ابن القوطية (محمد بن عمر ـ)
(…ـ 367هـ/… ـ 977م)
أبو بكر، محمد بن عمر بن عبد العزيز الأندلسي القرطبي النحوي، علامة في الأدب واللغة، حافظ للأخبار وأيام الناس، فقيه محدث متقن، كثير التصانيف. أصله من إشبيلية، ونشأته في قرطبة.
والقوطية: هي سارة بنت المنذر بن جطسية من بنات ملوك القوط الذين حكموا إسبانيا قبل الفتح الإسلامي، وهي جدة لجده، وقد كانت سارت إلى الشام متظلمة من عمها أرطياس فتزوجها بالشام عيسى بن مزاحم مولى عمر بن عبد العزيز، ثم سافر معها إلى الأندلس، وهو جد عبد العزيز بن إبراهيم بن عيسى.
كان ابن القوطية قد طلب الفقه والحديث والأدب، فسمع بإشبيلية من ابن القوق، وحسن الزبيدي، وابن جابر، وعلي بن أبي شيبة. وسمع بقرطبة من طاهر بن الوليد، ومحمد بن مغيث، وابن لبابة، وابن أبي تمام، وأسلم القاضي، وابن الأغبس، وابن يونس، وقاسم بن أصبغ، وأبي الوليد الأعرج ونظرائهم.
كان جليلاً، من أعلم أهل زمانه باللغة والعربية، حافظاً للفقه والحديث والخبر والنوادر والشعر، وله في الحديث قدم ثابت ورواية واسعة، وهو على ذلك من أهل النسك والعبادة والورع.
وكان صدراً في الأدب، بصيراً بالغريب والنادر والشاهد والمثل. كان عالماً بالخبر والأثر، حافظاً لأخبار الأندلس وسير أمرائها وأحوال رجالها، جيد الشعر، صحيح الألفاظ ؛ إلاّ أنه تركه على الرغم من رقة نظمه، ورفضه مؤثراً ما هو أولى منه، ودافعه إلى تركه إنما هو ورعه.
وهو إمام من أئمة الدين، تام العناية بالفقه والسنّة، مع مروءة ظاهرة، وكان عالماً بالنحو، حافظاً للعربية، مقدّماً فيها على أهل عصره، لا يشقّ غباره، ولا يلحق شأوه، وكان أبو علي القالي يبالغ في توقيره.
هذا ما قيل فيه، غير أنّ ابن الفرضي قال عنه: «ولم يكن بالضابط لروايته في الحديث والفقه، ولا له أصول يرجع إليها، وطال عمره حتى سمع منه طبقة بعد طبقة من الشيوخ والكهل ممن ولي القضاء والشورى والخطط من أبناء الملوك وغيرهم، وسمعت منه، وكانت فيه غفلة وسلامة وتقشف في ملبسه وورع، وذكر أنه كان يدلس في حديثه».
ومن شعره في وصف الربيع:
ضحك الثرى وبدا لك اسـتبشاره
واخضرّ شــــاربه وطرّ عذارهُ
ورنت حدائقه وآزر نبتـــــه
وتفطرت أنواره وثمـــــارهُ
واهتزّ ذابل كلّ ماء قــــرارةٍ
لمّا أتى متطلّعـــــاً آذاره
وتعمّمت صُلْع الرّبــا بنباتهــا
وترنّمت من عجمةٍ أطيــــارهُ
وقال أبو يحيى بن هذيل التميمي: توجهت يوماً إلى ضيعتي بسفح جبل قرطبة فصادفت ابن القوطية صادراً عنها، فقلت له:
من أين أقبلتَ يا من لا شبيه له
ومن هو الشمس والدنيا له الفلكُ
فقال:
من منزل يعجب النساك خلوته
وفيه ستر على الفتاك إن فتكوا
وعن تصانيفه فهو أول من صنّف في الأفعال وتصاريفها، ويعرف بكتاب «لأفعال الثلاثية والرباعية»ا، وهو مطبوع، ومن الجدير ذكره أنّ لابن القطاع السعدي الصقلي(ت514هـ) كتاباً في الأفعال أيضاً، وتأليفه أجود من أفعال ابن القوطية؛ لأنه ذكر فيه ما أغفله ابن القوطية وزاد عليه بأن هذّبه، وكان ابن القوطية قد قصد الإيجاز حتى أخلّ في كثير من المواضع.
ومن كتبه: «المقصور والممدود»، وتاريخ في أخبار أهل الأندلس، ويعرف بكتاب «تاريخ فتح الأندلس»، وهو مطبوع، وكان يمليه من صدره غالباً، وهو كتاب حسن في بابه. ومنها أيضاً: شرح رسالة أدب الكتّاب.
محمد موعد
(…ـ 367هـ/… ـ 977م)
أبو بكر، محمد بن عمر بن عبد العزيز الأندلسي القرطبي النحوي، علامة في الأدب واللغة، حافظ للأخبار وأيام الناس، فقيه محدث متقن، كثير التصانيف. أصله من إشبيلية، ونشأته في قرطبة.
والقوطية: هي سارة بنت المنذر بن جطسية من بنات ملوك القوط الذين حكموا إسبانيا قبل الفتح الإسلامي، وهي جدة لجده، وقد كانت سارت إلى الشام متظلمة من عمها أرطياس فتزوجها بالشام عيسى بن مزاحم مولى عمر بن عبد العزيز، ثم سافر معها إلى الأندلس، وهو جد عبد العزيز بن إبراهيم بن عيسى.
كان ابن القوطية قد طلب الفقه والحديث والأدب، فسمع بإشبيلية من ابن القوق، وحسن الزبيدي، وابن جابر، وعلي بن أبي شيبة. وسمع بقرطبة من طاهر بن الوليد، ومحمد بن مغيث، وابن لبابة، وابن أبي تمام، وأسلم القاضي، وابن الأغبس، وابن يونس، وقاسم بن أصبغ، وأبي الوليد الأعرج ونظرائهم.
كان جليلاً، من أعلم أهل زمانه باللغة والعربية، حافظاً للفقه والحديث والخبر والنوادر والشعر، وله في الحديث قدم ثابت ورواية واسعة، وهو على ذلك من أهل النسك والعبادة والورع.
وكان صدراً في الأدب، بصيراً بالغريب والنادر والشاهد والمثل. كان عالماً بالخبر والأثر، حافظاً لأخبار الأندلس وسير أمرائها وأحوال رجالها، جيد الشعر، صحيح الألفاظ ؛ إلاّ أنه تركه على الرغم من رقة نظمه، ورفضه مؤثراً ما هو أولى منه، ودافعه إلى تركه إنما هو ورعه.
وهو إمام من أئمة الدين، تام العناية بالفقه والسنّة، مع مروءة ظاهرة، وكان عالماً بالنحو، حافظاً للعربية، مقدّماً فيها على أهل عصره، لا يشقّ غباره، ولا يلحق شأوه، وكان أبو علي القالي يبالغ في توقيره.
هذا ما قيل فيه، غير أنّ ابن الفرضي قال عنه: «ولم يكن بالضابط لروايته في الحديث والفقه، ولا له أصول يرجع إليها، وطال عمره حتى سمع منه طبقة بعد طبقة من الشيوخ والكهل ممن ولي القضاء والشورى والخطط من أبناء الملوك وغيرهم، وسمعت منه، وكانت فيه غفلة وسلامة وتقشف في ملبسه وورع، وذكر أنه كان يدلس في حديثه».
ومن شعره في وصف الربيع:
ضحك الثرى وبدا لك اسـتبشاره
واخضرّ شــــاربه وطرّ عذارهُ
ورنت حدائقه وآزر نبتـــــه
وتفطرت أنواره وثمـــــارهُ
واهتزّ ذابل كلّ ماء قــــرارةٍ
لمّا أتى متطلّعـــــاً آذاره
وتعمّمت صُلْع الرّبــا بنباتهــا
وترنّمت من عجمةٍ أطيــــارهُ
وقال أبو يحيى بن هذيل التميمي: توجهت يوماً إلى ضيعتي بسفح جبل قرطبة فصادفت ابن القوطية صادراً عنها، فقلت له:
من أين أقبلتَ يا من لا شبيه له
ومن هو الشمس والدنيا له الفلكُ
فقال:
من منزل يعجب النساك خلوته
وفيه ستر على الفتاك إن فتكوا
وعن تصانيفه فهو أول من صنّف في الأفعال وتصاريفها، ويعرف بكتاب «لأفعال الثلاثية والرباعية»ا، وهو مطبوع، ومن الجدير ذكره أنّ لابن القطاع السعدي الصقلي(ت514هـ) كتاباً في الأفعال أيضاً، وتأليفه أجود من أفعال ابن القوطية؛ لأنه ذكر فيه ما أغفله ابن القوطية وزاد عليه بأن هذّبه، وكان ابن القوطية قد قصد الإيجاز حتى أخلّ في كثير من المواضع.
ومن كتبه: «المقصور والممدود»، وتاريخ في أخبار أهل الأندلس، ويعرف بكتاب «تاريخ فتح الأندلس»، وهو مطبوع، وكان يمليه من صدره غالباً، وهو كتاب حسن في بابه. ومنها أيضاً: شرح رسالة أدب الكتّاب.
محمد موعد