ايلتتمش
Iltutmish - Iltutmish
إيلتُتمِش
(.... ـ 633هـ/... ـ 1236م)
شمس الدين إيلتتمش Iltutmish بن عيلام خان، مملوكُ مؤسس دولة المماليك في الهند قطب الدين أيبك، وثالثُ سلاطينها ومرسي دعائم الحكم الإسلامي فيها.
أصل إيلتُتمِش من فرع من الأتراك القره خطائيين، حُمِل صغيراً من بخارى وبيع في غزنة، وانتقل من مالك إلى آخر حتى اشتراه قطب الدين في دهلي (دلهي) فنسب إليه وعُرِف بالقطبي، وقد عُني أيبك بتربيته ولمس فيه الفضيلة والذكاء والشجاعة فصار من خواصه وموضع ثقته.
وتدرج إيلتتمش في المناصب فأَعتقه أيبك وعينه أمير شكار (المسؤول عن الصيد) فأميراً لجنده ثم زوجه ابنته، كما اختاره حاكماً على غواليار Gwaliyar، ثم باران، وبداؤون Badáun.
لما توفي أيبك خلفه في السلطنة ابنه آرام شاه، ولكن كبار الحاشية والنبلاء ورجال الدين لمسوا عجزه، فراسلوا إيلتتمش في بداؤون وكان أتابك العسكر، فجمع جيوشه وتوجه إلى دهلي وهزم آرام شاه الذي يبدو إنه قتل في المعركة، واستلم إيلتُتمِش السلطنة سنة 607هـ/1210م.
كان على إيلتتمش أن يواجه في أول عهده بالحكم تهديد تاج الدين يلدز حاكم غزنة السابق، الذي كان يعد الهند من أملاكه. ويعد إيلتُتمِش تابعاً له ويخاطبه بصفته نائباً عنه. فلما طرد يلدز من غزنة على يد خوارزم شاه التجأ إلى لاهور واستولى على المدينة وطرد منها حاكمها الذي عينه ناصر الدين قباجة والي الملتان وصهر أيبك. وحينما رفض يلدز الانسحاب من لاهور توجه إيلتُتمش بجيشه نحوها وهزمه في معركة ضارية في تاراأوري Taràori، سنة 612هـ/1215م وأُخذ يلدز أسيراً وأُرسل إلى بداؤون حيث توفي في العام نفسه، واستولى قباجة على لاهور، فاضطر إيلتتمش أن يطرده منها بالقوة سنة 614هـ/1217م.
في سنة 619هـ/1221م عبر خوارزم شاه جلال الدين منكبرتي بقوة قليلة نهر السند فراراً من المغول، وطلب من إيلتُتمِش اللجوء، ولكن إيلتتمش تفادى هذا التهديد الجديد بأن وجه الخوارزميين إلى مناطق حكم قباجة المنشق عنه، فنهب جلال الدين مدن البنجاب حتى لاهور، وفرض إتاوة على أهلها.
وفي سنة 622هـ قفل جلال الدين عابراً النهر لمتابعة قتال المغول واسترداد ماخسره من بلاده، فشعر إيلتتمش بالأمان فتوجه إلى البنغال حيث كان غياث الدين عِوَض الخلجي قد أعلن استقلاله بها، ولكنه سرعان ماأعلن خضوعه واعترافه بتبعيته لإيلتُتمِش.
بعد أن توطد سلطان إيلتتمش التفت للقضاء على خصمه قباجة الذي استقل بإقليم السند مجدداً سنة 622هـ، فتوجه سنة 625هـ/1227م إلى مدينة أُتجه قاعدة حكم قباجة وحاصرها، ولكنها لم تستسلم إلا بعد ثلاثة أشهر من المقاومة البطولية. أما قباجة فكانت نهايته غرقاً في نهر السند في أثناء محاولته الفرار.
في عام 626هـ/1228م وصلت إلى دهلي سفارة من الخليفة العباسي المنتصر بالله (623-640/1225-1242) برئاسة رضي الدين حسن الصاغاني، تحمل الكسوة والهدايا إلى السلطان إيلتُتمِش وولده ورجال دولته. فاستقبلت بحفاوة كبيرة، وكانت هذه أول مناسبة يتلقى فيها حاكم مسلم في الهند اعترافاً من الخليفة بصفته سلطان الهند، وضربت بهذه المناسبة نقود فضية نقشت عليها عبارة «ناصر أمير المؤمنين».
في سنة 627هـ ثار في البنغال رجل يدعى بلكاء Balká الخلجي، إثر موت ناصر الدين محمود بن إيلتتمش ونائبه فيها. فتوجه إيلتُتمِش إليها وقمع الثورة ووطد الأمن وعاد إلى عاصمته. وفي سنة 630هـ/1233م استعاد إيلتُتمِش غواليار Gwaliyar من الهندوس، ثم استولى على مالوا Malwa وتوجه منها إلى حصن بلسا Bhilsa، واجتاح أُجَّين Udjdjayn وهدم المعبد المقدس في مهاكالي Mahakali وحطم التمثال الحجري لراجا فيكرماديتيا Vikramaditya الذي ينتسب إليه المذهب الهندوسي الحالي.
تعرَّض إيلتُتمش بعد عودته المظفَّرة من مالوا إلى محاولة اغتيال في أثناء تأديته صلاة الجمعة من قبل بعض الإسماعيلية الذين استقروا في دهلي بعد أن طردهم محمد الغوري من معاقلهم في الملتان. ولكي ينتقم إيلتتمش من الإسماعيلية توجه على رأس حملة للقضاء على جيوبهم الإسماعيلية في الملتان، ولكنه اعتل اعتلالاً خطيراً فحمل إلى دهلي حيث توفي في شهر شعبان.
يُعد إيلتتمش في أعظم ملوك دولة المماليك في الهند، إذ أعاد تنظيم جهاز الدولة وحدد لكل دائرة اختصاصها بمساعدة الوزير القدير فخر الدين عصامي، الذي كان في بلاط الخليفة في بغداد، وألّف كتاب «أدب الحرب والشجاعة». وكان إيلتتمش يحرص على تحقيق العدالة بين رعاياه، ويفتح أبوابه للمظلومين للاستماع إلى شكاواهم، وأنشأ المدارس وأنفق أموالاً طائلة على كتابة القرآن. وجعل نسخه متداولة بين الناس، وكان شديد التقوى مبجلاً لرجال الدين والعلماء، وكان من أشهر مَن ازدان بهم بلاطه، أمير روحاني، الشاعر والفيلسوف الذي استقدمه من بخارى، وسديد الدين محمد العَوفي مؤلف كتاب «لباب الألباب وجوامع الحكايات» ومنهاجي سراج الجوزجاني المؤرخ الشهير.
ومن أهم إنجازاته العمرانية بناؤه سنة 627هـ/1229م صهريج دهلي القديم الذي تستقي منه، والمعروف باسم «الحوض الشمسي» وإتمامه بناء مسجد قطب المعروف باسم قطب مينا، إذ بنى الطابقين الثاني والثالث من منارته الشهيرة سنة 629هـ/1231م. وقد سُمي هذا المسجد باسم وَلي الله خواجه قطب الدين بختيار، ويعد في روائع العمائر الإسلامية في الهند.
استطاع إيلتتمش أن يتولى السلطنة ويحتفظ بها لأبنائه وأحفاده من بعده مع ما لقيه من متاعب، ولذلك عُدَّ بحق المؤسس الفعلي لحكم المماليك بالهند بعد سيده المؤسس الأول قطب الدين أيبك.
مظهر شهاب
Iltutmish - Iltutmish
إيلتُتمِش
(.... ـ 633هـ/... ـ 1236م)
شمس الدين إيلتتمش Iltutmish بن عيلام خان، مملوكُ مؤسس دولة المماليك في الهند قطب الدين أيبك، وثالثُ سلاطينها ومرسي دعائم الحكم الإسلامي فيها.
أصل إيلتُتمِش من فرع من الأتراك القره خطائيين، حُمِل صغيراً من بخارى وبيع في غزنة، وانتقل من مالك إلى آخر حتى اشتراه قطب الدين في دهلي (دلهي) فنسب إليه وعُرِف بالقطبي، وقد عُني أيبك بتربيته ولمس فيه الفضيلة والذكاء والشجاعة فصار من خواصه وموضع ثقته.
وتدرج إيلتتمش في المناصب فأَعتقه أيبك وعينه أمير شكار (المسؤول عن الصيد) فأميراً لجنده ثم زوجه ابنته، كما اختاره حاكماً على غواليار Gwaliyar، ثم باران، وبداؤون Badáun.
لما توفي أيبك خلفه في السلطنة ابنه آرام شاه، ولكن كبار الحاشية والنبلاء ورجال الدين لمسوا عجزه، فراسلوا إيلتتمش في بداؤون وكان أتابك العسكر، فجمع جيوشه وتوجه إلى دهلي وهزم آرام شاه الذي يبدو إنه قتل في المعركة، واستلم إيلتُتمِش السلطنة سنة 607هـ/1210م.
كان على إيلتتمش أن يواجه في أول عهده بالحكم تهديد تاج الدين يلدز حاكم غزنة السابق، الذي كان يعد الهند من أملاكه. ويعد إيلتُتمِش تابعاً له ويخاطبه بصفته نائباً عنه. فلما طرد يلدز من غزنة على يد خوارزم شاه التجأ إلى لاهور واستولى على المدينة وطرد منها حاكمها الذي عينه ناصر الدين قباجة والي الملتان وصهر أيبك. وحينما رفض يلدز الانسحاب من لاهور توجه إيلتُتمش بجيشه نحوها وهزمه في معركة ضارية في تاراأوري Taràori، سنة 612هـ/1215م وأُخذ يلدز أسيراً وأُرسل إلى بداؤون حيث توفي في العام نفسه، واستولى قباجة على لاهور، فاضطر إيلتتمش أن يطرده منها بالقوة سنة 614هـ/1217م.
في سنة 619هـ/1221م عبر خوارزم شاه جلال الدين منكبرتي بقوة قليلة نهر السند فراراً من المغول، وطلب من إيلتُتمِش اللجوء، ولكن إيلتتمش تفادى هذا التهديد الجديد بأن وجه الخوارزميين إلى مناطق حكم قباجة المنشق عنه، فنهب جلال الدين مدن البنجاب حتى لاهور، وفرض إتاوة على أهلها.
وفي سنة 622هـ قفل جلال الدين عابراً النهر لمتابعة قتال المغول واسترداد ماخسره من بلاده، فشعر إيلتتمش بالأمان فتوجه إلى البنغال حيث كان غياث الدين عِوَض الخلجي قد أعلن استقلاله بها، ولكنه سرعان ماأعلن خضوعه واعترافه بتبعيته لإيلتُتمِش.
بعد أن توطد سلطان إيلتتمش التفت للقضاء على خصمه قباجة الذي استقل بإقليم السند مجدداً سنة 622هـ، فتوجه سنة 625هـ/1227م إلى مدينة أُتجه قاعدة حكم قباجة وحاصرها، ولكنها لم تستسلم إلا بعد ثلاثة أشهر من المقاومة البطولية. أما قباجة فكانت نهايته غرقاً في نهر السند في أثناء محاولته الفرار.
في عام 626هـ/1228م وصلت إلى دهلي سفارة من الخليفة العباسي المنتصر بالله (623-640/1225-1242) برئاسة رضي الدين حسن الصاغاني، تحمل الكسوة والهدايا إلى السلطان إيلتُتمِش وولده ورجال دولته. فاستقبلت بحفاوة كبيرة، وكانت هذه أول مناسبة يتلقى فيها حاكم مسلم في الهند اعترافاً من الخليفة بصفته سلطان الهند، وضربت بهذه المناسبة نقود فضية نقشت عليها عبارة «ناصر أمير المؤمنين».
في سنة 627هـ ثار في البنغال رجل يدعى بلكاء Balká الخلجي، إثر موت ناصر الدين محمود بن إيلتتمش ونائبه فيها. فتوجه إيلتُتمِش إليها وقمع الثورة ووطد الأمن وعاد إلى عاصمته. وفي سنة 630هـ/1233م استعاد إيلتُتمِش غواليار Gwaliyar من الهندوس، ثم استولى على مالوا Malwa وتوجه منها إلى حصن بلسا Bhilsa، واجتاح أُجَّين Udjdjayn وهدم المعبد المقدس في مهاكالي Mahakali وحطم التمثال الحجري لراجا فيكرماديتيا Vikramaditya الذي ينتسب إليه المذهب الهندوسي الحالي.
تعرَّض إيلتُتمش بعد عودته المظفَّرة من مالوا إلى محاولة اغتيال في أثناء تأديته صلاة الجمعة من قبل بعض الإسماعيلية الذين استقروا في دهلي بعد أن طردهم محمد الغوري من معاقلهم في الملتان. ولكي ينتقم إيلتتمش من الإسماعيلية توجه على رأس حملة للقضاء على جيوبهم الإسماعيلية في الملتان، ولكنه اعتل اعتلالاً خطيراً فحمل إلى دهلي حيث توفي في شهر شعبان.
يُعد إيلتتمش في أعظم ملوك دولة المماليك في الهند، إذ أعاد تنظيم جهاز الدولة وحدد لكل دائرة اختصاصها بمساعدة الوزير القدير فخر الدين عصامي، الذي كان في بلاط الخليفة في بغداد، وألّف كتاب «أدب الحرب والشجاعة». وكان إيلتتمش يحرص على تحقيق العدالة بين رعاياه، ويفتح أبوابه للمظلومين للاستماع إلى شكاواهم، وأنشأ المدارس وأنفق أموالاً طائلة على كتابة القرآن. وجعل نسخه متداولة بين الناس، وكان شديد التقوى مبجلاً لرجال الدين والعلماء، وكان من أشهر مَن ازدان بهم بلاطه، أمير روحاني، الشاعر والفيلسوف الذي استقدمه من بخارى، وسديد الدين محمد العَوفي مؤلف كتاب «لباب الألباب وجوامع الحكايات» ومنهاجي سراج الجوزجاني المؤرخ الشهير.
ومن أهم إنجازاته العمرانية بناؤه سنة 627هـ/1229م صهريج دهلي القديم الذي تستقي منه، والمعروف باسم «الحوض الشمسي» وإتمامه بناء مسجد قطب المعروف باسم قطب مينا، إذ بنى الطابقين الثاني والثالث من منارته الشهيرة سنة 629هـ/1231م. وقد سُمي هذا المسجد باسم وَلي الله خواجه قطب الدين بختيار، ويعد في روائع العمائر الإسلامية في الهند.
استطاع إيلتتمش أن يتولى السلطنة ويحتفظ بها لأبنائه وأحفاده من بعده مع ما لقيه من متاعب، ولذلك عُدَّ بحق المؤسس الفعلي لحكم المماليك بالهند بعد سيده المؤسس الأول قطب الدين أيبك.
مظهر شهاب