ايوب (ملك صالح)
Ayyub (al-Malik al-saleh-) - Ayyoub (al-Malik al-saleh-)
أيوب (الملك الصالح ـ)
(603ـ647هـ/1206ـ1249م)
السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب ابن السلطان الملك الكامل، سابع سلاطين الديار المصرية من الأيوبيين، ولد بالقاهرة وبها نشأ.
استنابه أبوه الكامل على مصر سنة 625هـ/1227م وألبسه شعار السلطنة وأنزله دار الوزارة، وخرج الكامل مع جنده يريد الشام، فأخذ دمشق من ابن أخيه الناصر داود في شعبان سنة 626هـ/1228م ودفعها إلى أخيه الأشرف وأخذ عوضها من بلاد الشرق، حَرَّان والرُّها وسروج والرَقّة وسِنجار ورأس العين، ولما عاد إلى مصر سنة 627هـ تغيَّر على ولده الصالح نجم الدين، وخلعه من ولاية العهد واستخلفه على الشرق وإقليم ديار بكر، فاتخذ من حصن كيفا مركزاً لولايته.
وبسبب تهديدات التتر المتكررة على حدود ولاية نجم الدين أيوب ونزولهم سنة 634هـ على إربل واستيلائهم عليها عنوة، استخدم الملك الصالح نجم الدين الجند الخوارزمية الباقين من جيش جلال الدين بن خوارزم شاه (قتل سنة 628هـ/1230م) فقوي بأس الصالح أيوب بهم، ولكنهم مالبثوا أن خرجوا عن طاعته بعد وفاة والده الكامل سنة 635هـ/1237م، وأطمع ذلك به بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل (631-657هـ/1233-1258م) الذي حاصر الصالح أيوب بسنجار حتى أشرف على أخذها فاستنجد الصالح أيوب ثانية بالخوارزمية، ووعدهم الرها وحرَّان، فتوجهوا نحو سنجار وهزموا لؤلؤاً ونهبوا أمواله وخزائنه وجميع ما كان في معسكره.
ولما بلغ الملك الصالح نجم الدين أيوب أن أخاه الأصغر العادل الثاني محمد بن محمد قد تسلَّم السلطنة قصد الشام بجند الشرق سنة 636هـ/1238م، فخرج إليه الملك الجواد واتفق على مقايضة دمشق بسنجار وعانة لعجزه عن القيام بمملكة دمشق وخوفاً من أن يستولي العادل عليها، فنزل الملك الصالح أيوب قلعة دمشق، ثم قرر التوجه إلى مصر لأخذها من أخيه العادل.
وفي الرابع عشر من ذي القعدة سنة 637هـ/1240م، استولى الصالح على ملك مصر ودخل قلعة الجبل، وقبض على أخيه العادل وسجنه فيها حتى توفي سنة 645هـ، فضبط الأمور، وقام بأعباء المملكة ونظر في عمارة الأرض وحارب عربان الصعيد، وقبض على جماعة من الأمراء الكاملية وسجنهم بقلعة صَدْر بالقرب من أيلة وسجن الأمراء الأشرفية، وقدَّم مماليكه وأقامهم أمراء وأكثر من شراء المماليك من أجناس مختلفة، وبدأ ببناء القلعة في جزيرة الروضة سنة 639هـ/1242م، وكانت قبل ذلك متنزهاً ملوكياً ومسكناً للناس، وأنفق الصالح في عمارتها أموالاً جمة، وبنى فيها الدور والقصور وعمل لها ستين برجاً وبنى فيها جامعاً وشحنها بالأسلحة وآلات الحرب ومايحتاج إليه من الغلال والأزواد والأقوات خشية محاصرة الفرنج له فإنهم كانوا حينئذٍ عازمين على قصد مصر. فلما كمل بناؤها سنة 641هـ/1243م تحوَّل إليها بأهله وحرمه واتخذها دار ملك وأسكن فيها معه مماليكه الذين عرفوا بالمماليك البحرية.
في السنة نفسها (641هـ) ترددت الرسل بين الصالح أيوب صاحب مصر وعمه الصالح إسماعيل صاحب بعلبك على أن تكون دمشق للصالح إسماعيل وأن يقيم هو وأهل حلب وحمص الخطبة في بلادهم لصاحب مصر، وأن يردّ إليه ولده المغيث المعتقل في قلعة دمشق، ولكن الملك الصالح إسماعيل نقض الصلح حينما بلغه ـ وفق رواية ابن واصل ـ أن الصالح نجم الدين كاتب الخوارزمية يحثهم على التحرك ويعلمهم أنه إنما صالح عمه لينقذ ابنه وأنه باق على عداوته، أما ابن كثير فيذكر أن وزير الصالح إسماعيل، أبا الحسن غزال المسلماني أشار عليه أن لا يرد المغيث عمر إلى والده لأنه إن فعل ذلك خرجت البلاد من يده، عند ذلك نقض الصالح إسماعيل الصلح ورد الغلام إلى القلعة وقطع الخطبة للصالح أيوب واتفق مع الناصر داود صاحب الكرك والمنصور إبراهيم صاحب حمص (637-644هـ) مع الفرنج على قتال الصالح أيوب الذي استقدم الخوارزمية فنزلوا على غزة واستولوا على القدس سنة 641هـ وأخرجوا الفرنج منها، ثم جرت معركة بظاهر غزة سنة 642هـ هُزم فيها الصالح إسماعيل وحلفاؤه هزيمة منكرة وأُسر من الفرنج جماعة من أمرائهم وأَساقفتهم وقسوسهم وطائفة من أمراء المسلمين أرسلوا جميعاً إلى الصالح أيوب في مصر، ثم أرسل الصالح أيوب الخوارزمية في صحبة معين الدين بن الشيخ لأخذ دمشق، وبعد حصار أرهق أهل دمشق اتفق على أن يخرج الصالح إسماعيل إلى بعلبك ويسلم دمشق إلى الصالح أيوب.
لما رأت الخوارزمية أن السلطان قد تملك بهم الشام وهزم أعداءه صار لهم عليه إدلال كثير فطمعوا في المكافآت العظيمة فلما لم يحصلوا على شيء فسدت نيتهم وخرجوا عليه وتحالفوا مع الصالح إسماعيل وتوجهوا لحصار دمشق، فاستمال الصالح أيوب إليه الملك المنصور إبراهيم صاحب حمص، فشرع في جمع الجيوش لاستنقاذ دمشق من الخوارزمية، وجرت معركة قرب بحيرة حمص سنة 643هـ/1245م قتل فيها عامة الخوارزمية وقُتل مقدمهم بركات خان ولم تقم لهم بعدها قائمة، وقدم الصالح أيوب سنة 644هـ إلى دمشق فأحسن إلى أهلها، وانتزع صرخد (صلخد) من يد عز الدين أيبك، والصلت من الناصر داود وحصن الصُبَيْبَة (اسم لقلعة بانياس) من ابن عمه الملك السعيد ابن الملك العزيز وأنزل الجيوش سنة 645هـ لحصار الفرنج ففتحت طبرية في العاشر من صفر وعسقلان في أواخر جمادى الآخرة.
ولما كان الصالح نجم الدين أيوب في الشام سنة 647هـ وصلت إليه الأنباء بقدوم حملة صليبية إلى مصر فحُمِل إليها في محفة لمرضه، ولما وصل لويس التاسع ملك فرنسة وقائد الحملة الصليبية السابعة إلى دمياط وجدها مدينة حصينة، وكان الصالح أيوب قد شحنها بالذخائر والآلات والرجال، فارتأى أن يترك مدينة دمياط وينزل على الضفة الغربية للنيل لمواجهة المدينة، وتصدى الجيش الأيوبي للصليبيين ودارت بين الفريقين معركة على رمال الشاطئ انتصر فيها الصليبيون، فاستولى الخوف على أهل دمياط فتركوا مدينتهم هاربين وتراجعت قوات الصالح إلى الضفة الشرقية دون أن تَقْطَع الجسر الذي يربط دمياط بالضفة الغربية، فدخلت جيوش لويس التاسع مدينة دمياط دون قتال في جمادى الأولى سنة 647هـ حزيران سنة 1249م، وعاقب الصالح أيوب حماة دمياط لعدم ثباتهم وتوجه على مرضه الذي كان يشتد يوماً بعد يوم إلى المنصورة وعسكر فيها، وأعلن النفير العام واستدعى النجدات من مصر، ولكنه توفي في ليلة النصف من شعبان، فأخفت زوجته أم خليل شجرة الدر موته وأظهرت أنه مريض مدنف لا يوصل إليه، وبقيت تصدر المراسيم باسم زوجها الصالح أيوب، وأرسلت إلى ابنه الملك المعظم توران شاه وهو بحصن كيفا تطلب منه القدوم بسرعة عملاً بنصيحة أعيان الأمراء.
بعد وصول توران شاه إلى القاهرة، دُفن الصالح أيوب بتربته بجانب مدرسته وكانت مدة ملكه تسع سنين وثمانية أشهر وعشرين يوماً وعمره نحو أربع وأربعين سنة.
تضاربت أقوال المؤرخين ممن عاصر الصالح أيوب أو جاء بعده فيه فمنهم من مدحه ومنهم من ذمه، ولكنهم يجمعون على أنه كان حسن السياسة عالي الهمة لا يُمكِّن القوي من الضعيف ويُنصف المظلوم من الظالم، واسع الصدر في إعطاء الجند والإنفاق في مهمات الدولة.
وقد بنى الصالح أيوب إضافة إلى قلعة الروضة، مناظر اللَّوق على جانب النيل، والميدان الذي عُرف بالميدان الصالحي والذي كان يركب إليه ويلعب فيه بالكرة، كما بنى القاعة الصالحية في قلعة الجبل قبل انتقاله إلى قلعة الروضة، وبنى الكبَش وهو قصر في القاهرة، ومدينة الصالحية بالرَمل بين مصر والعريش وأمر ببناء المنارة الشرقية بجامع دمشق وأمر بإعادة أسوار بيت المقدس كما كانت أيام الناصر صلاح الدين، وأنفق عليها الأموال الكثيرة، وبنى مدرستين أطلق عليهما اسم المدارس الصالحية رتَّب فيها دروساً للمذاهب الأربعة، وهو أول من فعل ذلك في مكان واحد في الديار المصرية.
نجدة خماش
Ayyub (al-Malik al-saleh-) - Ayyoub (al-Malik al-saleh-)
أيوب (الملك الصالح ـ)
(603ـ647هـ/1206ـ1249م)
السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب ابن السلطان الملك الكامل، سابع سلاطين الديار المصرية من الأيوبيين، ولد بالقاهرة وبها نشأ.
استنابه أبوه الكامل على مصر سنة 625هـ/1227م وألبسه شعار السلطنة وأنزله دار الوزارة، وخرج الكامل مع جنده يريد الشام، فأخذ دمشق من ابن أخيه الناصر داود في شعبان سنة 626هـ/1228م ودفعها إلى أخيه الأشرف وأخذ عوضها من بلاد الشرق، حَرَّان والرُّها وسروج والرَقّة وسِنجار ورأس العين، ولما عاد إلى مصر سنة 627هـ تغيَّر على ولده الصالح نجم الدين، وخلعه من ولاية العهد واستخلفه على الشرق وإقليم ديار بكر، فاتخذ من حصن كيفا مركزاً لولايته.
وبسبب تهديدات التتر المتكررة على حدود ولاية نجم الدين أيوب ونزولهم سنة 634هـ على إربل واستيلائهم عليها عنوة، استخدم الملك الصالح نجم الدين الجند الخوارزمية الباقين من جيش جلال الدين بن خوارزم شاه (قتل سنة 628هـ/1230م) فقوي بأس الصالح أيوب بهم، ولكنهم مالبثوا أن خرجوا عن طاعته بعد وفاة والده الكامل سنة 635هـ/1237م، وأطمع ذلك به بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل (631-657هـ/1233-1258م) الذي حاصر الصالح أيوب بسنجار حتى أشرف على أخذها فاستنجد الصالح أيوب ثانية بالخوارزمية، ووعدهم الرها وحرَّان، فتوجهوا نحو سنجار وهزموا لؤلؤاً ونهبوا أمواله وخزائنه وجميع ما كان في معسكره.
ولما بلغ الملك الصالح نجم الدين أيوب أن أخاه الأصغر العادل الثاني محمد بن محمد قد تسلَّم السلطنة قصد الشام بجند الشرق سنة 636هـ/1238م، فخرج إليه الملك الجواد واتفق على مقايضة دمشق بسنجار وعانة لعجزه عن القيام بمملكة دمشق وخوفاً من أن يستولي العادل عليها، فنزل الملك الصالح أيوب قلعة دمشق، ثم قرر التوجه إلى مصر لأخذها من أخيه العادل.
وفي الرابع عشر من ذي القعدة سنة 637هـ/1240م، استولى الصالح على ملك مصر ودخل قلعة الجبل، وقبض على أخيه العادل وسجنه فيها حتى توفي سنة 645هـ، فضبط الأمور، وقام بأعباء المملكة ونظر في عمارة الأرض وحارب عربان الصعيد، وقبض على جماعة من الأمراء الكاملية وسجنهم بقلعة صَدْر بالقرب من أيلة وسجن الأمراء الأشرفية، وقدَّم مماليكه وأقامهم أمراء وأكثر من شراء المماليك من أجناس مختلفة، وبدأ ببناء القلعة في جزيرة الروضة سنة 639هـ/1242م، وكانت قبل ذلك متنزهاً ملوكياً ومسكناً للناس، وأنفق الصالح في عمارتها أموالاً جمة، وبنى فيها الدور والقصور وعمل لها ستين برجاً وبنى فيها جامعاً وشحنها بالأسلحة وآلات الحرب ومايحتاج إليه من الغلال والأزواد والأقوات خشية محاصرة الفرنج له فإنهم كانوا حينئذٍ عازمين على قصد مصر. فلما كمل بناؤها سنة 641هـ/1243م تحوَّل إليها بأهله وحرمه واتخذها دار ملك وأسكن فيها معه مماليكه الذين عرفوا بالمماليك البحرية.
في السنة نفسها (641هـ) ترددت الرسل بين الصالح أيوب صاحب مصر وعمه الصالح إسماعيل صاحب بعلبك على أن تكون دمشق للصالح إسماعيل وأن يقيم هو وأهل حلب وحمص الخطبة في بلادهم لصاحب مصر، وأن يردّ إليه ولده المغيث المعتقل في قلعة دمشق، ولكن الملك الصالح إسماعيل نقض الصلح حينما بلغه ـ وفق رواية ابن واصل ـ أن الصالح نجم الدين كاتب الخوارزمية يحثهم على التحرك ويعلمهم أنه إنما صالح عمه لينقذ ابنه وأنه باق على عداوته، أما ابن كثير فيذكر أن وزير الصالح إسماعيل، أبا الحسن غزال المسلماني أشار عليه أن لا يرد المغيث عمر إلى والده لأنه إن فعل ذلك خرجت البلاد من يده، عند ذلك نقض الصالح إسماعيل الصلح ورد الغلام إلى القلعة وقطع الخطبة للصالح أيوب واتفق مع الناصر داود صاحب الكرك والمنصور إبراهيم صاحب حمص (637-644هـ) مع الفرنج على قتال الصالح أيوب الذي استقدم الخوارزمية فنزلوا على غزة واستولوا على القدس سنة 641هـ وأخرجوا الفرنج منها، ثم جرت معركة بظاهر غزة سنة 642هـ هُزم فيها الصالح إسماعيل وحلفاؤه هزيمة منكرة وأُسر من الفرنج جماعة من أمرائهم وأَساقفتهم وقسوسهم وطائفة من أمراء المسلمين أرسلوا جميعاً إلى الصالح أيوب في مصر، ثم أرسل الصالح أيوب الخوارزمية في صحبة معين الدين بن الشيخ لأخذ دمشق، وبعد حصار أرهق أهل دمشق اتفق على أن يخرج الصالح إسماعيل إلى بعلبك ويسلم دمشق إلى الصالح أيوب.
لما رأت الخوارزمية أن السلطان قد تملك بهم الشام وهزم أعداءه صار لهم عليه إدلال كثير فطمعوا في المكافآت العظيمة فلما لم يحصلوا على شيء فسدت نيتهم وخرجوا عليه وتحالفوا مع الصالح إسماعيل وتوجهوا لحصار دمشق، فاستمال الصالح أيوب إليه الملك المنصور إبراهيم صاحب حمص، فشرع في جمع الجيوش لاستنقاذ دمشق من الخوارزمية، وجرت معركة قرب بحيرة حمص سنة 643هـ/1245م قتل فيها عامة الخوارزمية وقُتل مقدمهم بركات خان ولم تقم لهم بعدها قائمة، وقدم الصالح أيوب سنة 644هـ إلى دمشق فأحسن إلى أهلها، وانتزع صرخد (صلخد) من يد عز الدين أيبك، والصلت من الناصر داود وحصن الصُبَيْبَة (اسم لقلعة بانياس) من ابن عمه الملك السعيد ابن الملك العزيز وأنزل الجيوش سنة 645هـ لحصار الفرنج ففتحت طبرية في العاشر من صفر وعسقلان في أواخر جمادى الآخرة.
ولما كان الصالح نجم الدين أيوب في الشام سنة 647هـ وصلت إليه الأنباء بقدوم حملة صليبية إلى مصر فحُمِل إليها في محفة لمرضه، ولما وصل لويس التاسع ملك فرنسة وقائد الحملة الصليبية السابعة إلى دمياط وجدها مدينة حصينة، وكان الصالح أيوب قد شحنها بالذخائر والآلات والرجال، فارتأى أن يترك مدينة دمياط وينزل على الضفة الغربية للنيل لمواجهة المدينة، وتصدى الجيش الأيوبي للصليبيين ودارت بين الفريقين معركة على رمال الشاطئ انتصر فيها الصليبيون، فاستولى الخوف على أهل دمياط فتركوا مدينتهم هاربين وتراجعت قوات الصالح إلى الضفة الشرقية دون أن تَقْطَع الجسر الذي يربط دمياط بالضفة الغربية، فدخلت جيوش لويس التاسع مدينة دمياط دون قتال في جمادى الأولى سنة 647هـ حزيران سنة 1249م، وعاقب الصالح أيوب حماة دمياط لعدم ثباتهم وتوجه على مرضه الذي كان يشتد يوماً بعد يوم إلى المنصورة وعسكر فيها، وأعلن النفير العام واستدعى النجدات من مصر، ولكنه توفي في ليلة النصف من شعبان، فأخفت زوجته أم خليل شجرة الدر موته وأظهرت أنه مريض مدنف لا يوصل إليه، وبقيت تصدر المراسيم باسم زوجها الصالح أيوب، وأرسلت إلى ابنه الملك المعظم توران شاه وهو بحصن كيفا تطلب منه القدوم بسرعة عملاً بنصيحة أعيان الأمراء.
بعد وصول توران شاه إلى القاهرة، دُفن الصالح أيوب بتربته بجانب مدرسته وكانت مدة ملكه تسع سنين وثمانية أشهر وعشرين يوماً وعمره نحو أربع وأربعين سنة.
تضاربت أقوال المؤرخين ممن عاصر الصالح أيوب أو جاء بعده فيه فمنهم من مدحه ومنهم من ذمه، ولكنهم يجمعون على أنه كان حسن السياسة عالي الهمة لا يُمكِّن القوي من الضعيف ويُنصف المظلوم من الظالم، واسع الصدر في إعطاء الجند والإنفاق في مهمات الدولة.
وقد بنى الصالح أيوب إضافة إلى قلعة الروضة، مناظر اللَّوق على جانب النيل، والميدان الذي عُرف بالميدان الصالحي والذي كان يركب إليه ويلعب فيه بالكرة، كما بنى القاعة الصالحية في قلعة الجبل قبل انتقاله إلى قلعة الروضة، وبنى الكبَش وهو قصر في القاهرة، ومدينة الصالحية بالرَمل بين مصر والعريش وأمر ببناء المنارة الشرقية بجامع دمشق وأمر بإعادة أسوار بيت المقدس كما كانت أيام الناصر صلاح الدين، وأنفق عليها الأموال الكثيرة، وبنى مدرستين أطلق عليهما اسم المدارس الصالحية رتَّب فيها دروساً للمذاهب الأربعة، وهو أول من فعل ذلك في مكان واحد في الديار المصرية.
نجدة خماش