احمد البحراني معرض ( مخدة ) العالم يتسع لنا جميعا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • احمد البحراني معرض ( مخدة ) العالم يتسع لنا جميعا



    النحات العراقي احمد البحراني
    معرض ( مخدة ) العالم يتسع لنا جميعا

    ان تكون فنانا ، فهذا يعني من ضمن ما يعنيه ان تكون متصالحا مع ذاتك ومع الاخر سواء اختلف او تماهى معك ، وأن تكون حرا طليقا وانت تعيش في عوالمك التي تحيا بها مختلفا عن الاخر حتما ، لانك ستجترح ما لا يتمكن من اجتراحه فنيا ، باعتبارك خالقا لتلك العوالم ومن ثمة ستكون خلاقا بالتاكيد ، ما اكتبه هنا هو عن الفنان التشكيلي العراقي احمد البحراني / الذي استعرت قولا له كعنوان لما اكتب / والذي لم يسنى لي معرفته شخصيا من قبل ، هو الذي ترك بصمة واضحة في عالم النحت العراقي المعاصر عالميا متماهيا مع راي الاستاذ الكبير الراحل محمد مهر الدين الذي قال مرة : _عليك أن تترك بصمتك في هذا العالم قبل ان تغادره الى الابد ،
    ان عملية تحويل ما هو موجود وظاهر للعيان الى ما هو متخيل ، يعد عملية صعبة نوعا ما ، واعني بذلك هو ايصالك كفنان ذلك المتخيل للمتلقي لكي يتماهى مع رؤاك تخييليا ، ويشاركك في ذلك ، ولذلك فان النحات
    احمد البحراني يسعى ، من ضمن ما يسعى اليه ، هو انسنة منحوتاته الشيئية ، فهو يعمد إلى اخراجها من شيئيتها باتجاه انسنتها ، وينجح بذلك كثيرا ، كما سيرد لاحقا في ما نكتب ، ففي العديد من اعمال مخدة ، ثمة ارواح تتنفس ، تشد المتلقي باتجاه التقرب منها ، ليجري معها حوارا صامتا يشتمل عل الكثير من المتعة الجمالية الفائقة ، لان تلك الاعمال تستفز وعينا بالدرجة الاساس قبل استفزازها لذاكرتنا القريبة ، تلك الذاكرة التي لو لا نعمة النسيان ، لاطاحت بنا لحظة التلقي ، لانه يعيد لنا حزن ما مر بنا ولو عبر الرموز والاشارات ، ويفلح يذلك .
    والبحراني الذي أنجز الكثير ومازال ينجز ، عبر قدرته على التحدي والفكاك من كل ما يشكل له قيودا في عالمه الفني الخاص ، كما يقول عنه الفنان والناقد خالد خضير الصالحي :
    _مازال نحاتاً متحرراً من كل ما قد يثقل كاهله ، ويشكل سطوة وقيوداً ، سواء من القيم التراثية التي يصل الأمر ببعضهم الى تقديسها .
    وهنا اقول بانه استلهم معطيات هذا التراث باتجاه منجزه الفني النحتي ، كما ساورد في هذا المقام الذي يحاول الافتراب من عوالم احد تجاربه النحتية المتميزة .
    لا يمكنني نسيان الموقف الذي تعرضت فيه لسيل من الشتائم من ابي رحمه الله حين اكتشف فقدان مخدته الاثيرة ، إذ زارني صديق ، فوضعت خلفه مخدة ابي ليتكي عليها ، لكنه حملها في طريقه للخروج ووضعها في سيارته ومضى ، تذكرت هذه الحادثة وانا اشرع بالكتابة عن معرض النحات العراقي المبدع احمد البحراني ( مخدة ) ،
    يعود تاريخ استخدام المخدة الى عصور سحيقة ، لكن اول من استخدمها تاريخيا ، هم ابناء حضارة وادي الرافدين وذلك بحدود ٧٠٠٠ سنة قبل الميلاد ، وقد قاموا بصناعتها من مختلف الأشياء المتوفرة لديهم ، كالقش والقماش والجلود ... الخ ، وفي جنوب العراق كانت تصنع من القماش وتحشى بريش الطيور او الصوف ، ويطلق عليها اسم ( لولة ) باللهجة العامية وهي اسطوانية الشكل تتفاوت في الطول والحجم من واحدة لأخرى ، وفي وقتنا الحالي ، اصبحت بأشكال وانواع متعددة تحتوي على كتابات ، ورسومات لطيور وزهور وحيوانات ، لتتخذ طابعا تزيينيا في الصالوانت وغرف الاستقبال ، لتتعدى وظيفتها الأصلية التي صنعت من أجلها .
    شخصيا لست ميالا للتقسيمات الجيلية في الفن التشكيلي العراقي المعاصر ، على الرغم من كونها واقعا تاريخيا ثابتا ، لانني انظر إلى التجارب الشخصية منفردة ، باعتبارها مشاريع فردية بامتياز كما أكرر على الدوام ، وقد تتاثر بتجربة ما او تؤثر بتجارب اخرى ، لان الفنان لا يعيش بمعزل عن الآخرين، وهو ياخذ ويعطي ، لكنه ياخذ بمقدار ما يحتاج حتى ولو لم يظهر ذلك في تجربته بشكل واضح ويعطي دون حسابات او دون ان يدري ، لان المساحة التي يعمل فيها واسعة جدا ، على الرغم من فردانية عمله ، ولكن شئنا ام أبينا ، يتم وضع الفنان في التقسيمات الجيلية اولا واخيرا .
    لست وحدي من يعتقد جازما بان الفنان الحقيقي الذي تشتعل بداخله جذوة الابداع ، يبحث عن فرصة تتيح له ممكنات إطلاق تلك الجذوة باتجاه الاخر والعالم ، لانها ستبقى أسيرة في دواخله والى للابد ان لم تطلق ، وهي بذلك تعد خسارة فادحة للفن عموما ولمنجزه وتاريخه الشخصي بشكل خاص ، لان الامكانيات المحدودة لن تكون كفيلة ، بإطلاق ما يملك ويستطيع إنجازه، وهذا واقع الحال في عالم الفن الواسع كما هو معروف .
    ولعله لم يكن الاحسن بين أبناء الجيل الذي ينتمي ، أو افضلهم بمنجزه الفني المتراكم طوال عمله ، هذا التراكم الذي آثار الدهشة عبر تميزه اسلوبيا ، إنما هو من حصل على فرصته التي يستحقها ، كما يستحقها غيره كما صرح مرة ، وحلق من خلالها بعالمه الخاص الذي امتلك ، فرادة الاسلوب وسعة الرؤى ودقة الرؤية لاكتشاف ما حوله ، وعلى الرغم من وجود بعض التناصات في عمله الا ان ذلك لايقلل من قيمة ما ينجز اطلاقا ، لان الاعمال الكبيرة عادة ما تبتدي بفكرة بسيطة يتعامل معها بعقليته المتفتحة ويطورها من خلال رؤاه المختلفة حتما ، أو ملمح ما يفتح في ذهنيته بابا لتلك الاعمال الكبيرة التي نوهنا عنها ، فيستثمر ذلك الملمح باتجاه منجزه الفني ، والملمح الذي قد يكون علامة في طريق ما او تمثالا او شخصا يجلس بطريقة ما يراه الفنان بروحه المختلفة ورؤيته النافذة ، ولعل هذا ما دفع الفنان التشكيلي العراقي احمد البحراني ، لتكريس احدى تجاربه لموضوع المخدة ، ولربما أشكل البعض عليه لتناوله الموضوع نحتيا بسبب العديد من التجارب النحتية العالمية التي تصدت لذات الموضوع ، لكنني ارى بان لا ضير في تصديه لتجربة المخدة ، لعدة اسباب يكمن اهمها بانه الوريث الشرعي للموضوع باعتباره ينتمي للبلاد التي اوجدت المخدة تاريخيا وبالتالي فهي تشكل جزءا من ارثه الحضاري ، وهنا ساورد مثالا بسيطا لكنه يدلل صحة الرأي الذي ذكرته باعتباره وريثا شرعيا ، وهو واعني المثال ، لدينا عشرات الفنانين الذين عملوا على مدارس الفن التشكيلي الحديث اسلوبيا ، هل مثل ذلك مثالب في أعمالهم ، والجواب سيكون لا بالتاكيد ، ولاعد لقلب المثال واقول ، بان بامكان اي فنان عالمي ان يرسم الواقعية العراقية التي أرسى اسسها الفنان الكبير ومعلم الاجيال الراحل فائق ، ويتمكن من بث اعمالا تمتلك اسرار الابداع والدهشة ، لكنه لن يكون سوى مقلدا للواقعية العراقية التي تشير مرجعياتها لفائق حسن ومجايليه ممن اسهموا في اغنائها ، من هنا نستطيع تأكيد أحقية البحراني في العمل على المخدة التي ابدع فيها ايما ابداع .
    لا يمثل التناص البصري سبة ما قد تطيح بتجربة كبيرة وعميقة ومتميزة كتجربة المخدة كما يرى البعض ، لان البحراني يستدعيها من عمق ارثه التاريخي باتجاه حاضره الملتبس كما سابين هنا ، ولكن قبل ذلك ، سنورد البعض من التجارب التي تصدت للمخدة بشكل عرضي او بشكل معمق ، فالفنانة الفرنسية ماتيلدا روسيل جيرودي التي تقيم في نيويورك ، التي قدمت عملا سيراميكيا تحت عنوان ( آثار اقدام ) والتي تقول عنه فانيسا ليكبا في مقال الفن والغياب :
    _ انه تناقض حقيقي يعرفه كل من يعيش مع الغياب ، وقد عرفت ، كيف تجعل هذا الحضور غير المرئي للغائب ، فقد قامت بتشكيل وسادة عليها بصمة يديها المجوفة. إنها الوسادة المنحنية للرجل المحبوب والغائب. إنها الوسادة التي نستخدمها ضد أنفسنا لأنها لا تزال مشبعة برائحة العاشق .
    وكذلك النصب النحتي الموجود في مدينة امرسفورد الهولندية ، لعامل يجلس باستراحة قصيرة في لحظة استرخاء كما يبدو وهو يتكيء على مخدتين لفنان لم أتمكن من التعرف على اسمه ، لكن التجربة الاكثر اثارة هي تجربة النحات النرويجي هاكون انطوان فاغيراس ، والذي اشتغل على المخدة في اعمال نحتية كثيرة من الرخام الأبيض ، غير انها تختلف كليا عن اشتغالات البحراني رمزيا ودلاليا ، حيث يقول عن اشتغالاته بالرخام :
    _ الرخام الأبيض يضفي جمالية خاصة على المنحوتات ، ويجعلها أكثر واقعية، على الرغم من طبيعتها الجامدة ، من هنا نستطيع أن نميز بين ماهو عرضي وما هو ثابت وراسخ وممتد الى اعماق غائرة تاريخيا وتراثيا ، وليسمها من يشاء مقارنة لان ثمة اختلاف واسع بين تجربة هاكون والبحراني ، في المادة والرموز والدلالات ، وما ايرادنا ذلك الا من اجل وضع التجارب في سياقاتها العامة وكذلك من اجل قراءة تجربة ( مخدة ) باعتبارها تجربة تمتلك مقومات اصالتها واختلافها بشكل جذري عن التجارب المذكورة في هذا المقام .
    اعترف بان كتابتي عن معرض مخدة متاخرا بعض الشيء ، لكن التجارب المهمة التي تحقق اصداءا واسعة تبقى عرضة للكتابة والدراسة والتحليل على الدوام ، وبصدد ماقيل عن تجربة ( مخدة ) يكتب الفنان أحمد البحراني في متصفحه الشخصي على موقع الفيسبوك ، كرد على من أشكل عليه استخدامه للمخدة لانها استخدمت من قبل كما بينا سابقا ، حيث يكتب :
    _ لم تكن ( المخدة ! ) ملكا شخصيا لي ، ولن تكون ملكا لآخر غيري كذلك ، ولقد قام باستخدامها الكثير من الفنانين قبلي ، كما استخدمت بعدي ، مثلها مثل بقية المفردات الموجودة في هذا الكون《 حصان ، شجرة ، طائر ، كرسي رجل ، امرأة ، قطة ، كلب ، غيمة .....الخ 》لكن ، وكما يبدو ان تأثير مشروع معرض ( مخدة ! ) لايزال له صدى لدى من يتابع ما انتج ( سواءا بمحبة ا وبعكسها ) ، وفي النهاية فان مخداتي هي سيرة ذاتية لعراقي عاش حياة فيها ( الحرب والسلام والجمال والقبح )
    ثم يضيف :
    _ فالعقل البشري واحد والمفردات ملك الجميع ومتاحة كذلك للجميع كلٌ على طريقته في الاداء والغاية من استخدامها ، فهنالك بعض الفنانين انتجوا اعمالا فيها مفردة المخدة بعد معرضي فهل كان عليهم ان يستأذنوا مني ؟ ،
    العالم يتسع لنا جميعاً اصدقائي
    ان تعامل البحراني مع ارثه الرافديني ابتداء ، جعله يعمد إلى التعامل مع مادة البرونز في تنفيذ منحوتات مخدة / ذلك الإرث الذي يمتد الى اكثر من ٣٢٠٠ عاما قبل الميلاد كما بينت الكشوفات الاثرية / والتعامل مع مادة البرونز تكتنفه صعوبات كثيرة ، اثناء التنفيذ كما هو معروف ، اضافة الى الصعوبات الاخرى التي جسدها اثناء التنفيذ ، وقد نفذ مجموعة الاعمال بطريقتين اثنتين شكليا ، واعني عموديا وافقيا دون الاخلال بعلاقة الكتلة بالفراغ التي هي من اساسيات فن النحت ، مستعيرا فيها تقنيات الرسم حينما يحولها الى ما يشابه السطوح التصويرية ، عبر اضافات حروفية تمثل كلمات غيرت من استخدامات المخدة كما ذكرنا سابقا ، لكنه بتلك الأحرف والكلمات ، تمكن من الاطاحة بكل ما هو موجود في ذهنية المتلقي ازاءها وتوجيهه باتجاه قصدياته التي تمثل تعامله مع عراقيته بالدرجة الاولى ، عبر تمثل بلاده الجريحة عبر اللبوة الجريحة التي يستدعيها من تراثه الرافديني مستلها من حكايتها التاريخية المعروفة ، ليغير طابعها التاريخي ، باتجاه دلالة تمتلك رمزيتها على وجه المخدة التي تعمد ايقافها بشكل عمودي ، بينما غير من موضع السهم الذي يخترقها ، وهي تقف على قائمتيها الاماميتين بطريقة اكثر انتصابا ، بينما امتلأت المخدة بالندوب التي تمثل آثار الاطلاقات النارية بمختلف احجامها ، شخصيا ارى بان هذا العمل بالذات كان اكثر تمثيلا للواقع العراقي ، اثناء وبعد الاحتلال الامريكي الذي دمر كل شيء ، والبحراني هنا يدلل على إيمانه المطلق بعراق قادم رغم كل ما مر ، عبر وثبة اللبوة رغم الجراح ودلالات اللون الذي نفذه بالمخدة اخيرا ، على الرغم من وجود ما يشابه الفجوة في أعلى ظهر اللبوة بقليل والذي بدا وكانه فم مفتوح على صرخة استغاثة .
    كلما مررت على بعض المناطق في بغداد العظيمة ، احدق طويلا في البنايات التي ماتزال تحمل ما يشابه اوشاما خلفتها آثار الرصاص التي بقيت علامات دالة عليها والتي جاءت بفعل المقاومة للاحتلال الامريكي للبلاد او قي ايام الطحن الطائفي التي اجتاحته ، بقيت للتذكير ببشاعة ما جرى ، تلك الاوشام التي تشكل اشكالا مختلفة بالقليل من التامل ، البحراني الذي ينظر إلى بلاده التي تتمزق الى أشلاء ، لكنها تبقى عصية على الموت والاندثار ، انه ينظر بقلب ينزف بصمت وعينين دامعتين ، ليتمثل كل ذلك بمخدة زرقاء تتعامد لتمتد باتجاه السماء ، وكانها تتصل بها وهي تملا الفراغ ، لتحول تلك الكتلة الفراغ الى وهم وكانه غير موجود ، لتدل على بقاء البلاد ما بقيت السماء ، ذلك بوجود تقنيات في أعلى الكتلة / المخدة تبدو وكانها كتلة صخرية متماسكة لا يمكن أن تفتت ، بوجود تلك الفحوات التي ماثلت ما هو موجود على وجوه البنايات المذكورة ، مع وضع ضربات لونية هي اقرب للبياض للتنبيه لا للتشتيت في حواره مع المتلقي ، وهي استعارات من عالم الرسم يجسدها نحتيا بخبرة السنين ، وقدرته على التنفيذ .
    قد لا تفصح الاعمال النحتية البرونزية ، عن قصديات الفنان الرمزية للجمهور غير العراقي ، بقدر من يعنيهم من العراقيين ، لانهم يفهمون تلك القصديات ببساطة ، باعبارهم جزءا من الحدث او الاحداث التي يمتثلها الفنان في منحوتاته ، لذلك يعمد الفنان الى تلوين تلك الكتل النحتية ، تؤدي الى فهم البعض من غاياته ، وهذا ما يظهر واضحا في مخدة كتب عليها باللغة الانكليزية الحلم الامريكي ، الفنان هنا يتلاعب بماهية الجملة التي شكلت حافزا للهجرات البشرية الاولى التي ذهبت إلى امريكا بحثا عن الحلم ، ليحولها الى واقع ما حدث في بلاده ، هذا الحلم الذي تحول إلى احتلالا اطاح بكل ممكنات الجمال والعيش على حد سواء عبر الادعاءات الكاذبة التي عرفها العالم اجمع فيما بعد ، ولعلي اشتط قليلا حينما اتذكر الرسالة التي وجهها مجموعة من الناشطين العراقيين في هنكاريا الى جورج بوش ( لا تحتلوا بلادنا ، لا تدمروها ) ، والكتلة/ المخدة التي تحمل العلم الامريكي في أعلاها كدلالة مباشرة من النحات ، تفضي الى انه حلم ميت ، بعد ان تحول إلى واقع دمر كل شيء على الرغم من وجود الحبل الذي يلم الكتلة الايلة للتفتت ليحول دون ذلك ، الا انها زائلة ، زوال الحلم الزائف ذاته ،
    وبحسب ما ارى فان البحراني في كتله النحتية ، جسد ما يشابه الثنائيات التي تفضي احداها الى الاخرى ، وثنائيات رمزية داخل الكتلة الواحد كما في دجلة والفرات ، بالإضافة إلى ترابط اعمال ( المخدة ) بعضها مع البعض في النهاية عند العرض ، فمخدة الحلم الامريكي ترتبط ارتباطا مباشرا بمخدة بغداد التي بثت بذات الطريقة المستطيلة ، لكنها تبدو وكان البحراني بقرها من المنتصف ليكرر كلمة بغداد لثلاث مرات متتالية عليها ، وهي تمثل بلا شك ، امرأة حبلى تنام على جنبها ، وهو حمل كاذب ، أفضى اليه الحلم الامريكي الكاذب بالتاكيد ، لتدلل المفردة على ان بغداد هي بغداد ، وستزول تلك التشوهات التي ظهرت على جسدها يوما ما بلاشك ، والفنان وان نظر على ما يجري بقلب دام وعينين دامعتين الا انه يراهن على القادم كما هو واضح .
    اخيرا فان النظرة الكلية الشاملة للبحراني ، جعلته يجسد الثنائية داخل الكتلة الواحدة كما قلت في مخدة دجلة والفرات ، والتي مثل فيها سمكتين تتداخلان داخل كتلة المخدة ، برمزية واضحة للنسيج العراقي الواحد الذي لا يمكن تجزئته باي حال ، من الاحوال ، ولابد لي من التنويه بان ما كتبته ، قد يعاني من القصور في جملة تحليلية ما لدى القاريء المهتم ، ذلك انني لم أمر على جميع منحوتات معرض مخدة ، بالإضافة إلى انني لم أشاهد تجربة المخدة في قاعة العرض ، ولكن من خلال الصور وعليه فانني التمس العذر لذلك ،
يعمل...
X