القبطي (الفن ـ)
الفن القبطي Coptic art هو الفن المصري في العهد المسيحي، ويشتمل على أعمال متعددة الشخصية لعدم وجود فصل بين «الفن» art، و«الحرفة» craft في الفترة المسيحية الأولى. أما تسمية «القبطي» فهي نسبة إلى كلمة «قبط» المشتقة من التسمية الإغريقية (إيغيبتوس) لأرض الفراعنة.
مصادر التأثير الأولى
تأثر الفن القبطي بمصدرين رئيسين: العالم الكلاسي أي (الهيلّيني Hellenic)، وعالم مصر القديمة. وصُورت موضوعات الفن بالأسلوب اليوناني Greek style، أو بتأثير الفن الكلاسي المباشر؛ وتشتمل على حجارة منحوتة لها أجنحة النصر، أو كيوبيد (إله الحب عند الرومان Cupid) يحمل إكليل الغار وأغصان الكرمة مع باخوس Bacchus، وأفروديت Aphrodite، وليدا Leda، ونُصب تحمل مزيجاً مصرياً ويونانياً، وهي تمثل نحتاً نافراً على ألواح خشبية استعملت عناصر تزيين على جدران الكنائس. وأوضح مثال على تأثير مصر القديمة، البلاطات الجنائزية التي وُجدت بأعداد كبيرة في أنحاء مصر كافة.
إضافة إلى التأثيرات المصرية اليونانية، تأتي التأثيرات الفارسية، والبيزنطية، والسورية حين احتلال زنوبيا للإسكندرية (269ـ273م)، حتى بدا هذا الفن مزيجاً خاصاً. وخير ما يُقال في هذا الصدد أن الفن القبطي فن يتميّز من فن أنطاكية والقسطنطينية وروما.
تطور الفن القبطي
يمكن أن تُشاهد بوضوح مختلف القوى المؤثرة في تطور الفن القبطي، بالاطلاع على أديرة وادي النطرون. فقد تأثرت هذه الأديرة في القرنين الرابع والخامس بالشقاق بين الرهبان الملكيين، والرهبان الأقباط. واستمر الرهبان الملكيون يديرون الأديرة حتى قدوم الفتح الإسلامي إذ عاد الرهبان الأقباط إلى استلام زمام الأمور من جديد. وقد تعرضت هذه الأديرة لغزوات البدو بدءاً من القرن الثامن حتى القرن الحادي عشر. ورمم الفاطميون أديرة الأقباط في وادي النطرون بين القرنين الحادي عشر والثاني عشر، واستعانوا على ذلك بحرفيين محليين كان جلّهم من الأقباط لتوسيع مدينة القاهرة وتزيينها. ولذلك حين يقوم أحدهم بزيارة أديرة وادي النطرون، عليه أن يضع في حسبانه، أن بعضاً من اللوحات الجدارية صُوّر بإشراف الرهبان الملكيين، وبعضها الآخر بتوجيهات من الرهبان الأقباط.
الحرفة craftsmanship
حين دراسة الأعمال الفنية الموجودة في متحف القاهرة القبطي، وفي متاحف قبطية أخرى في أرجاء المعمورة كافة، وفي المراكز الرهبانية، ينجلي للدارس في الحال أنه أمام عمل بالغ التعقيد أنتجه حرفيون مهرة.
كان لمصر تقليد متبع من المعلمين الحرفيين في شتى أنواع الحرف، وعملوا عبر تاريخ مصر القديمة بتوجيه مشرفين محترفين أكفاء قادرين على التمييز بين الجيد والنافل، والمحافظة على المستوى المطلوب. وكان هؤلاء المعلمون يتنقلون بين أرجاء الامبراطورية إبَّان حكم روما لمصر؛ فقد عملوا في الإسكندرية، واستُقدموا إلى روما والقسطنطينية. ومن أعمالهم المنحوتة: خوذة في متحف فيزبادن Wiesbaden، نُحتت مع أبي الهول، وأسطورة النيل الأب، وصندوق صغير في المتحف البريطاني يُظهر شخصاً قبطياً تقليدياً يمثّل القديس «منا» Mena. وكانوا يشرفون أيضاً على أعمال شديدة التعقيد، وما الزخارف التي وجدت في دير السوريين في وادي النطرون إلا دليل بيّن على ذلك.
النسيج weaving
كان النسيج في الفترة المسيحية الأولى من الكتان أو الحرير؛ والنسيج القبطي الذي تطور وصار أجمل الفنون القبطية، يشتمل على سجاجيد حائطية، وأغطية وستائر إضافة إلى الأثواب المزركشة. وتظهر الموضوعات المنسوجة تنوعاً كبيراً يتضمن الأفكار الكلاسية، واليونانية المصرية مثل: كيوبيد الحب النابض بالحياة، والصبايا اللواتي يرقصن وهن يمتطين ظهور الوحوش البحرية. وتضم أيضاً مشاهد من الإنجيل مثل العذراء تعتلي حماراً وتمسك بالطفل يسوع. وبعد أن صارت القسطنطينية عاصمة للامبراطورية، ازداد إنتاج النسيج وازداد ثراءً بإضافة الأفكار البيزنطية والفارسية. ومعظم ما كان يحاك من الألبسة هو التيونيك (لباس يوناني وروماني طويل يحزم بحزام في الوسط)، وهو من الكتان غير المصبوغ ومزين بشرائط منسوجة. كما حاك الأقباط نسيجاً خاصاً بالمسلمين بعد الفتح في القرن العاشر، وأدخلوا عليه الكتابة الكوفية.
الرسم التوضيحي illustration
تنقسم المخطوطات القبطية إلى خمسة أقسام: الكتابة باليونانية، والكتابة بالإغريقية والقبطية، والكتابة بالقبطية، والكتابة بالقبطية والعربية، وأخيراً الكتابة باللغة العربية مترجمة إلى اللغة القبطية.
وكانت الكتابات الدينية في العهد المسيحي تكتب على ورق البابيروس، أو على الرق. وتكتب النصوص بالأسود، وبالأحمر تُكتب العنوانات وبدايات الفصول. كما زُين كثير من النسخ بتصاميم ذات ألوان برّاقة فيها شخوص الشهداء والقديسين والحواريين والملائكة، إضافة إلى الطيور والحيوانات وأوراق النباتات بتصاميم هندسية.
الصور الشخصية portraits
ليس ثمة حركة مسيحية أخرى، في بداية المسيحية، لها مثل ما للفن القبطي من الوافر العددي من صور الأشخاص الذين منحوا أوسمة الشرف في بلدانهم. فشهداء مصر وقديسوها وبطاركتها ونسَّاكها وزهادها قد استلموا شهادات امتياز في مصر، وأعمالهم البطولية ومكابداتهم، أو عجائبهم؛ حولت جميعها إلى كلمات في أغان، وصُورت صورهم على جدران المعابد القديمة التي تحولت إلى مصليات (كنائس صغيرة) وكنائس. وكانت وضعية الأشخاص إن في اللوحات، أو في الحفر على الخشب، أو في النسيج المزدان بالرسوم، تظهر من الأمام وتواجه المشاهد بوجوه رصينة هادئة، وبعمق في التعبير ذي قيمة مثالية؛ فالعيون اللوزيَّة المؤطرة التي تبعث ذكرى ألواح باويت Bawit، وألواح الفيّوم الخشبية المصورة التي تعود إلى القرن الأول والثاني، والتي كانت توضع فوق رأس الميت، وتُحزم بأربطة المومياء.
اللوحات paintings
من الملائم إنهاء هذه القائمة من أشكال الفن القبطي باللوحات القبطية التي هي فن حقيقي يقابل - كما يُقال اليوم- الحِرَف. وقد كشفت اللوحات الحائطية عن فن غير معقد، ذي أسلوب بسيط، وعن فن دقيق مصقول ومتطور. فالأول ظهر في سني المسيحية الأولى حيث حوِّلت المعابد القديمة إلى كنائس، وصُورت فوقها الموضوعات المسيحية على قاعدة من جص. وقد بقيت هذه اللوحات في بعض الأمكنة في مصر مثل: دير القديس سمعان في أسوان، والدير الأبيض في سوهاج، والحرم الأثيوبي (المكان الذي يقوم فيه الكهنة بشعائر الصلاة) للقديسة تقلا هيمالوط في الكنيسة المعلقة في القاهرة القديمة.
أحب الأقباط اللون البرَّاق الصافي، وكانوا موهوبين جداً في مزج الأصباغ المختلفة مع المسحوق الصخري. وكانوا يستعملون غالباً بياض البيض وسيطاً للجمع بين هذه الأصباغ.
وهناك الأيقونات icons، وصور الشخصيات المقدسة التي صُوِّرت على ألواح خشبية wooden panels. وقد سمحت الكنيسة بتصوير الموضوعات المقدسة، التي تساعد المؤمن على فهم المسيحية، ولاسيما المشاهد التي تصور ميلاد المسيح\ the nativity والعذراء والطفل والحواريين Apostles وحياة القديسين. ويقول المؤرخ العربي المقريزي: «علق البابا سيريل الأول الأيقونات في كل كنائس الإسكندرية في عام 420م، وقضى بأن تُعلق في الكنائس الأخرى في أرجاء مصر كافة كما في الإسكندرية».
في أقدم تطور لتصوير الأيقونة، كان الفنانون يرسمون على اللوح الخشبي مباشرة؛ ولكنهم غطوا، فيما بعد، الألواح بطبقة رقيقة ناعمة من الجص فاستطاعوا أن يحفروا الخطوط التي يرسمونها ليضبطوا سيل الذهب السائل. وثمة حكاية تقول: إن اللوحة الواحدة كان يصورها أكثر من فنان ماعدا الوجه الذي كان يصوره المعلم.
ازداد تحول فن الأيقونة في مصر نحو سورية وفلسطين في القرن الخامس الميلادي. وبدأ شهداؤها وقديسوها يظهَرون بمظهر ملوكي رسمي كما في الفن السوري.
وبعد قرون قليلة تلت الفتح الإسلامي لمصر (القرن الهجري الأول/القرن السابع الميلادي)، فقدت اللوحات ميزتها القبطية تدريجياً. وبلغ هذا الأمر غاية وضوحه في القرن الثالث عشر حين بدأ فن نسخ اللوحات المرسومة على ألواح خشبية، وبدأت المنمنمات.
وتحول الفنانون، بحلول القرنين السابع عشر والثامن عشر، أمثال جون النسِّيخ، وبغدادي أبو السعد، وجون الأرمني، الذين كانوا من أعظم مصوري الأيقونات في مصر، إلى فن الأيقونة السوري، واليوناني ليكونا مصدر إلهامهم. وأخيراً كلف القبط الفنان اليوناني أناستازي Anastasi تصوير كثير من الأيقونات المعلقة اليوم في كنائس القاهرة القديمة.
تاريخ الفن القبطي
كانت دراسة الفن القبطي حقلاً مهملاً مدة طويلة. وترجع أسباب هذا الإهمال إلى التنقيبات الأولى التي لم تول أهمية للآثار المسيحية. فمن المدهش حقاً، أن شامبوليون Champollion عالم الآثار الفرنسي مكتشف اللغة الهيروغليفية، قد اكتشف هناك في مدينة حبو Habu كنيسة من القرن الخامس الميلادي؛ ولم يأت على ذكرها في تقريره الرسمي. وفي أماكن المعابد المصرية القديمة التي حوِّلت إلى كنائس، ورسمت على جدرانها اللوحات الجدارية ذات الموضوعات المسيحية؛ قد أزيلت لأنها تغطي النحت النافر المصري القديم.
وأول شخص عني بالفن القبطي، وبذل الجهد للحفاظ عليه، هو عالم الآثار الفرنسي غاستون ماسبيرو Gaston Maspero، مما شجع العلماء المصريين على إجراء تنقيبات جادة نتج منها الحفاظ على بقايا دير القديس أبولو Apollo في باويت Bawit الذي يبعد عشرة أميال عن أسيوط في الجنوب الغربي منها، وعلى دير القديس يريمياس Saint Jeremias في هضبة سقارة. وقد تأسس بعد ذلك عام 1910 المتحف القبطي في القاهرة الذي ضم مجموعة ثرة من الآثار الفنية.
بطرس خازم
الفن القبطي Coptic art هو الفن المصري في العهد المسيحي، ويشتمل على أعمال متعددة الشخصية لعدم وجود فصل بين «الفن» art، و«الحرفة» craft في الفترة المسيحية الأولى. أما تسمية «القبطي» فهي نسبة إلى كلمة «قبط» المشتقة من التسمية الإغريقية (إيغيبتوس) لأرض الفراعنة.
مصادر التأثير الأولى
القديس منا | القديس يوسف النجار |
إضافة إلى التأثيرات المصرية اليونانية، تأتي التأثيرات الفارسية، والبيزنطية، والسورية حين احتلال زنوبيا للإسكندرية (269ـ273م)، حتى بدا هذا الفن مزيجاً خاصاً. وخير ما يُقال في هذا الصدد أن الفن القبطي فن يتميّز من فن أنطاكية والقسطنطينية وروما.
تطور الفن القبطي
المسيح يحمي القديس مينا |
رؤيا يوحنا |
الحرفة craftsmanship
حين دراسة الأعمال الفنية الموجودة في متحف القاهرة القبطي، وفي متاحف قبطية أخرى في أرجاء المعمورة كافة، وفي المراكز الرهبانية، ينجلي للدارس في الحال أنه أمام عمل بالغ التعقيد أنتجه حرفيون مهرة.
كان لمصر تقليد متبع من المعلمين الحرفيين في شتى أنواع الحرف، وعملوا عبر تاريخ مصر القديمة بتوجيه مشرفين محترفين أكفاء قادرين على التمييز بين الجيد والنافل، والمحافظة على المستوى المطلوب. وكان هؤلاء المعلمون يتنقلون بين أرجاء الامبراطورية إبَّان حكم روما لمصر؛ فقد عملوا في الإسكندرية، واستُقدموا إلى روما والقسطنطينية. ومن أعمالهم المنحوتة: خوذة في متحف فيزبادن Wiesbaden، نُحتت مع أبي الهول، وأسطورة النيل الأب، وصندوق صغير في المتحف البريطاني يُظهر شخصاً قبطياً تقليدياً يمثّل القديس «منا» Mena. وكانوا يشرفون أيضاً على أعمال شديدة التعقيد، وما الزخارف التي وجدت في دير السوريين في وادي النطرون إلا دليل بيّن على ذلك.
النسيج weaving
كان النسيج في الفترة المسيحية الأولى من الكتان أو الحرير؛ والنسيج القبطي الذي تطور وصار أجمل الفنون القبطية، يشتمل على سجاجيد حائطية، وأغطية وستائر إضافة إلى الأثواب المزركشة. وتظهر الموضوعات المنسوجة تنوعاً كبيراً يتضمن الأفكار الكلاسية، واليونانية المصرية مثل: كيوبيد الحب النابض بالحياة، والصبايا اللواتي يرقصن وهن يمتطين ظهور الوحوش البحرية. وتضم أيضاً مشاهد من الإنجيل مثل العذراء تعتلي حماراً وتمسك بالطفل يسوع. وبعد أن صارت القسطنطينية عاصمة للامبراطورية، ازداد إنتاج النسيج وازداد ثراءً بإضافة الأفكار البيزنطية والفارسية. ومعظم ما كان يحاك من الألبسة هو التيونيك (لباس يوناني وروماني طويل يحزم بحزام في الوسط)، وهو من الكتان غير المصبوغ ومزين بشرائط منسوجة. كما حاك الأقباط نسيجاً خاصاً بالمسلمين بعد الفتح في القرن العاشر، وأدخلوا عليه الكتابة الكوفية.
الرسم التوضيحي illustration
تنقسم المخطوطات القبطية إلى خمسة أقسام: الكتابة باليونانية، والكتابة بالإغريقية والقبطية، والكتابة بالقبطية، والكتابة بالقبطية والعربية، وأخيراً الكتابة باللغة العربية مترجمة إلى اللغة القبطية.
وكانت الكتابات الدينية في العهد المسيحي تكتب على ورق البابيروس، أو على الرق. وتكتب النصوص بالأسود، وبالأحمر تُكتب العنوانات وبدايات الفصول. كما زُين كثير من النسخ بتصاميم ذات ألوان برّاقة فيها شخوص الشهداء والقديسين والحواريين والملائكة، إضافة إلى الطيور والحيوانات وأوراق النباتات بتصاميم هندسية.
الصور الشخصية portraits
سيدة تحمل الصليب |
اللوحات paintings
من الملائم إنهاء هذه القائمة من أشكال الفن القبطي باللوحات القبطية التي هي فن حقيقي يقابل - كما يُقال اليوم- الحِرَف. وقد كشفت اللوحات الحائطية عن فن غير معقد، ذي أسلوب بسيط، وعن فن دقيق مصقول ومتطور. فالأول ظهر في سني المسيحية الأولى حيث حوِّلت المعابد القديمة إلى كنائس، وصُورت فوقها الموضوعات المسيحية على قاعدة من جص. وقد بقيت هذه اللوحات في بعض الأمكنة في مصر مثل: دير القديس سمعان في أسوان، والدير الأبيض في سوهاج، والحرم الأثيوبي (المكان الذي يقوم فيه الكهنة بشعائر الصلاة) للقديسة تقلا هيمالوط في الكنيسة المعلقة في القاهرة القديمة.
أحب الأقباط اللون البرَّاق الصافي، وكانوا موهوبين جداً في مزج الأصباغ المختلفة مع المسحوق الصخري. وكانوا يستعملون غالباً بياض البيض وسيطاً للجمع بين هذه الأصباغ.
وهناك الأيقونات icons، وصور الشخصيات المقدسة التي صُوِّرت على ألواح خشبية wooden panels. وقد سمحت الكنيسة بتصوير الموضوعات المقدسة، التي تساعد المؤمن على فهم المسيحية، ولاسيما المشاهد التي تصور ميلاد المسيح\ the nativity والعذراء والطفل والحواريين Apostles وحياة القديسين. ويقول المؤرخ العربي المقريزي: «علق البابا سيريل الأول الأيقونات في كل كنائس الإسكندرية في عام 420م، وقضى بأن تُعلق في الكنائس الأخرى في أرجاء مصر كافة كما في الإسكندرية».
في أقدم تطور لتصوير الأيقونة، كان الفنانون يرسمون على اللوح الخشبي مباشرة؛ ولكنهم غطوا، فيما بعد، الألواح بطبقة رقيقة ناعمة من الجص فاستطاعوا أن يحفروا الخطوط التي يرسمونها ليضبطوا سيل الذهب السائل. وثمة حكاية تقول: إن اللوحة الواحدة كان يصورها أكثر من فنان ماعدا الوجه الذي كان يصوره المعلم.
ازداد تحول فن الأيقونة في مصر نحو سورية وفلسطين في القرن الخامس الميلادي. وبدأ شهداؤها وقديسوها يظهَرون بمظهر ملوكي رسمي كما في الفن السوري.
وبعد قرون قليلة تلت الفتح الإسلامي لمصر (القرن الهجري الأول/القرن السابع الميلادي)، فقدت اللوحات ميزتها القبطية تدريجياً. وبلغ هذا الأمر غاية وضوحه في القرن الثالث عشر حين بدأ فن نسخ اللوحات المرسومة على ألواح خشبية، وبدأت المنمنمات.
وتحول الفنانون، بحلول القرنين السابع عشر والثامن عشر، أمثال جون النسِّيخ، وبغدادي أبو السعد، وجون الأرمني، الذين كانوا من أعظم مصوري الأيقونات في مصر، إلى فن الأيقونة السوري، واليوناني ليكونا مصدر إلهامهم. وأخيراً كلف القبط الفنان اليوناني أناستازي Anastasi تصوير كثير من الأيقونات المعلقة اليوم في كنائس القاهرة القديمة.
تاريخ الفن القبطي
كانت دراسة الفن القبطي حقلاً مهملاً مدة طويلة. وترجع أسباب هذا الإهمال إلى التنقيبات الأولى التي لم تول أهمية للآثار المسيحية. فمن المدهش حقاً، أن شامبوليون Champollion عالم الآثار الفرنسي مكتشف اللغة الهيروغليفية، قد اكتشف هناك في مدينة حبو Habu كنيسة من القرن الخامس الميلادي؛ ولم يأت على ذكرها في تقريره الرسمي. وفي أماكن المعابد المصرية القديمة التي حوِّلت إلى كنائس، ورسمت على جدرانها اللوحات الجدارية ذات الموضوعات المسيحية؛ قد أزيلت لأنها تغطي النحت النافر المصري القديم.
وأول شخص عني بالفن القبطي، وبذل الجهد للحفاظ عليه، هو عالم الآثار الفرنسي غاستون ماسبيرو Gaston Maspero، مما شجع العلماء المصريين على إجراء تنقيبات جادة نتج منها الحفاظ على بقايا دير القديس أبولو Apollo في باويت Bawit الذي يبعد عشرة أميال عن أسيوط في الجنوب الغربي منها، وعلى دير القديس يريمياس Saint Jeremias في هضبة سقارة. وقد تأسس بعد ذلك عام 1910 المتحف القبطي في القاهرة الذي ضم مجموعة ثرة من الآثار الفنية.
بطرس خازم