يعتبر بحر قزوين أكبر مساحة مائية على وجه الأرض. يقع عند تقاطع أوروبا وآسيا مع جبال القوقاز من الغرب وسهول آسيا الوسطى إلى الشرق. أيضًا يتشارك الحدود مع روسيا من الشمال الغربي، ومع أذربيجان من الغرب، ومن الجنوب مع إيران، وتركمانستان من الجنوب الشرقي وكازاخستان من الشمال الشرقي. تتنازع البلدان المحيطة فيما بينها على امتلاك موارد البحر، فبحر قزوين غني بالنفط والغاز الطبيعي، ما يجعل الوصول إليه اقتراحًا شديد الخطورة. هذه الجوانب الاجتماعية والثقافية والسياسية المعقدة، بالإضافة إلى السمات الجغرافية والبيئية، تجعل بحر قزوين موضوعًا مثيرًا للاهتمام من قبل الباحثين.
«إنه بطريقة ما، يربط العديد من البلدان التي لا تشترك في أي حدود برية، وبشكل آخر، يمثل حاجزًا بين السياسات والأيديولوجيات المختلفة للدول». هذا ما قاله مايكل كوكرال، كاتب وأستاذ الجغرافيا بمعهد روز هولمان للتكنولوجيا في أوهايو.
حقائق وأرقام:
وقال كوكرال لـ(لايف ساينس): «يقع بحر قزوين في منطقة جافة من العالم». ومع ذلك، أثناء فصل الشتاء القاسي، يمكن أن يتجمد النصف الشمالي بالكامل.
هناك ثلاث مناطق متميزة من بحر قزوين. وأضاف كوكرال: «في الشمال يوجد سهل ساحلي منخفض ورملي وحار ورطب أيضًا». تحتوي هذه المنطقة على المياه الضحلة، على بعد حوالي 20 قدمًا (من 4 إلى 5 أمتار).
ينحدر وسط قزوين على عمق حوالي 620 قدمًا (190 مترًا)، وينحدر القاع الغربي للبحر بشكل حاد بينما يتدرج القاع الشرقي برفق، هذا وفقًا لموسوعة New World. وتصبح الشواطئ شديدة الانحدار.
يصل العمق الجنوبي من بحر قزوين إلى أكثر من 3,300 قدم (1000 متر) ويتجمع في هذه المنطقة معظم الماء. وصف كوكرال الشواطئ الجنوبية بأنها تصطف على بروزات ومنحدرات صخرية تطل على المياه وغالبًا تقوم النخبة الإيرانية ببناء المنازل في هذه المنطقة.
يعتبر بحر قزوين حوضًا داخليًا، وهذا يعني أنه لا يوجد لديه منافذ طبيعية. يتدفق أكثر من 130 نهرًا إليه، وفقًا لمجلة Natural History، ومع ذلك لا يوجد أي منها في الشرق. الرافد الرئيسي هو نهر الفولجا في الشمال، والذي يمد البحر بحوالي 80% من المياه المتدفقة.
من الروافد الكبيرة أيضًا نهر الأورال في الشمال، ونهر كورا في الغرب. إن تدفق المياه العذبة من هذه الأنهار يخفف ماء البحر، تتغير درجة الملوحة من الشمال إلى الجنوب، من 1.0 إلى 13.5 جزءًا في الألف، وفقًا لموقع Casp Info، وهو مشروع لإدارة البيانات حول بحر قزوين بتمويل من الاتحاد الأوروبي. وعلى العكس تمامًا، تبلغ نسبة الملوحة في المحيط الأطلسي الشمالي 37 جزءًا في الألف، وفقًا لموسوعة Britannica.
وبسبب عدم وجود تدفق خارجي، فمن الوارد أن تؤثر كمية الأمطار في مناطق الأنهار بشكل كبير على منسوب مياه بحر قزوين، هذا وفقًا لمركز المعلومات البيئية GRID-Arendal. شيد الإنسان السدود أيضًا خلال القرنين الماضيين والتي ساعدت على تغيير مستويات المياه. يرى العلماء أن حركة الألواح التكتونية وتغير الترسبات هي عوامل أخرى تؤثر على مستويات المياه.
في السنوات الأخيرة، لعب تغير المناخ دورًا رئيسيًا، إذ أدت أنماط الطقس الأكثر تقلبًا إلى زيادة سقوط الأمطار في روسيا، والتي تجلب المزيد من المياه إلى نهر الفولجا ثم بحر قزوين. لكن العلماء يرون أيضًا أدلة على أن درجات الحرارة المرتفعة كليًا قد تتسبب في جفاف بحر قزوين.
أيضا يضع العلماء في الحسبان العوامل البشرية المؤثرة، بما في ذلك انسكابات النفط التي تقلل من التبخر عن طريق تغطية المياه بطبقة رقيقة، والتي تمثل من 3 إلى 5% من اختلاف مستوى المياه، وفقا لمجلة Natural history.
هناك حوالي 50 جزيرة صغيرة في بحر قزوين، أغلبها غير مأهولة بالسكان، وفقًا لموسوعة New world. يقع معظمها في الشمال، ولكن أكبر جزيرة تقع في الجنوب، وهي جزيرة أوجورا آدا.
يقع بحر قزوين بجوار أكبر بحيرة ضحلة في العالم بحسب Lakepedia. تقع بحيرة كارا-بوجازجول التي تبلغ مساحتها 6949 ميلًا مربعًا (18000 كيلومترًا مربعًا) على الساحل الشرقي لبحر قزوين ويفصل بينهما العديد من الحواجز الرملية. شُيد سد بينهما في عام 1980 ولكن أُزيل بسبب تأثيره على مستويات المياه.
بحيرة أم بحر؟
على الرغم من اسمه، يمكن تسمية بحر قزوين بحرًا أو بحيرة أيضًا. كوكرال يفضل أن يطلق عليه بحيرة، كذلك العديد من الباحثين. تاريخيًا كان يعتبر بحرًا بسبب حجمه ومياهه المالحة، لكنه يجسد العديد من خصائص البحيرات. الكثير من الخلط يأتي بسبب عدم وجود تعريفات متفق عليها عالميًا للبحار أو البحيرات.
تعرف البحار غالبًا بأنها تكون متصلة بمحيط أو بحر آخر عبر المياه المالحة، وهذا غير موجود في بحر قزوين. عادة ما تكون البحار مغلقة جزئيًا عن طريق اليابسة، وفقًا للإدارة القومية للمحيطات والغلاف الجوي، لكن بحر قزوين محاط كليًا باليابسة. من الطبيعي أن تحتوي البحار مياهًا مالحة، وعلى الرغم أن مياه بحر قزوين ليست عذبة، تخفف مياهه المالحة باستمرار عن طريق تدفق المياه العذبة إليه من الأنهار، خاصة في الشمال.
في مقال نشر عام 2011 في مجلة الدراسات الأوروآسيوية للكاتبة هانا زيمنيتسكايا تقول: «إن مسألة إذا كان بحيرة أو بحرًا له تداعيات سياسية واقتصادية.
إذا كان قزوين بحيرة، فلن يكون للأمم المتحدة والقانون الدولي أي سيطرة على مياهه. أما إذا كان بحرًا، حينئذ يمكن للمنظمات الدولية أن تشارك في استخدامه».
هذا مهم بشكل خاص بسبب موارد الطاقة الخاصة بقزوين، يقول كوكراد: «حقول البترول حول بحر قزوين وتحته تجعله موردًا اقتصاديًا طبيعيًا ولذلك يحدث خلاف سياسي حول الوصول لهذه الحقول وامتلاكها».
إذا اعتبرنا قزوين بحيرة، فإنه يحتوي على 40% من جميع مياه البحيرات في العالم. يقول كوكراد: «إنه أكبر بحيرة في العالم».
تاريخ بحر قزوين:
يعتبر بحر قزوين من بقايا بحر باراتيثياس (Paratethys) القديم، وأيضًا يعتبر جزءًا من محيط تيثيس الذي كان موجودًا قبل 50 إلى 60 مليون عام. كان تيثيس يتصل بالمحيط الأطلسي والمحيط الهادئ في ذلك الوقت وفقًا لموقع WorldLakes.org.
على مدى آلاف السنين، تحركت الألواح التي تتكون منها القارات، لذا فقد المحيط تيثيس الروابط التي تربطه بالمحيطات الأخرى، وهذا بسبب تبخر الكثير من هذه المحيطات في الفترات الحارة الأكثر جفافًا، وبالتالي تشكل بحر قزوين والبحر الأسود وبحر آرال في النهاية. ويقدر عمر بحر قزوين منذ تشكله حتى الآن بحوالي 30 مليون سنة، إذ استقرت المياه المالحة من بحر تيثيس لتفسر ملوحة بحر قزوين فيما بعد.
يقدر علماء الآثار، وفقًا لموسوعة New World، أن البشر استقروا في هذه المنطقة منذ حوالي 75000 عام. وكانوا معروفين باسم قبيلة كاسبي، التي استقرت على الساحل الجنوبي الغربي.
بحلول القرن العاشر، كانت آبار النفط الصغيرة قد انتشرت على شواطئ بحر قزوين، وفقًا للشركة الحكومية للنفط لجمهورية أذربيجان (SOCAR). عرف الأوروبيون المنطقة الغنية بالموارد وبدؤوا السفر إلى بحر قزوين للبحث عن هذه الموارد في القرن السادس عشر.
في عام 1820 حُفر أول بئر نفط بحري؛ واليوم، أصبحت صناعة النفط والغاز هي الأبرز في المنطقة. بعض الأعمال الأخرى تشمل استخراج الملح وصيد الأسماك والسياحة على طول السواحل.
مر منسوب المياه في بحر قزوين بالكثير من التقلبات على مر التاريخ، وفقًا لجريد أرندال (GRID-Arendal). منذ منتصف القرن التاسع عشر وحتى أواخر القرن العشرين اختلف منسوب المياه بأكثر من 12 قدمًا (3.6 متر).
في عام 1977، فاض بحر قزوين وتسبب في دمار واسع النطاق. منذ ذلك الحين، حدثت عدة فيضانات أخرى. منذ عام 1978، ارتفع مستوى المياه بحوالي 7.4 قدم (2.2 متر)، هذا وفقًا لصحيفة بارس تايمز.
النظام البيئي:
قال كوكرال: «إن بحر قزوين معروف بتنوعه البيولوجي». يعتبر جغرافيًا منطقة حيوانات مستقلة بسبب صفاتها الفريدة، وفقًا لصندوق الحياة البرية العالمي.
في العديد من المناطق، توجد الشواطئ مع برك مالحة ضحلة فتنمو فيها الطيور والأسماك الصغيرة والقشريات واللافقاريات. الطيور موجودة طوال العام، لذا يستخدم العديد منها بحر قزوين كمأوى للهجرة إليه.
حول بحر قزوين وبداخله يعيش ما يقارب 2000 نوع من الحيوانات. حوالي 400 منها يستوطن هذه المنطقة، بما في ذلك نورس قزوين، وسلحفاة الفخذ، وسلحفاة هورسفيلد، وأسماك بحر قزوين البيضاء وسلمون قزوين، وفقمة قزوين التي تعتبر الثدييات المائية الوحيدة في المنطقة. كما تشير النقوش القريبة إلى أن الدلافين والخنازير أيضًا قد عاشت يومًا ما في بحر قزوين، وفقًا لمؤسسة سميثسونيان.
يعتبر سمك الحفش (beluga sturgeon) الحيوان الأشهر والأغلى ماديًا في المنطقة، أحيانًا يسمى سمك الحفش الأوروبي أو سمك قزوين. كما يعد أكبر أسماك المياه العذبة في العالم، وهو معروف بسبب بيضه الذي تتم معالجته لتحويله إلى الكافيار، إذ يأتي معظم الكافيار في العالم من بحر قزوين.
وبالتأكيد تسبب هذا بمشاكل لانتشار الصيد الجائر. دمرت السدود الكثير من مناطق إنتاج البيض، كما أن المبيدات الحشرية المستخدمة في زراعة الأراضي حدت من خصوبتها بصورة كبيرة، فأصبح سمك الحفش الآن مهددًا بالخطر، وفقًا لصندوق الحياة البرية العالمي.
دلتا نهر الفولجا في شمال بحر قزوين هي موطن لمجموعة كبيرة من النباتات المائية النادرة، وفقًا لصندوق الحياة البرية العالمي. تعتبر النباتات في الجزء الخاص بتركمانستان من شواطئ بحر قزوين فقيرة نسبيًا. ومع ذلك، هناك بعض النباتات الخاصة التي تقاوم الملوحة مثل الشجيرات والميرمية (sagebrush).
التهديدات:
يواجه بحر قزوين العديد من التهديدات البيئية التي لها عواقب كبيرة على سكان هذه المنطقة من البشر والنباتات والحيوانات أيضًا، وتؤثر بالتأكيد على الاقتصاد والنظام البيئي الشامل. وعلق كوكرال: «مثل كل المسطحات المائية الداخلية الدولية، فإن الأسئلة تدور اليوم حول إمكانية الوصول والاستخدام والملوثات مع جودة المياه ومواردها».
إن التطوير المكثف للنفط والغاز في منطقة بحر قزوين تسبب في مشاكل خطيرة منها: تلوث المياه والهواء والأراضي، ونفاد الموارد الطبيعية، وإلحاق الأضرار بالحياة البرية والنباتية، واضطراب النظام البيئي، والتصحر وفقدان التنوع البيولوجي والمناظر الطبيعية، هذا وفقًا لموقع Casp Info.
تعد الانسكابات النفطية والنفايات الناتجة عن المواقع الصناعية المحلية والصرف الصحي غير المعالج والقمامة التي تُنقل من الأنهار من الأسباب الرئيسية لتلوث الأرض والمياه. يلقى سنويًا حوالي مليون متر مكعب (264 مليون جالون) من مياه الصرف الصحي غير المعالج، وفقًا لصحيفة بارس تايمز.
يسبب ارتفاع مستوى سطح البحر الفيضانات، ولأن المياه تتدفق فوق آبار النفط الساحلية، فإنها تحمل النفط والكثير من الملوثات إلى الداخل. يقدر العلماء أن عمليات الحفر البرية والبحرية في منطقة بحر قزوين تكافئ انبعاث 15 إلى 20 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، وفقًا لـ(جريد أريندال). وبالتأكيد أدى هذا إلى العديد من المشاكل الخطيرة لتلوث الهواء في المنطقة.
أدت الأضرار البيئية إلى مشاكل صحية خطيرة لسكان الدول الخمس حول بحر قزوين، الذين يتناولون الملوثات عن طريق الهواء ومياه الشرب والغذاء والسباحة. وفقًا لصحيفة بارس تايمز، فإن منطقة بحر قزوين في كازاخستان تشهد أربعة أضعاف معدل الإصابة بأمراض الدم والسل والالتهابات المعوية مقارنة بأجزاء أخرى من البلاد. أيضًا معدلات الإصابة بالسرطان حول بحر قزوين أعلى من المتوسط في كل البلدان الخمسة.
خلال الحقبة السوفيتية، كانت مدن سومجيت وباكو كبيرة صناعيًا. اليوم، البحر حول هذه المدن هو منطقة ميتة بيئيًا. تحدث حالات موت للأجنة البشرية والإجهاض بمستويات أعلى بكثير من المناطق الداخلية.
تعتبر معالجة أي من هذه المشاكل معضلة في غاية الصعوبة بسبب نزاعات الملكية بين الدول الخمس. يقول كوكرال: «من المسؤول عن إدارة جودة المياه؟ تشترك خمس دول في بحر قزوين ولكن من يستفيد من النفط؟ أين الحدود أو السلطة القضائية داخل البحيرة؟». من الصعب الإجابة على هذه الأسئلة المستمرة وغالبًا ما تُعطّل جهود التعاون المبذولة في سبيل حلها.
«إنه بطريقة ما، يربط العديد من البلدان التي لا تشترك في أي حدود برية، وبشكل آخر، يمثل حاجزًا بين السياسات والأيديولوجيات المختلفة للدول». هذا ما قاله مايكل كوكرال، كاتب وأستاذ الجغرافيا بمعهد روز هولمان للتكنولوجيا في أوهايو.
حقائق وأرقام:
- المساحة السطحية: 143,244 ميلًا مربعًا (371,000 كيلومتر مربع)
- أقصى عمق: 3,363 قدمًا (1,025 مترًا)
- متوسط العمق: 692 قدمًا (211 مترًا)
- الطول: 640 ميلًا (1,030 كم)
- أقصى عرض: 270 ميلًا (435 كم)
- الحد الأدنى للعرض: 124 ميلًا (200 كم)
- منطقة الخط الساحلي: 4,237 ميلًا (6,820 كم)
- حجم المياه: 18,761 ميلًا مكعبًا (78,200 كيلومتر مكعب)
- الارتفاع: 72 قدمًا تحت مستوى سطح البحر (22 مترًا تحت مستوى سطح البحر).
- يعد منخفض بحر قزوين -وهو منطقة مسطحة منخفضة يشمل المنطقة الشمالية له- واحدًا من أكثر النقاط انخفاضًا على وجه الأرض.
وقال كوكرال لـ(لايف ساينس): «يقع بحر قزوين في منطقة جافة من العالم». ومع ذلك، أثناء فصل الشتاء القاسي، يمكن أن يتجمد النصف الشمالي بالكامل.
هناك ثلاث مناطق متميزة من بحر قزوين. وأضاف كوكرال: «في الشمال يوجد سهل ساحلي منخفض ورملي وحار ورطب أيضًا». تحتوي هذه المنطقة على المياه الضحلة، على بعد حوالي 20 قدمًا (من 4 إلى 5 أمتار).
ينحدر وسط قزوين على عمق حوالي 620 قدمًا (190 مترًا)، وينحدر القاع الغربي للبحر بشكل حاد بينما يتدرج القاع الشرقي برفق، هذا وفقًا لموسوعة New World. وتصبح الشواطئ شديدة الانحدار.
يصل العمق الجنوبي من بحر قزوين إلى أكثر من 3,300 قدم (1000 متر) ويتجمع في هذه المنطقة معظم الماء. وصف كوكرال الشواطئ الجنوبية بأنها تصطف على بروزات ومنحدرات صخرية تطل على المياه وغالبًا تقوم النخبة الإيرانية ببناء المنازل في هذه المنطقة.
يعتبر بحر قزوين حوضًا داخليًا، وهذا يعني أنه لا يوجد لديه منافذ طبيعية. يتدفق أكثر من 130 نهرًا إليه، وفقًا لمجلة Natural History، ومع ذلك لا يوجد أي منها في الشرق. الرافد الرئيسي هو نهر الفولجا في الشمال، والذي يمد البحر بحوالي 80% من المياه المتدفقة.
من الروافد الكبيرة أيضًا نهر الأورال في الشمال، ونهر كورا في الغرب. إن تدفق المياه العذبة من هذه الأنهار يخفف ماء البحر، تتغير درجة الملوحة من الشمال إلى الجنوب، من 1.0 إلى 13.5 جزءًا في الألف، وفقًا لموقع Casp Info، وهو مشروع لإدارة البيانات حول بحر قزوين بتمويل من الاتحاد الأوروبي. وعلى العكس تمامًا، تبلغ نسبة الملوحة في المحيط الأطلسي الشمالي 37 جزءًا في الألف، وفقًا لموسوعة Britannica.
وبسبب عدم وجود تدفق خارجي، فمن الوارد أن تؤثر كمية الأمطار في مناطق الأنهار بشكل كبير على منسوب مياه بحر قزوين، هذا وفقًا لمركز المعلومات البيئية GRID-Arendal. شيد الإنسان السدود أيضًا خلال القرنين الماضيين والتي ساعدت على تغيير مستويات المياه. يرى العلماء أن حركة الألواح التكتونية وتغير الترسبات هي عوامل أخرى تؤثر على مستويات المياه.
في السنوات الأخيرة، لعب تغير المناخ دورًا رئيسيًا، إذ أدت أنماط الطقس الأكثر تقلبًا إلى زيادة سقوط الأمطار في روسيا، والتي تجلب المزيد من المياه إلى نهر الفولجا ثم بحر قزوين. لكن العلماء يرون أيضًا أدلة على أن درجات الحرارة المرتفعة كليًا قد تتسبب في جفاف بحر قزوين.
أيضا يضع العلماء في الحسبان العوامل البشرية المؤثرة، بما في ذلك انسكابات النفط التي تقلل من التبخر عن طريق تغطية المياه بطبقة رقيقة، والتي تمثل من 3 إلى 5% من اختلاف مستوى المياه، وفقا لمجلة Natural history.
هناك حوالي 50 جزيرة صغيرة في بحر قزوين، أغلبها غير مأهولة بالسكان، وفقًا لموسوعة New world. يقع معظمها في الشمال، ولكن أكبر جزيرة تقع في الجنوب، وهي جزيرة أوجورا آدا.
يقع بحر قزوين بجوار أكبر بحيرة ضحلة في العالم بحسب Lakepedia. تقع بحيرة كارا-بوجازجول التي تبلغ مساحتها 6949 ميلًا مربعًا (18000 كيلومترًا مربعًا) على الساحل الشرقي لبحر قزوين ويفصل بينهما العديد من الحواجز الرملية. شُيد سد بينهما في عام 1980 ولكن أُزيل بسبب تأثيره على مستويات المياه.
بحيرة أم بحر؟
على الرغم من اسمه، يمكن تسمية بحر قزوين بحرًا أو بحيرة أيضًا. كوكرال يفضل أن يطلق عليه بحيرة، كذلك العديد من الباحثين. تاريخيًا كان يعتبر بحرًا بسبب حجمه ومياهه المالحة، لكنه يجسد العديد من خصائص البحيرات. الكثير من الخلط يأتي بسبب عدم وجود تعريفات متفق عليها عالميًا للبحار أو البحيرات.
تعرف البحار غالبًا بأنها تكون متصلة بمحيط أو بحر آخر عبر المياه المالحة، وهذا غير موجود في بحر قزوين. عادة ما تكون البحار مغلقة جزئيًا عن طريق اليابسة، وفقًا للإدارة القومية للمحيطات والغلاف الجوي، لكن بحر قزوين محاط كليًا باليابسة. من الطبيعي أن تحتوي البحار مياهًا مالحة، وعلى الرغم أن مياه بحر قزوين ليست عذبة، تخفف مياهه المالحة باستمرار عن طريق تدفق المياه العذبة إليه من الأنهار، خاصة في الشمال.
في مقال نشر عام 2011 في مجلة الدراسات الأوروآسيوية للكاتبة هانا زيمنيتسكايا تقول: «إن مسألة إذا كان بحيرة أو بحرًا له تداعيات سياسية واقتصادية.
إذا كان قزوين بحيرة، فلن يكون للأمم المتحدة والقانون الدولي أي سيطرة على مياهه. أما إذا كان بحرًا، حينئذ يمكن للمنظمات الدولية أن تشارك في استخدامه».
هذا مهم بشكل خاص بسبب موارد الطاقة الخاصة بقزوين، يقول كوكراد: «حقول البترول حول بحر قزوين وتحته تجعله موردًا اقتصاديًا طبيعيًا ولذلك يحدث خلاف سياسي حول الوصول لهذه الحقول وامتلاكها».
إذا اعتبرنا قزوين بحيرة، فإنه يحتوي على 40% من جميع مياه البحيرات في العالم. يقول كوكراد: «إنه أكبر بحيرة في العالم».
تاريخ بحر قزوين:
يعتبر بحر قزوين من بقايا بحر باراتيثياس (Paratethys) القديم، وأيضًا يعتبر جزءًا من محيط تيثيس الذي كان موجودًا قبل 50 إلى 60 مليون عام. كان تيثيس يتصل بالمحيط الأطلسي والمحيط الهادئ في ذلك الوقت وفقًا لموقع WorldLakes.org.
على مدى آلاف السنين، تحركت الألواح التي تتكون منها القارات، لذا فقد المحيط تيثيس الروابط التي تربطه بالمحيطات الأخرى، وهذا بسبب تبخر الكثير من هذه المحيطات في الفترات الحارة الأكثر جفافًا، وبالتالي تشكل بحر قزوين والبحر الأسود وبحر آرال في النهاية. ويقدر عمر بحر قزوين منذ تشكله حتى الآن بحوالي 30 مليون سنة، إذ استقرت المياه المالحة من بحر تيثيس لتفسر ملوحة بحر قزوين فيما بعد.
يقدر علماء الآثار، وفقًا لموسوعة New World، أن البشر استقروا في هذه المنطقة منذ حوالي 75000 عام. وكانوا معروفين باسم قبيلة كاسبي، التي استقرت على الساحل الجنوبي الغربي.
بحلول القرن العاشر، كانت آبار النفط الصغيرة قد انتشرت على شواطئ بحر قزوين، وفقًا للشركة الحكومية للنفط لجمهورية أذربيجان (SOCAR). عرف الأوروبيون المنطقة الغنية بالموارد وبدؤوا السفر إلى بحر قزوين للبحث عن هذه الموارد في القرن السادس عشر.
في عام 1820 حُفر أول بئر نفط بحري؛ واليوم، أصبحت صناعة النفط والغاز هي الأبرز في المنطقة. بعض الأعمال الأخرى تشمل استخراج الملح وصيد الأسماك والسياحة على طول السواحل.
مر منسوب المياه في بحر قزوين بالكثير من التقلبات على مر التاريخ، وفقًا لجريد أرندال (GRID-Arendal). منذ منتصف القرن التاسع عشر وحتى أواخر القرن العشرين اختلف منسوب المياه بأكثر من 12 قدمًا (3.6 متر).
في عام 1977، فاض بحر قزوين وتسبب في دمار واسع النطاق. منذ ذلك الحين، حدثت عدة فيضانات أخرى. منذ عام 1978، ارتفع مستوى المياه بحوالي 7.4 قدم (2.2 متر)، هذا وفقًا لصحيفة بارس تايمز.
النظام البيئي:
قال كوكرال: «إن بحر قزوين معروف بتنوعه البيولوجي». يعتبر جغرافيًا منطقة حيوانات مستقلة بسبب صفاتها الفريدة، وفقًا لصندوق الحياة البرية العالمي.
في العديد من المناطق، توجد الشواطئ مع برك مالحة ضحلة فتنمو فيها الطيور والأسماك الصغيرة والقشريات واللافقاريات. الطيور موجودة طوال العام، لذا يستخدم العديد منها بحر قزوين كمأوى للهجرة إليه.
حول بحر قزوين وبداخله يعيش ما يقارب 2000 نوع من الحيوانات. حوالي 400 منها يستوطن هذه المنطقة، بما في ذلك نورس قزوين، وسلحفاة الفخذ، وسلحفاة هورسفيلد، وأسماك بحر قزوين البيضاء وسلمون قزوين، وفقمة قزوين التي تعتبر الثدييات المائية الوحيدة في المنطقة. كما تشير النقوش القريبة إلى أن الدلافين والخنازير أيضًا قد عاشت يومًا ما في بحر قزوين، وفقًا لمؤسسة سميثسونيان.
يعتبر سمك الحفش (beluga sturgeon) الحيوان الأشهر والأغلى ماديًا في المنطقة، أحيانًا يسمى سمك الحفش الأوروبي أو سمك قزوين. كما يعد أكبر أسماك المياه العذبة في العالم، وهو معروف بسبب بيضه الذي تتم معالجته لتحويله إلى الكافيار، إذ يأتي معظم الكافيار في العالم من بحر قزوين.
وبالتأكيد تسبب هذا بمشاكل لانتشار الصيد الجائر. دمرت السدود الكثير من مناطق إنتاج البيض، كما أن المبيدات الحشرية المستخدمة في زراعة الأراضي حدت من خصوبتها بصورة كبيرة، فأصبح سمك الحفش الآن مهددًا بالخطر، وفقًا لصندوق الحياة البرية العالمي.
دلتا نهر الفولجا في شمال بحر قزوين هي موطن لمجموعة كبيرة من النباتات المائية النادرة، وفقًا لصندوق الحياة البرية العالمي. تعتبر النباتات في الجزء الخاص بتركمانستان من شواطئ بحر قزوين فقيرة نسبيًا. ومع ذلك، هناك بعض النباتات الخاصة التي تقاوم الملوحة مثل الشجيرات والميرمية (sagebrush).
التهديدات:
يواجه بحر قزوين العديد من التهديدات البيئية التي لها عواقب كبيرة على سكان هذه المنطقة من البشر والنباتات والحيوانات أيضًا، وتؤثر بالتأكيد على الاقتصاد والنظام البيئي الشامل. وعلق كوكرال: «مثل كل المسطحات المائية الداخلية الدولية، فإن الأسئلة تدور اليوم حول إمكانية الوصول والاستخدام والملوثات مع جودة المياه ومواردها».
إن التطوير المكثف للنفط والغاز في منطقة بحر قزوين تسبب في مشاكل خطيرة منها: تلوث المياه والهواء والأراضي، ونفاد الموارد الطبيعية، وإلحاق الأضرار بالحياة البرية والنباتية، واضطراب النظام البيئي، والتصحر وفقدان التنوع البيولوجي والمناظر الطبيعية، هذا وفقًا لموقع Casp Info.
تعد الانسكابات النفطية والنفايات الناتجة عن المواقع الصناعية المحلية والصرف الصحي غير المعالج والقمامة التي تُنقل من الأنهار من الأسباب الرئيسية لتلوث الأرض والمياه. يلقى سنويًا حوالي مليون متر مكعب (264 مليون جالون) من مياه الصرف الصحي غير المعالج، وفقًا لصحيفة بارس تايمز.
يسبب ارتفاع مستوى سطح البحر الفيضانات، ولأن المياه تتدفق فوق آبار النفط الساحلية، فإنها تحمل النفط والكثير من الملوثات إلى الداخل. يقدر العلماء أن عمليات الحفر البرية والبحرية في منطقة بحر قزوين تكافئ انبعاث 15 إلى 20 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، وفقًا لـ(جريد أريندال). وبالتأكيد أدى هذا إلى العديد من المشاكل الخطيرة لتلوث الهواء في المنطقة.
أدت الأضرار البيئية إلى مشاكل صحية خطيرة لسكان الدول الخمس حول بحر قزوين، الذين يتناولون الملوثات عن طريق الهواء ومياه الشرب والغذاء والسباحة. وفقًا لصحيفة بارس تايمز، فإن منطقة بحر قزوين في كازاخستان تشهد أربعة أضعاف معدل الإصابة بأمراض الدم والسل والالتهابات المعوية مقارنة بأجزاء أخرى من البلاد. أيضًا معدلات الإصابة بالسرطان حول بحر قزوين أعلى من المتوسط في كل البلدان الخمسة.
خلال الحقبة السوفيتية، كانت مدن سومجيت وباكو كبيرة صناعيًا. اليوم، البحر حول هذه المدن هو منطقة ميتة بيئيًا. تحدث حالات موت للأجنة البشرية والإجهاض بمستويات أعلى بكثير من المناطق الداخلية.
تعتبر معالجة أي من هذه المشاكل معضلة في غاية الصعوبة بسبب نزاعات الملكية بين الدول الخمس. يقول كوكرال: «من المسؤول عن إدارة جودة المياه؟ تشترك خمس دول في بحر قزوين ولكن من يستفيد من النفط؟ أين الحدود أو السلطة القضائية داخل البحيرة؟». من الصعب الإجابة على هذه الأسئلة المستمرة وغالبًا ما تُعطّل جهود التعاون المبذولة في سبيل حلها.