اتكالية الأبناء تبدأ منذ الصغر وتنعكس سلبا عليهم
الحب والحنان لا يتعارضان مع اعتماد الأبناء على أنفسهم.
الحب الزائد يقتل روح التعاون
عمّان - تترك بعض الأمهات العنان لعاطفتهن الجياشة، فيبالغن في حب أبنائهن ويظهرن تلك المشاعر بشكل واضح، ما يجعل الأم تفقد السيطرة على أبنائها، لأنها تعطيهم الحرية الكاملة وكأنها تعفيهم من أي مسؤولية داخل البيت، فيصبحون اتكاليين.
وأشار الخبراء إلى أن ذلك ينتج فوضى عارمة في شتى شؤون حياتهم سواء الدراسية أو حتى المشاركة في الأعمال المنزلية، فالاعتماد كله ينصب فقط على الأم، وبالتالي يتحول الأبناء إلى شخصيات اتكالية تفتقر إلى روح التعاون والمبادرة.
وأكدت الاستشارية مها بنورة أن الحب والحنان لا يتعارضان مع اعتماد الأبناء على أنفسهم، وحب الأبناء يستدعي من الأهل قول كلمة “لا” حتى يتعلم أطفالهم السلوك الصحيح.
وقالت بنورة إن تربية الأبناء أصبحت تختلف من جيل الآباء إلى جيل الأبناء، ومن هنا نرى بعض الآباء والأمهات يحرصون على تلبية كل احتياجات الأبناء الضرورية وغير الضرورية بشكل مفرط، واعتبار ذلك دليل حب وحنان من قبلهم.
وأشارت بنورة إلى أن الاتكالية تأتي عندما يغيب دور الأب والأم في التربية، وكذلك عندما يعتمد الطفل على وجود المساعدة داخل المنزل. ويجد الأخصائي التربوي والأسري الدكتور عايش نوايسة أن تعويد الأبناء على الاتكالية وإلقاء المسؤولية على الأم وحدها سببان يخلقان جيلا مهزوزا متواكلا يعتمد بشكل كامل وأساسي على الأم في تلبية طلباته من مأكل ومشرب وتنظيف، وهذا يعزز لدى الأبناء بالطبع التقاعس والكسل وهو ما يعرف بالتربية السلبية.
وبين نوايسة أن هذه التربية يلغى فيها دور الابن في المشاركة وإبداء الاستعداد للتعاون والمساعدة، وتغيب عن شخصيته الثقة بالنفس وعدم القدرة على اتخاذ القرار المناسب، ويزيد ذلك كله من أعباء الأم وحجم الضغوطات النفسية، وخاصة إذا كانت امرأة عاملة عندها فقط يصبح لديها مهام داخل البيت وأخرى خارجه.
تغاضي الأم وتغافلها عن غرس سمة الاعتماد على النفس في أبنائها بسبب الحب الزائد لهم يقتلان فيهم روح التعاون
وأكد أن تغاضي الأم وتغافلها عن غرس سمة الاعتماد على النفس في أبنائها بسبب الحب الزائد لهم يقتلان فيهم روح التعاون، وأشار إلى ضرورة توزيع المسؤوليات لأن ذلك يخفف من المتاعب.
كما أشار الخبراء إلى أن اتكال الأبناء على أمهاتهم في تصريف أمورهم حتى الشخصية منها منذ الطفولة له أثر سلبي كبير على شخصيتهم في ما بعد. وقال الخبراء إن ما لا تعلمه الأم عن هذه المرحلة الهامة من مراحل تكون الشخصية لدى الطفل أن سمة الاعتمادية هي سمة خطيرة ولها أبعاد كثيرة أهمها بُعد الشخصية الاعتمادية.
وأضافوا أنه حينما تقرر الأم أن تصرف شؤون أبنائها بنفسها في كل ما يتعلق بهم من نظافة وترتيب وحتى الأكل والشرب، فإن ذلك يجعل منهم شخصيات لا مسؤولة وغير مبالية ولديها دلال زائد.
وأوضحوا أن الدلال المفرط يعني شخصية ضعيفة هشة غير قادرة على مواجهة أعباء الحياة والظروف، مشيرين إلى أن أخطر ما في الموضوع هو أن يصبح لدى الطفل حينما يكبر شخصية اعتمادية والتي قد تتحول إلى اضطراب الشخصية الاعتمادية إذا ما سنحت الظروف لذلك.
ومن سمات هذه الشخصية، وفق الخبراء، عدم القدرة على اتخاذ القرارات حتى البسيطة منها، وعدم قدرة الطفل على البدء بأي عمل جديد بمفرده، وإلقاء مسؤولية جوانب حياته الشخصية الرئيسية على الآخرين، وصعوبة في التعبير عن الاختلاف بالرأي مع الآخرين. وهناك سمات أخرى كثيرة تتعلق بالعجز وعدم الراحة والمخاوف المتعددة.
وينصح الخبراء الأم بتدريب الطفل منذ منتصف مرحلة الطفولة المبكرة أي بعد عمر سنتين على أن يقوم بإلقاء الأوساخ في سلة القمامة، وتدريبه على أن يقوم بحمل صحنه الذي تناول فيه الطعام ووضعه في المطبخ، وعلى أن يقوم بخلع ملابسه بنفسه بعد عمر 3 سنوات.
وكذلك تدريبه على أن يقوم بخلع وارتداء جزء أو كل الملابس وحده وذلك بعد عمر 4 سنوات.