على عمق 3 آلاف قدم (900 متر) تحت سطح البحر ، في وسط المحيط الهادىء، يقبع ما يطلق عليه اسم”بركان هافر”، أحد أكبر براكين الأرض. كان حجم آخر ثوران بركاني للجبل كبيرًا لدرجة اعتباره من بين أكبر الثورات البركانية في التاريخ الحديث – فقد تدفقت الحمم البركانية طيلة 90 يومًا في سنة 2012 من خلال 14 فتحة حول الدائرة البركانية النصف دائرية. كان ذلك أكبر ثوران مسجل في العصر الحديث في المياه العميقة، وقدر العلماء حجم الحمم والخفاف البركاني والغبار الناتج عنه بحجم يقارب ما أطلقه جبل سانت هيلين خلال ثورانه سنة 1980.
رغم ضخامة وقوة ذلك الثوران البركاني إلا أنه كاد أن يمر مرور الكرام. بفعلِ الصدفة قامت مسافرة بإلقاء نظرة من النافذة من على الطائرة التجارية التي كانت عليها، لتلمح بقعة ملونة غريبة. ظنت في بادىء الأمر أنه تسرب بترولي أو خفاف بركاني عائم ــ وهو صخر بركاني مسامي يشير وجوده إلى حدوث ثوران بركاني مؤخرًا. مجرد رسالة إلكترونية من شاهدة العيان مرفقة بصورة إلى عالم جيولوجيا سمحت بفتح تحقيق عالمي عن المتهم في تلك الظاهرة.
كان ذلك اكتشافًا بالصدفة. أكثر من 70% من الثورات البركانية تحدث تحت سطح الماء، وعند الحديث عن براكين المياه العميقة فتجد العلماء في ظلام دامس لأن معظم تلك الثورات تحدث بعيدًا عن أعينهم تحت آلاف الأقدام من المياه.
أبحر فريق من العلماء سنة 2015 على متن سفينة (روجر ريفيل) إلى موقع جبل هافر حيث وقع الثوران، على بعد 600 ميل شمال نيوزنلندا، وكانت مهمتهم دراسة بركان يقبع تحت سطح البحر بعد فترة قصيرة نسبيًا من ثورانه، وكشفوا عن موقع هائل بمساعدة عدسات كاميرا مركبة (جايسون) الآلية. كميات ضخمة من الخفاف البركاني، بعضها بحجم سيارة تناثرت في قعر البحر، وغطاء واسع من الرماد يظهر من قمة البركان. خرجت الحمم من العديد من الفتحات البركانية تتجمع على شكل قبب في بعض الأحيان. لقد كان المنظر غير متوقع تمامًا.
تقول ريبيكا كاري (Rebecca Carey) الباحثة من جامعة تازمانيا والمشاركة في الدراسة حول الأمر: «مع أي اسكتشاف لقاع المحيط هناك مجال لاكتشافات مذهلة حقًا لأننا لا نعلم كيفية عمل البراكين تحت سطح البحر حتى الآن».
في مستهل الحملة، توقع العلماء أن يجدوا طبقات من الخفاف والرماد لثوران شديد الانفجار على قاع البحر (مثل كراكاتاو 1883 وجبل سانت هيلين 1980). بدلًا عن ذلك، وجدوا صخور جلمود ضخمة يصل حجمها إلى الأمتار من الخفاف، ما يشير إلى خروج حمم رغوية من الفتحات البركانية لتنكسر باتصالها مع مياه البحر.
تمكنت حوالي 75% من الحمم المتدفقة من بركان هافر من الوصول إلى السطح وتحركت في طوف الخفاف الضخم، الذي لاحظته تلك المسافرة عبر الطائرة ومن خلال صور الأقمار الصناعية كذلك.
وكان حجم القطع يتراوح بين قطعٍ بحجم كرة غولف إلى كرة قدم القدم، غطت مساحة من المحيط تصل إلى مساحة فيلاديلفيا. توزيع صخور الخفاف على أرضية المحيط أظهر أنها تتكدس في بعض الأحيان على شكل أربع طبقات غير مستقرة من الكتل الصخرية، وهذا ما يقترح أنها كانت تطفو كذلك لتغرق ببطء عند امتلاء مسامها بالمياه. تدفقت الحمم ضعيفة الكثافة الغازية من الفتحات البركانية، وهي تشبه تلك الحمم المتدفقة من براكين هاواي.
كيف تتشكل هذه الأنواع المختلفة من الحمم؟ لا يعلم العلماء يقينًا حتى الآن. إذ تقول كاري : «في المياه، تصبح الأمور معقدة بعض الشيء». في أي ثوران بركاني، تصعد الحمم (الصخور الذائبة تحت سطح الأرض) من الأعماق نحو سطح الأرض أو قعر المحيط. تحتوي الحمم على غازات منحلة تشكل فقاعات، حيث ينخفض الضغط على الحمم خلال صعودها.
تحدث الثورات الانفجارية على الأرض عندما تطلق تلك الغازات المنحلة فجأةً -تذكر الفقاعات المندفعة من قارورة الكوكا عند فتحها بعد خضها إذ ينطلق كل ذلك الضغط دفعةً واحدة- لكن تحت سطح البحر تبقى الحمم تحت الضغط الهائل لأطنان من مياه المحيط عند وصولها إلى قعر المحيط.
يقبع بركان هافر ما بين 3000 إلى 4000 قدم تحت سطح البحر، ما يجعله تحت ضغط يفوق من 92 إلى 122 مرة الضغط الموجود على سطح البحر، وهذا ما جعل العلماء يعتقدون بتسبب ضغط مياه البحر في إخماد انفجارية البركان وذلك ما ساهم كذلك في تشكيل مختلف أنواع الحمم.
ليس الضغط هو السبب الوحيد في تغيير كيفية تشكل الحمم، كذلك الأمر مع التفاعل بين المياه والحمم ذاتها الذي يكون مختلفًا تمامًا عن كيفية تفاعل الحمم مع الهواء.
عندما تتصل المياه بالحمم على درجات حرارة تصل إلى 800 درجة مئوية تتبخر الأولى آنيًا. توسع المياه السريع إلى البخار هو بالقوة الكافية لتكسير الحمم إلى قطع. من جهة أخرى، عندما تتصل الحمم بالمياه تتغير درجات الحرارة بسرعة كبيرة لدرجة تصلّب الحمم آنيًا في عملية تسمى بالتبريد.
مهمة العلماء الآن هي تحديد الدور الذي لعبته تلك التفاعلات في تشكيل الأنواع المختلفة من الحمم الصادرة عن بركان هافر. مسلحين بمجموعة من العينات التي أخذوها من رحلتهم نحو المكان، يرجو العلماء الكشف عن أسرار البراكين البحرية.
رغم ضخامة وقوة ذلك الثوران البركاني إلا أنه كاد أن يمر مرور الكرام. بفعلِ الصدفة قامت مسافرة بإلقاء نظرة من النافذة من على الطائرة التجارية التي كانت عليها، لتلمح بقعة ملونة غريبة. ظنت في بادىء الأمر أنه تسرب بترولي أو خفاف بركاني عائم ــ وهو صخر بركاني مسامي يشير وجوده إلى حدوث ثوران بركاني مؤخرًا. مجرد رسالة إلكترونية من شاهدة العيان مرفقة بصورة إلى عالم جيولوجيا سمحت بفتح تحقيق عالمي عن المتهم في تلك الظاهرة.
كان ذلك اكتشافًا بالصدفة. أكثر من 70% من الثورات البركانية تحدث تحت سطح الماء، وعند الحديث عن براكين المياه العميقة فتجد العلماء في ظلام دامس لأن معظم تلك الثورات تحدث بعيدًا عن أعينهم تحت آلاف الأقدام من المياه.
أبحر فريق من العلماء سنة 2015 على متن سفينة (روجر ريفيل) إلى موقع جبل هافر حيث وقع الثوران، على بعد 600 ميل شمال نيوزنلندا، وكانت مهمتهم دراسة بركان يقبع تحت سطح البحر بعد فترة قصيرة نسبيًا من ثورانه، وكشفوا عن موقع هائل بمساعدة عدسات كاميرا مركبة (جايسون) الآلية. كميات ضخمة من الخفاف البركاني، بعضها بحجم سيارة تناثرت في قعر البحر، وغطاء واسع من الرماد يظهر من قمة البركان. خرجت الحمم من العديد من الفتحات البركانية تتجمع على شكل قبب في بعض الأحيان. لقد كان المنظر غير متوقع تمامًا.
تقول ريبيكا كاري (Rebecca Carey) الباحثة من جامعة تازمانيا والمشاركة في الدراسة حول الأمر: «مع أي اسكتشاف لقاع المحيط هناك مجال لاكتشافات مذهلة حقًا لأننا لا نعلم كيفية عمل البراكين تحت سطح البحر حتى الآن».
في مستهل الحملة، توقع العلماء أن يجدوا طبقات من الخفاف والرماد لثوران شديد الانفجار على قاع البحر (مثل كراكاتاو 1883 وجبل سانت هيلين 1980). بدلًا عن ذلك، وجدوا صخور جلمود ضخمة يصل حجمها إلى الأمتار من الخفاف، ما يشير إلى خروج حمم رغوية من الفتحات البركانية لتنكسر باتصالها مع مياه البحر.
تمكنت حوالي 75% من الحمم المتدفقة من بركان هافر من الوصول إلى السطح وتحركت في طوف الخفاف الضخم، الذي لاحظته تلك المسافرة عبر الطائرة ومن خلال صور الأقمار الصناعية كذلك.
وكان حجم القطع يتراوح بين قطعٍ بحجم كرة غولف إلى كرة قدم القدم، غطت مساحة من المحيط تصل إلى مساحة فيلاديلفيا. توزيع صخور الخفاف على أرضية المحيط أظهر أنها تتكدس في بعض الأحيان على شكل أربع طبقات غير مستقرة من الكتل الصخرية، وهذا ما يقترح أنها كانت تطفو كذلك لتغرق ببطء عند امتلاء مسامها بالمياه. تدفقت الحمم ضعيفة الكثافة الغازية من الفتحات البركانية، وهي تشبه تلك الحمم المتدفقة من براكين هاواي.
كيف تتشكل هذه الأنواع المختلفة من الحمم؟ لا يعلم العلماء يقينًا حتى الآن. إذ تقول كاري : «في المياه، تصبح الأمور معقدة بعض الشيء». في أي ثوران بركاني، تصعد الحمم (الصخور الذائبة تحت سطح الأرض) من الأعماق نحو سطح الأرض أو قعر المحيط. تحتوي الحمم على غازات منحلة تشكل فقاعات، حيث ينخفض الضغط على الحمم خلال صعودها.
تحدث الثورات الانفجارية على الأرض عندما تطلق تلك الغازات المنحلة فجأةً -تذكر الفقاعات المندفعة من قارورة الكوكا عند فتحها بعد خضها إذ ينطلق كل ذلك الضغط دفعةً واحدة- لكن تحت سطح البحر تبقى الحمم تحت الضغط الهائل لأطنان من مياه المحيط عند وصولها إلى قعر المحيط.
يقبع بركان هافر ما بين 3000 إلى 4000 قدم تحت سطح البحر، ما يجعله تحت ضغط يفوق من 92 إلى 122 مرة الضغط الموجود على سطح البحر، وهذا ما جعل العلماء يعتقدون بتسبب ضغط مياه البحر في إخماد انفجارية البركان وذلك ما ساهم كذلك في تشكيل مختلف أنواع الحمم.
ليس الضغط هو السبب الوحيد في تغيير كيفية تشكل الحمم، كذلك الأمر مع التفاعل بين المياه والحمم ذاتها الذي يكون مختلفًا تمامًا عن كيفية تفاعل الحمم مع الهواء.
عندما تتصل المياه بالحمم على درجات حرارة تصل إلى 800 درجة مئوية تتبخر الأولى آنيًا. توسع المياه السريع إلى البخار هو بالقوة الكافية لتكسير الحمم إلى قطع. من جهة أخرى، عندما تتصل الحمم بالمياه تتغير درجات الحرارة بسرعة كبيرة لدرجة تصلّب الحمم آنيًا في عملية تسمى بالتبريد.
مهمة العلماء الآن هي تحديد الدور الذي لعبته تلك التفاعلات في تشكيل الأنواع المختلفة من الحمم الصادرة عن بركان هافر. مسلحين بمجموعة من العينات التي أخذوها من رحلتهم نحو المكان، يرجو العلماء الكشف عن أسرار البراكين البحرية.