الهجرة إلى المنصات
المنصات المشفرة التي تعنى بالفن لا تخلق نجوما لحد الآن، فهي تسحب النجوم من التلفزيون لتحتكرهم.
فضائيات خاصة تنشط في ملء الفراغ
مع تراجع التلفزيون الحكومي عن لعب دوره في تمويل المسلسلات والسلسلات الهزلية ذات البعد الاجتماعي، نشطت الفضائيات الخاصة في ملء الفراغ، ولكن بأسلوب يقوم على الاحتكار، والعرض لمرة واحدة، وهو أمر يمنع المشاهد من متابعة كل ما يتم عرضه في رمضان بسبب عرض جميع المنتجات في وقت واحد من خلال البدء بالسلسلات الاجتماعية الهزلية ثم المسلسلات.
وهو ما يعني أن المشاهد سيظفر بمسلسل وسلسلة هزلية ليس أكثر، أو أنه سيضطر لمشاهدة الجميع بنظام فوضوي، فتراه ينتقل من قناة إلى أخرى بين الدقيقة والأخرى، ولا يخرج بأي فائدة، ولا يستطيع تتبع مسار الأحداث، فضلا عن أن نوعا من الجمهور لا يتسنى له المشاهدة إما لالتزامات دينية مثل حضور التراويح أو لكونه يغادر المنزل سريعا نحو المقاهي أو الأسواق أو المشاركة في حفلات فنية في رمضان يقيمها مهرجان المدينة الذي تحول إلى تقليد ثابت يجلب إليه الكثير من الأنصار.
لم يبق أمام جمهور الدراما سوى البحث عن إعادة السلسلات والمسلسلات في المنصات المغلقة، وهذا أمر لا يتأتى لأي كان، فهناك فئة محدودة يمكنها أن تشاهد المنصات، وهي فئة مقتدرة ماليا ومن الأجيال التي تمتلك أجهزة إلكترونية على خلاف غالبية الشعب.
صحيح أن المسلسلات ستكسب إعلانات وأموالا إضافية عن تلك التي حصلت عليها لعرض واحد في الفضائيات، لكنها لن تحقق للمسلسل ولا لأبطاله وممثليه الشهرة التي يبحثون عنها من خلال التلفزيون، والتي تفتح لهم باب العمل في مسلسلات أخرى وبرامج تلفزيونية في موقع مقدمي برامج أو كمساهمين قارين وأصحاب رأي "كرونيكورات".
إذا حسبنا الأمور من جانب مالي، فسيربح المنتجون والمخرجون من الهروب إلى المنصات، ومن احتكار الفرجة، لكن لو قيّمنا الأمر من زاوية ثانية فسنجد أن هذا الاحتكار يضرّ بالإنتاج التلفزيوني من حيث انتشاره وجماهيريته، ومن حيث عائداته المالية والإعلانية، ويضر بالممثلين، لنجد أنفسنا في مواجهة مشهد جديد كالذي يحصل مع النقل التلفزيوني لمقابلات الكرة، وخاصة كرة القدم، التي خسرت جمهورها وربحت الإعلان والأموال والنجومية، وتحولت إلى نخبوية.
بالتأكيد المقارنة غير دقيقة، على الأقل عربيا، فجماهيرية الكرة والأموال التي يتم توظيفها فيها تكاد تكون خرافية قياسا بالمسلسلات والسيتكومات الهزلية، خاصة أن الممثلين ليسوا هم من يحصل على العائدات الكبيرة على عكس كرة القدم التي تحول هروبها إلى التشفير إلى باب للثروة لدى لاعبي الكرة، حتى العاديين منهم.
والأهم من كل ذلك أن المنصات المشفرة التي تعنى بالفن لا تخلق نجوما لحد الآن، فهي تسحب النجوم من التلفزيون لتحتكرهم، وقد يقود هذا الاحتكار إلى تبديد شعبية النجوم التي لا يخلقها الإعلان فقط، ولكن بالأساس يخلقها الشارع والإعلام المتاح لكل الناس.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
مختار الدبابي
كاتب وصحافي تونسي
المنصات المشفرة التي تعنى بالفن لا تخلق نجوما لحد الآن، فهي تسحب النجوم من التلفزيون لتحتكرهم.
فضائيات خاصة تنشط في ملء الفراغ
مع تراجع التلفزيون الحكومي عن لعب دوره في تمويل المسلسلات والسلسلات الهزلية ذات البعد الاجتماعي، نشطت الفضائيات الخاصة في ملء الفراغ، ولكن بأسلوب يقوم على الاحتكار، والعرض لمرة واحدة، وهو أمر يمنع المشاهد من متابعة كل ما يتم عرضه في رمضان بسبب عرض جميع المنتجات في وقت واحد من خلال البدء بالسلسلات الاجتماعية الهزلية ثم المسلسلات.
وهو ما يعني أن المشاهد سيظفر بمسلسل وسلسلة هزلية ليس أكثر، أو أنه سيضطر لمشاهدة الجميع بنظام فوضوي، فتراه ينتقل من قناة إلى أخرى بين الدقيقة والأخرى، ولا يخرج بأي فائدة، ولا يستطيع تتبع مسار الأحداث، فضلا عن أن نوعا من الجمهور لا يتسنى له المشاهدة إما لالتزامات دينية مثل حضور التراويح أو لكونه يغادر المنزل سريعا نحو المقاهي أو الأسواق أو المشاركة في حفلات فنية في رمضان يقيمها مهرجان المدينة الذي تحول إلى تقليد ثابت يجلب إليه الكثير من الأنصار.
لم يبق أمام جمهور الدراما سوى البحث عن إعادة السلسلات والمسلسلات في المنصات المغلقة، وهذا أمر لا يتأتى لأي كان، فهناك فئة محدودة يمكنها أن تشاهد المنصات، وهي فئة مقتدرة ماليا ومن الأجيال التي تمتلك أجهزة إلكترونية على خلاف غالبية الشعب.
صحيح أن المسلسلات ستكسب إعلانات وأموالا إضافية عن تلك التي حصلت عليها لعرض واحد في الفضائيات، لكنها لن تحقق للمسلسل ولا لأبطاله وممثليه الشهرة التي يبحثون عنها من خلال التلفزيون، والتي تفتح لهم باب العمل في مسلسلات أخرى وبرامج تلفزيونية في موقع مقدمي برامج أو كمساهمين قارين وأصحاب رأي "كرونيكورات".
إذا حسبنا الأمور من جانب مالي، فسيربح المنتجون والمخرجون من الهروب إلى المنصات، ومن احتكار الفرجة، لكن لو قيّمنا الأمر من زاوية ثانية فسنجد أن هذا الاحتكار يضرّ بالإنتاج التلفزيوني من حيث انتشاره وجماهيريته، ومن حيث عائداته المالية والإعلانية، ويضر بالممثلين، لنجد أنفسنا في مواجهة مشهد جديد كالذي يحصل مع النقل التلفزيوني لمقابلات الكرة، وخاصة كرة القدم، التي خسرت جمهورها وربحت الإعلان والأموال والنجومية، وتحولت إلى نخبوية.
بالتأكيد المقارنة غير دقيقة، على الأقل عربيا، فجماهيرية الكرة والأموال التي يتم توظيفها فيها تكاد تكون خرافية قياسا بالمسلسلات والسيتكومات الهزلية، خاصة أن الممثلين ليسوا هم من يحصل على العائدات الكبيرة على عكس كرة القدم التي تحول هروبها إلى التشفير إلى باب للثروة لدى لاعبي الكرة، حتى العاديين منهم.
والأهم من كل ذلك أن المنصات المشفرة التي تعنى بالفن لا تخلق نجوما لحد الآن، فهي تسحب النجوم من التلفزيون لتحتكرهم، وقد يقود هذا الاحتكار إلى تبديد شعبية النجوم التي لا يخلقها الإعلان فقط، ولكن بالأساس يخلقها الشارع والإعلام المتاح لكل الناس.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
مختار الدبابي
كاتب وصحافي تونسي