القيصرية Caesarean هي إجراء شق على البطن وشق آخر على الرحم لتوليد الجنين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • القيصرية Caesarean هي إجراء شق على البطن وشق آخر على الرحم لتوليد الجنين

    القيصرية

    تعرّف العملية القيصرية أو اختصاراً القيصرية cesarean أنها إجراء شق على البطن وشق آخر على الرحم لتوليد الجنين، ولذا فهي لا تشمل استخراج جنين موجود داخل جوف البطن إثر تمزق الرحم أو في حالة الحمل البطني.
    لمَ دعيت كذلك؟ هناك ثلاث فرضيّات: الأولى، وبحسب الرواية الأقرب إلى الأسطورة، أن يوليوس قيصر ولّد بها، وهو أمر مستبعد لأن أمه عاشت بعده سنين عدة في حين بقيت هذه العملية مميتة في كل الحالات حتى نهاية القرن السابع عشر، كما أن ولادة قيصر كانت في عام 100ق.م. والثانية تعتقد أن اسمها مشتق من قانون روماني أصدره ثاني أباطرة روما «نوما بومبيلوس» Numa Pompilius في القرن الثامن قبل الميلاد، يقضي بأن تُجرى هذه العملية على كل أم تموت في نهاية حملها لإخراج جنينها أملاً في إنقاذه إن كان حياً، وقد دعي هذا القانون بالقانون الملكي «lex regia» ثم صار يدعى «lex caesarea» ومنها اشتق اسمها الحديث. وهناك من يشكك بهذه الرواية. والفرضية الثالثة هي أن كلمة caesarean مشتقة من كلمتي caesura وcaedere اللتين تعنيان أن يقطع أو يقصّ أو يفصل وهو الأقرب إلى الصواب. وعلى الرغم من الأساطير التي تحوّم حول هذه الطريقة غير العادية في الولادة، فلم يرد لها ذكر عند كل مؤرخي الطب القدماء، أما ما ورد من تقارير عنها حتى نهاية القرن السادس عشر فمشكوك بأمرها. وأول من ذكرها بشكل علمي وموثّق هو طبيب التوليد الفرنسي الشهير «فرانسوا موريسو»François Mauriceau في عام 1666، وكانت، كلّها أو معظمها، تنتهي بوفاة الأم. وأول من خطا بها نحو السلامة هو ماكس سينغر Max Saenger الطبيب الشاب في لايبزيغ Leipzig، بألمانيا، في عام 1882 الذي اقترح خياطة جدار الرحم، ومع ذلك بقيت الوفيات عالية بسبب الخمج، وقد أدخلت تعديلات كثيرة لزيادة سلامتها حتى غدت نسبة وفيات الأم بسببها منخفضة جداً مما زاد في كثرة اللجوء إليها بوصفها طريقة سهلة وسريعة للولادة، بالرغم من أنها ليست أسلم من الولادة الطبيعية.
    ـ استطباباتها: لماذا تجرى القيصرية؟ ويمكن تلخيص ذلك:
    ـ عسرات الولادة الناجمة عن عدم تناسب بين حجم الجنين وبين سعة الحوض الذي يفترض أن يسمح بمرور الجنين بيسر وسلامة، وهو ما لا يتحقق إذا كان الجنين عرطلاً أو كان الحوض ضيّقاً أو كانا الاثنين معاً.
    ـ شذوذات التقلّصات الرحمية: وأهمها عدم تناسقها أو اشتدادها المَرَضي، أما ضعفها فيعالج دوائياً إلا إذا نجم عن عدم التناسب.
    ـ المجيئات presentation المعيبة والأوضاع المعيبة: تتم الولادة الطبيعية والرأس متقدّم أولاً وفي وضع الانعطاف، أي ذقنه تلامس صدره، أما المجيئات والأوضاع الأخرى مثل المجيء الجبهي أو الوضع المنبسط فهي تسبب عسرة ولادة، وتقتضي إجراء القيصرية إذا تعسّرت الولادة عن الطريق الطبيعي.
    ـ الأورام التي تصيب الحوض وتحول دون نزول المجيء ومروره، مثل الورم الليفي fibroma أو الورم العظمي osteoma.
    ـ النزف في أشهر الحمل الأخيرة، مثلاً في ارتكاز المشيمة placenta الواطئ (المعيب) أو في بعض حالات انفكاك المشيمة الباكر.
    ـ بعض أمراض الأم الحامل، كارتفاع الضغط الشرياني الحملي المنشأ والداء السكري ووجود ندبات في المجيء التناسلي خشية تمزقها في أثناء الولادة، وانسدال الحبل السرّي funiculus umbilicalis (السرر) مخافة اختناق الجنين بانضغاطه وتألم الجنين بنقص الأكسجين الواصل إليه، وهناك أسباب أخرى مثل السوابق الولادية العسيرة وإخفاق تحريض المخاض والعمر المتقدّم للحامل ووجود قيصرية سابقة أو عملية سابقة على الرحم مخافة تمزق الرحم، لذا يجب التأني في وضع الاستطباب للقيصرية الأولى، لأنها ستجعل احتمال تكرارها كبيراً.
    ـ نسبة حدوثها: تتباين هذه النسبة ما بين بلد وآخر وما بين مشفى وآخر، وكانت لا تتعدى 5%، ولكنها ازدادت حتى بلغت نسباً قد تصل إلى 75% في بعض المستشفيات، والسبب هو ميل الأطباء إلى اختيارها، لأنها تنهي الولادة من دون كبير انتظار، ولأنها تقي المولّد من أن يتّهم بأنه قصر أو عرّض الأم أو الجنين إلى بعض المخاطر، وكذلك لأن بعض الحوامل تفضّلها حلاً سريعاً لا يحيجها إلى أن تحزق وتكبس. وتزايد القيصرية هو واحد من أمثلة كثيرة يفضّل فيها الإنسان الحلول الأسهل والأسرع، وإن لم تكن الأفضل على المدى البعيد.
    ـ أشكالها: تقسم إلى علوية وسفلية، والأخيرة إلى سفلية بشق طولاني أو بشق معترض، وهذا الأخير هو المفضّل. وهناك القيصرية الباترة التي يتمّ فيها استئصال الرحم بعد توليد الجنين.
    ـ مالها وما عليها: لاشك إنها الحلّ الأمثل الذي ينقذ الأم والجنين في استطباباتها الواضحة، ولكنها تبقى حلاً استثنائياً لحالات محددة، أما إساءة استعمالها وتوسيع اللجوء إليها لأنها توفر الراحة والحلّ السريع للمولّد وللأم، أو لدوافع مادية بحتة، فهو أمر سيئ يتنافى مع المبادئ الأخلاقية والإنسانية التي تتسم بها مهنة الطب عموماً والتوليد خصوصاً، وهي تسبب تحديداً للنسل لأن من تحتاج إلى قيصريات متكررة غالباً لا تقبل تعرّضها لخطر العملية المتكررة، والتي تتزايد مخاطرها ومصاعبها مع تكرارها ومن ثم فهي -وطبيبها أيضاً- سرعان ما تبادر إلى طلب تعقيمها بربط البوقين. في الختام، الولادة الطبيعية هي الطريق الأفضل والأمثل والأسلم للولادة، ولكنها تتطلب جهداً ووقتاً وصبراً وأناة، أما القيصرية فهي الاستثناء وهي حلّ منقذ في حالة الحاجة الحقيقية لها، ولايجوز أن تصبح قاعدة لسهولتها أو لسرعتها أو لجدواها المادي. ومن الضروري التذكير أن لها مضاعفات ومخاطر أكثر من الولادة الطبيعية ومن بينها خطر موت الأم وإن تناقص هذا الخطر في العقود الأخيرة، للتقدم الذي أحرزه الطب، ومن جملة هذه المخاطر تلك التي قد ترافق محاولة توليد من سبق أن أُجري لها قيصرية عن الطريق الطبيعي، لهذا كثر اللجوء إلى تكرار القيصرية بعدما تجرى القيصرية الأولى، وإذا أجريت هذه القيصرية المكررة بشكل انتخابي، أي من دون انتظار بداية المخاض، فإنها قد تعرّض لتوليد جنين قبل تمام مدته ومن ثم التعرض لمخاطر الخداج. صحيح إذن أن القيصرية الأولى قد تنقذ الجنين والأم من بعض المخاطر، ولكنها بالتأكيد تخلق مصاعب جديدة تتكرر كلما تكرر الحمل لاحقاً، وربما حتى ما بعد ذلك.
    صادق فرعون
يعمل...
X