الأنظار تتحول إلى معركة التحول النقدي في لبنان
رهان على منصة بلومبرغ لتخفيف أزمة سعر صرف الليرة أمام الدولار واستعادة الثقة في سياسة المركزي.
السبت 2023/10/07
انشرWhatsAppTwitterFacebook
مصير الصرف معلق حتى إشعار آخر
اتجهت أنظار الأوساط الاقتصادية والشعبية في لبنان إلى معركة التحول النقدي الذي يسعى البنك المركزي إلى ترسيخه في ظل أزمة مالية خانقة، على أمل تحقيق بعض المكاسب التي قد تساعدهم بعض الشيء في امتصاص صدمات مستمرة منذ أربع سنوات.
بيروت - يترقب اللبنانيون بحذر الوضع النقدي في بلادهم بعد قرار الحكومة اتباع منصة جديدة لتحديد سعر صرف الدولار مقابل الليرة، بالتزامن مع تحديات مالية واقتصادية تواجهها البلاد.
وبمجرد الإعلان عن الخطوة قبل أسابيع انتقل حديث المحللين إلى التحديات الاقتصادية الشاقة، التي تنتظر السلطات النقدية لمواجهة الأزمات العميقة وإخراج الاقتصاد المترهل من متاهات البيروقراطية والفساد.
وفي مطلع الشهر الماضي، وافقت الحكومة على اقتراح البنك المركزي اعتماد منصة بلومبرغ العالمية عوضا عن منصة صيرفة المحلية، بسبب "افتقارها إلى مبادئ الشفافية والحوكمة".
ويأتي التوجه النقدي الجديد في ظل تعثر الاتفاق بين بيروت وصندوق النقد الدولي حول برنامج استدانة، حيث تعتبر المؤسسة الدولية المانحة أن لبنان لم يجر الإصلاحات الضرورية المطلوبة على الصعيد المصرفي والمالي.
ويريد صندوق النقد اتباع آلية صيرفة واضحة المعايير، ومحددات قادرة على تحديد عمليات غسيل الأموال من عدمها، وأكثر شفافية في تحديد سعر الصرف.
وأقر المركزي خلال فترة الحاكم رياض سلامة منصة صيرفة التي يحدد فيها سعر صرف الليرة أمام الدولار بشكل يومي، بناء على معايير يحددها البنك، ولا يعتمد فيها سعر الصرف على العرض والطلب.
رازي الحاج: الاستقرار المالي الذي حصل مؤخرا بحاجة إلى إصلاحات
ويعني ذلك أن اتباع منصة بلومبرغ سيدفع المتعاملين معها من البنوك والتجار المرخصين إلى تخفيف مصادر الدولارات للراغبين بصرفها، وإزالة الشكوك بشأنها.
ومنذ 2019 تعصف بلبنان، أزمة اقتصادية حادة صنفها البنك الدولي كواحدة من بين ثلاث أسوأ أزمات عرفها العالم، حيث أدت إلى انهيار مالي وتدهور معيشي، وتراجع حاد في احتياطي العملات الأجنبية.
ويحتاج إطلاق المنصة بحسب خبراء لبنانيين قرابة شهرين من إعلان القرار، إلى حين تدريب طواقم المالية في البنك المركزي والبنوك والوزارات المعنية.
وأكد عضو لجنة الاقتصاد البرلمانية النائب رازي الحاج أنه منذ بداية الأزمة الاقتصادية عام 2019 حتى اليوم، انخفض احتياطي المركزي بالعملات الأجنبية الذي يتألف من أموال المودعين من 34 مليار دولار إلى 8.5 مليارات.
ولفت الحاج في مقابلة مع وكالة الأناضول إلى أن الانخفاض كان سببه الاستمرار بتمويل نفقات الدولة ودعم سعر الصرف وتغطية عجز الموازنة من أموال المصرف المركزي، وهذا ما كان سائداً منذ انتهاء الحرب الأهلية.
وبعد استقرار دام أكثر من 25 عاما لليرة، هبط سعر الصرف مقابل الدولار الواحد تدريجياً على مدى السنوات الأربع الماضية من 1500 ليرة إلى 140 ألفا في السوق الموازية، قبل أن يتحسن عند حدود 90 ألف ليرة.
وقال الحاج إن “الاستقرار المالي الذي حصل مؤخراً بحاجة إلى إصلاحات، كما أنه في حال استمر العجز بالموازنة العامة المقبلة، واضطرار المركزي إلى تغطية هذا العجز، فسيؤدي ذلك إلى ضغط على سعر الصرف".
وأشار إلى أن لبنان يعاني من أزمة إضافية، تتمثل في التهرب الضريبي والجمركي والتهريب عبر الحدود مع سوريا، وأن الخسائر المالية الناتجة عن ذلك، تقدر سنوياً بحوالي 3 مليارات دولار.
وأكد أن إصلاح هذه الأزمة يؤدي إلى زيادة الإيرادات ويعزز الاستقرار النقدي "إضافة إلى إصلاحات أخرى تؤدي بالنهاية إلى التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي".
ومنذ أكثر من عامين ينفذ مودعون عمليات اقتحام لفروع بنوك في لبنان، يطالبون خلالها بودائعهم، وسط قيود من البنك المركزي على عمليات السحب بالدولار أو العملة المحلية.
وفي بيان أصدره منتصف سبتمبر الماضي، أعلن صندوق النقد أن عدم اتخاذ لبنان إجراءات عاجلة وطارئة يلقي بثقله أكثر على الاقتصاد الذي سيعاني أكثر.
وأكد أن البلد يواجه تحديات اقتصادية هائلة، مع انهيار القطاع المصرفي وتهالك الخدمات العامة وتدهور البنية التحتية وتفاقم ظروف الفقر والبطالة واتساع فجوة عدم المساواة بين اللبنانيين.
وبعكس منصة صيرفة، فإن المنصة الجديدة بحال عكست حقيقة العرض والطلب على الدولار في لبنان، وأوقفت المضاربة في السوق الموازية، فسيؤدي ذلك لاستقرار نقدي.
باتريك مارديني: الانتقال إلى منصة جديدة لن يؤثر على سعر صرف الليرة
كما أن هذا الاستقرار بحاجة أيضاً إلى إقرار الحكومة والبرلمان للإصلاحات الاقتصادية والنقدية المطلوبة، وتخفيف النفقات وزيادة الإيرادات.
وفي أواخر يوليو الماضي غادر سلامة منصبه الذي تبوأه طيلة ثلاثين عاما وجرى تمديد ولايته 4 مرات.
وبسبب عجز الحكومة عن عقد جلسة لمجلس الوزراء في ظل الفراغ الرئاسي، لم يجر تعيين حاكم جديد للبنك المركزي، وإنما تولى نائب الحاكم الأول للمركزي وسيم منصوري هذه المسؤولية.
ويرى الخبير الاقتصادي باتريك مارديني في حديث للأناضول أن البنك المركزي يحاول منذ فترة الحفاظ على استقرار سعر صرف الدولار من خلال ضبط حجم النقد بالليرة في الأسواق.
وأوضح أن الانتقال إلى منصة جديدة، لن يؤثر سلبا أو إيجاباً على سعر الصرف، إنما التأثير على ذلك يكون حسب كمية ضخ الأموال بالليرة في الأسواق، مشيرا إلى أن المركزي يعتزم هذه الفترة عدم ضخ أموال إضافية بالعملة المحلية.
لكن هذا الاستقرار غير مستدام، بحسب مارديني، الذي أشار إلى وجود عجز في الموازنة العامة ما سيدفع الحكومة إلى الطلب من المركزي لاحقاً لتغطية هذا العجز عبر الاقتراض أو طبع الأموال، وهذا ما سيؤدي إلى انهيار سعر الصرف.
ومنذ تولي المنصوري منصبه شدد في كثير من المرات على أن البنك المركزي لن يمول قروض الحكومة، وسيعمل على توفير السيولة فقط للواردات الضرورية التي تحتاجها الدولة.
ولفت مارديني إلى أن عدم التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد يعكس عدم قيام لبنان بالإصلاحات المالية والمصرفية اللازمة وينذر بتأخرها أكثر فأكثر "وهذا سيؤثر على الاستقرار النقدي بشكل عام وثقة المجتمع الدولي بلبنان".
ومع ذلك يعتقد الخبير اللبناني أن عدم استرجاع الثقة الداخلية والخارجية سيؤثر بدوره سلباً على الواقع الاقتصادي والمالي للبلاد.
وبحسب صندوق النقد، فإن لبنان يواجه أزمة مصرفية ونقدية سيادية غير مسبوقة، ومنذ بداية الأزمة شهد الاقتصاد انكماشاً ناهز 40 في المئة، وفقدت الليرة 98 في المئة من قيمتها، وسجل التضخم معدلات غير مسبوقة.
رهان على منصة بلومبرغ لتخفيف أزمة سعر صرف الليرة أمام الدولار واستعادة الثقة في سياسة المركزي.
السبت 2023/10/07
انشرWhatsAppTwitterFacebook
مصير الصرف معلق حتى إشعار آخر
اتجهت أنظار الأوساط الاقتصادية والشعبية في لبنان إلى معركة التحول النقدي الذي يسعى البنك المركزي إلى ترسيخه في ظل أزمة مالية خانقة، على أمل تحقيق بعض المكاسب التي قد تساعدهم بعض الشيء في امتصاص صدمات مستمرة منذ أربع سنوات.
بيروت - يترقب اللبنانيون بحذر الوضع النقدي في بلادهم بعد قرار الحكومة اتباع منصة جديدة لتحديد سعر صرف الدولار مقابل الليرة، بالتزامن مع تحديات مالية واقتصادية تواجهها البلاد.
وبمجرد الإعلان عن الخطوة قبل أسابيع انتقل حديث المحللين إلى التحديات الاقتصادية الشاقة، التي تنتظر السلطات النقدية لمواجهة الأزمات العميقة وإخراج الاقتصاد المترهل من متاهات البيروقراطية والفساد.
وفي مطلع الشهر الماضي، وافقت الحكومة على اقتراح البنك المركزي اعتماد منصة بلومبرغ العالمية عوضا عن منصة صيرفة المحلية، بسبب "افتقارها إلى مبادئ الشفافية والحوكمة".
ويأتي التوجه النقدي الجديد في ظل تعثر الاتفاق بين بيروت وصندوق النقد الدولي حول برنامج استدانة، حيث تعتبر المؤسسة الدولية المانحة أن لبنان لم يجر الإصلاحات الضرورية المطلوبة على الصعيد المصرفي والمالي.
ويريد صندوق النقد اتباع آلية صيرفة واضحة المعايير، ومحددات قادرة على تحديد عمليات غسيل الأموال من عدمها، وأكثر شفافية في تحديد سعر الصرف.
وأقر المركزي خلال فترة الحاكم رياض سلامة منصة صيرفة التي يحدد فيها سعر صرف الليرة أمام الدولار بشكل يومي، بناء على معايير يحددها البنك، ولا يعتمد فيها سعر الصرف على العرض والطلب.
رازي الحاج: الاستقرار المالي الذي حصل مؤخرا بحاجة إلى إصلاحات
ويعني ذلك أن اتباع منصة بلومبرغ سيدفع المتعاملين معها من البنوك والتجار المرخصين إلى تخفيف مصادر الدولارات للراغبين بصرفها، وإزالة الشكوك بشأنها.
ومنذ 2019 تعصف بلبنان، أزمة اقتصادية حادة صنفها البنك الدولي كواحدة من بين ثلاث أسوأ أزمات عرفها العالم، حيث أدت إلى انهيار مالي وتدهور معيشي، وتراجع حاد في احتياطي العملات الأجنبية.
ويحتاج إطلاق المنصة بحسب خبراء لبنانيين قرابة شهرين من إعلان القرار، إلى حين تدريب طواقم المالية في البنك المركزي والبنوك والوزارات المعنية.
وأكد عضو لجنة الاقتصاد البرلمانية النائب رازي الحاج أنه منذ بداية الأزمة الاقتصادية عام 2019 حتى اليوم، انخفض احتياطي المركزي بالعملات الأجنبية الذي يتألف من أموال المودعين من 34 مليار دولار إلى 8.5 مليارات.
ولفت الحاج في مقابلة مع وكالة الأناضول إلى أن الانخفاض كان سببه الاستمرار بتمويل نفقات الدولة ودعم سعر الصرف وتغطية عجز الموازنة من أموال المصرف المركزي، وهذا ما كان سائداً منذ انتهاء الحرب الأهلية.
وبعد استقرار دام أكثر من 25 عاما لليرة، هبط سعر الصرف مقابل الدولار الواحد تدريجياً على مدى السنوات الأربع الماضية من 1500 ليرة إلى 140 ألفا في السوق الموازية، قبل أن يتحسن عند حدود 90 ألف ليرة.
وقال الحاج إن “الاستقرار المالي الذي حصل مؤخراً بحاجة إلى إصلاحات، كما أنه في حال استمر العجز بالموازنة العامة المقبلة، واضطرار المركزي إلى تغطية هذا العجز، فسيؤدي ذلك إلى ضغط على سعر الصرف".
وأشار إلى أن لبنان يعاني من أزمة إضافية، تتمثل في التهرب الضريبي والجمركي والتهريب عبر الحدود مع سوريا، وأن الخسائر المالية الناتجة عن ذلك، تقدر سنوياً بحوالي 3 مليارات دولار.
وأكد أن إصلاح هذه الأزمة يؤدي إلى زيادة الإيرادات ويعزز الاستقرار النقدي "إضافة إلى إصلاحات أخرى تؤدي بالنهاية إلى التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي".
ومنذ أكثر من عامين ينفذ مودعون عمليات اقتحام لفروع بنوك في لبنان، يطالبون خلالها بودائعهم، وسط قيود من البنك المركزي على عمليات السحب بالدولار أو العملة المحلية.
وفي بيان أصدره منتصف سبتمبر الماضي، أعلن صندوق النقد أن عدم اتخاذ لبنان إجراءات عاجلة وطارئة يلقي بثقله أكثر على الاقتصاد الذي سيعاني أكثر.
وأكد أن البلد يواجه تحديات اقتصادية هائلة، مع انهيار القطاع المصرفي وتهالك الخدمات العامة وتدهور البنية التحتية وتفاقم ظروف الفقر والبطالة واتساع فجوة عدم المساواة بين اللبنانيين.
وبعكس منصة صيرفة، فإن المنصة الجديدة بحال عكست حقيقة العرض والطلب على الدولار في لبنان، وأوقفت المضاربة في السوق الموازية، فسيؤدي ذلك لاستقرار نقدي.
باتريك مارديني: الانتقال إلى منصة جديدة لن يؤثر على سعر صرف الليرة
كما أن هذا الاستقرار بحاجة أيضاً إلى إقرار الحكومة والبرلمان للإصلاحات الاقتصادية والنقدية المطلوبة، وتخفيف النفقات وزيادة الإيرادات.
وفي أواخر يوليو الماضي غادر سلامة منصبه الذي تبوأه طيلة ثلاثين عاما وجرى تمديد ولايته 4 مرات.
وبسبب عجز الحكومة عن عقد جلسة لمجلس الوزراء في ظل الفراغ الرئاسي، لم يجر تعيين حاكم جديد للبنك المركزي، وإنما تولى نائب الحاكم الأول للمركزي وسيم منصوري هذه المسؤولية.
ويرى الخبير الاقتصادي باتريك مارديني في حديث للأناضول أن البنك المركزي يحاول منذ فترة الحفاظ على استقرار سعر صرف الدولار من خلال ضبط حجم النقد بالليرة في الأسواق.
وأوضح أن الانتقال إلى منصة جديدة، لن يؤثر سلبا أو إيجاباً على سعر الصرف، إنما التأثير على ذلك يكون حسب كمية ضخ الأموال بالليرة في الأسواق، مشيرا إلى أن المركزي يعتزم هذه الفترة عدم ضخ أموال إضافية بالعملة المحلية.
لكن هذا الاستقرار غير مستدام، بحسب مارديني، الذي أشار إلى وجود عجز في الموازنة العامة ما سيدفع الحكومة إلى الطلب من المركزي لاحقاً لتغطية هذا العجز عبر الاقتراض أو طبع الأموال، وهذا ما سيؤدي إلى انهيار سعر الصرف.
ومنذ تولي المنصوري منصبه شدد في كثير من المرات على أن البنك المركزي لن يمول قروض الحكومة، وسيعمل على توفير السيولة فقط للواردات الضرورية التي تحتاجها الدولة.
ولفت مارديني إلى أن عدم التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد يعكس عدم قيام لبنان بالإصلاحات المالية والمصرفية اللازمة وينذر بتأخرها أكثر فأكثر "وهذا سيؤثر على الاستقرار النقدي بشكل عام وثقة المجتمع الدولي بلبنان".
ومع ذلك يعتقد الخبير اللبناني أن عدم استرجاع الثقة الداخلية والخارجية سيؤثر بدوره سلباً على الواقع الاقتصادي والمالي للبلاد.
وبحسب صندوق النقد، فإن لبنان يواجه أزمة مصرفية ونقدية سيادية غير مسبوقة، ومنذ بداية الأزمة شهد الاقتصاد انكماشاً ناهز 40 في المئة، وفقدت الليرة 98 في المئة من قيمتها، وسجل التضخم معدلات غير مسبوقة.