العُلا.. خزانة التاريخ وجوهرة الجغرافيا
3/5
المصدر:
تصدرت مدينة العُلا في المملكة العربية السعودية خلال العامين الأخيرين عناوين الأخبار السياسية والفنية على الرغم من تباعدهما، باعتبارها مكان انعقاد القمة الخليجية الـ41، ومكان انعقاد أكبر وأشهر المهرجانات الفنية والغنائية والموسيقية في المملكة منها مهرجان «فنون العُلا»، ومهرجان «العُلا للفنون المسرحية» التي زخرت بالأعمال الإبداعية المعاصرة والتشكيلات الفنية الضخمة في قلب الصحراء بتوقيع فنانين عالميين وسعوديين.
ومنها أيضاً مهرجان «شتاء طنطورة»، وهو أول مهرجان موسيقي وفنّي في السعودية، و«الطنطورة» عبارة عن ساعة شمسية اعتمد عليها أهالي المنطقة لمعرفة الوقت والاحتفال بدخول المربعانية الشتوية وبدء موسم الزراعة، غير أن منطقة العُلا تضم معالم تاريخية إنسانية غير مستكشفة يتجاوز عمرها 200 ألف عام، وفيها كذلك مدينة «الحِجر» النبطية القديمة، التي سُجلت بوصفها أول موقع تراث عالمي لليونسكو في السعودية، ومملكتا لحيان ودادان الأثريتان اللتان ساهمت نصوصهما المكتشفة في تطوير اللغة العربية، إضافة إلى «العلا القديمة» التي كانت تعد نقطة استراحة للحجاج منذ عام 1100 م، إلى جانب طبيعة جبلية ساحرة، وطقس مثالي خاصة في فصل الشتاء، وبها تمت الأحداث التي جرت مع النبي صالح والناقة المعجزة.
أهم المعالم
ويعد «الحِجر» (مدائن صالح) من أهم معالم العُلا السياحية وأكثرها زيارة، وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم في قصة ثمود قوم نبي الله صالح، عليه السلام، وقصة ناقة صالح، كما سكنها فيما بعد الأنباط، وتبعد عن العُلا نحو 20 كيلومتراً تقريباً ناحية الشمال، وتتميز بالواجهات المعمارية المنحوتة بالصخور ذات الأنماط المعمارية المميزة بأشكالها الهندسية الجميلة التي تسمّى محلياً «القصور»، بالإضافة إلى منطقة «الخريبة» التي تقع شرق العلا، وبها الكثير من الآثار والنقوش، وحوض حجري يسمّى محلياً «محلب الناقة»، بينما هو في حقيقته معبد نبطي قديم.
ومن قصص القرآن الكريم أن الله سبحانه وتعالى أرسل نبيه صالح إلى قومه «ثمود» ليدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ولكنهم أبوا واستكبروا وعاندوا وطلبوا من سيدنا صالح أن يأتيهم بمعجزة من عند الله ليؤمنوا، وزيادة في العنت طلبوا من نبي الله صالح عليه السلام أن يخرج لهم من صخرة ضخمة -حددوها بأنفسهم- ناقة عشراء - حاملاً- فأخذ عليهم سيدنا صالح عهداً إن تحققت المعجزة أن يؤمنوا به، ودعا صالح الله سبحانه وتعالى واستجاب لدعائه، وإذا بالصخرة تتحرك وتخرج منها ناقة تحمل في بطنها جنيناً، ولما رأى قومه المعجزة وقد تحققت، آمن بعضهم وعلى رأسهم رئيس قبيلة ثمود واسمه «جندع بن عمرو» وكذلك آمن أتباعه، ولكن استمر البعض يضمرون الشر. وظلت الناقة ترعى في واديهم وتشرب من البئر الموجودة هناك، وكانت تشرب يوماً وتتركه يوماً للناس لتشرب منه، وكانوا يشربون لبن الناقة في اليوم الذي تشرب فيه من البئر فيكفي القبيلة كلها، كبيرهم وصغيرهم.
ولكن الذين ظلوا على كفرهم، وهم تسعة رهط، اتفقوا على أن يقتلوا الناقة وابنها ويستأثروا بماء البئر، وحذرهم سيدنا صالح من عاقبة ذلك، فلم يستمعوا له، وقام أحدهم ويدعى «سالف بن قدار» برمي الناقة بسهم، فخرّت على الأرض، ثم أجهزوا عليها وعقروها، وعندما رأى سيدنا صالح فعلتهم، قال لهم: «تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ»، وبعد الأيام الثلاثة، حل عليهم عذاب الله، وجاءتهم صيحة من السماء ورجفة شديدة أسفل منهم فزلزلت الأرض تحت أقدامهم: «فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ»، ونجى الله سبحانه وتعالى سيدنا صالح ومن آمن معه من هذا العذاب.
رعاية واهتمام
ومع هذا الزخم الديني والتاريخي الذي تحظى به مدينة العُلا، تولى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان رئاسة مجلس إدارة الهيئة الملكية لمحافظة العُلا، بهدف إحياء وتأهيل المنطقة الأثرية الرئيسية في العُلا، وتحويلها إلى وجهة عالمية رائدة للفنون والتراث والثقافة والطبيعة، تحقيقاً لمستهدفات رؤية المملكة 2030، فأطلق الرؤية التصميمية لمخطط «رحلة عبر الزمن». وأكد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، خلال حواره مع مجلة «أتلانتيك» الأمريكية، أن «العلا موجودة في المملكة العربية السعودية فقط، ولا يوجد أي نموذج مثلها على كوكب الأرض».
مراحل تطويرية
بدوره، قال محافظ الهيئة الملكية لمحافظة العُلا الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، لـ«البيان» إن هذا المخطط يتكون من 3 مراحل رئيسية، من المقرر أن تكتمل أولى مراحله بنهاية العام المقبل، حتى العام 2035 لجميع المراحل، موضحاً أن المخطط يقدم خريطة تاريخية مميزة لحضارات استوطنت واحات العُلا المتنوعة على مدار أكثر من 7000 عام من التاريخ البشري. وأضاف إنه سيتم إنشاء خمسة مراكز تمتد على طول 20 كيلومتراً من قلب العُلا، في محطات ملهمة وأساسية عبر مسار «رحلة عبر الزمن»، تبدأ هذه المراكز من البلدة القديمة جنوباً، مروراً بمركز واحة دادان، وواحة جبل عكمة، والواحة النبطية، وصولاً لمدينة الحجر الأثرية شمالاً.
- 1
- 2
- 3
- 4
- 5
3/5
المصدر:
- الرياض – البيان
تصدرت مدينة العُلا في المملكة العربية السعودية خلال العامين الأخيرين عناوين الأخبار السياسية والفنية على الرغم من تباعدهما، باعتبارها مكان انعقاد القمة الخليجية الـ41، ومكان انعقاد أكبر وأشهر المهرجانات الفنية والغنائية والموسيقية في المملكة منها مهرجان «فنون العُلا»، ومهرجان «العُلا للفنون المسرحية» التي زخرت بالأعمال الإبداعية المعاصرة والتشكيلات الفنية الضخمة في قلب الصحراء بتوقيع فنانين عالميين وسعوديين.
ومنها أيضاً مهرجان «شتاء طنطورة»، وهو أول مهرجان موسيقي وفنّي في السعودية، و«الطنطورة» عبارة عن ساعة شمسية اعتمد عليها أهالي المنطقة لمعرفة الوقت والاحتفال بدخول المربعانية الشتوية وبدء موسم الزراعة، غير أن منطقة العُلا تضم معالم تاريخية إنسانية غير مستكشفة يتجاوز عمرها 200 ألف عام، وفيها كذلك مدينة «الحِجر» النبطية القديمة، التي سُجلت بوصفها أول موقع تراث عالمي لليونسكو في السعودية، ومملكتا لحيان ودادان الأثريتان اللتان ساهمت نصوصهما المكتشفة في تطوير اللغة العربية، إضافة إلى «العلا القديمة» التي كانت تعد نقطة استراحة للحجاج منذ عام 1100 م، إلى جانب طبيعة جبلية ساحرة، وطقس مثالي خاصة في فصل الشتاء، وبها تمت الأحداث التي جرت مع النبي صالح والناقة المعجزة.
أهم المعالم
ويعد «الحِجر» (مدائن صالح) من أهم معالم العُلا السياحية وأكثرها زيارة، وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم في قصة ثمود قوم نبي الله صالح، عليه السلام، وقصة ناقة صالح، كما سكنها فيما بعد الأنباط، وتبعد عن العُلا نحو 20 كيلومتراً تقريباً ناحية الشمال، وتتميز بالواجهات المعمارية المنحوتة بالصخور ذات الأنماط المعمارية المميزة بأشكالها الهندسية الجميلة التي تسمّى محلياً «القصور»، بالإضافة إلى منطقة «الخريبة» التي تقع شرق العلا، وبها الكثير من الآثار والنقوش، وحوض حجري يسمّى محلياً «محلب الناقة»، بينما هو في حقيقته معبد نبطي قديم.
ومن قصص القرآن الكريم أن الله سبحانه وتعالى أرسل نبيه صالح إلى قومه «ثمود» ليدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ولكنهم أبوا واستكبروا وعاندوا وطلبوا من سيدنا صالح أن يأتيهم بمعجزة من عند الله ليؤمنوا، وزيادة في العنت طلبوا من نبي الله صالح عليه السلام أن يخرج لهم من صخرة ضخمة -حددوها بأنفسهم- ناقة عشراء - حاملاً- فأخذ عليهم سيدنا صالح عهداً إن تحققت المعجزة أن يؤمنوا به، ودعا صالح الله سبحانه وتعالى واستجاب لدعائه، وإذا بالصخرة تتحرك وتخرج منها ناقة تحمل في بطنها جنيناً، ولما رأى قومه المعجزة وقد تحققت، آمن بعضهم وعلى رأسهم رئيس قبيلة ثمود واسمه «جندع بن عمرو» وكذلك آمن أتباعه، ولكن استمر البعض يضمرون الشر. وظلت الناقة ترعى في واديهم وتشرب من البئر الموجودة هناك، وكانت تشرب يوماً وتتركه يوماً للناس لتشرب منه، وكانوا يشربون لبن الناقة في اليوم الذي تشرب فيه من البئر فيكفي القبيلة كلها، كبيرهم وصغيرهم.
ولكن الذين ظلوا على كفرهم، وهم تسعة رهط، اتفقوا على أن يقتلوا الناقة وابنها ويستأثروا بماء البئر، وحذرهم سيدنا صالح من عاقبة ذلك، فلم يستمعوا له، وقام أحدهم ويدعى «سالف بن قدار» برمي الناقة بسهم، فخرّت على الأرض، ثم أجهزوا عليها وعقروها، وعندما رأى سيدنا صالح فعلتهم، قال لهم: «تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ»، وبعد الأيام الثلاثة، حل عليهم عذاب الله، وجاءتهم صيحة من السماء ورجفة شديدة أسفل منهم فزلزلت الأرض تحت أقدامهم: «فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ»، ونجى الله سبحانه وتعالى سيدنا صالح ومن آمن معه من هذا العذاب.
رعاية واهتمام
ومع هذا الزخم الديني والتاريخي الذي تحظى به مدينة العُلا، تولى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان رئاسة مجلس إدارة الهيئة الملكية لمحافظة العُلا، بهدف إحياء وتأهيل المنطقة الأثرية الرئيسية في العُلا، وتحويلها إلى وجهة عالمية رائدة للفنون والتراث والثقافة والطبيعة، تحقيقاً لمستهدفات رؤية المملكة 2030، فأطلق الرؤية التصميمية لمخطط «رحلة عبر الزمن». وأكد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، خلال حواره مع مجلة «أتلانتيك» الأمريكية، أن «العلا موجودة في المملكة العربية السعودية فقط، ولا يوجد أي نموذج مثلها على كوكب الأرض».
مراحل تطويرية
بدوره، قال محافظ الهيئة الملكية لمحافظة العُلا الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، لـ«البيان» إن هذا المخطط يتكون من 3 مراحل رئيسية، من المقرر أن تكتمل أولى مراحله بنهاية العام المقبل، حتى العام 2035 لجميع المراحل، موضحاً أن المخطط يقدم خريطة تاريخية مميزة لحضارات استوطنت واحات العُلا المتنوعة على مدار أكثر من 7000 عام من التاريخ البشري. وأضاف إنه سيتم إنشاء خمسة مراكز تمتد على طول 20 كيلومتراً من قلب العُلا، في محطات ملهمة وأساسية عبر مسار «رحلة عبر الزمن»، تبدأ هذه المراكز من البلدة القديمة جنوباً، مروراً بمركز واحة دادان، وواحة جبل عكمة، والواحة النبطية، وصولاً لمدينة الحجر الأثرية شمالاً.