السيارات الكهربائية الصينية تهدد بخروج الأوروبية من السباق
المصدر:
- جون يون
التاريخ: 08 أكتوبر 2023
ت +ت -الحجم الطبيعي
لا يتجاوز سعر السيارة الكهربائية الاقتصادية الأكثر مبيعاً في الصين نحو 5000 دولار، وبفضل انخفاض الأسعار إلى هذا المستوى المعقول، فقد تضاعفت تقريباً مبيعات سيارات الركوب الكهربائية في الصين العام الماضي إلى الضعف، وتم بيع 5.9 ملايين سيارة، ما يزيد أكثر من مرتين عن إجمالي المبيعات في أوروبا والولايات المتحدة.
لكن في الوقت ذاته، تعاني الصناعة من فائض للطاقة الإنتاجية ناجم عن الزيادة المفرطة في الاستثمار في هذا القطاع خلال العقد الماضي. وتجعل التوترات الجيوسياسية والسياسات الحكومية المتولدة عنها دخول السوق الأمريكية أمراً معقداً، كما أن ذلك يضغط على مصنعي السيارات الأوروبيين لتعجيل جهودهم للحاق بالسباق.
لقد تم بيع نحو نصف السيارات المصدرة من الصين بأسواق أوروبا، وشهد الرقم قفزة بنسبة 60 % خلال العام الماضي، ونحو ثلثي هذه السيارات كانت سيارات كهربائية تعمل بالبطاريات.
لكن صادرات السيارات الكهربائية الصينية تنمو بوتيرة أسرع بكثير مما توقعه المحللون في السابق. أما في جنوب شرق آسيا، وهو سوق رئيسي آخر، فإن شركات صناعة السيارات الصينية تهيمن على الوضع، حيث تمثل علاماتها التجارية ثلاثة أرباع جميع السيارات الكهربائية المباعة، وهذا يجعل من أوروبا سوقاً أكثر أهمية في خطط الصين للنمو. وتاريخياً، صدرت أوروبا سيارات إلى الصين أكثر بكثير مما استوردته، لكن التحول إلى السيارات الكهربائية جلب معه تغييراً في أنماط الشراء. وتغيرت تفضيلات المستهلكين إلى العلامات التجارية المحلية، لتشكل نحو 80 % من السيارات الكهربائية المسجلة حديثاً في الصين.
ولدى أوروبا مخاوف مفهومة بشأن المنافسة مع مصنعي السيارات الكهربائية الصينيين. وتعتبر صناعة السيارات المحلية في أوروبا ركيزة أساسية للنمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل وقد يفضي التحقيق الذي تجريه المفوضية الأوروبية حول دعم الصين للسيارات الكهربائية إلى زيادة رسوم الاستيراد على هذه السيارات، وسوف تؤدي مثل هذه الخطوة إلى تقليل الميزة التنافسية للسيارات الكهربائية الصينية في أوروبا على المدى القصير، وستسهم في كبح التوسع في أكبر سوق للسيارات خارج الصين والولايات المتحدة.
لكن على المدى الطويل، فإنه من غير المؤكد أن تعرقل التعرفات الجمركية المحتملة المصانع الصينية، بل في الواقع قد تصبح سياراتهم الكهربائية أرخص؛ وذلك بفضل الطاقة الإنتاجية الفائضة، حيث يبلغ عدد الشركات المصنعة نحو 200 شركة، والتي توفر إنتاجاً من السيارات يفوق بكثير احتياجات السوق المحلية.
ومن المتوقع أن تتجاوز الطاقة الإنتاجية 15 مليون سيارة، وهو ما يعادل ضعف الطلب المحلي المتوقع، بل إن الأمر أسوأ حالاً بالنسبة لفائض تصنيع البطاريات. وبحلول 2025، من المتوقع أن يتجاوز إنتاج نحو 50 شركة صينية 4 أضعاف الطلب.
إضافة إلى أن الرنمينبي (العملة الصينية)، الذي وصل إلى أضعف مستوى له منذ 16 عاماً، يمنح شركات السيارات الكهربائية ميزة عند تحويل المستحقات بالعملة الأجنبية إلى العملة المحلية. كذلك، فقد انخفضت بقوة الأسعار المحلية للمواد الخام، بما في ذلك كربونات الليثيوم المستخدمة في البطاريات هذا العام؛ ما أدى إلى خفض تكاليف البطارية، وهي أغلى مكون في السيارة الكهربائية.
وفي الوقت ذاته، يتسارع الاستثمار المحلي في بطاريات أيون الصوديوم للمركبات الكهربائية الصغيرة، وهذه البطاريات تفتقر إلى كثافة الطاقة التي تتمتع بها نظيراتها من الليثيوم، لكن من المتوقع أن تبلغ تكلفتها نحو نصف متوسط تكلفة خلايا أيون الليثيوم. كل ذلك يتيح المجال للمزيد من تخفيض الأسعار، مع تخفيف القلق بشأن تحقيق هامش ربح مُرضٍ.
إن البدء بإنتاج سيارات صغيرة ورخيصة للاستحواذ على شريحة ضخمة من السوق هو استراتيجية أثبتت فعالياتها بالفعل في الماضي. ويمكن في هذا السياق العودة لما حدث في سبعينيات القرن الماضي حين شرع مصنعو السيارات اليابانية في البداية في اكتساب أرضية لهم في الأسواق الأمريكية. ولعدم قدرتها على المنافسة مع شركات السيارات الأوروبية على صعيد التصميم والهندسة، فقد ركزت المركبات اليابانية على عنصر القيمة. ولانخفاض أسعارها بدرجة كبيرة، لم تفلح التعرفات الجمركية في إبطاء استحواذ هذه السيارات على سوقية لها في العقود التالية. وعلى سبيل المثال فإن تويوتا تعد الآن صاحبة ثاني أكبر حصة سوقية في الولايات المتحدة، ولا تسبقها سوى شركة جنرال موتورز.
وقد تفتقر السيارات الكهربائية الصينية إلى الفخامة، إلا أن متوسط سعر هذه السيارات قد انخفض إلى النصف تقريباً في الصين على مدى السنوات الثماني الماضية. في المقابل، فقد ارتفعت الأسعار في أوروبا. ويهدف الاتحاد الأوروبي إلى الوصول إلى ما لا يقل عن 30 مليون سيارة كهربائية على الطرق بحلول عام 2030، أي نحو 10أضعاف الرقم المسجل العام الماضي والبالغ نحو 3 ملايين سيارة؛ الأمر الذي سيسرع بقوة نمو قطاع السيارات الكهربائية في سوق المنطقة بأكملها؛ وبالتالي يجب أن ينصب تركيز شركات صناعة السيارات الكهربائية الأوروبية حالياً على السعي إلى خفض تكاليف الإنتاج باستخدام تقنيات مجربة، حتى لو عنى ذلك تقديم نماذج مبكرة تفتقر إلى ذوق التصميم والطابع المميز لنظيراتها التي تعمل بالبنزين.
إن الابتكار أمر مهم، والتعرفات الجمركية يمكن أن تسهم في كسب الوقت، لكنّ مصنعي السيارات الكهربائية الأوروبيين سيكونون بالتأكيد بحاجة لتعزيز قدراتهم التنافسية في ما يتعلق بالتكلفة.