الدّرّ المخبوء للأديبة الرّاقية فخر هوّاش

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الدّرّ المخبوء للأديبة الرّاقية فخر هوّاش

    (سادتي :لا أستطيع أن أكتب إلا بوصفي إمرأة، منطلقةً من شرفِ كوني كذلك)
    تماهياً مع تلك المقولةِ الموغلةِ في القدم للكاتبة(جيني هيريكورت).
    وبما أنّ الكلمة هي مخبوء الإنسان الداخلي الوجداني والفكري سواءً أكانت مكتوبةً أم منطوقةً، فهي تتجلَّى ممهورةً بطاقتهِ وحالتهِ النفسيةِ والمزاجيةِ النابعةِ من كينونتهِ...
    ؛ لذلك كان الحرف الأنثوي كتصنيفٍ واقعيٍ صرف.. ولا أعني هنا البتَّة ماعُرف بالأدب النَّسَوي كدلالةٍ على محتواه وأهدافه من ناحيةِ الإنتصار ِ لقضية المرأة والدفاع عن حقوقها، وكفاحها الطويل للمساواة بالرجل. ولست ألمِّحُ هنا إلى ذلك المفهوم الضّيق للتجربة الأدبية النسائية التي تتلخص بمخاطبةِ الرّجل بعواطفَ جيّاشة مباشرة دون الإنفتاح على الفضاء الإنساني الأرحب...
    بل إني أرنو إلى ماهو أبعد من النّظرةِ العامةِ لهُ على أنهُ أقربُ إلى التقليدِ منه للإبداع؛ إذ إنّ المرأة الكاتبة لطالما ركّزت في ذلك على الجانبِ الفنّي، مُغلِّبة إيّاه على حسابِ الموضوعي والمحتوى القيَّمي المفروض في العمل الأدبي، وذلك لإثبات قدراتها، ووجودها في واقعٍ يُحاول بكل تشعباتهِ إقصاءها، وتغييب حريتها وإنسانيتها، وربما ذَهبتْ في بعض الأحيان إلى تقمُّص حرفِ الرجل وفكرهِ وهالتهِ. وراحت تواكبهُ في مقاييسهِ وقيمهِ الموروثة، بل مضت تُحاصره بصورة المرأة المنفتحة داخل حريَّة الكتابة، منافية للصورةِ التي رسمتها تخرّصاته والأمثلة كثيرة ....
    إنَّ ما أصبو وأتطلعُ إليهِ هنا هو ذاكَ البعد القَصِي للذاتِ الإبداعية للأنثى الكاتبة ،،ذاك الحس الوجداني الذي تتمتع به، ويتجذّر في تكوينها الأنثوي وفقاً لفطرتها التي تحاكي الأرض في خصبها، تلك الخلجات السريَّة الخلّاقة التي تنبثقُ منها كل الزروع والزهور بشتَّى العطور، وفي كل الفصول ليغدو كل عمل أدبي على اختلاف جنسهِ أشبهَ بالوليد الذي خرج من رحمها، واكتسب سماتها، وتشبَّع من روحها، وحملَ صفاتها الجينية. وهي البارعة في التقاط النتوءاتِ المُهمَلة والدقيقةُ في تصوير التفاصيل المُهمَّشة التي لا يراها الرجل، أو إنه يتعمد تجاهلها لأنّ تقييمهُ مختلف، أو ربما يكون نوعاً من التهرُّب الضريبي لفهم كُنه المرأة الحقيقي ...
    فعلى الرّغم من نصيبِ الأنثى المخبوء في نسقها اللغوي المُتقِن لآلياتِ التوريةِ والموارَبةِ عند التعبير عن حقيقتها إلا أنّ هناك نافذة لهذه الحجرة المغلقة تسمح لها بالخروج من العتمة؛ لتخط في الضوء أثراً يقول: أنا هنا ..
    إذ إنّ القهر الوجودي العام الذي تُمارسهُ العلاقات الإجتماعية والنفسية والأخلاقية المتمثلة بالرجل، لاتشكله المحظورات الخارجية فحسب، بل إنّ المرأة المُبدِعة تدرك أنّ بعضاً منه مازال في أعماق ذاتها. وهو ما يحتاج إلى الانعتاق والتحرر. وذلك بإدراك
    (أنّ الكون قائم على الثنائيات المتضادة ظاهراً، والمتكاملة في عمقها لصياغة هذا الكون)
    وأنّ ذاك الرحيقَ المخبوءَ هو أصدقُ مافي كينونتها وهو مبعثُ قوتها الحقيقية وليس العكس. وأنّ ذاكَ المتربِّع على كفةِ الميزان المقابلةِ لها بأمسِّ الحاجة لقراءتها التي تفتح له صفحة ذاته المُبهمَة، لربما نلتقي في ظلال الكلمة، وقدسية المعنى؛ فتحملنا الكلمة معاً في طيات حروفها وجوهرها.إلى رحمة الكاف، ومودة النون، ونسكنُ في عين الله، أونعثر على سين الوجود!
    وأختم هنا برؤية الشاعر خالد مَحادين للمرأة الشاعرة؛ إذ قال: .....
    "ما أحتاج إليه أنْ أعرف
    كيف تستطيع امرأة
    أنْ ترحل بمدينة..؟
    تضع الناس، والشوارع،
    والأشجار، والأغاني، والوجود، والأرصفة،
    وصناديق التفاح، وأكياس الخبز،
    والصحف اليومية، داخل
    بطاقة سفرها وتغادر..
    امرأة تلف الأرض داخل
    مغلف صغير، وتربط عليها
    شعرة من جديلتها، ثم تمشي
    تاركة خلفها عاشقها
    يحاول بسذاجة أن يقاوم الليل، والصمت، والمسافات..
    ببيت من الشعر أو بيت من الشمع".
يعمل...
X