القات
يعرف القات Khat أو Qat بأسماء عدة (جات، شات، كاد، مارونجي وغيرها) من فصيلة القاتيات Celastraceae التي تضم 40 جنساً، وينتمي إلى الجنس Catha الذي يضم نحو 500نوع، وهو شجرة أو شجيرة معمرة دائمة الخضرة تزيينية وطبية وبرية وزراعية تنمو في مناطق مختلفة من العالم على ارتفاعات تراوح بين 1000و2500م فوق سطح البحر.
الموطن الأصلي ومناطق الانتشار
اختلفت الآراء حول موطنه الأصلي، إذ توضح بعض الروايات أنّ اليمن هي الموطن الأصلي للقات، ومنها انتشر إلى إفريقيا، وروايات أخرى تقول: إنّ الحبشة هي الموطن الأول ومنها انتشر إلى اليمن وبلدان أخرى. ويذكر أن الأحباش عند غزوهم اليمن في المدة بين 525ـ575م حملوا القات معهم إلى بلادهم لاستخدامه كنبات طبي يستعمله العرب، ثم أعيد بعد ذلك إلى اليمن، واستخدم منشطاً في القرن الرابع عشر الميلادي؛ مما يؤكد أن الموطن الأول للقات هو اليمن، ثم الحبشة ثانياً. وثمة رأي آخر بأن القات لم ينتقل إلى إفريقيا، بل وجد فيها طبيعياً لما تتمتع به من مميزات بيئية تجعلها ملائمة لنموه طبيعياً فيها.
تنتشر زراعة القات في أماكن معينة من العالم. وتعد اليمن وإثيوبيا والصومال وكينيا المراكز الرئيسية لزراعته، ويزرع أيضاً في السودان وأوغندا وتنزانيا وملاوي وزامبيا وزائير وموزمبيق ومدغشقر وجنوبي إفريقيا وأفغانستان وتركستان. ويباع في بلاد أخرى مستورداً، مثل جيبوتي وبعض دول أوربا وأمريكا.
الوصف النباتي
يعد عالم النبات السويدي بطرس فورسكول (1736ـ1763م) Petrus Forskol أول من وصف القات وصفاً دقيقاً، وسمى جنسه علمياً بـ Catha الذي يشتمل على النوعين الآتيين:
1ـ القات Catha edulis
شجرة معمرة ملساء دائمة الخضرة، يراوح طولها بين 0.5و7م في الشروط الملائمة لنموها. ساق شجرته قائمة ومستقيمة وأسطوانية الشكل، وقد يبلغ محيط دائرتها نحو 60سم. مجموعته الجذرية وتدية، وقد تصل إلى عمق 3م في التربة. وفي أثناء السنة الأولى من نمو النبات تتكون كتلة من الجذور الليفية السطحية على الجذر الأصلي وتنتشر لتصل إلى عمق 30سم ضمن دائرة قطرها 30 ـ40 سم.
أوراقه بسيطة معنقة متقابلة، أو متبادلة لها أذينتان عند العنق، بيضوية الشكل رمحية؛ طرفها مدبب أو مستدق، له حواف منشارية ملساء عند القاعدة، طولها ما بين 50ـ100مم، أما عرضها فيبلغ 20ـ50مم، وسطحها أملس ناعم (الشكل 1). أما الأوراق القديمة فهي ذات ملمس جلدي، سطحها العلوي أخضر غامق اللون، والسطح السفلي معتم، يبلغ طول عنق الورقة 3ـ7مم.
الأزهار صغيرة يراوح قطرها بين 4 و5مم، بيضاء مصفرة أو مخضرة سفلياً، تتركب من نورات قطرها 4ـ 5مم، ومن خمس سبلات متساوية في الحجم، ومفصولة عن بعضها بعضاً، وخمس بتلات مستطيلة. ويراوح عدد الزهيرات في النورة بين 60ـ80 زهيرة.
الثمرة كبسولة خشبية مستطيلة، طولها نحو 1مم بنية غامقة اللون، تنقسم إلى ثلاث أو أربع حجرات عند النضج، وتحتوي كل حجرة على بذرة صغيرة محاطة بغشاء رقيق، وبجناحين بنيين عند القاعدة. والبذرة لونها أحمر، وطولها نحو 5.3مم، وعرضها 7.1مم، وسمكها نحو 1مم، ويبلغ وزن الألف بذرة نحو 3غ.
2ـ القات الشوكي Catha spinosa
أصغر حجماً من السابق، ولا يزيد طوله على 1.5م. أوراقه غالباً جالسة ومتبادلة، بيضوية مستطيلة يبلغ طولها 25ـ50مم. أزهاره بيضاء لا يتعدى قطرها 3مم ومنتظمة في نورات طولها 30ـ40مم، ويراوح عدد الزهيرات في النورة بين 4و6زهيرات. الثمرة قرمزية اللون؛ كبسولة كروية ملساء، تقسم إلى ثلاثة مصاريع يحتوي كل مصراع على بذرة ذات جناحين كبيرين. يبلغ وزن الألف بذرة نحو 11غ. ويتميز هذا النوع بوجود أشواك إبطية على الفروع القديمة.
الأصناف
هناك أربعة أصناف، تتميز تسميتها المحلية بلون السيقان. وهذه خضراء باهتة في الصنف الأبيض، وزرقاء بنفسجية في الصنف الأزرق، وقرمزية في الصنف الأسود. وهناك اختلافات بين هذه الأصناف في طول الورقة وحجم عنقها وطول سلامية الساق.
زراعة القات وخدماته الزراعية
لا تحتاج شجرة القات إلى عناية كبيرة، فهي تنمو برياً في مناطق انتشارها. كما أنها تتحمل الجفاف، وتنمو في أنواع متعددة من التربة؛ إلا أن مزارعي القات يولونها عناية خاصة، كي يضمنوا منتجاً وفيراً ونوعية متميزة، ومن ثم عائداً كبيراً ومربحاً. وأهمها ما يأتي:
تحضير التربة: تسوى الأرض، وتنظف من الأحجار والنباتات والأعشاب، وتحرث جيداً، وتقسم إلى خطوط مستقيمة، وتعمل فيها حفر بعمق 50سم على مسافات تراوح بين 50سم و3م، وذلك بحسب طبيعة التربة التي ستزرع فيها فسائل القات.
الزراعة: يعد فصلا الربيع والصيف أنسب موعد لزراعة القات لدفء الجو وتوافر مياه الأمطار. في بداية نموه تستعمل الفسائل التي تنمو بجوار أشجاره الكبيرة حيث تقتلع مع جذورها، وتزرع بمعدل ثلاث إلى خمس فسائل طولها بين 20و50سم في الحفرة الواحدة، ويدفن نصف الفسيلة في التربة. ويمكن كذلك زراعة القات بالبذور؛ ولكنها غير شائعة. تحتاج أشجار القات بعد زراعتها مباشرة إلى ري منتظم ومتكرر لضمان نموها أشهراً عدة، بعدها يمكن أن تعتمد على مياه الأمطار. ويؤدي الري دوراً مهماً في نمو أوراق القات وزيادة عددها الذي يعد الهدف الرئيسي للمزارعين؛ لأنها المنتج الذي يُسوّق.
يضاف السماد البلدي (الطبيعي) إلى التربة، ولاسيما الفقيرة منها. وتستعمل أسمدة كيمياوية ومبيدات مختلفة عشوائياً وبكميات كبيرة؛ مما يؤدي إلى تدهور التربة وإلى مخاطر صحية وبيئية؛ وقيام بعض المزارعين بتغيير تربة أراضيهم مرة كل عامين لضمان نمو أشجار مزارعهم على نحو جيد.
الآفات
من أهمها: البياض الدقيقي، والحشرات القشرية، والدودة الخضراء، والجاسد، والنمل الأبيض وبعض العناكب.
القطف
يبدأ قطف الأوراق الغضة للقات عند بلوغ الشجرة العام أو العامين من عمرها، ويستمر ذلك حتى نهاية عمر الشجرة. يراوح عدد القطفات بين 1و5 قطفات في السنة بحسب نوع القات وطبيعة البيئة التي ينمو فيها، والعناية التي يوليها المزارع (الشكل 2).
التسويق
يُسوق القات فور قطفه مباشرة حيث يقوم عمال المزرعة بجمع المحصول وربطه في حزم، وتغطيته بأوراق الموز أو الأشجار الخضراء، ووضعه في خيش، أو قطع قماشية تبل بالماء حفاظاً عليه من الجفاف، وتنقل بأسرع وقت ممكن إلى الأسواق لبيعها. وأثمان القات بحسب الصنف والنوعية والبيئة التي ينمو فيها والموسم الذي يباع فيه ومكانة المشتري الاجتماعية، وتتضاعف الأسعار في العطل والأعياد. أما الوجبة (التخزينة) اليومية للفرد الواحد فتراوح بين 3و50 دولاراً أمريكياً وأكثر. ويباع القات في اليمن في الأسواق المحلية فقط، أما في إفريقيا فيباع محلياً، ويصدر إلى الدول المجاورة ودول أخرى.
تعاطي القات
لا يُعرف بالضبط متى بدأ تعاطي القات، وإن كانت هناك أسطورة تحكي أن بدء تناوله ارتبط بما لحظه الإسكندر ذو القرنين من تأثير أوراقه على الماعز التي أكلته، ثم تناول هو بعضاً منها فأعطته نشاطاً وحيوية، وحرمته من النوم.
وفي الماضي اقتصر تناول القات على صفوة المجتمع، ولاسيما رجال الدين المسلمين الذين كانوا يعتقدون أن تناوله يجعلهم أكثر معرفةً بالكون وتقرباً من خالقه. ثم تبعهم الميسورون والتجار إلى أن أصبحت عادة منتشرة بين جميع طبقات المجتمع.
طريقة التخزين
يقوم عادة المخزّنون بمضغ الأوراق والنموات الحديثة الغضة والطازجة. وأحياناً يشرب نقيع الأوراق بعد غليها كشاي مع إضافة الحليب أو العسل أو السكر. تستخدم أوراق القات أيضاً جافة ولاسيما في الأماكن التي يصعب الحصول عليها طازجة. ويعد المضغ الأكثر شيوعاً واستخداماً، حيث يضع المُخزِّنُون كمية من الأوراق الطازجة في الجهة اليسرى من الفم ـــ في الغالب ـــ ويمتصون عصارتها تدريجياً مع شرب الماء أو المياه الغازية بين حين وآخر، ثم تضاف كمية أخرى تدريجياً كلما نقصت الكمية المخزونة. أما كبار السن فيمضغون الأوراق المطحونة آلياً.
أما الأوراق القديمة وغير المستغلة فتعطى علفاً للحيوانات، وتستخدم بعد جفافها مع بقية أجزاء النبات وقوداً. وتستعمل جذوع الأشجار في البناء ولاسيما في الأرياف.
مجالس القات
يتم تناول القات في أماكن مختلفة؛ فالمزارعون في حقولهم والتجار في دكاكينهم، والسائقون في مركباتهم، والحرفيون في ورشهم، والحلاقون في صالوناتهم، والموظفون الذين يعملون عصراً ومساء في مكاتبهم، والطريقة الأكثر شيوعاً لمضغ القات هي التي تتم في المجالس التي يخصص لها أحسن غرفة في البيت وأجملها وأوسعها، ونوافذها كبيرة تعلوها نوافذ مقوسة مصنوعة من الجبس ومزخرفة بالزجاج الملون البديع. إضافة إلى نوافذ صغيرة أعلى الغرفة للتهوية. وتفرش الغرف جيداً، كل حسب إمكانيته المادية، وتطرح على جوانبها الفرش والمساند الظهرية إضافة الى أخرى جانبية للاتكاء عليها في أثناء تناول القات. وتوضع في وسط الغرفة صينية كبيرة من النحاس بداخلها مداعة كبيرة (نرجيلة) أو أكثر. وتوضع أمام الجالسين مطافئ للسجائر وقوارير من الماء أو المشروبات الغازية الباردة التي يكثر استهلاكها. وبعض المجالس تزود بجهاز تلفاز لمتابعة الأخبار العالمية ومشاهدة المباريات الرياضية.
وعلى الرغم من أن تعاطي القات يتم في أوقات مختلفة؛ إلا أن الغالبية يبدؤون تناوله من الساعة الثالثة عصراً حتى السادسة مساءً. وقد يستمر بعضهم إلى الليل ولاسيما في أثناء الإجازات والعطل، حيث يقوم كل شخص بإحضار قاته معه، ويجلس في المكان الذي يروق له، ولا يوجد تمايز بين شخص وآخر، فالمجالس مفتوحة لمن يرغب. وكثيراً ما يتم ترتيب هذه الجلسات بين الأصدقاء أو الجيران أو زملاء العمل. ويبلغ عدد الحاضرين في كل مجلس ما بين 10ـ15 شخصاً. أما في المناسبات الاجتماعية كالزواج والمآتم وغيرها؛ فتقام مجالس التخزين في قاعات كبيرة، أو خيام تنصب لهذا الغرض، حيث يحضرها عدد كبير قد يتجاوز ألف شخص.
تعدّ مجالس القات نوادي مفتوحة أو برلمانات مصغّرة، حيث يناقش العديد من الموضوعات والقضايا السياسية والاقتصادية والعلمية والتاريخية والرياضية والاجتماعية وغيرها، ويُحل فيها العديد من القضايا الاجتماعية. وفي أثناء فترة التخزين يتجاذب الحضور أطراف الحديث من دون تردد أو خوفٌ ويقولون ما يشاؤون، يساعدهم على ذلك تأثير القات الذي يعطي شيئاً من التحفيز الذهني وتوسع المدارك، وتزداد رغبة المخزنين في الكلام والنقاش، ويشعرون بشيء من المتعة والانتعاش. وتستمر هذه الحالة لعدد محدود من الساعات، ثم يخيم الهدوء على المجلس، وينشغل كل شخص منفرداً بالتفكير والتأمل، وتزول الرغبة في الكلام، وحتى الاستماع للآخرين. وبعدها يستأذن الحضور بالمغادرة.
الآثار الإيجابية والسلبية للقات
الآثــار الإيجابية: تعد مجالس القات منتديات عامة وأماكن للمتعة والراحة النفسية، ولتبادل الآراء ومناقشة موضوعات مختلفة، وقد تعقد في أثنائها صفقات تجارية، وتتم فيها أيضاً مراسيم عقد الزواج.
وبسبب صغر الحيازات الزراعية لمزارعي القات، فقد أدى العائد المادي الكبير منها إلى تحسين مستواهم المعيشي والصحي وصار كثير من الأسر الريفية تمتلك وسائل العصر الحديثة، مثل الثلاجات والغسالات والأفران الكهربائية والتلفزيونات وصحون استقبال القنوات الفضائية، وغيرها. إضافة إلى اقتناء السيارات الحديثة، وقد أسهم مزارعو القات في إيصال الطرق إلى قراهم النائية؛ مما سهل تنقلهم بسهولة ويسر.
وأسهمت تجارة القات وزراعته في التقليل من الهجرة إلى المدينة، وخلقت العديد من فرص العمل في مزارع القات، كما وفرت لسائقي وسائل النقل فرص عمل جيدة. وقد رفدت هذه الزراعة خزينة الدولة بالأموال الوافرة لما يفرض عليها من ضرائب.
الآثار السلبية:
ـ الآثار البيئية: إن التوسع الكبير في زراعة القات أدى إلى تغيير في التركيب المحصولي، وجعل شجرة القات تحتل مكان العديد من المحاصيل الاستراتيجية، مثل الحبوب والبن. وقد شجع العائد المادي الكبير مزارعي القات على القيام بحفر العديد من الآبار الارتوازية بطريقة عشوائية؛ مما أدى إلى استنزاف المخزون المائي الجوفي، الذي يهدد كثيراً من المناطق بالجفاف. ويرش مزارعو القات حقولهم عشوائياً بكميات كبيرة من الأسمدة، والمبيدات الكيمياوية الشديدة السمية، والخطيرة أحياناً والمحرمة في كثير من دول العالم؛ مما يؤدي إلى حدوث أمراض صحية خطيرة، وتدهور بيئي للأراضي الزراعية ودفع بعض المزارعين إلى استبدال تربة أخرى بتربة أراضيهم كل سنتين مرة.
وهناك أضرار بيئية غير مباشرة، تتمثل في كمية الأكياس البلاستيكية المستخدمة في بيع القات، وامتلاء الشوارع والطرقات والأراضي الزراعية بها؛ مما يؤثر سلبياً في مكونات التربة، ويضر بالحيوانات التي تأكلها لصعوبة تحللها والتخلص منها.
ـ الآثار الصحية: تتمثل الأضرار الصحية لمتعاطي القات بما تحتويه أوراقها من مركبات المبيدات الكيمياوية، وبما يحدث في مجالسها من تدخين.
فأوراق القات تتشبع بكثير من المركبات وبنسب متفاوتة؛ أهمها مادتا الكاثينونcathinone والكاثين cathineاللتان تعملان على تنشيط الجهاز العصبي، وعلى زيادة ضربات القلب، وارتفاع ضغط الدم. أما حمض التانين tannin فله تأثير قابض في الجهاز الهضمي، ويسبب الإمساك. ومن الأضرار الشائع حدوثها بين متعاطي القات التهاب المعدة، وعسر الهضم، والإصابة بالبواسير، والتهاب الشعب الهوائية، والتهاب الفم، وفقدان الشهية، والأرق، والضعف الجنسي، وقذف السوائل المنوية من دون جماع فضلاً عن القلق والاكتئاب.
ويتعرض المخَزِّنون أيضاً للإصابة ببعض الطفيليات، مثل الأميبيا والإسكارس، إذ تمضغ أوراق القات طازجة، من دون غسلها.
وأما أخطر الأضرار التي يتعرض لها المخزنون؛ فهو التسمم الغذائي الناتج مما تحتويه أوراق القات من مبيدات خطيرة، قد تؤدي إلى موت بعضهم، ناهيك عما يحدث من تراكمات لهذه المبيدات في جسم متعاطي القات، والتي تظهر بشكل التهابات وسرطانات في أوقات متأخرة.
ومن عيوب مجالس القات؛ أن نسبة عالية من المخزنين يدخنون بشراهة السجائر والشيشة، فتُكوّن سحباً كثيفة من الدخان داخل غرفة التخزين، ولاسيما أنه لا يسمح بفتح النوافذ ولا الأبواب في أثناء فترة التخزين؛ مما يزيد في خطورة الأثر السلبي في الجهاز التنفسي، وصحة الجالسين. وعلى الرغم من أن تناول القات لا يؤدي إلى الإدمان؛ إلا أن التوقف عن تناوله يسبب لمتعاطيه حالات من التوتر والقلق والأحلام المزعجة مدة قصيرة.
ـ الأضرار الاجتماعية: يعد الإنفاق الزائد على شراء القات ومستلزماته التي قد تصل في بعض الأحيان إلى نحو 75% من دخل الأسرة؛ سبباً في تقليل الإنفاق على المواد الأساسية والضرورية للحياة اليومية للأسرة. ويعرض أفراد الأسرة لسوء التغذية، ويسهل إصابتهم بالعديد من الأمراض. كما يخلق جواً من التوتر والقلق، وكثرة التشاجر بين الزوجين؛ مما قد يؤدي إلى الطلاق، وينعكس سلبياً على تربية الأطفال. ومما يساعد على ذلك وصول رب البيت من مجالس القات متأخراً، وفي حالة اكتئاب، ولا يسمح لأي شخص بالحديث معه، ولا يرغب في الكلام مع أحد؛ مما يؤدي إلى عدم الاستقرار والانسجام العائلي.
ـ الأضرار الإدارية: إن الحاجة إلى مال لشراء القات يدفع بعض الموظفين ولاسيما ذوو الدخل المحدود إلى عرقلة معاملات المواطنين، بهدف دفع مبلغ من المال مقابل إكمال معاملاتهم وتسهيلها، على الرغم من أنها تكون من صميم مهامهم. كما أن الأرق وعدم النوم، والسهر طوال الليل يجعل كثيراً من الموظفين يصلون إلى أعمالهم متأخرين، وفي حالة من التعب وعدم الرغبة في العمل.
أمين الحميري
يعرف القات Khat أو Qat بأسماء عدة (جات، شات، كاد، مارونجي وغيرها) من فصيلة القاتيات Celastraceae التي تضم 40 جنساً، وينتمي إلى الجنس Catha الذي يضم نحو 500نوع، وهو شجرة أو شجيرة معمرة دائمة الخضرة تزيينية وطبية وبرية وزراعية تنمو في مناطق مختلفة من العالم على ارتفاعات تراوح بين 1000و2500م فوق سطح البحر.
الموطن الأصلي ومناطق الانتشار
اختلفت الآراء حول موطنه الأصلي، إذ توضح بعض الروايات أنّ اليمن هي الموطن الأصلي للقات، ومنها انتشر إلى إفريقيا، وروايات أخرى تقول: إنّ الحبشة هي الموطن الأول ومنها انتشر إلى اليمن وبلدان أخرى. ويذكر أن الأحباش عند غزوهم اليمن في المدة بين 525ـ575م حملوا القات معهم إلى بلادهم لاستخدامه كنبات طبي يستعمله العرب، ثم أعيد بعد ذلك إلى اليمن، واستخدم منشطاً في القرن الرابع عشر الميلادي؛ مما يؤكد أن الموطن الأول للقات هو اليمن، ثم الحبشة ثانياً. وثمة رأي آخر بأن القات لم ينتقل إلى إفريقيا، بل وجد فيها طبيعياً لما تتمتع به من مميزات بيئية تجعلها ملائمة لنموه طبيعياً فيها.
تنتشر زراعة القات في أماكن معينة من العالم. وتعد اليمن وإثيوبيا والصومال وكينيا المراكز الرئيسية لزراعته، ويزرع أيضاً في السودان وأوغندا وتنزانيا وملاوي وزامبيا وزائير وموزمبيق ومدغشقر وجنوبي إفريقيا وأفغانستان وتركستان. ويباع في بلاد أخرى مستورداً، مثل جيبوتي وبعض دول أوربا وأمريكا.
الوصف النباتي
يعد عالم النبات السويدي بطرس فورسكول (1736ـ1763م) Petrus Forskol أول من وصف القات وصفاً دقيقاً، وسمى جنسه علمياً بـ Catha الذي يشتمل على النوعين الآتيين:
1ـ القات Catha edulis
الشكل (1) أوراق نبات القات |
أوراقه بسيطة معنقة متقابلة، أو متبادلة لها أذينتان عند العنق، بيضوية الشكل رمحية؛ طرفها مدبب أو مستدق، له حواف منشارية ملساء عند القاعدة، طولها ما بين 50ـ100مم، أما عرضها فيبلغ 20ـ50مم، وسطحها أملس ناعم (الشكل 1). أما الأوراق القديمة فهي ذات ملمس جلدي، سطحها العلوي أخضر غامق اللون، والسطح السفلي معتم، يبلغ طول عنق الورقة 3ـ7مم.
الأزهار صغيرة يراوح قطرها بين 4 و5مم، بيضاء مصفرة أو مخضرة سفلياً، تتركب من نورات قطرها 4ـ 5مم، ومن خمس سبلات متساوية في الحجم، ومفصولة عن بعضها بعضاً، وخمس بتلات مستطيلة. ويراوح عدد الزهيرات في النورة بين 60ـ80 زهيرة.
الثمرة كبسولة خشبية مستطيلة، طولها نحو 1مم بنية غامقة اللون، تنقسم إلى ثلاث أو أربع حجرات عند النضج، وتحتوي كل حجرة على بذرة صغيرة محاطة بغشاء رقيق، وبجناحين بنيين عند القاعدة. والبذرة لونها أحمر، وطولها نحو 5.3مم، وعرضها 7.1مم، وسمكها نحو 1مم، ويبلغ وزن الألف بذرة نحو 3غ.
2ـ القات الشوكي Catha spinosa
أصغر حجماً من السابق، ولا يزيد طوله على 1.5م. أوراقه غالباً جالسة ومتبادلة، بيضوية مستطيلة يبلغ طولها 25ـ50مم. أزهاره بيضاء لا يتعدى قطرها 3مم ومنتظمة في نورات طولها 30ـ40مم، ويراوح عدد الزهيرات في النورة بين 4و6زهيرات. الثمرة قرمزية اللون؛ كبسولة كروية ملساء، تقسم إلى ثلاثة مصاريع يحتوي كل مصراع على بذرة ذات جناحين كبيرين. يبلغ وزن الألف بذرة نحو 11غ. ويتميز هذا النوع بوجود أشواك إبطية على الفروع القديمة.
الأصناف
هناك أربعة أصناف، تتميز تسميتها المحلية بلون السيقان. وهذه خضراء باهتة في الصنف الأبيض، وزرقاء بنفسجية في الصنف الأزرق، وقرمزية في الصنف الأسود. وهناك اختلافات بين هذه الأصناف في طول الورقة وحجم عنقها وطول سلامية الساق.
زراعة القات وخدماته الزراعية
الشكل (2) حقل مزروع بنبات القات الجاهز للقطف |
تحضير التربة: تسوى الأرض، وتنظف من الأحجار والنباتات والأعشاب، وتحرث جيداً، وتقسم إلى خطوط مستقيمة، وتعمل فيها حفر بعمق 50سم على مسافات تراوح بين 50سم و3م، وذلك بحسب طبيعة التربة التي ستزرع فيها فسائل القات.
الزراعة: يعد فصلا الربيع والصيف أنسب موعد لزراعة القات لدفء الجو وتوافر مياه الأمطار. في بداية نموه تستعمل الفسائل التي تنمو بجوار أشجاره الكبيرة حيث تقتلع مع جذورها، وتزرع بمعدل ثلاث إلى خمس فسائل طولها بين 20و50سم في الحفرة الواحدة، ويدفن نصف الفسيلة في التربة. ويمكن كذلك زراعة القات بالبذور؛ ولكنها غير شائعة. تحتاج أشجار القات بعد زراعتها مباشرة إلى ري منتظم ومتكرر لضمان نموها أشهراً عدة، بعدها يمكن أن تعتمد على مياه الأمطار. ويؤدي الري دوراً مهماً في نمو أوراق القات وزيادة عددها الذي يعد الهدف الرئيسي للمزارعين؛ لأنها المنتج الذي يُسوّق.
يضاف السماد البلدي (الطبيعي) إلى التربة، ولاسيما الفقيرة منها. وتستعمل أسمدة كيمياوية ومبيدات مختلفة عشوائياً وبكميات كبيرة؛ مما يؤدي إلى تدهور التربة وإلى مخاطر صحية وبيئية؛ وقيام بعض المزارعين بتغيير تربة أراضيهم مرة كل عامين لضمان نمو أشجار مزارعهم على نحو جيد.
الآفات
من أهمها: البياض الدقيقي، والحشرات القشرية، والدودة الخضراء، والجاسد، والنمل الأبيض وبعض العناكب.
القطف
يبدأ قطف الأوراق الغضة للقات عند بلوغ الشجرة العام أو العامين من عمرها، ويستمر ذلك حتى نهاية عمر الشجرة. يراوح عدد القطفات بين 1و5 قطفات في السنة بحسب نوع القات وطبيعة البيئة التي ينمو فيها، والعناية التي يوليها المزارع (الشكل 2).
التسويق
يُسوق القات فور قطفه مباشرة حيث يقوم عمال المزرعة بجمع المحصول وربطه في حزم، وتغطيته بأوراق الموز أو الأشجار الخضراء، ووضعه في خيش، أو قطع قماشية تبل بالماء حفاظاً عليه من الجفاف، وتنقل بأسرع وقت ممكن إلى الأسواق لبيعها. وأثمان القات بحسب الصنف والنوعية والبيئة التي ينمو فيها والموسم الذي يباع فيه ومكانة المشتري الاجتماعية، وتتضاعف الأسعار في العطل والأعياد. أما الوجبة (التخزينة) اليومية للفرد الواحد فتراوح بين 3و50 دولاراً أمريكياً وأكثر. ويباع القات في اليمن في الأسواق المحلية فقط، أما في إفريقيا فيباع محلياً، ويصدر إلى الدول المجاورة ودول أخرى.
تعاطي القات
لا يُعرف بالضبط متى بدأ تعاطي القات، وإن كانت هناك أسطورة تحكي أن بدء تناوله ارتبط بما لحظه الإسكندر ذو القرنين من تأثير أوراقه على الماعز التي أكلته، ثم تناول هو بعضاً منها فأعطته نشاطاً وحيوية، وحرمته من النوم.
وفي الماضي اقتصر تناول القات على صفوة المجتمع، ولاسيما رجال الدين المسلمين الذين كانوا يعتقدون أن تناوله يجعلهم أكثر معرفةً بالكون وتقرباً من خالقه. ثم تبعهم الميسورون والتجار إلى أن أصبحت عادة منتشرة بين جميع طبقات المجتمع.
طريقة التخزين
يقوم عادة المخزّنون بمضغ الأوراق والنموات الحديثة الغضة والطازجة. وأحياناً يشرب نقيع الأوراق بعد غليها كشاي مع إضافة الحليب أو العسل أو السكر. تستخدم أوراق القات أيضاً جافة ولاسيما في الأماكن التي يصعب الحصول عليها طازجة. ويعد المضغ الأكثر شيوعاً واستخداماً، حيث يضع المُخزِّنُون كمية من الأوراق الطازجة في الجهة اليسرى من الفم ـــ في الغالب ـــ ويمتصون عصارتها تدريجياً مع شرب الماء أو المياه الغازية بين حين وآخر، ثم تضاف كمية أخرى تدريجياً كلما نقصت الكمية المخزونة. أما كبار السن فيمضغون الأوراق المطحونة آلياً.
أما الأوراق القديمة وغير المستغلة فتعطى علفاً للحيوانات، وتستخدم بعد جفافها مع بقية أجزاء النبات وقوداً. وتستعمل جذوع الأشجار في البناء ولاسيما في الأرياف.
مجالس القات
يتم تناول القات في أماكن مختلفة؛ فالمزارعون في حقولهم والتجار في دكاكينهم، والسائقون في مركباتهم، والحرفيون في ورشهم، والحلاقون في صالوناتهم، والموظفون الذين يعملون عصراً ومساء في مكاتبهم، والطريقة الأكثر شيوعاً لمضغ القات هي التي تتم في المجالس التي يخصص لها أحسن غرفة في البيت وأجملها وأوسعها، ونوافذها كبيرة تعلوها نوافذ مقوسة مصنوعة من الجبس ومزخرفة بالزجاج الملون البديع. إضافة إلى نوافذ صغيرة أعلى الغرفة للتهوية. وتفرش الغرف جيداً، كل حسب إمكانيته المادية، وتطرح على جوانبها الفرش والمساند الظهرية إضافة الى أخرى جانبية للاتكاء عليها في أثناء تناول القات. وتوضع في وسط الغرفة صينية كبيرة من النحاس بداخلها مداعة كبيرة (نرجيلة) أو أكثر. وتوضع أمام الجالسين مطافئ للسجائر وقوارير من الماء أو المشروبات الغازية الباردة التي يكثر استهلاكها. وبعض المجالس تزود بجهاز تلفاز لمتابعة الأخبار العالمية ومشاهدة المباريات الرياضية.
وعلى الرغم من أن تعاطي القات يتم في أوقات مختلفة؛ إلا أن الغالبية يبدؤون تناوله من الساعة الثالثة عصراً حتى السادسة مساءً. وقد يستمر بعضهم إلى الليل ولاسيما في أثناء الإجازات والعطل، حيث يقوم كل شخص بإحضار قاته معه، ويجلس في المكان الذي يروق له، ولا يوجد تمايز بين شخص وآخر، فالمجالس مفتوحة لمن يرغب. وكثيراً ما يتم ترتيب هذه الجلسات بين الأصدقاء أو الجيران أو زملاء العمل. ويبلغ عدد الحاضرين في كل مجلس ما بين 10ـ15 شخصاً. أما في المناسبات الاجتماعية كالزواج والمآتم وغيرها؛ فتقام مجالس التخزين في قاعات كبيرة، أو خيام تنصب لهذا الغرض، حيث يحضرها عدد كبير قد يتجاوز ألف شخص.
تعدّ مجالس القات نوادي مفتوحة أو برلمانات مصغّرة، حيث يناقش العديد من الموضوعات والقضايا السياسية والاقتصادية والعلمية والتاريخية والرياضية والاجتماعية وغيرها، ويُحل فيها العديد من القضايا الاجتماعية. وفي أثناء فترة التخزين يتجاذب الحضور أطراف الحديث من دون تردد أو خوفٌ ويقولون ما يشاؤون، يساعدهم على ذلك تأثير القات الذي يعطي شيئاً من التحفيز الذهني وتوسع المدارك، وتزداد رغبة المخزنين في الكلام والنقاش، ويشعرون بشيء من المتعة والانتعاش. وتستمر هذه الحالة لعدد محدود من الساعات، ثم يخيم الهدوء على المجلس، وينشغل كل شخص منفرداً بالتفكير والتأمل، وتزول الرغبة في الكلام، وحتى الاستماع للآخرين. وبعدها يستأذن الحضور بالمغادرة.
الآثار الإيجابية والسلبية للقات
الآثــار الإيجابية: تعد مجالس القات منتديات عامة وأماكن للمتعة والراحة النفسية، ولتبادل الآراء ومناقشة موضوعات مختلفة، وقد تعقد في أثنائها صفقات تجارية، وتتم فيها أيضاً مراسيم عقد الزواج.
وبسبب صغر الحيازات الزراعية لمزارعي القات، فقد أدى العائد المادي الكبير منها إلى تحسين مستواهم المعيشي والصحي وصار كثير من الأسر الريفية تمتلك وسائل العصر الحديثة، مثل الثلاجات والغسالات والأفران الكهربائية والتلفزيونات وصحون استقبال القنوات الفضائية، وغيرها. إضافة إلى اقتناء السيارات الحديثة، وقد أسهم مزارعو القات في إيصال الطرق إلى قراهم النائية؛ مما سهل تنقلهم بسهولة ويسر.
وأسهمت تجارة القات وزراعته في التقليل من الهجرة إلى المدينة، وخلقت العديد من فرص العمل في مزارع القات، كما وفرت لسائقي وسائل النقل فرص عمل جيدة. وقد رفدت هذه الزراعة خزينة الدولة بالأموال الوافرة لما يفرض عليها من ضرائب.
الآثار السلبية:
ـ الآثار البيئية: إن التوسع الكبير في زراعة القات أدى إلى تغيير في التركيب المحصولي، وجعل شجرة القات تحتل مكان العديد من المحاصيل الاستراتيجية، مثل الحبوب والبن. وقد شجع العائد المادي الكبير مزارعي القات على القيام بحفر العديد من الآبار الارتوازية بطريقة عشوائية؛ مما أدى إلى استنزاف المخزون المائي الجوفي، الذي يهدد كثيراً من المناطق بالجفاف. ويرش مزارعو القات حقولهم عشوائياً بكميات كبيرة من الأسمدة، والمبيدات الكيمياوية الشديدة السمية، والخطيرة أحياناً والمحرمة في كثير من دول العالم؛ مما يؤدي إلى حدوث أمراض صحية خطيرة، وتدهور بيئي للأراضي الزراعية ودفع بعض المزارعين إلى استبدال تربة أخرى بتربة أراضيهم كل سنتين مرة.
وهناك أضرار بيئية غير مباشرة، تتمثل في كمية الأكياس البلاستيكية المستخدمة في بيع القات، وامتلاء الشوارع والطرقات والأراضي الزراعية بها؛ مما يؤثر سلبياً في مكونات التربة، ويضر بالحيوانات التي تأكلها لصعوبة تحللها والتخلص منها.
ـ الآثار الصحية: تتمثل الأضرار الصحية لمتعاطي القات بما تحتويه أوراقها من مركبات المبيدات الكيمياوية، وبما يحدث في مجالسها من تدخين.
فأوراق القات تتشبع بكثير من المركبات وبنسب متفاوتة؛ أهمها مادتا الكاثينونcathinone والكاثين cathineاللتان تعملان على تنشيط الجهاز العصبي، وعلى زيادة ضربات القلب، وارتفاع ضغط الدم. أما حمض التانين tannin فله تأثير قابض في الجهاز الهضمي، ويسبب الإمساك. ومن الأضرار الشائع حدوثها بين متعاطي القات التهاب المعدة، وعسر الهضم، والإصابة بالبواسير، والتهاب الشعب الهوائية، والتهاب الفم، وفقدان الشهية، والأرق، والضعف الجنسي، وقذف السوائل المنوية من دون جماع فضلاً عن القلق والاكتئاب.
ويتعرض المخَزِّنون أيضاً للإصابة ببعض الطفيليات، مثل الأميبيا والإسكارس، إذ تمضغ أوراق القات طازجة، من دون غسلها.
وأما أخطر الأضرار التي يتعرض لها المخزنون؛ فهو التسمم الغذائي الناتج مما تحتويه أوراق القات من مبيدات خطيرة، قد تؤدي إلى موت بعضهم، ناهيك عما يحدث من تراكمات لهذه المبيدات في جسم متعاطي القات، والتي تظهر بشكل التهابات وسرطانات في أوقات متأخرة.
ومن عيوب مجالس القات؛ أن نسبة عالية من المخزنين يدخنون بشراهة السجائر والشيشة، فتُكوّن سحباً كثيفة من الدخان داخل غرفة التخزين، ولاسيما أنه لا يسمح بفتح النوافذ ولا الأبواب في أثناء فترة التخزين؛ مما يزيد في خطورة الأثر السلبي في الجهاز التنفسي، وصحة الجالسين. وعلى الرغم من أن تناول القات لا يؤدي إلى الإدمان؛ إلا أن التوقف عن تناوله يسبب لمتعاطيه حالات من التوتر والقلق والأحلام المزعجة مدة قصيرة.
ـ الأضرار الاجتماعية: يعد الإنفاق الزائد على شراء القات ومستلزماته التي قد تصل في بعض الأحيان إلى نحو 75% من دخل الأسرة؛ سبباً في تقليل الإنفاق على المواد الأساسية والضرورية للحياة اليومية للأسرة. ويعرض أفراد الأسرة لسوء التغذية، ويسهل إصابتهم بالعديد من الأمراض. كما يخلق جواً من التوتر والقلق، وكثرة التشاجر بين الزوجين؛ مما قد يؤدي إلى الطلاق، وينعكس سلبياً على تربية الأطفال. ومما يساعد على ذلك وصول رب البيت من مجالس القات متأخراً، وفي حالة اكتئاب، ولا يسمح لأي شخص بالحديث معه، ولا يرغب في الكلام مع أحد؛ مما يؤدي إلى عدم الاستقرار والانسجام العائلي.
ـ الأضرار الإدارية: إن الحاجة إلى مال لشراء القات يدفع بعض الموظفين ولاسيما ذوو الدخل المحدود إلى عرقلة معاملات المواطنين، بهدف دفع مبلغ من المال مقابل إكمال معاملاتهم وتسهيلها، على الرغم من أنها تكون من صميم مهامهم. كما أن الأرق وعدم النوم، والسهر طوال الليل يجعل كثيراً من الموظفين يصلون إلى أعمالهم متأخرين، وفي حالة من التعب وعدم الرغبة في العمل.
أمين الحميري