تكوّن الأعاصير المدارية
تعدّ الأعاصير المدارية مثالًا آخر للتفاعلات بين الهواء والبحر، تُعرف أنظمة العواصف هذه باسم (Hurricanes) في شمال المحيط الأطلسي وشرق المحيط الهادئ الشمالي ، وبالـ (Typhoons) في شمال غرب المحيط الهادئ. تدور رياح هذه الأنظمة حول مركز ضغطٍ جوي منخفض، عكس اتجاه عقارب الساعة في نصف الكرة الشمالي ، وباتجاه عقارب الساعة في نصف الكرة الجنوبي. تحمل هذه الأعاصير رياحًا تصل سرعتها إلى 115 كيلومترًا (71 ميلًا) في الساعة، أو 65 عُقدة. في معظم الحالات، تتراوح مدة الإعصار المداري من عدة ساعات إلى أسبوعين، أما متوسط المدة، فهو ستة أيام.
تُغذي المحيطاتُ الأعاصيرَ المدارية بالطاقة اللازمة لاستمرار الإعصار، وزيادة قوته أحيانًا، سواء من خلال نقل الحرارة مباشرةً من سطحها، أو عبر تبخر الماء، لتتكثف هذه المياه في وقت لاحقٍ ضمن نظام الإعصار، وبالتالي، إطلاق الطاقة الحرارية الكامنة (latent heat of vaporisation). عندما يتحرك إعصارٌ مداري فوق اليابسة، فإن هذه الطاقة تُستنفذ بشدة، وبالتالي تَضعف سرعة الرياح.
هذه الأعاصير هي ظاهرةٌ مدارية بامتياز، وتنشأ في منطقتين مختلفتن، الأولى بين خطي عرض 4 درجات و22 درجة جنوبًا، والثانية بين خطي العرض 4 درجات و35 درجة شمالًا، وتختفي تمامًا في المنطقة الاستوائية بين 4 درجات جنوبا و 4 درجات شمالا.
رُصد أكثر من ثلثَي الأعاصير المدارية المسجلة في نصف الكرة الشمالي ، فشهدت منطقة شمال المحيط الهادئ وحدها أكثر من ثلث هذه الأعاصير مجتمعة، في حين أن جنوب شرق المحيط الهادئ وجنوب المحيط الأطلسي كانت آمنةً نسبيًا من هذه الأعاصير.
ففي نصف الكرة الشمالي، تحدث معظم الأعاصير المدارية بين شهري مايو/أيار ونوفمبر/تشرين الثاني، أي فصل الصيف الشمالي، مع فترات ذروةٍ في شهري أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول. أما في نصف الكرة الجنوبي فتحدث غالبية الأعاصير بين شهري ديسمبر/كانون الأول وأبريل/نيسان، أي أشهر الصيف الجنوبي، إذ تبلغ ذروتها في شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط.
شروط تكوّن الاعصار
يتأثر تكوّن الأعاصير المدارية بشدةٍ بدرجة حرارة سطح مياه المحيط، وتحديدًا بالطاقة الحرارية المتوفرة في طبقة المياه العليا (من السطح حتى عمق 60 مترًا)، ويجب أن تزيد حرارة المياه السطحية عن 26 درجة مئوية (حوالي 79 درجة فهرنهايت)، ومع ذلك، فإن متطلبات درجة الحرارة هذه ليست سوى واحدة من مجموعة عوامل يجب توفرها جميعا كي يتكوّن الإعصار أو يستمر.
تتعلق العوامل الأخرى بحالة الغلاف الجوي المداري، ويمكن تلخيصها على النحو التالي:
1. يجب أن يحدث تقارب عميق للهواء في التروبوسفير «المتكوّر الدوار»، ليُنتج دورةً إعصاريةً في منطقة التروبوسفير السفلى، تغطيها دورةٌ مضادة في طبقة التروبوسفير العليا، وكلما كان تدفُّق الهواء أو تقاربه أقوى، كانت الظروف أكثر ملاءمةً لتكوين الأعاصير المدارية .
2. يجب أن يكون القص الرأسي (تغيُّر سرعة أو اتجاه الريح مع الارتفاع) لسرعة الرياح الأفقية بين أعلى التروبوسفير وأسفلها في حده الأدنى، لكي يُحتفَظ بالحرارة والرطوبة، بدلاً من تبادلها مع الهواء المحيط، فتتميز تدفقات الرياح الموسمية والتجارية بقصٍ رأسي كبير للرياح الأفقية، وبالتالي فهي لا تساعد عمومًا على تطور الإعصار المداري.
3. اقترانٌ عمودي قوي لأنماط التدفق بين مناطق التروبوسفير العليا والسفلى، ويتحقق ذلك من خلال التيارات الحرارية القوية المرتبطة بالسحب الركامية.
4. تؤدي مستويات الرطوبة العالية في وسط التروبوسفير – والتي تبتعد من 3 إلى 6 كيلومترات عن سطح المحيط – إلى عملٍ أسهل للتيارات الحرارية، وتؤدي بالتالي إلى اقترانٍ عمودي أقوى في التروبوسفير.
5. وجود دورة إعصارية واسعة النطاق في طبقة التروبوسفير السفلى، وهذا هو العامل الأكثر أهمية.
مراحل الإعصار
يمر الإعصار المداري بعدة مراحل خلال وجوده:
1. المرحلة التكوينية: تكون الرياح أقل قوةً من الإعصار، ويبلغ الضغط الجوي في مركز الإعصار حوالي 1000 مليبار (millibard) أو 750 مم زئبقي. تتراوح المدة الزمنية لهذه المرحلة بين 12 ساعة وبضعة أيام.
2. مرحلة زيادة القوة: عندما يهوي الضغط في مركز الإعصار تحت مستوى 1000 مليبار، تزداد سرعة الرياح، فيمكن تصنيفها كرياحٍ إعصارية. يغطي الإعصار منطقةً على شكل دائرة، نصف قطرها 30 إلى 50 كم، وتنتظم السحب والمتساقطات في أحزمة ضيقة، تدور بشكل حلزوني نحو مركز الإعصار.
3. مرحلة النضج: يتوقف الضغط المركزي عن الانخفاض، وتستقر بالتالي سرعة الرياح. ومع ذلك، فإن منطقة رياح الأعاصير تتسع لتشغل دائرةً نصف قطرها 300 كيلومتر أو أكثر.
قد تستمر هذه الفترة من يوم إلى ثلاثة، وعادةً ما يصل الإعصار المداري إلى هذه المرحلة حينما يصل الى اليابسة، فتتبدّد طاقته عن طريق الاحتكاك السطحي، وتنخفض امدادات الرطوبة، وقد يحدث أيضًا انخفاضٌ في تيارات الرطوبة التي تغذي الإعصار حين تحرّكه فوق مياهٍ باردة نسبيًا في المحيط، وبالتالي تضعف قوة الإعصار.
ولكن يمكن للإعصار استعادة قوته مجددًا عندما يمر فوق مياهٍ دافئة. وقد لوحظت هذه العملية في حالة إعصار كاترينا، وهو إعصارٌ مداري كارثي مر عبر خليج المكسيك عام 2005. العمر النموذجي للإعصار المداري منذ ولادته حتى الموت حوالي ستة أيام.
مسارات الأعاصير المدارية
تتباين مسارات الأعاصير المدارية بشكل كبير، خاصةً في منطقتي شمال المحيط الأطلسي وشمال المحيط الهادئ. عادةً، يتجه الإعصار نحو الشمال الغربي في البداية، لكنه ينحرف نحو الشمال الشرقي عندما يصل إلى خطوط العرض العليا.
تساعد النماذج الرقمية العالمية للمعطيات المناخية في التنبؤ بمسار الإعصار، وتراقب أقمار المناخ الاصطناعية هذه الأعاصير بدقة، خاصًة في المناطق البعيدة في قلب المحيطات المدارية.
آثار الأعاصير المدارية على مياه المحيط
يمكن أن يؤثر الإعصار المداري على حرارة سطح المياه والتيارات البحرية في المناطق التي يعبرها، متسببًا بتبريد المياه السطحية، وتقع أكثر المناطق المعرضة للتبريد على يمين مسار الإعصار في نصف الكرة الشمالي، «في أعقاب مرور إعصار هيلدا عبر خليج المكسيك عام 1964، انخفضت حرارة المياه السطحية بمقدار 6 درجات مئوية (10.8 درجة فهرنهايت)»، بينما تسبب الأعاصير المدارية التي يتحرك مركزها بسرعة كبيرة تبريدًا أقل للسطح.
ينجم تبريد السطح بشكل أساسي عن انتقال المياه الباردة من أعماق المحيط الى سطحه، ويتزامن ذلك مع انتقال المياه السطحية الدافئة نحو محيط الإعصار، لكنّ فقدان الحرارة عبر التبادل الحراري عند سطح المحيط يلعب دورًا في هذا التبريد.
تعدّ الأعاصير المدارية مثالًا آخر للتفاعلات بين الهواء والبحر، تُعرف أنظمة العواصف هذه باسم (Hurricanes) في شمال المحيط الأطلسي وشرق المحيط الهادئ الشمالي ، وبالـ (Typhoons) في شمال غرب المحيط الهادئ. تدور رياح هذه الأنظمة حول مركز ضغطٍ جوي منخفض، عكس اتجاه عقارب الساعة في نصف الكرة الشمالي ، وباتجاه عقارب الساعة في نصف الكرة الجنوبي. تحمل هذه الأعاصير رياحًا تصل سرعتها إلى 115 كيلومترًا (71 ميلًا) في الساعة، أو 65 عُقدة. في معظم الحالات، تتراوح مدة الإعصار المداري من عدة ساعات إلى أسبوعين، أما متوسط المدة، فهو ستة أيام.
تُغذي المحيطاتُ الأعاصيرَ المدارية بالطاقة اللازمة لاستمرار الإعصار، وزيادة قوته أحيانًا، سواء من خلال نقل الحرارة مباشرةً من سطحها، أو عبر تبخر الماء، لتتكثف هذه المياه في وقت لاحقٍ ضمن نظام الإعصار، وبالتالي، إطلاق الطاقة الحرارية الكامنة (latent heat of vaporisation). عندما يتحرك إعصارٌ مداري فوق اليابسة، فإن هذه الطاقة تُستنفذ بشدة، وبالتالي تَضعف سرعة الرياح.
هذه الأعاصير هي ظاهرةٌ مدارية بامتياز، وتنشأ في منطقتين مختلفتن، الأولى بين خطي عرض 4 درجات و22 درجة جنوبًا، والثانية بين خطي العرض 4 درجات و35 درجة شمالًا، وتختفي تمامًا في المنطقة الاستوائية بين 4 درجات جنوبا و 4 درجات شمالا.
رُصد أكثر من ثلثَي الأعاصير المدارية المسجلة في نصف الكرة الشمالي ، فشهدت منطقة شمال المحيط الهادئ وحدها أكثر من ثلث هذه الأعاصير مجتمعة، في حين أن جنوب شرق المحيط الهادئ وجنوب المحيط الأطلسي كانت آمنةً نسبيًا من هذه الأعاصير.
ففي نصف الكرة الشمالي، تحدث معظم الأعاصير المدارية بين شهري مايو/أيار ونوفمبر/تشرين الثاني، أي فصل الصيف الشمالي، مع فترات ذروةٍ في شهري أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول. أما في نصف الكرة الجنوبي فتحدث غالبية الأعاصير بين شهري ديسمبر/كانون الأول وأبريل/نيسان، أي أشهر الصيف الجنوبي، إذ تبلغ ذروتها في شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط.
شروط تكوّن الاعصار
يتأثر تكوّن الأعاصير المدارية بشدةٍ بدرجة حرارة سطح مياه المحيط، وتحديدًا بالطاقة الحرارية المتوفرة في طبقة المياه العليا (من السطح حتى عمق 60 مترًا)، ويجب أن تزيد حرارة المياه السطحية عن 26 درجة مئوية (حوالي 79 درجة فهرنهايت)، ومع ذلك، فإن متطلبات درجة الحرارة هذه ليست سوى واحدة من مجموعة عوامل يجب توفرها جميعا كي يتكوّن الإعصار أو يستمر.
تتعلق العوامل الأخرى بحالة الغلاف الجوي المداري، ويمكن تلخيصها على النحو التالي:
1. يجب أن يحدث تقارب عميق للهواء في التروبوسفير «المتكوّر الدوار»، ليُنتج دورةً إعصاريةً في منطقة التروبوسفير السفلى، تغطيها دورةٌ مضادة في طبقة التروبوسفير العليا، وكلما كان تدفُّق الهواء أو تقاربه أقوى، كانت الظروف أكثر ملاءمةً لتكوين الأعاصير المدارية .
2. يجب أن يكون القص الرأسي (تغيُّر سرعة أو اتجاه الريح مع الارتفاع) لسرعة الرياح الأفقية بين أعلى التروبوسفير وأسفلها في حده الأدنى، لكي يُحتفَظ بالحرارة والرطوبة، بدلاً من تبادلها مع الهواء المحيط، فتتميز تدفقات الرياح الموسمية والتجارية بقصٍ رأسي كبير للرياح الأفقية، وبالتالي فهي لا تساعد عمومًا على تطور الإعصار المداري.
3. اقترانٌ عمودي قوي لأنماط التدفق بين مناطق التروبوسفير العليا والسفلى، ويتحقق ذلك من خلال التيارات الحرارية القوية المرتبطة بالسحب الركامية.
4. تؤدي مستويات الرطوبة العالية في وسط التروبوسفير – والتي تبتعد من 3 إلى 6 كيلومترات عن سطح المحيط – إلى عملٍ أسهل للتيارات الحرارية، وتؤدي بالتالي إلى اقترانٍ عمودي أقوى في التروبوسفير.
5. وجود دورة إعصارية واسعة النطاق في طبقة التروبوسفير السفلى، وهذا هو العامل الأكثر أهمية.
مراحل الإعصار
يمر الإعصار المداري بعدة مراحل خلال وجوده:
1. المرحلة التكوينية: تكون الرياح أقل قوةً من الإعصار، ويبلغ الضغط الجوي في مركز الإعصار حوالي 1000 مليبار (millibard) أو 750 مم زئبقي. تتراوح المدة الزمنية لهذه المرحلة بين 12 ساعة وبضعة أيام.
2. مرحلة زيادة القوة: عندما يهوي الضغط في مركز الإعصار تحت مستوى 1000 مليبار، تزداد سرعة الرياح، فيمكن تصنيفها كرياحٍ إعصارية. يغطي الإعصار منطقةً على شكل دائرة، نصف قطرها 30 إلى 50 كم، وتنتظم السحب والمتساقطات في أحزمة ضيقة، تدور بشكل حلزوني نحو مركز الإعصار.
3. مرحلة النضج: يتوقف الضغط المركزي عن الانخفاض، وتستقر بالتالي سرعة الرياح. ومع ذلك، فإن منطقة رياح الأعاصير تتسع لتشغل دائرةً نصف قطرها 300 كيلومتر أو أكثر.
قد تستمر هذه الفترة من يوم إلى ثلاثة، وعادةً ما يصل الإعصار المداري إلى هذه المرحلة حينما يصل الى اليابسة، فتتبدّد طاقته عن طريق الاحتكاك السطحي، وتنخفض امدادات الرطوبة، وقد يحدث أيضًا انخفاضٌ في تيارات الرطوبة التي تغذي الإعصار حين تحرّكه فوق مياهٍ باردة نسبيًا في المحيط، وبالتالي تضعف قوة الإعصار.
ولكن يمكن للإعصار استعادة قوته مجددًا عندما يمر فوق مياهٍ دافئة. وقد لوحظت هذه العملية في حالة إعصار كاترينا، وهو إعصارٌ مداري كارثي مر عبر خليج المكسيك عام 2005. العمر النموذجي للإعصار المداري منذ ولادته حتى الموت حوالي ستة أيام.
مسارات الأعاصير المدارية
تتباين مسارات الأعاصير المدارية بشكل كبير، خاصةً في منطقتي شمال المحيط الأطلسي وشمال المحيط الهادئ. عادةً، يتجه الإعصار نحو الشمال الغربي في البداية، لكنه ينحرف نحو الشمال الشرقي عندما يصل إلى خطوط العرض العليا.
تساعد النماذج الرقمية العالمية للمعطيات المناخية في التنبؤ بمسار الإعصار، وتراقب أقمار المناخ الاصطناعية هذه الأعاصير بدقة، خاصًة في المناطق البعيدة في قلب المحيطات المدارية.
آثار الأعاصير المدارية على مياه المحيط
يمكن أن يؤثر الإعصار المداري على حرارة سطح المياه والتيارات البحرية في المناطق التي يعبرها، متسببًا بتبريد المياه السطحية، وتقع أكثر المناطق المعرضة للتبريد على يمين مسار الإعصار في نصف الكرة الشمالي، «في أعقاب مرور إعصار هيلدا عبر خليج المكسيك عام 1964، انخفضت حرارة المياه السطحية بمقدار 6 درجات مئوية (10.8 درجة فهرنهايت)»، بينما تسبب الأعاصير المدارية التي يتحرك مركزها بسرعة كبيرة تبريدًا أقل للسطح.
ينجم تبريد السطح بشكل أساسي عن انتقال المياه الباردة من أعماق المحيط الى سطحه، ويتزامن ذلك مع انتقال المياه السطحية الدافئة نحو محيط الإعصار، لكنّ فقدان الحرارة عبر التبادل الحراري عند سطح المحيط يلعب دورًا في هذا التبريد.