«دراما المقاومة» بين فضاء الصورة الدراميّة وواقعها الحقيقيّ

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • «دراما المقاومة» بين فضاء الصورة الدراميّة وواقعها الحقيقيّ


    هل نجحت في مقاربة القضية الفلسطينية؟!.. «دراما المقاومة» بين فضاء الصورة الدراميّة وواقعها الحقيقيّ

    تاريخ النشر: الأحد, 15-10-2023
    تحقيق: ميسون شباني:
    شغف المتابعة التلفزيونية ومتابعة الأعمال الفنية؛ جعل الكثيرين ينظرون لأهمية الدور الذي تلعبه الدراما في تقديم فرجة بصرية مؤثرة وموجهة إيديولوجياً.. فهل يمكن القول إن الدراما يمكن أن تكتب التاريخ وتوّثق له، وهل تستطيع أن تقدّم مقاربةً للواقع الحقيقي عبر فصول أعمالها، وعدّها شاهداً بصرياً على حقبة ما؟!..
    هلال: ثمة أعمالٌ بعينها كأيقونات ستظلّ فى الذاكرة الفلسطينيّة والعربيّة

    وإذا كانت كذلك، فهل لامست الدراما والسينما واقع القضية الفلسطينية بكل تحولاتها، وهل أسهمت الدراما في دعم القضية الفلسطينية بصورةٍ واضحة وجلية بشكلٍ يخدم مطالبها، ويحولها إلى قوةٍ داعمة ومؤثرة تلامس الهمّ العربي الفلسطيني؟! أم كان تسليط الضوء عليها من زاوية بعيدة كلّ البعد وسطحية بشكلٍ لا يخدم قضية بعمقها الجوهري تعدّ بالنسبة للعرب، إن لم يكن كلهم، فلأغلبهم قضية مركزية؟!
    للإجابة عن كلِّ ما تقدّم من أسئلة، توجهت (تشرين) لاستطلاع عددٍ من المهتمين، والمتابعين لشأن الدراما، وكانت هذه الحصيلة من الإجابات..
    أيقونات الدراما
    يقول الناقد الفلسطيني أحمد هلال إن القضية الفلسطينية، وعبر تطوراتها وأسئلتها الكبرى قد انعكست على الدراما في محاولة التقاط المعادل الفني والإنساني لها.. وإذا كانت الدراما قد عكست الواقع الفلسطيني والتحدّيات المفروضة عليه بفعل الاحتلال، فهي قد عكست أيضاً جزءاً مهماً من تاريخ القضية الفلسطينية، وعبر محكياتها الدرامية، وذلك منذ أوائل التسعينيات عندما اتجه هذا النوع من الدراما وعبر مضمونٍ متقدّم إلى رسم صورة فلسطين، وبالمعنى التاريخي الذي يعني في مستوييه توثيق الصراع وفي الوقت نفسه استشرافه انطلاقاً من خصوصية القضية الفلسطينية بوصفها قضية مركبة تحتاج إلى زخمٍ إنتاجي ومواكبة للوقائع على الأرض، ولذلك نجحت دراما القضية في مقاربة ومحاكاة الواقع الفلسطيني برموزه وتطوراته وأحداثه المفصلية والدليل ذلك حضور أعمال بعينها كأيقونات ستظل فى الذاكرة الفلسطينية والعربية مثل «التغريبة الفلسطينية»،« حارس القدس»، « أنا القدس»، «نهارات الدفلى»، «الاجتياح»، و« رسائل الحب والحرب » وغيرها.
    واقع ملهم وموّثق
    ويُضيف هلال: وفي هذا السياق أيضاً لم تبتعد السينما عن واقع القضية الفلسطينية بوصفه ملهماً وباعثاً على استشراف ما أراده صُنّاع الفن، وبصرف النظر عن تفاوت الإنتاجات في هذا الصدد وهواجس المنتجين بهذا النوع الدرامي؛ فثمة أعمال أصبحت أقرب إلى الوثيقة الفنية التي عكست روح الواقع الفلسطيني، ومن منظور فني جمالي، أصبح بدوره واقعاً موازياً بمحكياته الجديدة، وعبر ما حفرته الصورة في الوجدان، كما الفضاء الدرامي الذي انحاز إلى البطولة الجمعية متجاوزاً تلك الصورة النمطية التي تعالقت ببدايات الإنتاج الدرامي أي إن ثمة تحديثاً عكس نفسه في أداء دراما المقاومة لتكتسب زخماً جماهيرياً واسعاً أملته تطورات الواقع الفلسطيني نفسه.. لكن ذلك لا يعني أن محاولات صُنّاع الدراما في هذا الشأن لم تنج من إشكاليات الواقع وتحديات الإنتاج.. أي الشرط الدرامي الذي يعمل في حقلٍ شديد التركيب والخصوصية، فهذه دراما تلتقط اللحظة، وتسعى في إثر الصورة الكلية التي تعني تلازم الدراما مع حركية الواقع وبمصداقية منشودة ما بين الواقع والطموح، يجتهد صنّاع الدراما في إنتاج لا يوثق الواقع فقط، بل يتفوق عليه، مؤرخاً من جهة ومتجاوزاً من جهة أخرى سعياً لالتقاط الشرط الإنساني الذي يعني عدالة القضية الفلسطينية وحتمية انتصارها.
    القضية وفضاء الصورة الدرامية
    ويُتابع هلال أنه من مهاد الإرهاصات التأسيسية تشكّلت صورة فلسطين بأبعادها التاريخية والحضارية والعربية في ذهن المتلقي، واستجابته لتكون تلك الأعمال هي الوثيقة الكبرى التي تعني سيرورة القضية وتراجيديتها عبر التاريخ بصرف النظر عن تراجع في الإنتاج محكوم بواقعٍ آخر موضوعي، لذا فإن دراما المقاومة قد بثّت رسالتها عبر فضاءات الصورة الدرامية ومحكياتها الواقعية الفنية لتكون معادلاً موضوعياً للصراع بتجلّياته الكبيرة والوجودية..
    حضور خجول

    بينما استفاض الكاتب والإعلامي عمر جمعة في الإجابة عن واقع القضية الفلسطينية عبر الدراما والسينما قائلاً: لا يمكن لأيّ من الآداب أو الفنون أن يصف أو يتناول بدقة وصورة حقيقية واقع التراجيديا الفلسطينية وجرحها الذي مازال ينزف منذ (75) عاماً حتى اليوم.. ذلك أن الفن، ولاسيما السينما والدراما التلفزيونية وإلى حدٍّ ما المسرح، يحتاج إلى وقتٍ طويل ليدرك فداحة وأثر هذه التراجيديا التي فاقت مدركات العقل.. فلأول مرة في التاريخ البشري يجري اقتلاع شعب، وطرده من أرضه وإحلال شعبٍ آخر مكانه، بل وارتكاب المجازر البشعة لإجباره على الرحيل، فأي أدب أو فن – في رأينا- سيتناول الحدث المتسارع الذي لما ينتهِ بعد ومازالت نيرانه مشتعلة حتى اللحظة؟!
    جمعة: الدراما السوريّة بإنجازاتها كانت الأكثر قرباً وإخلاصاً للقضية الفلسطينيّة

    ويضيف جمعة: لقد كان حضور فلسطين وقضيتها خجولاً جداً في السينما والدراما العربية التي نستثني منها بعض المحاولات الفردية لكتّاب ومخرجين أرادوا أن يكرّسوا قناعاتهم بعدالة ومظلومية هذه القضية، لتوثيق ما جرى، وتسليط الضوء على مأساة اللاجئين وحكايات الناس المحاصرين في الأراضي المحتلة وتبيان بطولات هذا الشعب في دفاعه عن أرضه وهويته، بينما وقف الكثير من المؤسسات الرسمية موقف الراصد والمتفرج الذي ينتج أعمالاً تتعلق بمناسبات بعينها فقط، وبعددٍ قليل جداً لا يدلّ على مواكبة مسؤولة لقضية وجودية مستمرة منذ (75) عاماً.
    فلسطين.. القضية المركزيّة
    أما في سورية التي تبنّت القضية الفلسطينية قضيةً مركزية للأمة – يُضيف جمعة – فقد كان الوضع مختلفاً تماماً، وقد أفردت مساحة كبيرة للأفلام الروائية والمسلسلات التلفزيونية، بدأت منذ بواكير الإنتاج الفني، ولو شئنا استعادة ما قدمته السينما السورية بقطاعها العام، فإننا سنحصي أفلاماً عدة نذكر منها: ثلاثية «رجال تحت الشمس» عام 1970 للمخرجين نبيل المالح، ومروان مؤذن، ومحمد شاهين، عن رواية الأديب الشهيد غسان كنفاني التي قدمتها مرة ثانية عام 1972 تحت عنوان «المخدوعون» بالتعاون مع المخرج المصري توفيق صالح، وأيضاً فيلم «السكين» عام 1972 للمخرج خالد حمادة عن رواية غسان كنفاني «ما تبقّى لكم»، فضلاً عن أفلام أخرى قدمت صوراً حقيقية للنكبة مثل «كفر قاسم» عام 1974 للمخرج برهان علوية، و«الأبطال يولدون مرتين» عام 1977 للمخرج صلاح دهني، ومن ثم «عائد إلى حيفا» عام 1982 الذي أخرجه قاسم حول، إضافة إلى بعض الأفلام الوثائقية في هذا المضمار.
    وفي حقل الأعمال التلفزيونية تأتي مسلسلات «عز الدين القسام»، «نهارات الدفلى»، «التغريبة الفلسطينية»، «عائد إلى حيفا»، «عيّاش»، «رسائل الحب والحرب»… وسواها، كما لم تغب الانتفاضة الفلسطينية عن المشهد الدرامي السوري الذي قدم عملين مهمين في هذا الاتجاه هما: «الاجتياح»، و«سفر الحجارة»، إضافة إلى مسلسلي «في حضرة الغياب» الذي يعرض لسيرة الشاعر الكبير محمود درويش، و«حارس القدس» الذي يتناول قصة حياة المطران هيلاريون كابوتشي، في تأكيد على أن الدراما السورية بإنجازاتها سابقة الذكر كانت الأكثر قرباً وإخلاصاً للقضية الفلسطينية، واجتهدت كثيراً في مواجهة حملات مقاطعة مثل هذه الأعمال على بعض القنوات والمحطات التلفزيونية العربية.
يعمل...
X