كتاب مصريون يؤبّنون الروائي حسين عبد العليم
تسامح مع أبطاله وانحاز إلى همومهم بمحبة وصدق
جانب من جلسة التأبين
نُشر: 22:42-25 مارس 2019 م ـ 19 رَجب 1440 هـ
TT
20تحدث كتاب مصريون عن سمات الكتابة الروائية لدى الأديب الراحل حسين عبد العليم في ذكرى رحيله باعتبارها بصمته التي تميزه بين زملائه من المبدعين، ولفتوا في الاحتفال الذي أقامته الأسبوع الماضي دار «ميريت للنشر والتوزيع» إلى أن من أهم هذه السمات انحيازه إلى أبطال رواياته وقصصه، وبساطته في التعبير عنهم، وقدرته البالغة على التسلل إلى عمق أرواحهم، وخبرته بالعوالم التي يحكي عنها، وهو ما يتضح بشكل خاص في روايته «فصول من سيرة التراب والنمل»، التي يتحدث فيها عن عائلة مسيحية تعاني من انتشار التراب والنمل في بيتها.
وقال الروائي أحمد صبري أبو الفتوح، إنه يحاول أن يفصل بين مشاعره كصديق فقد صديقه، وقارئ تجاه كاتب أحبه، مشيراً إلى أن علاقته بالروائي الراحل حسين عبد العليم بدأت عام 1972، في كلية الحقوق، وهناك تعرف عليه، وعلى كتاباته القصصية. ولفت أبو الفتوح إلى أن عبد العليم كان كاتباً تسري في رواياته الروح المصرية، بشوارعها، وتقاليدها الشعبية البسيطة والعميقة، بناسها، وبيوتها، وكانت أعماله تكشف عن انحيازاته والتزاماته التي فرضها على نفسه حتى رحيله في الشهر الماضي.
وتذكر أبو الفتوح قصة تنافسه والكاتب الراحل حسين عبد العليم في أول مسابقة للقصة القصيرة شاركا فيها معاً عام 1994، وكان يقوم بتحكيمها الأديب الراحل يوسف إدريس، وأضاف: «أن ما يجعل الكاتب الراحل حسين عبد العليم يتبوأ مكانة بارزة بين كتَّاب الرواية والقصة القصيرة المصرية خلال السنين الخمسين الماضية كونه يمتلك عالماً إبداعياً به رائحته الخاصة، ويتسرب في كيانه كله، فلم يكن يكتب عن شيء لا يعرفه، وكانت روحه المحبة تفيض من كتاباته وأرواح شخصياته».
من جهته أشار الناقد الدكتور محمد نعمان، إلى أن قصص حسين عبد العليم تشي به دائماً، فهي نافذته التي يطل منها على العالم كله، ومسقط رأسه الفيوم في جنوب مصر، ولفت إلى أن ما يكشف حميمية اللغة القصصية لدى الكاتب الراحل، هو تمرسه على الحكي، فقد كانت حكاياته التي يرويها على أسماع أبيه طريقه إلى اكتشاف هذه الروح الشفيفة التي تتسرب داخل عوالمه وقصصه ومناخات الكتابة لديه، ويكشف من خلالها كيف تغير العالم، كان يحكي عن معاناة شخصياته، لم يكن يصدر أحكامه عليها أبداً، بل يتركها تبوح وتعبر عن نفسها.
كان عبد العليم، حسب كلام نعمان، لا يقف بين القراء وشخصياته، بل يعمل على تشكيل شخصيات من لحم ودم للحكي دون مواربة أو أي صبغات أو تبريرات آيديولوجية، وهذا الصدق في إبداع شخصياته كان يدفع بعض أصدقاء الكاتب الراحل حسين عبد العليم إلى النميمة عليها، وجعلها محور سهراتهم، فقد كان يفعل ما يقوم به زيوس من خلق شخصيات حرة، قدرها أن تبقى على الورق، حتى لا تُحدث فوضى في العالم المحيط بها.
أما الكاتبة القصصية مريم حسين وهي ابنة الكاتب الراحل، فتحدثت عن السلاسة المدهشة التي كان يتعامل بها مع الحياة ومشكلاتها، وقالت إنها انعكست على كتاباته، وظهرت واضحة في رسم الشخصيات، وعوالمها، وعرض تفاصيل حكاياته، والنقلات الزمنية بين الأحداث، وهذا يتجلى واضحاً في روايته «رائحة النعناع»، وأشارت إلى دوره كأب ومبدع في تحفيزها على الكتابة، ودفعها للاستمرار في الإبداع، ونصائحه لها بأن تتحلى بالدأب، وفرحه بصدور مجموعتيها القصصيتين «غزل السحاب»، و«سر السكر» اللتين صدرتا عن دار «ميريت» حديثاً.
وذكرت مريم حسين أن أباها بعد صدور مجموعتيها قام بوضعهما بجوار كتبه ورواياته، وهو ما مثّل لها سعادة كبيرة في حياتها، ونقلة مهمة بالنسبة إليها وهي تتأمل إمكانيات استمرارهما معاً في الكتابة والإبداع جنباً إلى جنب، خصوصاً مع نصائحه الدائمة بأن تتحلى بالدأب، والاهتمام بالتركيز والحرص على العمل القصصي.
من جانبه تحدث الناشر محمد هاشم عن الكاتب حسين عبد العليم، مشيراً إلى أنه لن يستطيع أن يتخلص بسهولة من صدمة رحيله المبكر، فهو واحد من أهم كتَّاب الدار، كان منحازاً إلى الفقراء والمهمشين، وعاش منصرفاً عن كل ما يشغله عن انتمائه إليهم، كان يسكن في منطقة الجيزة وهي حي شعبي، نذر الكثير من كتاباته لناسه وأحلامهم وطموحاتهم التي يسعى لها من أجل عالم أفضل يسوده العدل والحرية.
تسامح مع أبطاله وانحاز إلى همومهم بمحبة وصدق
جانب من جلسة التأبين
- القاهرة: حمدي عابدين
نُشر: 22:42-25 مارس 2019 م ـ 19 رَجب 1440 هـ
TT
20تحدث كتاب مصريون عن سمات الكتابة الروائية لدى الأديب الراحل حسين عبد العليم في ذكرى رحيله باعتبارها بصمته التي تميزه بين زملائه من المبدعين، ولفتوا في الاحتفال الذي أقامته الأسبوع الماضي دار «ميريت للنشر والتوزيع» إلى أن من أهم هذه السمات انحيازه إلى أبطال رواياته وقصصه، وبساطته في التعبير عنهم، وقدرته البالغة على التسلل إلى عمق أرواحهم، وخبرته بالعوالم التي يحكي عنها، وهو ما يتضح بشكل خاص في روايته «فصول من سيرة التراب والنمل»، التي يتحدث فيها عن عائلة مسيحية تعاني من انتشار التراب والنمل في بيتها.
وقال الروائي أحمد صبري أبو الفتوح، إنه يحاول أن يفصل بين مشاعره كصديق فقد صديقه، وقارئ تجاه كاتب أحبه، مشيراً إلى أن علاقته بالروائي الراحل حسين عبد العليم بدأت عام 1972، في كلية الحقوق، وهناك تعرف عليه، وعلى كتاباته القصصية. ولفت أبو الفتوح إلى أن عبد العليم كان كاتباً تسري في رواياته الروح المصرية، بشوارعها، وتقاليدها الشعبية البسيطة والعميقة، بناسها، وبيوتها، وكانت أعماله تكشف عن انحيازاته والتزاماته التي فرضها على نفسه حتى رحيله في الشهر الماضي.
وتذكر أبو الفتوح قصة تنافسه والكاتب الراحل حسين عبد العليم في أول مسابقة للقصة القصيرة شاركا فيها معاً عام 1994، وكان يقوم بتحكيمها الأديب الراحل يوسف إدريس، وأضاف: «أن ما يجعل الكاتب الراحل حسين عبد العليم يتبوأ مكانة بارزة بين كتَّاب الرواية والقصة القصيرة المصرية خلال السنين الخمسين الماضية كونه يمتلك عالماً إبداعياً به رائحته الخاصة، ويتسرب في كيانه كله، فلم يكن يكتب عن شيء لا يعرفه، وكانت روحه المحبة تفيض من كتاباته وأرواح شخصياته».
من جهته أشار الناقد الدكتور محمد نعمان، إلى أن قصص حسين عبد العليم تشي به دائماً، فهي نافذته التي يطل منها على العالم كله، ومسقط رأسه الفيوم في جنوب مصر، ولفت إلى أن ما يكشف حميمية اللغة القصصية لدى الكاتب الراحل، هو تمرسه على الحكي، فقد كانت حكاياته التي يرويها على أسماع أبيه طريقه إلى اكتشاف هذه الروح الشفيفة التي تتسرب داخل عوالمه وقصصه ومناخات الكتابة لديه، ويكشف من خلالها كيف تغير العالم، كان يحكي عن معاناة شخصياته، لم يكن يصدر أحكامه عليها أبداً، بل يتركها تبوح وتعبر عن نفسها.
كان عبد العليم، حسب كلام نعمان، لا يقف بين القراء وشخصياته، بل يعمل على تشكيل شخصيات من لحم ودم للحكي دون مواربة أو أي صبغات أو تبريرات آيديولوجية، وهذا الصدق في إبداع شخصياته كان يدفع بعض أصدقاء الكاتب الراحل حسين عبد العليم إلى النميمة عليها، وجعلها محور سهراتهم، فقد كان يفعل ما يقوم به زيوس من خلق شخصيات حرة، قدرها أن تبقى على الورق، حتى لا تُحدث فوضى في العالم المحيط بها.
أما الكاتبة القصصية مريم حسين وهي ابنة الكاتب الراحل، فتحدثت عن السلاسة المدهشة التي كان يتعامل بها مع الحياة ومشكلاتها، وقالت إنها انعكست على كتاباته، وظهرت واضحة في رسم الشخصيات، وعوالمها، وعرض تفاصيل حكاياته، والنقلات الزمنية بين الأحداث، وهذا يتجلى واضحاً في روايته «رائحة النعناع»، وأشارت إلى دوره كأب ومبدع في تحفيزها على الكتابة، ودفعها للاستمرار في الإبداع، ونصائحه لها بأن تتحلى بالدأب، وفرحه بصدور مجموعتيها القصصيتين «غزل السحاب»، و«سر السكر» اللتين صدرتا عن دار «ميريت» حديثاً.
وذكرت مريم حسين أن أباها بعد صدور مجموعتيها قام بوضعهما بجوار كتبه ورواياته، وهو ما مثّل لها سعادة كبيرة في حياتها، ونقلة مهمة بالنسبة إليها وهي تتأمل إمكانيات استمرارهما معاً في الكتابة والإبداع جنباً إلى جنب، خصوصاً مع نصائحه الدائمة بأن تتحلى بالدأب، والاهتمام بالتركيز والحرص على العمل القصصي.
من جانبه تحدث الناشر محمد هاشم عن الكاتب حسين عبد العليم، مشيراً إلى أنه لن يستطيع أن يتخلص بسهولة من صدمة رحيله المبكر، فهو واحد من أهم كتَّاب الدار، كان منحازاً إلى الفقراء والمهمشين، وعاش منصرفاً عن كل ما يشغله عن انتمائه إليهم، كان يسكن في منطقة الجيزة وهي حي شعبي، نذر الكثير من كتاباته لناسه وأحلامهم وطموحاتهم التي يسعى لها من أجل عالم أفضل يسوده العدل والحرية.