلس الشعب. والاقتراح الصادر عن رئيس الجمهورية يسمى مشروع قانون، في حين أنّ الاقتراح الصادر عن أحد أعضاء مجلس الشعب يسمى اقتراحاً بقانون.
    ـ الإقرار: وهو التصويت على التشريع من قبل مجلس الشعب. وتعدّ هذه المرحلة الأكثر أهمية في سنّ التشريع، ويؤدي إلى إيجاد التشريع بصورة فعلية.
    ـ الإصدار: وهو ما يؤكد وجود التشريع رسمياً، لذلك يعد بمنزلة شهادة الميلاد للتشريع. ويصدر التشريع رئيس الجمهورية، ويحق له ـ بموجب أحكام الدستور ـ أن يعترض على التشريعات التي يقرها مجلس الشعب بقرار معلل، وذلك في أثناء مدة شهر من تاريخ ورودها إلى رئاسة الجمهورية. وإذا أقرها المجلس- في مثل هذه الحالة ـ مرة ثانية بأكثرية ثلثي أعضائه، يجب على رئيس الجمهورية إصدارها.
    ـ النشر: وهو المرحلة الأخيرة، ويتوقف عليه نفاذ القانون وفقاً لما جاء في قانون النشر الجديد لعام 2004م. ويتم النشر في الجريدة الرسمية، والغاية من النشر إعلام الناس بأحكام التشريع الجديد. وينفذ التشريع بعد انقضاء يومين كاملين من تاريخ تسلم الجريدة الرسمية التي نشر فيها من قبل رئاسة مجلس الوزراء في محافظة دمشق، ومن قبل رئيس ديوان المراسلات في المحافظات الأخرى؛ ما لم ينص التشريع نفسه على موعد آخر لنفاذه.
    2ًـ مقارنة التشريع بالدستور والأنظمة: يحتل الدستور [ر] المرتبة الأولى في التسلسل التشريعي، ثم يأتي بعده التشريع، ثمّ الأنظمة. والدستور هو مجموعة القواعد القانونية الصادرة عن السلطة التأسيسية والتي تتضمن النظام الأساسي للدولة والمبادئ العامة التي يقوم عليها أسلوب الحكم فيها.
    وأما الأنظمة فهي مجموعة القواعد القانونية التي تصدر عن السلطة التنفيذية، والتي تفصل أحكام التشريعات وتوضحها وتبين كيفية تطبيقها. وهي تصدر إما عن رئيس الجمهورية، وتسمى بالمراسيم التنظيمية، أو عن الوزراء المختصين أو الإدارات العامة والمجالس المحلية، وتسمى بالقرارات التنظيمية. ولا تعد المراسيم والقرارات الفردية التي تصدر عن السلطة التنفيذية من قبيل الأنظمة.
    وهكذا فأحكام التشريع يجب أن تكون منسجمة مع أحكام الدستور ومتفقة معها، وكذلك الحال بالنسبة لأحكام الأنظمة التي يجب أن تكون متفقة مع أحكام التشريع وأحكام الدستور. وتمارس المحكمة الدستورية العليا[ر] الرقابة القضائية على دستورية التشريعات، في حين أن مجلس الدولة[ر] يمارس هذه الرقابة بالنسبة لقانونية الأنظمة.
    3ًـ تفسير التشريع: قد لا يكون مضمون القاعدة القانونية واضحاً، ومن ثم تكون بحاجة إلى تفسير. وتعود أسباب التفسير إلى خطأ مادي، أو غموض وإبهام في النص، أو نقص وسكوت، أو إلى تناقض وتعارض في النص.
    أنواع التفسير
    ـ التفسير التشريعي: ويصدر عن المشرع نفسه، حيث يقوم بإصدار تشريع آخر يفسر التشريع الأصلي، ويسمى التشريع في مثل هذه الحال بالتشريع التفسيري، ويعد جزءاً لا يتجزأ من التشريع الأصلي، ويطبق بأثر رجعي أي منذ صدور التشريع الأصلي، وهو أقوى أنواع التفسير.
    ـ التفسير القضائي: ويصدر عن القضاة، وهو الأكثر شيوعاً. ولكنه أدنى مرتبة من التفسير التشريعي، وذلك لأنه خاص فقط بالقضية المعروضة على القاضي.
    ـ التفسير الفقهي: ويصدر عن فقهاء القانون، ويغلب عليه الطابع النظري، ولا يتمتع هذا التفسير بأي قوة ملزمة وإنما هو مجرد رأي.
    ـ التفسير الإداري: ويصدر عن الإدارات العامة، حيث تقوم بإصدار البلاغات والتعليمات إلى موظفيها تفسر لهم بموجبها أحكام التشريعات التي يكلفون بتطبيقها، ومن ثم لا يلزم هذا التفسير إلا الموظفين وحدهم، ولا يلزم القضاء.
    4ًـ إلغاء التشريع: ويكون ذلك بتشريع لاحق، حيث لا يجوز إلغاء نص تشريعي إلا بتشريع جديد، وهو على نوعين: صريح وضمني.
    ويكون الإلغاء صريحاً إذا نص التشريع اللاحق صراحة على إلغاء التشريع القديم. ويكون الإلغاء ضمنياً عندما يشتمل التشريع اللاحق على نص يتعارض مع ما جاء في التشريع القديم، أو عندما ينظم التشريع اللاحق من جديد الموضوع الذي سبق أن نظمه التشريع القديم. ويعد التشريع المصدر الوحيد للقاعدة القانونية في الأمور الجزائية، إعمالاً للقاعدة الدستورية لا جريمة ولا عقوبة بلا نص.
    ب ـ الشريعة الإسلامية[ر]: يختلف أثر الشريعة الإسلامية كمصدر للقواعد القانونية في سورية بحسب المجال الذي ينظمه القانون، فليس لها أي دور في الأمور الجزائية، ومن ثم لا تعد مصدراً للقاعدة القانونية في الأمور الجزائية. وبالمقابل تطبق أحكام الشريعة الإسلامية وحدها بالنسبة للمسلمين في أمور الأحوال الشخصية، كالزواج والطلاق والنسب والإرث والحضانة..
    كما تطبق أيضاً بالنسبة لغير المسلمين في بعض الأمور كالإرث والنسب والحضانة..
    وقانون الأحوال الشخصية السوري الصادر بتاريخ 7/9/1953 وتعديلاته مستمد من أحكام الشريعة الإسلامية، وخاصة من أحكام المذهب الحنفي الذي نص القانون بالرجوع إليه في كل الأمور التي سكت عنها القانون. أضف إلى ذلك أن المادة الأولى من القانون المدني عدت الشريعة الإسلامية المصدر الثاني- بعد التشريع- من مصادر القانون، أما القانون المدني المصري فعدها بمنزلة مصدر ثالث من مصادر القانون، تأتي بعد التشريع و العرف.
    جـ ـ العرف: وهو ما اعتاد الناس على اتباعه في معاملاتهم وشؤونهم، ويعدونه ملزماً لهم من الناحية القانونية.
    ـ عنصرا العرف: يتكون العرف من عنصرين: مادي ومعنوي. والعنصر المادي هو ما اعتاد الناس على تطبيقه في معاملاتهم، وبمعنى آخر هو العادة التي تنشأ بين الأفراد في المجتمع، ويجب أن تتصف هذه العادة بالعمومية والقدم والثبات والاستقرار.
    وأما العنصر المعنوي فهو شعور الناس بأن ما اعتادوا على تطبيقه في معاملاتهم هو ملزم لهم من الناحية القانونية. وهذا ما يميز العرف عن العادة التي لا يشعر الناس بأنها ملزمة لهم، كعادة تقديم الهدايا بمناسبة الزواج أو النجاح.
    ـ أثر العرف كمصدر من مصادر القاعدة القانونية: يختلف أثر العرف كمصدر من مصادر القاعدة القانونية باختلاف فروع القانون. ففي نطاق القانون الجزائي لامجال لتطبيق العرف، وذلك لأن التشريع هو المصدر الوحيد لهذا القانون.
    وبالمقابل يؤدي العرف دوراً كبيراً في تطبيق القانون الدولي العام، حيث يعد العرف من أهم مصادره. وكذلك الحال يؤدي العرف دوراً بارزاً في نطاق القانون الخاص، وخاصة القانون التجاري. وعدت المادة الأولى من القانون المدني العرف مصدراً ثالثاً من مصادر القانون.
    ـ علاقة العرف بالتشريع: قد يكون العرف متوافقاً مع التشريع وقد يكون متعارضاً معه. ويكون العرف متوافقاً مع التشريع في الحالة التي يستمد التشريع قواعده من العرف، وكذلك في الحالة التي يكمل العرف فيها أحكام التشريع.
    ويكون العرف متعارضاً مع التشريع إذا جاء بقاعدة تخالف قاعدة تشريعية. ويثور السؤال هنا حول رجحان أحد المصدرين على الآخر، وينص القانون في بعض الأحيان على ترجيح العرف على القاعدة القانونية، كما ورد في المادة 430 من القانون المدني التي تنص على أن «نفقات عقد البيع والطوابع ورسوم التسجيل وغير ذلك من مصروفات تكون على المشتري ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغير ذلك».
    أما إذا سكت القانون عن ذلك، فيجب التمييز بين حالتين:
    ـ الحالة الأولى: تعارض العرف مع قاعدة قانونية آمرة: وفي هذه الحالة ترجح القاعدة القانونية الآمرة بإجماع الفقهاء، ويهمل العرف المخالف.
    ـ الحالة الثانية: تعارض العرف مع قاعدة قانونية مكملة: ويجب التمييز هنا بين القضايا التجارية والقضايا المدنية، ففي القضايا التجارية نصت المادة الرابعة من قانون التجارة لعام 1949 على ترجيح العرف على القاعدة القانونية المكملة.
    أما في القضايا المدنية ؛ فيذهب الرأي الراجح إلى تطبيق القاعدة القانونية المكملة وإهمال العرف المخالف.
    د ـ مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة: وتعد المصدر الرسمي الرابع للقاعدة القانونية؛ وتعني إحالة القانون القاضي إلى مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة كمصدر رسمي أخير للقاعدة القانونية؛ أنه على القاضي أن يجتهد رأيه حتى يتمكن من البت في النزاع المعروض عليه؛ ومن ثم على القاضي أن يحكم في مثل هذا النزاع بموجب مبادئ العدل والإنصاف[ر] إلا في الأمور الجزائية فلا عقوبة بلا نص.
    ـ المصادر غير الرسمية: وهي على نوعين:
    ـ الاجتهاد القضائي[ر]: ويقصد به مجموعة الأحكام التي تصدرها المحاكم في القضايا المعروضة عليها للفصل فيها، ولا تنشئ هذه الأحكام ـ في النظام القانوني السوري ـ قواعد قانونية عامة كالتشريع والعرف، وإنما هي تطبيق عملي للقواعد القانونية النافذة؛ ومن ثم لا تتمتع هذه الأحكام بالقوة الملزمة إلا بالنسبة للقضايا التي صدرت بشأنها. وعلى العكس فإن الاجتهاد القضائي؛ أو ما يعرف بالسابقة précédent يعد في بعض الدول ـ وخاصة تلك التي تتبع النظام القانوني الأنكلوسكسوني ـ من المصادر الرسمية للقاعدة القانونية؛ ومن ثم فإن الأحكام القضائية فيها تنشئ قواعد قانونية عامة وتتمتع بالقوة الملزمة.
    ـ الفقه: وهو عبارة عن آراء رجال القانون المدونة في مؤلفاتهم. وكان الفقه يعد في القانون الروماني مصدراً ملزماً للقاعدة القانونية، أما في الوقت الراهن فهو عبارة عن مصدر تفسيري يسترشد به المشرع عندما يضع تشريعاً ما، وكذلك الحال بالنسبة للقاضي الذي يمكن له أن يسترشد به عندما يصدر أحكامه.
    فواز صالح
يعمل...
X