«جودا أكبر» قلعة حب صنعت تاريخاً

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • «جودا أكبر» قلعة حب صنعت تاريخاً

    «جودا أكبر» قلعة حب صنعت تاريخاً
      • 1
      • 2
      • 3
      • 4
      • 5
      • 6
    صورة
    1/6
    المصدر:
    • (مومباي - وفاء فاروق)

    كثيرة هي المناطق التي تثير الفضول والدهشة والرغبة في زيارتها في شتى بقاع العالم، غير أن ما تحمله المعمورة من عجائب تدفع الإنسان لخوض رحلة استطلاع لاستكشاف كنوز الدنيا وما تحمله من عجائب خلدها التاريخ، وتعد قلعة «جودا أكبر» في الهند إحدى أهم المعالم العالمية التي تحمل في طياتها مكنونات وخبايا وأسراراً تزيد الفضول، فهي قلعة ارتبطت بالحب وسجلت نفسها في صفحات التاريخ بأحرف من ذهب.

    حينما يقرر شخص أن يزور مدينة أجرا الهندية من أجل رؤية التحفة المعمارية وإحدى عجائب الدنيا السبع، تاج محل، وبمجرد وصوله إلى ساحة القصر، يجد شيئاً ما في الجهة المقابلة يشبه القلعة يخطف الأنظار كونه يشبه كثيراً القلاع والقصور العربية كقلعة صلاح الدين بالقاهرة أو قلعة عجلون بالأردن، ومن دون تردد بعد الانتهاء من زيارة تاج محل، يقوم هذا الشخص بعبور الطريق واستكشاف تلك القلعة الهائلة التي تحوي العديد من الأسرار ويخلد تاريخها العديد من القيم الإنسانية مثل الحب والوحدة واحترام العقيدة والمعتقد، تلك هي قلعة «جودا أكبر» التي ستدخل معنا أروقتها بعد قليل لتتعرف إليها أكثر.

    اسم «جودا أكبر» لن يكون جديداً على الوطن العربي وخاصة بعد عرض الفيلم الهندي الذي يحمل الاسم ذاته عام 2008 على معظم الشاشات العربية «الفيلم كان من بطولة النجم الهندي هريثيك روشان وملكة جمال العالم السابقة إيشوريا راي» وكذلك المسلسل الهندي جودا بأجزائه الثلاثة والذي تم عرضه أول مرة عام 2013، والذي حقق نسب مشاهدة كانت الأعلى في تاريخ عرض المسلسلات الهندية بالدول العربية، وما زالت بعض القنوات تعيد عرضه من وقت إلى آخر حتى يومنا هذا.

    «جودا أكبر» زوجة الملك المغولي جلال الدين أكبر، الذي يعد السبب الرئيس في انتشار الإسلام داخل الهند، ولكن ليس عن طريق الحرب والاستعمار كما كانت استراتيجية معظم حكام المغول، بداية من جنكيز خان وهولاكو وحتى علاء الدين.

    دخل جلال الدين أكبر الهند المرة الأولى عام 1556 بعد معركة لم تكن في مصلحة ملوك الهندوس في ذلك الوقت، ومنذ ذلك الحين قرر أكبر أن يتخذ من مدينة أجرا الهندية مقراً لحكمه، ومن هنا بدأت تظهر شخصيته السياسية المحبة للسلام فلم يكن يرغب قط في أن ينتشر الإسلام بالحروب، ولكنه كان يصطحب معه عدداً لا بأس به من رجال العلم والدين لنشر الثقافة الإسلامية بالحكمة والموعظة الحسنة، وهنا وقعت عيناه على ابنة الملك الهندوسي راجا بهارمال، الذي كان في صراع مع صهر أكبر شريف الدين ميرزا، بسبب فرض سيطرة بهارمال على العوام في أجرا، ومن هنا قرر أكبر أن يتزوج ابنة الملك الهندوسي عام 1562 لغرض سياسي في الظاهر، وغرض سري آخر، وهو أن الملك المغولي وقع في حب الأميرة جودا ومنحها اسم مريم بعد زواجهما رغم أن الشعب ظل يتعامل معها باسمها جودا ولقب أكبر الذي حصلت عليه بعد زواجها.

    كان لجودا أكبر دور كبير في تغيير ثقافة الهندوس نحو الإسلام والمسلمين، وكذلك كان لها دور كبير في الحياة السياسية للهند من خلال ذكائها الشديد، ورغبتها في المحافظة على مملكة زوجها، الذي كان يعدها أقرب زوجاته والوجهة الرسمية للقصر الملكي، ولذلك أطلق على القصر أو القلعة الملكية اسم «جودا أكبر» وتم بناء القلعة في عام 1573، وشارك في بنائها أكثر من 4000 عامل استغرقوا ثماني سنوات من المشقة حتى تم الانتهاء منها كلياً، وظلت القلعة المقر الرئيس للأباطرة المنتمين إلى سلالة المغول حتى عام 1638، الذي قرر الإمبراطور المغولي شاه جهان بعد سنوات عديدة، وتحديداً عام 1648، تشييد تاج محل في الواجهة المقابلة لقلعة «جودا أكبر» ليصبحا كوجهين لعملة واحدة هي عملة حب ملوك المغول، تاج محل بني لتخليد ذكرى ممتاز محل، زوجة الملك المغولي شاه جهان، وللسبب نفسه أطلق جلال الدين أكبر اسم زوجته على قلعة الحكم.

    هناك العديد من الشائعات والأساطير الشعبية التي يتم تداولها عن القلعة، ومن أبرزها غرفة السجن في الجناح الأيمن للقلعة، والتي زعم بعض الحراس أن أشباح المجرمين الذين تم حبسهم في تلك الغرفة ما زالوا يتجولون ليلاً في أروقة القلعة بالأزياء نفسها والهيئة المعروفة للرجال في تلك الحقبة التاريخية، ولكنها تظل شائعة ليس لها أي دليل مادي، ومع ذلك قامت السلطات الهندية بغلق تلك الغرفة ومنع الزوار الدخول إليها والاكتفاء بمشاهدتها من الخارج، الغرفة ليس بها شيء يذكر أو يدعو للقلق، ولكن عند رؤيتها من الخارج مع كم الظلام الذي يحيط بها، حتى في وضح النهار، يجعل تلك الشائعة تلمع في أذهان الزوار وتضيف إلى الزيارة جواً من الإثارة والتشويق.

    قامت الحكومة الهندية في عام 2017 بتزويد القلعة بكاميرات مراقبة حديثة مع تطوير نقاط التفتيش الخاصة ببوابات الدخول وكذلك بوابات القلعة المختلفة وذلك لضمان سلامة وأمان الزوار، وخاصة بعد زيادة عدد السائحين لمدينة أجرا والراغبين في زيارة القلعة، إذ وصل عدد السائحين المحليين والأجانب إلى 12 مليون شخص سنوياً، كما تمت زيادة رسوم تذكرة الدخول إلى القلعة لتصبح 550 روبية، أي ما يعادل 7 دولارات للأجانب، بينما رسوم الدخول للمواطنين المحليين 35 روبية، أي ما يعادل 44 سنتاً.

    وتعد قلعة «جودا أكبر» بالتساوي مع تاج محل، الوجهة رقم واحد في الهند محلياً وعالمياً، أما من وجهة نظر اقتصادية فتعد مدينة أجرا بما تضمه من وجهات سياحية والمحال التجارية المحيطة بها وكذلك الفنادق ووسائل المواصلات العامة، تضعها في المرتبة الثالثة بعد مدينتى مومباي ونيودلهي العاصمة.
يعمل...
X