ما كتبته في زمن الكورونا عن الخفاش وفن الرسم
.................................................. .................
الخفاش يصدر أصواتاً ليتعرف بها على ما يحيط به من أشياء.
الصدى الذي يرتد إليه، هو الذي يرسم له صور تلك الأشياء.
الصور عند الخفاش تتشكل بالصوت إذاً.
اي صور هذه ؟...لا نعرف.
إلا أنني، وانتم، نرى صور العالم ظاهرة بمعونة ضوء الشمس.
في حين ترسم الأصوات للخفاش صور العالم.
والخفاش، يستطيع أن يميز ما بين زيف صورة المرآة والصورة الحقيقية للأشياء التي تقبع خارجها، لأن الصوت الذي يبعثه ويرتد اليه، هو أصدق أنباء عن حقيقة المرآة من الضوء.
المرآة عند الخفاش سطح أملس وصلب وليس فضاءاً وهمياً عميقاً.
لست هنا معنياً بعلاقة الخفاش بفيروس كورونا.
بل بالممكنات التي ترسم لنا وللخفافيش صوراً.
ما يهمني هنا، هو أنني أبصر بعينيَّ وهو بأذنيه.
لكن الرسام الجيد، يرى الاشكال بأذنيه ايضاً، في الحال الذي تتحول فيه تلك الاشكال الى اصوات، او الى موسيقى.
انه يرسم كما الخفاش، صورة صوتية لأشكال لا يسمعها الا مرهفو السمع.
تمنيت لو تمكن الخفاش من أن يترجم لنا صور العالم بالأصوات.
اتحدث عن الخفاش، لأن جزءا من أعمالي الحالية يتناوله كثيمة من زوايا مختلفة.
جاء أغلبها في شكل رسومات تتشح بالمزاج التعبيري وسمة الارتجال ونقاء الخطوط.
ظهر هذا المنحى التعبيري في أعمالي بسبب كوني اليوم كما هو حال غالبية البشر، في مزاج غير عادي، حين انتابني القلق وهاجس عدم الشعور بالطمأنينة.
لم أفكر يوما بأن تكون حياتنا بتلك الهشاشة.
لقد انهار ذلك البناء المعنوي المكين للحياة البشرية في داخلي، كما انهار اليوم جزء من النسق البنائي الرصين الذي كنت أرعاه في رسومي السابقة، فجاءت هذه الأعمال في شكل ضوضاء خطية، وتشابكات معقدة، وتقاطعات، ومزيد من تراكم الطبقات اللونية والأشكال الاعتباطية في عدد منها.
إن هذه الحلول التقنية لم تظهر جزافاً، بل هي رد فعل لما ينتابني من هواجس تسير داخل المسارب المعقدة للأرواح الانسانية الخربة.
عمار داود
السويد، 2020
نشر النص في مجلة (ماكو)
الصور المرفقة: عملين من تخطيطاتي عن الخفاش.
.................................................. .................
الخفاش يصدر أصواتاً ليتعرف بها على ما يحيط به من أشياء.
الصدى الذي يرتد إليه، هو الذي يرسم له صور تلك الأشياء.
الصور عند الخفاش تتشكل بالصوت إذاً.
اي صور هذه ؟...لا نعرف.
إلا أنني، وانتم، نرى صور العالم ظاهرة بمعونة ضوء الشمس.
في حين ترسم الأصوات للخفاش صور العالم.
والخفاش، يستطيع أن يميز ما بين زيف صورة المرآة والصورة الحقيقية للأشياء التي تقبع خارجها، لأن الصوت الذي يبعثه ويرتد اليه، هو أصدق أنباء عن حقيقة المرآة من الضوء.
المرآة عند الخفاش سطح أملس وصلب وليس فضاءاً وهمياً عميقاً.
لست هنا معنياً بعلاقة الخفاش بفيروس كورونا.
بل بالممكنات التي ترسم لنا وللخفافيش صوراً.
ما يهمني هنا، هو أنني أبصر بعينيَّ وهو بأذنيه.
لكن الرسام الجيد، يرى الاشكال بأذنيه ايضاً، في الحال الذي تتحول فيه تلك الاشكال الى اصوات، او الى موسيقى.
انه يرسم كما الخفاش، صورة صوتية لأشكال لا يسمعها الا مرهفو السمع.
تمنيت لو تمكن الخفاش من أن يترجم لنا صور العالم بالأصوات.
اتحدث عن الخفاش، لأن جزءا من أعمالي الحالية يتناوله كثيمة من زوايا مختلفة.
جاء أغلبها في شكل رسومات تتشح بالمزاج التعبيري وسمة الارتجال ونقاء الخطوط.
ظهر هذا المنحى التعبيري في أعمالي بسبب كوني اليوم كما هو حال غالبية البشر، في مزاج غير عادي، حين انتابني القلق وهاجس عدم الشعور بالطمأنينة.
لم أفكر يوما بأن تكون حياتنا بتلك الهشاشة.
لقد انهار ذلك البناء المعنوي المكين للحياة البشرية في داخلي، كما انهار اليوم جزء من النسق البنائي الرصين الذي كنت أرعاه في رسومي السابقة، فجاءت هذه الأعمال في شكل ضوضاء خطية، وتشابكات معقدة، وتقاطعات، ومزيد من تراكم الطبقات اللونية والأشكال الاعتباطية في عدد منها.
إن هذه الحلول التقنية لم تظهر جزافاً، بل هي رد فعل لما ينتابني من هواجس تسير داخل المسارب المعقدة للأرواح الانسانية الخربة.
عمار داود
السويد، 2020
نشر النص في مجلة (ماكو)
الصور المرفقة: عملين من تخطيطاتي عن الخفاش.